رحلة إنقاذ الذات مع تمارة القباني: تحدث أشياء مذهلة حين نحِب ونحَب بالطريقة الصحيحة
كان للمؤثرة تمارة القباني مهمة واحدة في السنوات الثلاث الأخيرة، ألا وهي انقاذ نفسها، ومداواة صحتها النفسية والجسدية، جراء الاضطرابات الخطيرة التي عانت منها خلال فترة "كوفيد-19". القباني المشهورة في أوساط الموضة والجمال في المنطقة بطاقتها الإيجابية، وجرأتها وعفويتها، اتّخذت مؤخراً العديد من القرارات المصيرية لإنقاذ نفسها، لعلّ أبرزها تبنّي كلبتها "برينسس" التي منحتها الحب غير المشروط، وملأت فراغا في داخلها لا يعوّض. في هذا الحوار، نأخذك في رحلة تمارة نحو الشفاء واكتشاف الذات. رحلة مليئة بالمطبات، توّجت بالوصول إلى الحب غير المشروط...
لقاؤنا الأخير كان قبل عامين في "هي هَبْ"، حين جمعنا حوار جميل حول نموّك الشخصي على مدى السنوات الماضية، وهو نمو شهدناه أيضا من خلال المحتوى الذي تنشرينه على مواقع التواصل الاجتماعي. أخبرينا قليلا عن رحلتك والتغييرات التي اختبرتها في السنوات الأخيرة على صعيد شخصي.
تهجّرت بسبب جائحة "كورونا" لمدة سنتين ونصف السنة، وقد أدّى الضغط الناجم عن الجائحة والغموض المحيط بحياتي ومسيرتي المهنية ومستقبلي وعدم رؤية منزلي مرة أخرى، إلى إصابتي بـ"مرض غامض". معرفة ما أعانيه استغرقت ثلاثة أعوام، وهذا في حد ذاته أرهقني بشكل لا يصدّق، إلى جانب الألم الذي كنت أشعر به. خلال تلك الفترة، أدركت أن علي إنقاذ نفسي، وفعلت كل ما في وسعي لحل مشكلة الشعور بالاكتئاب والعجز ومداواة صحّتي. سجّلت في دورات "توني روبينز" الافتراضية المباشرة، وكرّست نفسي بالكامل لتطوير ذاتي ولرحلتي الصحية. وساعدتني تلك الدورات على ملاحظة معتقداتي المقيّدة وتحديدها والتغلّب عليها، إضافة إلى أنها منحتني الأدوات اللازمة لتحويل نفسي وحياتي إلى الأفضل. وغيّرت أيضا في ذلك الوقت العادات المتعلّقة بصحتي ونمط عيشي.
هل يمكنك أن تشاركينا تجربة شخصية اضطررت فيها إلى تقبّل التغيير؟ وكيف أثّر ذلك في نظرتك إلى حب الذات والاستمرارية؟
كان لمشكلاتي الصحية تأثير هائل، لأنني بسببها لم أشعر بالقوة، ولم أستطع الأكل، وكنت دائما أشعر بألم وانزعاج. فصرت منضبطة للغاية في كل ناحية من نواحي حياتي، لأنني كنت سأفعل كل ما لزم لاستعادة صحتي. تعلّمت عن السموم الموجودة في الحياة اليومية، من المياه إلى الغذاء والمنتجات المنزلية وجودة الهواء، وحتى الملابس التي تلامس بشرتي، واستطعت أن أتخلّص من كل ما كان فيه سمّ، واستبدلته. أتذكر أيّاما كنت فيها مريضة جدا، وحيدة تماما، ولا أستطيع التحرك؛ وكنت أتساءل عمّا فعلته في حياتي لأصل إلى هذا الحال؟ عندما التحقت بدورات "توني روبينز"، كان علي أن أغوص عميقا في نفسي، وأكشف هويتي بعيدا عن أي معتقدات مقيدة أو برمجة موروثة. فوجدتُ روحا عازمة ومبدعة لها الكثير من الأحلام غير المستغلة، وتريد أن تعيش حياتها بكلّيتها! أريد تحقيق إمكاناتي واستخدام كل مواهبي ومشاركة نوري وحبي على هذا المسار، طالما أنني على هذه الأرض. أنا ممتنة لوجودي هنا! أتذكر اليوم أنني قلت لنفسي أثناء علاجي الصحي: "حالما أشعر بتحسن ولو كان قليلا، الخطوة الأولى التي سأتخذها هي أن ألوّن شعري بدرجة الأشقر البلاتيني!"، سيكون ذلك بمنزلة تحرّر، وانبثاق "تمارة" جديدة. وهذا هو بالضبط ما فعلته.
