فايا يونان لـ "هي": مسلسل "دهب غالي" يكسر نمطية صورة المرأة بالدراما وأتمني تجسيد شخصية "أسمهان"
صوتها كالقيثارة أوتاره يربط قلب بقلب، حينما تشدو نغماته العذبة تجذبك لطاقة محسوسة في عالم من الجمال والرقة والحنين، برعت في إحياء تراث الماضي وتقديم قوالب موسيقية معاصرة عَبر مشوارها الغنائي المتميز، قبل خوضها تجربة التمثيل الدرامي حديثًا بخطوات محسوبة بحسب شهادة النقاد والجمهور.. إنها النجمة السورية فايا يونان.
تألقت الفنانة الشابة مؤخرًا ببطولة مسلسل "دهب غالي" ضمن دراما الأوف سيزون على منصة "أمازون"، وسبقها مشاركتها بمسلسل "تاج" ضمن ماراثون دراما رمضان المنصرم، بالإضافة إلى جولة غنائية ثرية ضمن هذا الموسم الصيفي الغنائي في مهرجان تيميتار بالمغرب ويعقبه مشاركتها بمهرجان جرش للثقافة والفنون بالأردن في مطلع أغسطس المقبل.
عن كواليس أحدث أعمالها الدرامية "دهب غالي"، ومعايير اختيار أعمالها الفنية، وطموحها بالتمثيل السينمائي والمسرحي، وجديدها في عالم الغناء، والكثير من التفاصيل الفنية كان لنا هذا الحوار الخاص مع الفنانة فايا يونان في مجلة "هى".
بداية.. ما جذبك للمشاركة بمسلسل "دهب غالي"؟
تحمست كثيرًا لسببين؛ الأول القصة قريبة للقلب وفي نفس الوقت تعالج مشاكل اجتماعية وقضايا إنسانية، والثاني الشق الغنائي؛ فالمسلسل به أغاني ومجال لخلق موسيقى جديدة، خاصة أنها في سياق الدراما تتوالى وكأنهم يحكون قصة. شعرت أن توقيت التمثيل مناسب والخطوة كان لابد أن تصير، وبكل تأكيد جذبني كل أسماء المشاركين بالعمل من ممثلين رائعين كذلك إيهاب شعبان تشاركنا البطولة، والإنتاج المحترف مع محمد مشيش.
نعلم أنكِ عملتِ في مجال حقوق الإنسان والمساعدة الاجتماعية عَبر منظمة الصليب الأحمر بالسويد قبل خوض مشوارك الفني.. هل استلهمتِ أي من تفاصيل التجربة الواقعية في دور الباحثة الاجتماعية "دهب"؟
بكل تأكيد. نعم بالفعل تطوعت مع الصليب الأحمر لكن لم أعمل بالمنظمة رسميًا، أشعر أن هذه التجربة ساعدتني لأن اندفاع "دهب" وحماسها لتغير العالم كله، ذكرني بحالي منذ عدة سنوات؛ لأننا كلنا هكذا على ما اعتقد في أوائل العشرينات من أعمارنا، نمتلك الحماس والطاقة التي تقنعنا أننا نستطيع أن نحدث التغيير بشكل فعال وكبير، وبالتأكيد تذكرت هذه المرحلة وأنا أجسد دور "دهب".
"دهب غالي" يقدم صورة للمرأة القوية بشكل مختلف عن المتكرر في الدراما العربية؛ أي إنها الفاعل الرئيسي للأحداث لكن بعيدًا عن التسلط أو العنف وبشكل أقرب للمثالية في لجوء البطلة لمعيار الإنسانية للمفاضلة بين الأشياء.. كيف ترين هذا الأمر؟
صحيح، مسلسل "دهب غالي" يكسر النمطية؛ أحببت "دهب" أنها رغم كونها من عائلة غنية إلا إن لديها أهدافها وشغلها الخاص وطموحاتها وأحلامها، لكنها تبدو بالفعل مثالية "شوية" زيادة عن اللزوم، ما بتفق معها في كل شئ تنفذه في نظرياتها ورؤيتها لأنها كانت مندفعة أحيانًا، لكنني أحببت إيمانها بالخير والمساواة وشغفها وعِنادها؛ أي إصرارها أن تثبت للعالم رؤيتها لكن أكيد ممكن نختلف معها في بعض التصرفات البعيدة عن الواقع.
