حضور قوي للنساء العربيات في أولمبياد 2024... السبّاحة اللبنانية لين الحاج تتأهل إلى أولمبياد باريس 2024

"هي" تلتقي السبّاحة اللبنانية لين الحاج بعد تأهلها لأولمبياد باريس 2024

ليندا عيَاش
22 يوليو 2024

حوار: LYNDA AYYACH - تصوير: MARISE NASSOUR

قبل 128 عاما، كان الرجال يتنافسون في "الأولمبياد" تاركين لنصفهم الاخر، اي السيدات مهمة "التصفيق" التي إعتبرها البعض مكافأة لمجهودات الرجال الذين إحتكروا منافسات الألعاب الأولمبية حتى العام 1900، عندما سمح ل 22 إمرأة فقط بالمشاركة في بعض الالعاب، وتحديدا التنس والغولف والإبحار، باعتبارهم من الرياضات الناعمة التي لا تحتاج مجهودا جسمانيا كبيرا.

لم يكن الأمر سهلا على السيدات الرياضيات على مر السنين، ولم يكن ذلك غريبا، فالأولمبياد الذي بدأ تقليده مع اليونانيين القدماء، وأعيد إحياؤه على يد البارون الأرستقراطي الفرنسي بيار دو كوبرتان الذي رأى فيه احتفالا بالألعاب الرياضية للرجال، واعتبر أن "التصفيق النسائي كان بمثابة المكافأة له".

لكن هذا العام، سيشهد أولمبياد باريس حدثا تاريخيا يتمثل بالمساواة الكاملة في المشاركة بين الرجال والنساء، كتعبير عن تقدم "الجنس اللطيف" ومقارعتهن الرجال في كافة ميادين الحياة، ليثبتن أنهن النصف الثاني الفاعل من المجتمع، وسيتقاسمن مع الرجال متعة الانجاز في الالعاب كافة، وأيضا متعة مشاركة الرجال في التصفيق لإنجازاتهن الرياضية. وبدلا من أن يكون الأولمبياد "إختبارا لقوة الرجال" سيكون هذا الحدث تعبيرا عن التسليم بقوة إصرار النساء وقدرتهن على إثبات حضورهن في الرياضة كبقية المجالات الأخرى.

"هي" تحتفل في هذا العدد بنساء الرياضة الأولمبية العربيات اللواتي سيتنافسن مع نظيراتهن الاجنبيات وسط آمال بإنجازات تضاف الى انجازات نساء العالم.

لين الحاج
لين الحاج

فمن لبنان ستشارك إبنة السبعة عشر عاما لين الحاج التي بفضلها حل لبنان في المركز الاول في إنجاز مميز للسباحة اللبنانية، كما ستشارك البطلة المصرية هنا جودة وهي في نفس عمر لين أيضاً في اولمبياد باريس 2024 في لعبة تنس الطاولة.

انتسبت السباحة اللبنانية لين الحاج إلى نادي الجزيرة الرياضي منذ ان كانت في التاسعة، وأحرزت الكثير من الميداليات في لبنان وخارجه، وبدأت بشكل جدي في التحضير للمشاركات الدولية الكبرى باعتبارها بطلة لبنان في السباحة. وتوّجت الحاج ببطولة العرب التي أقيمت في الإمارات العربية المتحدة، وأحرزت 3 ذهبيات في سباقات الـ50 والـ100 والـ200 متر صدر، و4 ميداليات ملونة في سباق التتابع. وبفضلها حلَّ لبنان في المركز الأول في إنجاز مميز للسباحة اللبنانية.

لين نشأت وسط عائلة تعشق مختلف أنواع الرياضة، وأهل يدفعون أولادهم إلى تنمية مهاراتهم الرياضية وصقلها، لأنه كما وصفت والدتها الأمر: "على الرغم من أهمية الرياضة الجسدية، فإني اخترتها لتكون جزءا مهما في نمط حياة أولادي، بعيدا عن مطبّات مراحل العمر المختلفة، ولدفعهم نحو الالتزام والمسؤولية". لين التي اكتشفت السباحة في الثالثة من عمرها، كانت دائماً تتابع تدريبات شقيقتها الكبرى التي تهوى السباحة أيضا، فتأثرت بها وتعلقت بقوة بهذه الرياضة وابتعدت عن كافة الهوايات الأخرى لتتفرغ بكل شغف لعالم السباحة ولأحلامها الرياضية الكبيرة بالوصول إلى الأولمبياد والفوز بالميدالية الذهبية.

