ميشال فاضل لـ"هي": أريد أن يشعر كل شخص يطأ "بابيلون" بالسعادة والإلهام بعد تجربة تُثري الروح
طبعت رحلة الملحن والموسيقي اللبناني ميشال فاضل في عالم الفن والموسيقى والإبداع في أذهان الجمهور إبداعًا وتألقًا غير محدود. فموهبته الرائدة وتعاوناته مع رموز فنية عملاقة شكلت منطلقًا متمكنًا لتميز كبير أكمله من خلال عمله كمدير إبداعي لـBabylon في دبي والذي يقدم عروضًا فنية مبهرة تأسر حواس الزوار والرواد. عن مسيرة ملهمة وشغف العروض وأكثر كان هذا الحوار الخاص لـ"هي" مع ميشال فاضل.
رحلتك في عالم الموسيقى مُلهمة للكثيرين، من موهبة رائدة وصولًا إلى الشهرة والتميز في الموسيقى، هل يمكنك مشاركتا أفضل اللحظات أو التجارب المحورية التي شكلت مسيرتك الموسيقية؟
إنّ إحياء الحفلات في وجهات مرموقة حول العالم أشبه بالحلم بالنسبة إلي، وهو أمر يُرضي طموحي ويغمرني بسعادة كبيرة. كما أنّ التعاون مع فنّانين موهوبين من مختلف المجالات الموسيقية قد أثرى حسّي الإبداعي وألهمني على الابتكار أكثر. أشعر بكثير من الرضا والسعادة عند تأليف الألحان وأدائها أمام الجمهور ورؤية تأثيرها على وجوههم، سواء كانت معزوفة سولو على البيانو أو برفقة أوركسترا. وكذلك الأمر بالنسبة إلى التواصل مع المستمعين ومخاطبة مشاعرهم من خلال ألحاني، سواء كنت أؤدي على المسرح منفردًا أو أحيي حفلًا ضخمًا برفقة أوركسترا. من أبرز المحطّات في مسيرتي المهنية حتّى اليوم مشاركتي في إنتاج وتأدية أوبرا "بُكرا" بالتعاون مع الموسيقي الأسطوري كوينسي جونز؛ ومشاركتي في تأليف "يلّا، يلّا"، النشيد الأول للمونديال باللغة العربية، وقيادة حفل Rhythms of Hope لجمع الأموال في قاعة Guildhall في المملكة المتحدة، بالإضافة إلى إحياء حفل برفقة الأوركسترا في مهرجان أبوظبي والمسرح الوطني في البحرين. وتأتي الجوائز والتكريمات لمساهماتي في مجال الموسيقى لتشهد على تفانيّ والجهود التي أبذلها في سبيل فنّي. أنا ممتنّ لفرصة تشارك شغفي بالموسيقى مع العالم، وأتطلّع قدمًا إلى المستقبل.
لا بد أن التعاون مع أساطير والعمل مع نجوم وعمالقة في الفن شكل تجربة غنية فكيف أثرت هذه التعاونات على أسلوبك في الموسيقى والأداء؟
تشرّفت بالتعاون مع أساطير في عالم الموسيقى، أمثال كوينسي جونز، وغيره من الفنّانين مثل السيّدة فيروز وكاظم الساهر وجوليا بطرس والسيّدة ماجدة الرومي، وغيرهم. لقد تركت مشاريع التعاون هذه بصمة مميّزة على ألحاني وأدائي. إنّ التعامل مع هذه الأسماء الكبيرة زاد إلمامي في مجال إنتاج الموسيقى والتوزيع والأداء. واستفدتُ من نصائحهم لأصقل مهاراتي وأوسّع آفاقي الموسيقية. كما أنّ التعاون مع هذه القامات الفنية دفعني إلى السعي وراء التميّز في كل ناحية من نواحي عملي. وقد استلهمت الوحي من شغفهم والتزامهم وطاقتهم الخلّاقة لأتحدّى نفسي دائمًا وأكتشف مجالات موسيقة جديدة. وأخيرًا، أتاح لي هذا التعاون الوصول إلى شريحة أوسع من الجمهور والتواصل مع هواة الموسيقى حول العالم. وبفضل مزج الأنماط الموسيقية والثقافات المختلفة، نجحنا في ابتكار موسيقى تتعدّى الحدود الجغرافية وتخاطب الجماهير حول العالم. فالتعاون مع أسماء كبيرة مثل كوينسي جونز ترك بصمة على موسيقاي وعلى أدائي، وساهم في رسم هويّتي الفنية الحالية.