تراجعت صدارة البطولة النسائية في السينما والدراما العربية السنوات الأخيرة.. تتفقين أم تختلفين مع هذه الآراء؟
أتفق إلى حد كبير. لكنني أرى أن هناك الكثير من المسلسلات لا تزال البطولة النسائية تتصدر بها وأحيانًا حاملة العمل كله؛ أرى أن ذلك يختلف بحسب القصة نفسها للفيلم أو المسلسل؛ أي إنها ما تحدد إذا بيخدمها تكون البطولة نسائية أكثر أو الرجالية.
هناك اختلاف بين الباحثة الاجتماعية المتفائلة "دهب" والمرأة المكبلة بالأحزان "نوران" في مسلسل "تاج".. ما معايير اختيارك لأدوارك الفنية؟ وهل تحرصين على المشاركة بورش تمثيل تساعدك في تطور الأداء؟
صحيح، بالتأكيد "دهب" و"نوران" بينهما فارق كبير؛ فهما من عالمين مختلفين، لكنني أتقاطع معهما في كثير من الصفات والأشياء؛ شعرت أن تجاربي الأولى في التمثيل عليهما أن تكونان شخصيتين قريبتين مني، لكن في نفس الوقت كان هناك تحضيرًا كبيرًا قبل كل عمل منهما. أثناء التحضير لمسلسل "دهب غالي" تدربت مع عروة العربي فنان مسرحي كبير من دمشق، تعلمت منه كثيرًا منها أسس الوقوف أمام الكاميرا، كذلك "تاج" حضرت لشخصية "نوران" بالتدريب مع عصام بو خالد مسرحي لبناني مخضرم.
ما أصعب مشهد بالنسبة لك في "دهب غالي"؟
الأصعب نفسيًا وكإحساس المشهد الذي واجهت به "غالي/ إيهاب شعبان" في الحلقة الـ 13 أمام مخفر الشرطة؛ وهو يعبر عن مشاعره و"دهب" ليس لديها شئ تقوله؛ لأنها اللحظة التي تسقط بها الأقنعة وتتعرى الشخصيات كلها، رغم قسوة المشهد لكنه يشبه الواقع كثيرًا، بينما أصعب مشهد تقنيًا في الجالا الحفل الخيري لأنه أتصور على يومين وكان به مجاميع لكن استمتعت كثيرًا بتصوير المشهدين.
ماذا عن اختيار الأغاني في مسلسل "دهب غالي"؟
المنتج حسام عبد الخالق قرأ النص كله، واستفهم بالظبط المطلوب بكل مشهد درامي مرافق بأغنية، ومن ثمً اختار كلمات الأغاني التي تحمل هذه المعاني والأفكار والمشاعر المعبرة ضمن السياق الدرامي. بذل مجهودًا كبيرًا للتواصل مع شعراء وملحنين لاختيار الأفضل والمفاضلة بين القصائد المختلفة، لكنها كانت تجربة ممتعة للغاية لأنهن الأغاني كأنهن يحكين القصة بالتسلسل الدرامي الخاص بهن.
ألم تفكري في تقديم فيلم موسيقي أيضًا؟
-بكل تأكيد. أتمنى تقديم فيلم أو مسرح غنائي "برودواي" فهذا أحد أحلامي؛ دمج العالمين تمثيل وغناء.
لو ستختار فايا يونان تجسيد شخصية شهيرة (عربية أو أجنبية) في عمل فني سواء سينما أو دراما أو مسرح.. مَن تختار؟
"أسمهان".. لأن لديها تفاصيل كثيرة مميزة ومثيرة للاهتمام بحياتها، كما إنني أحب الزمن الجميل وفنانيه وملابسهم المميزة والموضة في هذا الوقت؛ أشعر وكأنني أنتمي لهذا الزمن.
كيف ترين تجربة عرض "دهب غالي" على منصة "أمازون برايم"؟
أمازون منصة رقمية عالمية مهمة، تجربة لطيفة بالتأكيد.
تجربة عملك على المسلسلات القصيرة تمثلت في "دهب غالي" 15 حلقة بينما "تاج" في رمضان 30 حلقة.. أيهما الأكثر صعوبة؟
الاختلاف بينهما كبير بغض النظر عن عدد الحلقات، "دهب غالي" رومانسي كوميدي يطرح قصة اجتماعية بطريقة لايت والقصة هي مركز المسلسل كله، لكن "تاج" أكثر تعقيدًا لأنه يوثق حقبة تاريخية وبه الكثير من الأحداث السياسية، وزخم بالشخصيات والأبطال، فهذا كله يؤثر بالتأكيد؛ على سبيل المثال مشاهد "نوران" في "تاج" بها عودة بالزمن كثيرًا (flashback) فكان لابد أن أعرف الكثير عن تاريخ الشخصية، حتى لو المشهد لم نقدمه على الشاشة، يجب إدراك كل ما يتعلق بماضي الشخصية لأنه مسلسل درامي به عمق خاص بالشخصيات، وعدد أيام تصوير "تاج" أكثر بغض النظر عن عدد الحلقات، لأنه امتد وقت تصويره أيضًا من شهر أكتوبر لنصف رمضان؛ المسلسلان صعبان لكنهما ممتعان "كل عمل له حلاوته" .