"هي" التقت لين الحاج التي حطمت في العام الماضي 14 رقما قياسيا وطنيا، وبدأت بالتحضيرات الجدية لرحلة الحلم بعد تأهلها للأولمبياد.. وكان الحوار التالي:

كنــتِ ترددين دائما أنك تســــعــــــين وتحـــــلمــــــين بالـــمـــشـــاركة في بــــــطولة الــــعــــالــــم المقبلة في أولمبياد باريس 2024، كيـــــف تـــــصفين حـــمــــاسك اليوم وأنت على أبــــواب هذه المشاركة؟

أنا متحمسة جدا لهذه الخطوة التي تعد بمنزلة الحلم الأكبر لي منذ أن كنت في التاسعة من عمري حين بدأت ممارسة السباحة كهواية احترافية، فكنت دائما أشاهد الفيديوهات المسجلة لأبطال الأولمبياد، وأنا أنتظر اليوم وبفارغ الصبر اللحظة التي سأحمل فيها علم لبنان عاليا في أولمبياد باريس. أعرف تماما أن هذه الخطوة ليست سهلة على الإطلاق، لأنني سأنافس أبطال العالم في السباحة. وكنت قد شاركت مسبقا ببطولة العالم في السباحة في اليابان السنة الماضية، وأعرف تماما مستوى التحدي الذي ينتظرني، لكن حماسي كبير جدا للمشاركة من جهة ولمقابلة أبطال السباحة العالميين من جهة أخرى.

 كيف تصفين التحضيرات النهائية اليوم قبل أسابيع قليلة من المشاركة؟

 أنا حاليا في مرحلة التمارين المكثفة، خصوصا أنني انتهيت من الســـنــــة الدراسيـــة. وأتمرن سـاعــــــات أطول مع المدربين فرانســوا غطاس ومـــــازن الـــحموي اللـــــذين يـــضــعـــــان الخطة الريــــاضيـــــة المكــثـــفــــــة لتحــضـيـــــراتي الأســـاسيــــــة للمشاركة في الأولمبياد، كما أتابع التمرينات الرياضية مع المدربين إيلي حجار ومايكل دعيبس اللذين يشرفان على لياقتي البدنية. هذا إضافة إلى الإشراف الغذائي الذي أخضع له من خبيرة التغـــــذية غـــــيدا عبد النور، وكذلك أخـــضـــع لجـــلـــسات العلاج الفيزيائي من قبل جهاد حداد الذي يشرف على وضعي بوجه عام، فأنا محاطة بمجـــــموعة من المتخصصين المشرفين على وضعي الرياضي العام.

ماذا عن تحــضــيـــــراتك الــنــفـــســيــــة للـــــمشاركة في مثل هذا الحدث الضخم؟

أشير إلى أن رياضة السباحة فردية، وليست رياضة جماعية تعتمد على فريق، لذلك تشكل ضغطا نفسيا على السباحين، لكني اليوم أعتبر نفسي حاضرة نفسيا لهذه الخطوة بسبب مشاركاتي السابقة في المباريات العالمية لعدد من البلدان، فكوّنت الخبرات شخصيتي الرياضية المناسبة التي أهّلتني للمــــشاركة المنتظرة. وأرجع دائـــما إلى المدربين الذين يسعون بكل جهد إلى دفعي نحو الأمام.

لين الحاج

أصــبـــــحــــت ريـــــــاضــــــــة الــســبــاحـــة مـــن الـــــــــريـــــــــاضــــــــــــــــات الـمـــرغـــوبـــــة جدا عند الإناث، إلى أي مدى تجدينها مناسبة لهن؟

نظرا لأهمية الرياضة الصحية، يشجع الأهل أولادهم دائما على ممــــارسة هذه الريــــاضـــــــة، كما أن ضـــــرورة اكتساب مهارة السباحة تدفعهم أيضا إلى اختــــــيارها، ولأنها رياضة ممتعة يتمــــسك بها الصغار، وخصــــوصا الإنــــاث الـلــــواتي يجدن فيها متعة مميزة مع صديقاتهن، فيتحمسن لاحترافها أكثر، ولا سيما أن التحدي يعتبر جزءا من شخصية المرأة.