باعتبارك المدير الإبداعي لأحدث عروض Babylon، كيف تصف لنا هذه الحقبة من العروض الغامرة وما هي رؤيتك في هذا المجال للترفيه المباشر؟
لقب "المدير الإبداعي" يتحدّث عن نفسه. فغريزتي الإبداعية تدفعني إلى تقديم تجارب مميّزة إلى الجمهور. وكي أحوّل هذه الرؤية إلى واقع في "بابيلون"، اخترتُ مجموعة من المغنّين والعازفين من جميع أصقاع الأرض، ومن جميع الخلفيات، يجمعهم الشغف بالموسيقى. ولا يُمكن تقديم هذا المستوى من العروض الحية الاستثنائية من دون التعاون مع هذه المواهب واحتضان مهاراتها وإضفاء لمسة مميّزة على الموسيقى وفسح المجال أمام كلّ موهبة لتسطع على المسرح.
الجمع بين المواهب والفنانين والمؤدين في عروض Babylon ليس بالأمر السهل، كيف يمكن تنظيم وتنسيق هذه المجموعة المتنوعة من المواهب لتقديم تجربة لا تنسى للجمهور؟
بالفعل، ليس من السهل أبدًا جمع المواهب والفنانين والمؤدّين على مسرح "بابيلون"، لكنّ النتيجة تُنسينا التعب والمجهود. فتنظيم هذه المجموعة المنوّعة من المواهب وتنسيقها يتطلّبان الكثير من التخطيط والتواصل والفعال وتوحيد الرؤية حول العروض التي سنقدّمها. نبدأ أوّلًا بتحديد نقاط القوة والقدرات المميّزة لدى كل فنّان، ونحرص على انتقاء مواهب تُكمّل بعضها البعض. ثمّ نتعاون عن كثب مع المؤدّين لنصيغ معًا سردية متماسكة أو عنوانًا مشتركًا يربط فصول العرض ضمن تسلسل منطقي. وخلال مرحلة التمارين، نشدّد على أهمية التعاون والعمل الجماعي، ونشجّع الفنّانين على تشارك الأفكار والآراء بشكل يُثري التجربة برمّتها. ولا بدّ أيضًا من التواصل الواضح والتنسيق الفعّال كي تتلاقي كل عناصر العرض بسلاسة، بدءًا من الموسيقى واللوحات الراقصة وصولًا إلى الإنارة والتأثيرات الخاصة. ومن خلال تأمين بيئة إبداعية حاضنة، نُمكّن كل مؤدٍّ ليسطع على المسرح، الأمر الذي ينعكس على روعة العروض التي نُقدّمها في "بابيلون". والنتيجة تجربة تُدهش جمهورنا وتبقى محفورة في الذاكرة، وتجعله توّاقًا للمزيد.
ما هي تطلعاتك لمستقبل Babylon في عالم الموسيقى والترفيه، هل هناك أي مشاريع أو تعاونات قادمة أنت متحمس لها بشكل خاص؟
أشعر بتفاؤل كبير تجاه مستقبل "بابيلون" في مجال الموسيقى والترفيه. فقد رسّخ نفسه كوجهة راقية للاستمتاع بالعروض الترفيهية الغامرة، وأنا على يقين بأنّنا قادرين على النمو والابتكار أكثر. وبالتطلّع إلى المستقبل، أتصوّر أن يواصل "بابيلون" الابتكار في مجال الترفيه، واكتشاف تقنيّات ومجالات جديدة للإبداع وتقديم المزيد من التجارب الآسرة للجمهور. أمّا على صعيد المشاريع المقبلة، فهناك العديد من المشاريع المشوّقة في المستقبل القريب. يُسعدني القول إنّ تعاوني مع شركة ADDMIND استثنائي، ويُشرّفني العمل مع إحدى الشركات الرائدة في مجال الضيافة والسهر في الشرق الأوسط، تضمّ تحت رايتها مجموعة مميّزة ومتنامية من المطاعم والاستراحات والنوادي الشاطئية ونوادي السهر والفنادق. لا يُمكنني أن أفصح عن كل التفاصيل بعد، وسأكتفي بالقول إنّنا في صدد إبرام شراكات مميّزة مع فنّانين ومؤدّين من جميع أنحاء العالم. تعِد هذه المشاريع بضمّ كوكبة من المواهب والرؤى الإبداعية لتقديم عروض تُبهر الضيوف. فترقّبوا آخر أخبارنا – وأنتظر بفارغ الصبر تشارك هذه المشاريع معكم جميعًا!