تبنّي كلب هو قرار كبير. هلّا أخبرتنا عن اللحظة التي قررت فيها تبنّي "برنسيس" PRINCESS، وما الذي دفعك إلى اتّخاذ هذه الخطوة؟
ترعرعت محاطة بالكلاب، ولكن آخر كلب عاش معي رحل عن هذه الحياة مباشرة بعد وفاة والدتي، رحمها الله، وقد مات من حزنه على فقدان والدتي. توفي جدّي بعد ذلك بوقت قصير، وقد دمّرتني كل هذه الوفيات التي حدثت معا في غضون عام، وجعلتني أخاف المرور بهذه التجربة مرة أخرى، على الرغم من أنني أعشق الكلاب، وأردت دائما تبنّي واحد من جديد. في العام الفائت، كنت أتحدّث إلى مدرّبة الحياة التي أتعاون معها "جيتا تايلور"، وأخبرتها بأنني أشعر بالوحدة، وقالت إنها وجدت صعوبة في تصديق ذلك نظرا لوجود ٧ مليارات شخص على هذه الأرض؛ قبل أن تتابع وتقول لي إن هناك أكثر من ٧ مليارات حيوان على الأرض أيضا، وتسألني إن لم أعتقد أن أحدها سيستفيد من الحب الذي يمكنني تقديمه؟ ذلك الحديث كان الدفعة التي كنت بحاجة إليها، واتصلت على الفور بجميع منظمات الإنقاذ في الإمارات العربية المتحدة للعثور على كلب بوميراني أبيض لتبنّيه. لا أعرف لماذا كان في بالي كلب بوميراني أبيض، لكنني بعد شهر واحد، وجدت صورة لكلبة بوميراني بيضاء على صفحة مركز الإنقاذ SMURO على "إنستغرام"، وعرفت أنها الكلبة المناسبة لي. إذا كان الحب هو الذي تريده، فإن الحب هو ما يجب أن تعطيه.
كيف أسهمت رفقة PRINCESS في رفاهيتك وسعادتك بشكل عام؟ وكيف تصفين هذه الرحلة حتى الآن؟
تبنّيت "برنسيس" في دبي حتى قبل أن أملك شقّة في المدينة. كنت لا أزال مقيمة في الرياض، ولكن أزور دبي طوال الوقت من أجل الاهتمام بصحّتي. حين قررت أنني أملك ما يكفي من القوة البدنية للعودة إلى دبي، بدأت البحث عن شقّة هناك دون أن أنجح في إيجاد المكان الملائم، لكن حالما تبنّيت "برنسيس"، عثرت على شقّة فورا، وأجريت النقلة سريعا. أعطتني متنفّسا لكل حبي. أريد أن أنشئ لها منزلا آمنا ومحبا، حيث يمكنها أن تشفى وتزدهر وتعيش أفضل حياتها، بعد أن نجت من عنف ومعاملة سيئة، وعانت من صدمات كثيرة. أحب أن أحبها وأدللها وأشاهدها وهي تتعافى وتبلور شخصيتها الحقيقية. أمضت الأشهر الثلاثة الأولى معي في النوم، لأنها كانت المرة الأولى منذ خمس سنوات التي تمكّن فيها جهازها العصبي من الاسترخاء. لكن الحقيقة هي أنني أنا هي من تُشفى حقّا، فكانت "برنسيس" أكبر نعمة في حياتي، وملأت فراغا في داخلي، ومعها تحسّنت صحّتي كثيرا. أستيقظ في حالة من الحب غير المشروط، وأنام في حالة من الحب غير المشروط، بسببها.
تطوّر كثيرا حضورك الرقمي عبر السنين. كيف تنظرين إلى التحوّل في المحتوى الذي تشاركينه؟ وهل هناك رابط بين هذا التغيير وانضمام "برنسيس" إلى حياتك؟
وجود "برنسيس" في حياتي ملأ قلبي، ومنحه الاستقرار والحب والرفاه. ولا أستطيع حتى أن أتذكر المرة الأخيرة التي شعرت فيها بهذا الإحساس. قد تحدث أشياء مذهلة حين نحِب ونحَب بالطريقة الصحيحة.
في إطار حب الذات، بما تنصحين المرأة التي تتطلّع إلى إجراء تغييرات إيجابية في حياتها، سواء كان ذلك ينطوي على تبني حيوان أليف أو العمل على النمو الشخصي؟
افعلي ذلك! اجتازي المسار بأكمله دون قيود. لا تفعلي نصف الشيء، مهما كان. وتوقّفي عن الانتظار أو البحث عن تأييد أو إذن.
لا تترددين في الحديث عن أهمية الاستثمار في صحّتنا النفسية. كيف تحمين نفسك من السلبية؟
من الصعب ألا نتأثر بالسلبية، فكلنا بشر، وكلنا نشعر بها في مرحلة ما. الأمر طبيعي! الخطوة الأولى هي أن أكون واعية بسلبيتي الخاصة: فما هي الأشياء غير الجيدة التي أفكر فيها أو أقولها؟ كم كلمة سلبية أقول في اليوم؟ هل أنا أحكم أم أشتكي؟ كيف أتفاعل مع المواقف؟ هذا الوعي الذاتي غيّر الكثير بالنسبة إلي، فإذا لم نرد وجود السلبية، فعلينا ألا نكون نحن سلبيين. أما الخطوة الثانية، فهي معرفة دافعي أو هدفي، حتى أتذكّر مهمّتي وأنهض من جديد، وأعود إلى دربي حين أشعر بأي إحباط. أحيط نفسي أيضا برسائل إيجابية، من خلال الاستماع إلى حلقات "بودكاست" موجودة على "يوتيوب"، وأشغلها في منزلي وسيارتي دائما، وقراءة كتب تضيف قيمة إلى حياتي، وتساعدني على النمو، وتمضية المزيد من الوقت مع أشخاص لديهم عقلية نمو وحب. ولا أنسى أهمية نظام الدعم القوي. نعيش في عصر يتوفر فيه مدربو الحياة والمعالجون ومدربو اللياقة العقلية والمرشدون في متناول أيدينا، لذلك إذا لم يكن لديك نظام دعم، فيمكنك بناؤه. والنقطة الأخيرة والأهم هي علاقتي مع الله، فالحمد لله.