الفنانة السعودية لبنى عبد العزيز وحديث خاص لـ "هي" عن المعادلة الصعبة بين الإعلام والفن
من السهل أن تجمع بين الفن والإعلام، لكن من الصعب أن تمتلك عقلاً مدبرًا وروحًا فياضة، تستطيع أن تشكل لديك رؤية خاصة تجاه العالم وأبطاله عربيًا وعالميًا، وهي نجحت في رفع شعار المعادلة الصعبة وتحقيق هذا التوازن بخطى ثابتة وحكيمة بين المجالين.. إنها الممثلة والإعلامية السعودية لبنى عبد العزيز.."هي" حاورت الفنانة المتميزة حول كواليس أحدث أعمالها الدرامية "بيت العنكبوت" و"خريف القلب"، كما تطرقنا للحديث عن خطتها الفنية وسط النشاط الفني والإعلامي في المملكة، بخاصة وأن حديثها جاء بالتزامن مع احتفالات اليوم الوطني السعودي الـ94.
بداية.. "بيت العنكبوت" اسم جذاب، كيف كان وَقعه على مسامعك مع ترشيحك للمسلسل؟
عندما قُدم لنا نص السيناريو لم يكن اسمه "بيت العنكبوت"، بل تم اختيار الاسم بعد انتهاء 75 % من العمل تقريبًا. بالنسبة لي الاسم قوي جدًا، وجميل، ومثير للفضول؛ حيث إن المشاهد عندما يسمع "بيت العنكبوت" يتساءل ما المقصود؟؛ هل هو الوَهَن؟ هل هو الخطر؟ ماذا يعني؟، لأن "بيت العنكبوت" يحمل الكثير من المعاني؛ قد يقصد به البيوت الضعيفة الوَهَنة أو خطر العنكبوت على أي شيء يمكن أن يقع في هذا الشبك، لذا أرى هذا الاسم موفق للغاية، ويحفز المشاهدين لمتابعة المسلسل.
"بيت العنكبوت" هو النسخة السعودية من المسلسل العراقي "خان الذهب"، هل حرصتِ على مشاهدة المسلسل العراقي قبل التحضير للشخصية؟
عندما وافقت على المشاركة بالعمل لم أكن أعرف أن هناك نسخة عراقية منه، عرفنا أثناء التصوير، وكان هناك تحذيرات شديدة من قبِل كل الفريق من مشاهدته؛ حتى لا تتأثر الشخصيات، ولكنني حرصت أن أرى بعض المشاهد؛ من باب الفضول، وحرصت أكثر أن تختلف الشخصية في أدائها وتعابيرها ومواقفها عن الشخصية الدرامية بالنسخة السابقة والتي تجسدها الفنانة الجميلة والصديقة سارة البحراني، فكان مختلف تمامًا وأتمنى أن يصل للمشاهدين هذا الفرق.
أين تكمن صعوبة الشخصية الدرامية "نورة" التي تجسدينها بمسلسل "بيت العنكبوت"؟
يرتكز صعوبتها في تضارب المشاعر عند الشخصية، هناك عدة تحديات ومشاهد صعبة على مستوى الأداء تمر بها خلال الأحداث القوية؛ لأنها لديها دوافعها ورغباتها وأهدافها ورادعها، لكنها كانت دومًا تقاوم هذا الرادع.
هل شاركتِ في اختيار الأزياء والإطلالة الخاصة بالشخصية؟
لدينا استايلست ماهر للغاية الشاب الجميل المبدع في عمله إيلي مشنتف لكن أحيانًا كنت أتدخل بسبب الحرص على الهوية الثقافية السعودية، لم يكن تدخلاً كبيرًا، فكل التفاصيل مطلقة لإيلي، لكنني كنت أتناقش معه في بعض الأشياء، وكان يستجيب بصراحة وسترون بأنفسكم إبداعه على الشاشة.
ننتقل للحديث عن مسلسل "خريف القلب"، أول مسلسل سعودي معرب من نسخة درامية تركية Broken Pieces.. كيف ترين مشاركتك به؟
أرى أنها نقلة نوعية كبيرة في مسيرتي الفنية، عمل ضخم مع أسماء نجوم كبار جدًا في السعودية وحتى من طاقم العمل القوي جدًا من تركيا، بكل تأكيد تجربتي في مسلسل "خريف القلب" إضافة لي، افتخر كثيرًا بهذه التجربة.
"خريف القلب" يتضمن 90 حلقة، كيف استطاعتِ الحفاظ على أداءك للشخصية والتمسك بحالتها كل هذه الفترة الزمنية الطويلة؟
تبارك الله ما شاء الله كان هناك جيشًا من فريق الإخراج، وتدريب التمثيل، والمتخصصين في مراقبة الإسكريبت، طوال الوقت برفقتنا حتى نقدر أن نكون دومًا على الخط الدرامي، والحقيقة إنني آمنت بالشخصية جدًا وتبنيتها وتقمصتها وتشبعتها؛ لأنها تمتلك الكثير من القيم التي تشبهني، وفيها من "لبنى" ولو بجزء بسيط، لذلك لم ترهقني أبدًا، لكن أرهقتنا الأحداث أثناء العمل؛ أي كفريق التمثيل كنا نتأثر بالأحداث المكتوبة، أحيانًا تصعب علينا الشخصيات، ومرة أخرى نُستفز من الشخصيات، لكن لم نخسر خط الشخصيات أبدًا.