ما هي الرسالة أو الشعور الذي تأمل أن يستمده الجمهور من تجربة العروض؟
أسعى في مطعم "بابيلون" إلى مخاطبة أحاسيس الجمهور وتقديم تجربة تبقى محفورة في ذاكرتهم. أحاول من خلال عروضنا الترفيهية الغامرة أن أنقل الجمهور إلى عالم من الدهشة والعجائب، ليبتعدوا عن رتابة الحياة اليومية ويختبروا تجربة استثنائية بكل معنى الكلمة. آمل أن أحرّك أعماق روحهم، ليشعروا بالفرح والرهبة والإلهام أو حتّى لأحثّهم على تأمّل الذات، ولأُشعل بداخلهم حسّ الدهشة وتقدير جمال الموسيقى والفنّ. والأهمّ من كل ذلك، أسعى إلى خلق لحظات من الترابط والوحدة، حيث يتسنّى للناس من مختلف الأطياف التلاقي والاستمتاع بالعروض الترفيهية الحية. باختصار، أريد أن يشعر كل شخص يطأ باب "بابيلون" بالسعادة والإلهام بعد الاستمتاع بتجربة تُثري الروح.
كونك أول ملحن لبناني يمزج بين العناصر الحديثة والكلاسيكية في موسيقاك، كيف ترى مشهد الموسيقى المعاصر في المنطقة؟ وماذا يمكن فعله لتفعيل هذه الالتقاء؟
لقد شهدتُ تطوّرًا ملفتًا في مجال الموسيقى في المنطقة. فينبض لبنان والشرق الأوسط عمومًا بالطاقة والإبداع، حيث يغوص الفنّانون في اكتشاف ألحان جديدة، ويخلطون الأنماط الموسيقية، ويتحدّون التقاليد الموسيقية المتعارف عليها. ومع ذلك هناك فسحة كبيرة للنمو والابتكار. وإذا ما أردنا تشجيع التلاقي بين الموسيقى الحديثة والموسيقى الكلاسيكية، فلا بدّ من خلق مزيد من الفرص للتعاون بين الفنّانين من خلفيات مختلفة. والسبيل لتحقيق ذلك يكمُن في المبادرات مثل المهرجانات الموسيقية وورش العمل ومشاريع التعاون التي تضمّ الموسيقيين والملحّنين والمُغنّين من مختلف الألوان الموسيقية. ولا بدّ أيضًا من الاستثمار في التربية الموسيقية ودعم المواهب الشابة لاحتضان الجيل المقبل من الملحّنين والموسيقيين الذين سيحملون شعلة الابتكار. وعند تأمين بيئة عنوانها الإبداع والانفتاح والتعاون، نكون فد فتحنا المجال أمام موجة جديدة من الموسيقى التي تعكس غنى التنوّع الثقافي في المنطقة والانفتاح على العالم الحديث وما يحمله من فرص.
ما هي النصيحة التي تقدمها للموسيقيين والملحنين الطموحين الذين يتطلعون إلى شق طريقهم الخاص في صناعة الموسيقى؟
نصيحتي للموسيقيين والملحنين الصاعدين الذي يشقّون طريقهم في هذا المجال هي عدم التخلّي عن شغفكم والمثابرة على التعلّم! توقّعوا الكثير من التحديات والعوائق، لكنّكم ستجدون بالمقابل نتائج مثمرة ومكافأة لجهودكم. كرّسوا نفسكم لهذه المهنة، وأعطوها من كل قلبكم، واصقلوا مهاراتكم وأطلقوا العنان لإبداعكم. كونوا منفتحين على التجارب الجديدة ومشاريع التعاون والفرص التي تطرق بابكم، فقد تفتح لكم المجال أمام طرق غير متوقّعة تُغني مسيرتكم. والأهمّ من كل ذلك آمنوا بنفسكم وبصوتكم الفني المميّز. ثابروا ولا تفقدوا الأمل والحقوا أحلامكم. لا شيء مستحيل إذا تحلّيتم بالصبر والمثابرة وتمسّكتم بحبّكم للموسيقى!