منى واصف لـ "هي": أبحث عن أدوار تحمل قضايا إنسانية وتلبي قدر طموحاتي.. وهذا سر بريقي برحلتي الفنية
تاريخ فني طويل حافل بالإنجازات، ومشوار فني ممتد لأكثر من 6 عقود يتخلله النجاح والمقاومة والاستمرارية والنظرة العسكرية التي تعاملت بها مع الفن تيمنا بزوجها لتواصل الحرب في عملها وابداعها حتى النهاية. هي الفنانة السورية القديرة منى واصف التي تتحدث لـ "هي" عن حضورها مؤخرا بمسلسلي "أغمض عينيك" و "تاج"، وثقافتها الفنية الممتدة لعقود، وأدائها أدوار الأم ومناداة الممثلين لها بالوالدة خلال التصوير، وتوضح لنا أسباب غيابها عن الحضور بالأعمال الفنية المصرية، ورأيها في السينما العربية وما ينقصها لتصل للعالمية، وتتحدث عن اختياراتها الفنية وكيف حافظت على بريقها الفني لسنوات طويلة؟ وتفاصيل أخرى كثيرة وشيّقة تابعوها معنا في السطور التالية:
في البداية .. ما الجديد لديكِ من أعمال فنية؟
ليست لدي أي أعمال فنية حاليا أستطيع الافصاح عنها، مجرد عروض لا أستطيع الحديث عنها، ما زال الوقت مبكرا للحديث عن أي مشاركات بموسم دراما رمضان المقبلة.
وما هو انطباعك من الحضور بعملين دراميين في رمضان الماضي وهما "أغمض عينيك" و "تاج"؟
فكرة العملين مختلفين عن بعضهما البعض وكذلك ظروف تصوير كل منهما، حيث أن مسلسل "أغمض عينيك" استغرق شهور في تصويره وتأثرت للغاية بقصة المسلسل من زاوية انسانية تمس ذوي الهمم، شعرت بأن العمل يلمسني عن قرب منذ قراءته، بعدها عُرضت علي المشاركة بمسلسل "تاج" من خلال عدة مشاهد صورتها على مدار أيام قليلة، شعرت بمغريات الدور فنيا وهو ما دفعني لقبوله، شجعتني شركة الانتاج وهي "الصباح" اللذين سبق وتعاونت معهم ومن أهم الشركات بالوطن العربي وكذلك فريق العمل وبالتحديد تيم حسن الذي جمعتنا عدة تعاونات سابقة، كل العوامل كانت تدفعني للحضور بالعملين وسعيدة للغاية بما لمسته من ردود أفعال حول العملين.
ماذا وراء هذه الثقافة الفنية الممتدة لعقود من الزمن بعيدا عن أي حسابات سوى التأثير في الوجدان بأدوار ومشاركات هامة ومحورية؟
أفتش دائما عن الأدوار التي تحمل قدر طموحاتي، دائما أنتظر أدوار مختلفة تحمل قضايا وأفكار وزوايا انسانية مختلفة، كل هذا نابع من الاحساس بأهمية وقيمة الفن والتعامل معه بأنه رسالة، أعتقد أن كوني ممثلة مسرحية هذا ساهم في تشكيل هذه الثقافة والايمان بأهمية رسائل وقضايا الفن، استمراري لعقود في التمثيل نابع من محاولات دائمة للحضور بأدوار وأعمال مختلفة تحمل قضايا هامة في مضمونها.
ماذا وراء الصدق الفني والبراعة في أداء أدوار الأم على مدار سنوات بالأعمال الفنية السورية والعربية المشتركة؟
أعتقد أنه شعور مجتمعي نابع من دوري كأم في الواقع، حيث أنني أكبر أشقائي وساهمت في تربيتهم وفي الوقت نفسه أدرس شخصيات الأمهات التي أُقدمها بالأعمال الفنية بشكل دقيق لأن كل أم تختلف حسب البيئة والمجتمع الذي تعيش به، أدقق النظر على المشاعر الانسانية الخاصة بالأم وفق الدور والسيناريو المكتوب.
هل كنتِ مهتمة بأداء أدوار الأم في الأعمال الفنية كنوع من التأثير في الوجدان؟
موقفي من قبول أي دور يحدد العمل المعروض علي، إما أن أحب الدور أو لا أحبه، بناء على ذلك إلى جانب عناصر عديدة أختار أدواري، كنت أحب أداء أدوار أخرى بمراحل عمرية مختلفة، لكن في الوقت الحالي العمر يفرض أحيانا نوعية معينة من الأدوار، حينما كنت بعمر صغير كنت أحب أدوار المرأة القاسية والمتسلطة والتي تحمل الكثير من الزوايا النفسية بداخلها، أدوار الأمومة تعني لي الكثير وأختار ما أحبه وأشعر بأنه سيضيف لي من أدوار بشكل عام.
هل صحيح أن الممثلين بالأعمال الفنية ينادونكِ بالوالدة؟
بالفعل .. هذا صحيح وشعور جميل من كل الممثلين اللذين ينادونني بذلك، أتعامل مع الجميع وكأنهم أبنائي بالفعل، قدمت الكثير من أدوار الأم بالأعمال الفنية السورية والعربية المشتركة وسعيدة بهذا التأثير والشعور من الممثلين من حولي.
ولماذا أنتِ قليلة الحضور بالأعمال الفنية المصرية؟
أعتبر نفسي ممثلة سورية أشترك بالأعمال المشتركة العربية من خلال أعمال مشتركة، ولم أشعر إطلاقا بأن اللهجة المصرية عائقا بالنسبة لي، لقد سبق وشاركت بعدة تجارب حيث صورنا بعدة دول سواء في اليونان والإمارات العربية المتحدة والأردن من خلال أعمال فنية مشتركة.