ماذا عن مستوى رياضة السباحة في لبنان وفي العالم العربي؟

إن مستوى السباحة في لبنان جيد جدا، حتى إن هذه الهواية مرغوبة جدا، والمستويات التي وصل إليها أبطال لبنان عالميا مميزة للغاية على الرغم من عدم وجود تغطية إعلامية كافية لهذه الرياضة. لكني أقول إن مستوى السباحة حاليا في أوجه، وإن الجيل الحالي سيكون له شأن كبير في السنوات المقبلة.

بمن تأثرت من السبّاحات العربيات والعالميات؟ وهل قابلت أيّا منهن في بطولة العالم في ليتوانيا؟

أتـــــابع دائــــمـــــا أخــــبـــــار وبـطــــــــولات السبّاحة الأميركية "ليلي كيـــــــنـــــغ" الــــتي ترشــــحت للمــــرة الثانـــــية للألعـــاب الأولمبــيــــــة في باريس، فهي تحمل الرقم القياسي العالمي. كما أتابع أخبار السبّاحة "روتا ميلوتيت" التي تعتمد نمط سباحــــــــتي نفسه، وهو BREASTROKE أي سباحة الصدر. وأتابع ايضاً أخبار السبّاحة المصرية فريدة عثمان التي تبهرني بإصرارها ومتابعاتها الرياضية.

هل احترافك السباحة منذ الصغر وإخضاعك للتدريبات المستمرة سلب منك نشاطات الطفولة؟

بصـــــراحة أخـــــذت السبـــــاحة الحـــصة الكبرى من أيامي منذ صـــغــــري، فكــنـــت أتدرب يوميا، وأبتعد عن النشاطات مع الأصدقاء، واذكر اني كنت أستيقظ باكرا، وأبدأ تمريناتي قبل أن أذهب إلى المدرسة، وهذا ما لا يفعله التلاميذ عادة، لأعود مجددا للتدريب بعد المدرسة قبل أن أرجع إلى البيت لمتابعة دروسي. فهذا النمط انعكس مسؤولية في عمر مبكر، وصقل شخصيتي الرياضية المثابرة والقوية، ونمّى في داخلي عنصر التحدي.

ماذا قدمت لك هذه الهواية؟ وماذا غيّرت في حياتك؟

غيّرت السباحة حياتي بالكامل، فلا أتخيل نفسي بعيدة عن الرياضة، جعــــلتــــــني أركز على أهدافي، ودفعتني لأكون إنسانة منـــــظـــمة. وفي المــــقابـــــل أخـــــذت مني لــــحــظـــــــات كــــنت أحب أن أقضيها مع الأصدقاء، لكنني أشكر أهلي لإصرارهم على متابعة كل التمرينات، لأني بفضلهم وصلت إلى ما أنا عليه اليوم.

ما الاختصاص الجامعي التي تحلمين به؟

سألتحق بالجامعة الأمريكية لأتــــخصص بالتسويق والتصميم الرقمي، لكـــــني أرغــــب أكثر في التخــــــصص بأي مجال متعلق بإدارة الأعمال الرياضية، وهو ليس متوفرا في لبنان.

هل من هوايات غير رياضية تمارسينها؟

كنت أعزف على البيانو من قبل، لكن مع انغماسي أكثر في السباحة لم يعد لدي الوقت الكافي لمتابعة تمريناتي لذلك. ورياضة السباحة غير مرتبطة فقط بالسباحة، وإنما بتدريبات اللياقة البدنية أيضا التي تتطلب وقتا إضافيا.

كيف تنظرين إلى الفوز؟ وماذا يعني لك؟

هو المكافأة التي ننتظرها نحن الرياضيين، وتعني لنا الكثير، وتدفعنا أكثر إلى الوصول إلى أعلى المراتب. أحلم بأن أربح في الأولمبياد، وأحقق حلمي، وأوصل رسالة للجيل الأصغر بأنه بإمكاننا الوصول.