ما موقفك من المشاركة في السينما أو الدراما المصرية؟
أتمنى بكل تأكيد، لكن أُفضل الاستعداد جيدًا لاتقان اللهجة المصرية والتحدث بها بحسب الدور قبل خوض التجربة. أعشق السينما والدراما المصرية؛ من أهم صناعاتنا بالعالم العربي سواء كوميديا أو دراما، استطاعت المحافظة على مستواها عَبر عشرات السنين.
ننتقل للغناء.. بعد غياب 5 سنوات عن المغرب، كيف ترين مشاركتك في الدورة التاسعة عشر من مهرجان تيميتار الدولي؟ وما يميز الجمهور؟
-سعدت للغاية بعودتي للمغرب بعد غياب بسبب الكورونا وأزمات أخرى؛ البلد الحلو بأهله الطيبين، أتمنى أقضي وقتًا كثيرًا بينهم، وإحياء عدة حفلات غنائية بعدة مدن بها. جمهور "تيميتار" من أكثر الجماهير تقبلاً وانفتاحًا لكل أنواع الموسيقى، يمكن لأن فكرة المهرجان هو الاحتفاء بالموسيقى الأمازيغية وحلقة الوصل مع أنواع موسيقية أخرى، وهذا تلمسه في الجمهور المتحمس ليسمع كل الأنواع الموسيقية.
تحبين الغناء بعدة لهجات عربية في حفلاتك مهما اختلفت البلد، كذلك حرصتي على هذا التنوع في أخر ألبوم "أصواتنا".. لكن ما اللهجة الأقرب لقلبك؟
بالتأكيد، أفضل الغناء بلهجات مختلفة؛ دومًا أحب الغناء من تراث كل بلد أحضر بها؛ أي أغاني قديمة أو فلكلور، كلنا بالعالم العربي نفهم بعضنا لكننا نمتلك الكثير من القوالب الموسيقية المختلفة وهناك ثراء بالموسيقى. وهذا ما يؤكده مشروع "أصواتنا" أيضًا أننا كلنا نمتلك الفصحى التي توحدنا لكننا نمتلك قوالب وإيقاعات ومقامات مختلفة ترتكز عليها موسيقتنا. أمًا اللهجة الأقرب لقلبي لدي تحيز للهجة بلدي الأم الشام "اللهجة الشامية" لكنني أحب كثيرًا الغناء بالمصري والتونسي والعراقي أسمعه منذ الصغر؛ الحقيقة كل اللهجات قريبة لقلبي.
كيف ترين تأثير الذكاء الاصطناعي على المشهد الموسيقي والغنائي؟
أقلق كثيرًا منه لدي بعض التحفظات عليه وأخشى أن يفقدنا متعة الأشياء؛ ليس على مستوى الموسيقى والغناء فحسب، بل على الحياة عامة، بالتأكيد هو مفيد بمجالات مختلفة؛ كالعلم والطب ويوفر سُبل أكثر راحة وهكذا يصنع الإنسان حضارات أكثر تطورًا، لكنني أشعر أننا وصلنا لمرحلة أكثر خطورة؛ غير القابلة للانضباط، وسهل التصديق سواء كان صوتًا أو صورة مزيفة، كذلك الغناء به يفتقد الإحساس؛ هذا ما يوصله المطرب الحقيقي بحنجرته ومخزونه العاطفي وأفكاره وتجاربه هي ما تبعث مشاعره للجمهور من القلب للقلب، كذلك صعب تعويضه في حفلات اللايف؛ الشى ذاته الذي أكدته أزمة كورونا أنه لا بديل عن الشئ الملموس الحقيقي في الطاقة البشرية والتي لا يمكن أن يحل محلها الذكاء الاصطناعي مهما تطور.
أخيرًا.. ما جديدك الفترة المقبلة؟
بعد التمثيل لدي شوق كبير للغناء؛ طرحت حديثًا ألبوم أغاني مسلسل "دهب غالي" على كل المنصات الموسيقية وموقع "يوتيوب"، كذلك أنشغل بالتحضير لأغنية سينجل ستطرح قريبًا وأتمنى تنال إعجاب الجمهور.
