سمر طارق لـ "هي": استوحيت أغنيات ألبوم "فرق توقيت" من تجربة شخصية.. وأتمنى تقديم ديو مع بيلي إيليش
جعلت من الكلمة مطافًا لأفكارها وأحلامها ومخاوفها، صنعت من الموسيقى جسرًا عابرًا بينها وبين الجمهور، يحمل الكثير من مشاعر الشجن والقليل من التسليم، ابتكرت مساحة فنية تسمح لها بالإبحار بعيدًا عن الإيقاعات السائدة في المشهد الموسيقي الفني .. إنها الفنانة الشابة سمر طارق.
المغنية والملحنة والموزعة سمر طارق تحدثت لـ "هي"، عقب مشاركتها في الدورة الـ 32 من مهرجان القلعة للموسيقى بمصر، عن كواليس أول ألبوماتها الغنائية "فرق توقيت"، والذي تقدمه بعد خطوات فنية ناجحة سواء بطرحها أعمال غنائية أصلية أو مشاركتها في تترات بعض الأعمال الدرامية الشهيرة، والكثير من التفاصيل الفنية حول التغيرات الطارئة في صناعة الغنوة العربية وذائقة الجمهور.
بداية.. "فرق توقيت" أول ألبومات سمر طارق، ما سبب تسميته بهذا الاسم؟
لأنه يعتمد على فكرة الاحتمالات، الإنسان عندما يشعر بالفقد سواء تجاه شخص أو شئ ما، يمر بمراحل الحزن الخامسة؛ وهي مراحل حقيقية علميًا؛ الإنكار، والمساومة، والغضب، والاكتئاب، والتقبل. هذه المراحل تختلف من شخص لآخر في ترتيبها بحسب "فرق التوقيت"؛ بمعنى كل إنسان يتعرض لمشاعر التشكك والتفكير والتساؤلات حول العلاقات والفقد نفسه في أوقات مختلفة عن الأخر، وفقًا لإيقاع حياة كل شخص والأحداث التي يمر بها.
لماذا تختارين طرح أغنيات الميني ألبوم بطريقة السينجل على فترات؟
فكرنا نجعلها طريقة جديدة تشبه اللعبة، مع ترك مساحة للمستمعين لاستكشاف مشاعر كل أغنية؛ بمعنى أنه مع طرح أغنية تتناول مشاعر "الغضب" أو "الإنكار"، نترك لهم فترة زمنية للبحث عن حقيقتها العلمية وتكوين وجهة نظر حول هذه المشاعر قبل الأغنية التالية والحديث عن مرحلتها المختلفة في الحزن.
كيف جاءت لكِ فكرة هذه التيمة الموسيقية المميزة بألبوم "فرق توقيت"؟
فكرة الألبوم جاءتني عندما تعرضت لمراحل الحزن بالفعل مع فقد شخص عزيز مقرب، خاصة إن الأعمار متقاربة، تساءلت وقتها عن حالتي وأدركت الحقيقة العلمية لمراحل الحزن الخامسة.
هل يشغلك الأسلوب القصصي الدرامي في أغانيكِ؟
نعم، أميل لسرد الحكايات في الأغاني، أحكى قصص ومشاهد وتشبيهات، يمكن حالات اختبرتها بنفسي أو رصدتها من الدائرة المقربة في الأصدقاء، والبعض الأخر من خيالي. أعشق الإبداع في الأغاني، على سبيل المثال في المقطوعة الموسيقية "حجرة ورقة مقص" والتي تتناول مرحلة الإنكار، في تشبيه بسيل الدموع لفوق؛ هذا مشهد يدفع المستمعين لتكوين صورة أثناء الاستماع.
إلى أي مدى ترين أن طرح كل أغنية في صورة فيديو كليب تخدم رؤيتك الفنية للألبوم؟
الصوت والصورة يدعمان دومًا بعضهما البعض. اختارت صورة بصريةvisuals محددة في كل lyrics فيديو، تعبر عن مرحلة كل أغنية من مراحل الحزن الخامسة؛ صورة "القمر" على سبيل المثال انعكاس لفكرة مرور الإنسان بمراحل مختلفة؛ كما يمر القمر بمراحل مختلفة لاكتماله.
لماذا استغرق ألبوم "فرق توقيت" عامين فترة زمنية طويلة خلال تنفيذه؟
لأنني شخص يهتم بالتفاصيل بدرجة كبيرة، فريق "فرق توقيت" كبير للغاية، وحرصنا على ذلك طوال الوقت. يشغلني تقديم الفكرة بشكل متكامل يعبر عنها بشكل محترف على مستوى الكلمات أو اللحن أو التوزيع أو الصورة Art Work .
ما الأغنية التي أرهقتك في تنفيذها بألبوم "فرق توقيت"؟
أغنية "حجرة ورقة مقص" لأنها من توزيعي أيضًا، كنت أحاول أن استكشف أصوات جديدة، وأعبر عن مشاعر في مشاهد، حاولت أعبر بالمزيكا في كل جزء من رحلة المقطوعة الموسيقية. لكن في النهاية أشعر بالرضا عنها واستحقاقها كل هذا المجهود في عناء التحضير.