وما موقفك من الأعمال التركية المعربة من حيث الرؤية والمشاركة بها؟
لم أشعر بأن هذه النوعية غير مألوفة أو نوعية خاطئة بل أن هناك الكثير من الأعمال التي تم تقديمها ضمن دراما الفورمات المعربة وحققت نجاحا كبيرا وحظي أبطالها بشهرة واسعة، هناك الكثير من الناس يشاهدون هذه النوعية من الأعمال، أعتبر هذه الدراما هي نوعية من النوعيات الفنية الموجودة، ورؤيتي للأمر بأنني شاهدت بعض التجارب وكانت مختلفة من حيث طبيعة العمل والنوعية الدرامية وظهور الممثلين بشكل مختلف وجديد، لقد تقبلت الأمر وأعجبتني بعض الأعمال بالفعل.
وما أسباب غيابك عن الحضور بالسينما، هل يتعلق الأمر بقلة الإنتاجات أو النصوص السينمائية؟
ليس هناك سينما في الوقت الحالي بالشكل المعتاد الذي كان عليه من قبل، لا أمانع الحضور في السينما ان كان هناك عملا يقدمني بشكل جديد ومختلف، طوال السنوات الماضية شاركت بأعمال مشتركة تم تصوير أغلبها في لبنان، لم تعرض علي مشاركات سينمائية خلال العشر سنوات الأخيرة.
كيف تنظرين لعدم وجود تجارب سينمائية عربية تحاكي التاريخ الإسلامي بمستوى عالمي على غرار فيلم "الرسالة" الذي وصل للعالمية؟
هذا الفيلم العالمي صار منه نسختين عربية وأجنبية، نحن بحاجة بالفعل لهذه النوعية من الأعمال السينمائية، لدينا بعض المخرجين والمنتحين الذين يقدمون هكذا نوعية من الأعمال، لكن، لنكن صادقين هذه النوعية من الأعمال تحتاج لميزانيات ضخمة للغاية من أجل تنفيذها، وأرى أن الأمر صعب في هذا الصدد لأننا بحاجة لكم كبير من هذه النوعية من الأعمال تحقق ما حققه "الرسالة" من تخطي الحدود وكسر الحواجز والوصول للعالمية.
ماذا ينقص السينما العربية لتكون على خارطة العالمية وتخطي الحدود وكسر الحواجز بمشاركات هامة في محافل سينمائية عالمية؟
أعتقد أن السينما تحتاج أن تكون أكثر جرأة وواقعية من خلال الطرح الموضوعي، وبنفس الوقت تكون هناك انتاجات ضخمة نستطيع من خلالها تقديم أعمال مميزة، الفكرة لا تتمحور في تقديم تجربة سينمائية قوية على هذا الغرار وحسب بل أن تكون هناك عدة أعمال يتم تقديمها بجدية مثلما كانت هناك فترات سابقة في السينما العربية بها انتاجات كثيرة ضخمة ووصلت بشكل من الأشكال إلى العالمية، أستطيع أن أقول أن هناك ممثلين وصلوا للعالمية أبرزهم عمر الشريف.
كيف باتت اختياراتك الفنية اليوم بعد تاريخ فني ومشوار تمثيلي حافل بالإنجازات بالحفاظ على أعمالك وتجاربك المميزة من خلال الانتقاء والاختيار بشكل أفضل مما سبق؟
من المعروف عني أنني يُعرض علي عمل فني يعجبني أقبله والعكس صحيح، ليست لدي شروط أخرى لاختيار أعمالي، إذا أحببت العمل والدور أزيل كل المعوقات تجاه قبول المشاركة، أهتم بوجود ممثلين مميزين بالأعمال الفنية التي أشارك بها وبالنص المميز بالمقام الأول.
احكي لنا .. بأي شكل ساهم أسلوب الحياة العسكرية لزوجك في مشوارك بالتمثيل؟
زوجي كان عسكري الله يرحمه وفي الوقت نفسه فنان ومخرج وتعلمت منه أنني لا بد من المحاربة في عملي وأذهب له وأنا أمسك بيدي كل أدواتي وكأنها سلاحي، أذهب لعملي وأنا جاهزة ولا أذهب إلى التصوير إلا وأنا أمسك بالنص الخاص بي وقد قمت بحفظه والتحضير جيدا له وكأنه السلاح الذي سأحارب به خلال التصوير، هذه كانت وجهتي في عملي طوال مسيرتي وفق ما تعلمته من زوجي من نشأة عسكرية أفادتني كثيرا في حياتي المهنية.
وفي النهاية .. كيف يمكن أن يحافظ الفنان على بريقه منذ بداية المشوار وحتى النهاية؟
الحب والشغف هما أهم شيء، حينما تحب عملك وتخلص له سوف يجعلك تصل للمكان الذي تريده هذا بدون أن يغرك النجاح أو يحبطك الفشل، أحيانا النجاح وكثرة المديح ربما يوصل لمرحلة من الغرور ليتذكر الممثل بأنه مهما قدم من أعمال وأدوار ستمدحه الناس! هذا غير صحيح ! في الوقت نفسه لو حققت النجاح وفشلت بعد ذلك في بعض الخطوات فلا يجب أن تُصاب بالإحباط، لابد أن تواصل المشوار لأن الحياة هي مسيرة طويلة مثل الحرب تماما، يجب أن تواصل حتى النهاية، هذا رأيي وهكذا قطعت مسيرتي في التمثيل.