الجمهور يطرح أسئلة حول مفهوم كلمات أغانيكِ على "يوتيوب" وصفحتك على السوشيال ميديا.. كيف ترين هذا التفاعل؟
نعم، ألاحظ تكراره كثيرًا على عدة أغاني. على سبيل المثال طرح تساؤلات حول أغنية "لو" عن معنى كوبليه "لو كان الحيط سامع هم الموجوع..لو كان الخيط بالساهل لو مقطوع يرجع زي الأوّل"، وعلى أغنية "حجرة ورقة مقص" أيضًا في كوبليه "قلوب بتحن لبعضها.. دموع نازلة لفوق". كل هذه التعليقات والتحليلات تسعدني للغاية، لأن الفن يجب أن يكون وجهات نظر؛ كل إنسان يتعرض له عليه أن يُشكل إحساسًا مختلفًا وتفسيرًا خاص به.
هل تشعرين أن أغانيكِ تستهدف فئة محددة من الجمهور؟
لا. لا أستهدف فئة محددة لأنني أعبر عن نفسي من خلال هذه الأغاني، ويمكن هذه الذائقة الفنية تناسب صغار أو كبار السن. الاستكشاف يأتي بالفطرة تجاه الكلمات والألحان والتوزيع ويستهويني التجريب في عدة أشكال موسيقية جديدة ومختلفة، لأنني مقتنعة أن أذواق الناس تتغير بشكل مستمر، حتى لو إنسان يسمع لنوع محدد من الموسيقى، فهو ربما يتغير ذوقه ويتجه لسماع نوع آخر في وقت لاحق.
أيهما الأكثر صعوبة الأغاني الاجتماعية على سبيل المثال التي تتحدث عن الصمود والتحدي أم الأغاني الرومانسية؟
الحقيقة لا أعرف هل ما أقدمه يعتبر أغاني اجتماعية أو يبتعد عن ذلك، لكنني أحاول أعبر عن مشاعر عامة؛ أي إنها لا تقتصر على مشاعر رومانسية بين الحبيبة، أو حالات الانفصال والفراق، أتجه دومًا للتجديد والتنويع والخروج عن القوالب. لا أعتقد أن هناك أمر أكثر صعوبة من الأخر في الموسيقى، لكن أشعر أنها تجارب فنية.
سمر طارق لأول مرة في مهرجان القلعة للموسيقى بدورته الـ 32.. ماذا يمثل لكِ الغناء في هذا المكان؟ وما المختلف في تفاعل جمهوره؟
القلعة مكان أثري مهم وكبير، تجربة مشرفة ومختلفة وفخر الغناء به. جمهور القلعة كان متفاعلاً وممتعًا بدرجة كبيرة، استمتعت بالغناء معهم، فهم يحفظون كل الأغاني والمقطوعات الموسيقية، تفاجأت حقًا بحبهم الكبير. ولعبنا مع بعض من خلال أغنية "كده"، هي أغنية جديدة ضمن ألبوم "فرق توقيت"، لكنها ستطرح كاملة بعد حفلة القلعة، فكانت اللعبة إن الجمهور يغني بكلمة "كده" مع غناءنا لجزء من الأغنية لايف على المسرح لأول مرة.
أغنيتك "لو" مع "الوايلي" حققت شهرة واسعة مع عرض مسلسل "الهرشة السابعة" كذلك أغنية "عتمة" تتر مسلسل "سفاح الجيزة".. لكن ماذا عن غنائهما لايف على المسرح؟
استقبلهما الجمهور بتفاعل قوي للغاية، خاصة "لو" لأنها تتضمن في الأخر نقلة موسيقية أضفتها عليها، كنت ألعب "كيبورد" بطريقة محددة من المفترض أن تثير الحزن والشجن لدى المستمعين لكن على عكس المتوقع رقص عليها الجمهور في تفاعل مبهر وممتع.
ما سبب اختيارك غناء "قلبي ومفتاحه" لفريد الأطرش على مسرح محكي القلعة؟
أحبها جدًا على المستوى الشخصي، وكانت من أوائل الأغاني التي أغنيها في أوائل حفلاتي، كنت أحاول أن أقدمها بتوزيع مختلف، ليكون بها fusion محدد بين الأغاني القديمة والجديدة والجمهور أحبها.
لماذا تفضلين الدمج بين الموسيقى الشرقي والغربي في أعمالك؟
يحدث بالفطرة بالنسبة لي؛ لأنني انشغل دومًا بالاستماع لأعمال مختلفة سواء داخل العالم العربي أو خارجه، وهذا يؤدي لمدخلات مختلفة في العقل، يترجمها على حسب ثقافته، أحب تواجد الاثنين، وبالتأكيد الجزء الشرقي يعبر عن الثقافة التي أعيش بها.
سمر طارق موهوبة بعدة مجالات طربية؛ الغناء وكتابة الأغاني والتلحين والتوزيع.. هل ساعدك ذلك في التغلب على صعوبات الإنتاج الموسيقي والتي يعاني منها كبار المطربين مع غياب دور بعض الشركات الإنتاجية عن المشهد الموسيقي في الزمن المعاصر مقارنة مع جيل شريط الكاسيت والتسعينيات؟
بكل تأكيد. أن يكون المطرب مُلمًا بالصناعة كاملة من غناء وتلحين وتوزيع وهكذا يسهل كثيرًا عليه بمشواره المهني؛ لأنه يجعلك "تصنع أغانيك" وتعتمد كثيرًا على نفسك، ويمنحك فرصة الاختيار كلما فكرت في تجريب أي من الأنواع الموسيقية وأشكالها.
حققتِ إنجازُا فريدًا العام الماضي بكونك أول مطربة تحصل على جائزة سيد حجاب الشعر الغنائي لأفضل أغنية عن تأليفك وغنائك وتلحينك أغنية "برحيلي"، بالتزامن مع احتفالية خاصة بالذكرى الـ83 لميلاد الشاعر الراحل الكبير.. كيف اختلفت رؤيتك الفنية لأعمالك بعد هذه الجائزة؟
الحقيقة إنها جائزة مهمة وكبيرة ومختلفة، ووقتها كان الحصول عليها أمر غير المتوقع بالنسبة لي كأول مغنية تحصل على جائزة في الشعر الغنائي، بالطبع تأثرت كثيرًا بها، وجعلتني أتأكد من اختياراتي ووجودي بالطريق الصحيح في طريقي الفني، كما إنه أثر على أفكاري بالمطلق أنه ليس كل ما نتوقعه نجده، بل أحيانًا تستقبل كل ما هو أفضل من توقعاتك.
ما هي أسباب ندرة عمل النساء في العالم العربي كمؤلفات للموسيقى أو مُلحِّنات؟
اعتقد أنها في كل المجالات عالميًا، ولا تقتصر على مجال الموسيقى فقط أو في منطقة محددة، أشعر وكأنها في الوعي الجمعي بالكوكب كله. أظن دورنا أننا نشجع البنات والسيدات تبدعن وتتحدين كل الصعوبات والعقبات، حتى يستطعن الاستمرار في المجالات التي تحبها وتنجحن بها، ربما يكون أمرًا صعبًا وجهدًا أكبر، لكنه ليس مستحيلاً.
على أي أساس تقييمين نجاح أغانيكِ؟ ومَن يشاركك في اختيار أعمالك الفنية؟
نجاح الأغاني بالنسبة لي لا يعتمد على أي عنصر غير الاستمتاع، حتى لو تأثر واستمتع بها شخص واحد فقط أو شعر أنها تعبر عنه أو أنه ليس وحده في هذا الإحساس، لا بالأرقام ولا نسب المشاهدات، كل فنان يحاول تقديم أقصى ما في وسعه وإبداعه، ليصل إلى أكبر عدد من الناس الذين يستمتعون بهذه الأعمال الفنية. أمًا عن الاختيار في رحلتي يكون وفقًا لقراري الأخير بعد معرفة آراء أصدقائي وعائلتي أيضًا.
مَن تتمنين تقديم ديو غنائي معه من مطربي أغاني البوب؟
"فيروز" من المطربين العرب و"بيلي آيلش" من العالميين.
هل ترين أن الذكاء الاصطناعي يمكن أن يؤثر على "موسيقى الأندرجراوند" وشعبيتها ما بين الاستمرارية أو التراجع؟
بالطبع. الذكاء الاصطناعي يؤثر على كل أنواع الموسيقى وليس "موسيقى الأندرجراوند" فقط، خاصة في حقوق الملكية الفكرية والألحان مجهولة الهوية ما بين أصالة صوت المنتج الحقيقي وتقليده. والحقيقة لا أحب تصنيف الموسيقى على الإطلاق، على أنها تُسمع من فئات محددة وما شبه بين الأغاني التجارية وغيره.
بعد دراستك للمسرح، ما الأدوار الفنية التي يمكن أن تجذبك للمشاركة بالتمثيل؟
أنجذب للقصة المتماسكة الجميلة والسيناريو الحلو والشخصيات المركبة الطبيعية كالتي نتفاعل معها في حياتنا. يمكن أميل للمشاركة في السينما أو الدراما لكن المسرح خطوة مؤجلة لاحقًا وليس الآن.
أخيرًا.. ما جديدك الفترة المقبلة؟
انشغل بالتحضير لعدة أغاني جديدة، بالإضافة إلى جولة الحفلات الغنائية، وربما هناك مفاجأة فنية مرتقبة في موسم رمضان الفني المقبل، سأعلنها قريبًا.