تتعرض بعض الأعمال الفنية المعربة، كالمسلسلات المأخوذة عن نسخ تركية، لبعض الانتقادات لاقتباسها من ثقافة مختلفة عن البلد المقدمة بها.. إلى أي مدى يبتعد مسلسل "خريف القلب" عن هذه المعضلة الفنية؟
فريق عمل مسلسل "خريف القلب" بذل مجهودًا كبيرًا لتقديم عمل فني منسجم مع الثقافة السعودية؛ هناك فريق كامل متخصص سواء من فريق إدارة mbc، أو حتى الفريق الموجود معنا على أرض الواقع، الذين كانوا يدققون في أدق التفاصيل، حيث نضمن أن يخرج "خريف القلب" نسخة سعودية مطلقة لا تتأثر بأي ثقافات أخرى، ربما يكون تأثر ببعض الأحداث، التي يجب أن تُطرح لمعالجة القصة الدرامية لكن أيضًا ارتدت "العباءة السوداء" وتقمصت هذه الأحداث كل الفكر السعودي والثقافة السعودية، سنرى مسلسلاً سعوديًا مئة بالمئة.
تحققين ثنائية متميزة في مسلسل "جريمة قلب" مع الفنانة إلهام علي، وتتجمعان مرة ثانية في "خريف القلب"، كيف ترين هذا التعاون؟
دومًا ما أصف هذه الثنائية بالناجحة والجميلة، وهذا لا يعود أسبابه فقط لعمل فني أو كتابة جيدة، رغم إنها أحيانًا تكون سببًا أيضًا، لكن الحقيقة لوجود أخلاق فنية عالية في فنانة مثل إلهام علي، الكيمياء بيننا نتيجة التفاهم واحترافية عمل، كلا يعرف دوره ومساحته؛ تعرف كيف تدعم تميزها وفي نفس الوقت تدعم الخط الدرامي الأخر للشخصية أمامها، فهي لا تبخل على زملائها بالنصح أو التطوير، وتقبل أيضًا زيادة مساحة شخصية أخرى دراميًا، ولا تشعر بالقلق من ذلك؛ وفقًا لثقتها الكبيرة في نفسها ودورها، كما تطمئن كل العاملين معها، أمًا علاقتنا الإنسانية جميلة؛ تواصلنا طيب وأخوة فخورة بها.
لبنى عبد العزيز تتفق أم تختلف مع ربط جرأة الموضوعات المتناولة فنيًا مع طموحات تجديد وتطوير الدراما المقدمة على الشاشة؟
أتفق جدًا. لابد أن نطرح وبجرأة الموضوعات، لأن الدراما أو الترفيه أو تقديم المحتوى على التلفزيون أو القوى الناعمة هي المحركة في الثقافات، وهي المحركة في قناعات الشعوب، لذلك لابد أن نكون أكثر جرأة، ونمتلك القدرة على طرح القضايا ومشاكلنا وتحدياتنا على الدراما شريطة أن تصاحب بحلول مقترحة، وقيم نرغب في تعزيزها، فأنا مع جرأة الطرح لكن مع التحلي بالأخلاق؛ بمعنى أن نمتلك القدرة والجرأة في طرح المشكلة مع التمسك بالقيم، وليس جرأة في الأدوات، أدعم جرأة تقديم المشاكل والتحديات والموضوعات مئة بالمئة لكن لست مع جرأة الأدوات هناك فرق.
في رأيك، أيهما الأفضل مشاركتك في المسلسلات القصيرة أم المسلسلات الطويلة 30 حلقة وأكثر؟
كلا منهما له جمهوره الخاص؛ كل نوع من الدراما أو المسلسلات تجربة مختلفة في أدواتها وطريقتها؛ أفضل الفكرة المطروحة عن عدد الحلقات؛ أي لا يهمني كثيرًا عدد الحلقات بقدر ما تشغلني الفكرة وكيفية تأثيرها في الجمهور، مثلاً جاءتني فكرة 6 حلقات وقوية وجريئة، بينما يأتيني المسلسل 90 حلقة لكن موضوعه معتادًا، إذًا سأتجه للمسلسل القصير ذي الست حلقات والعكس صحيح.
تحققين نجاحًا مختلفًا بالأدوار المركبة المتميزة، هل يستهويكِ الأدوار الدرامية أو التراجيدية الصعبة أكثر من الأدوار الرومانسية؟
الأدوار المركبة تترك أثرًا عند المشاهدين، لأنه يتأثر بالمشاعر، لأن عندما نتحدث عن الأدوار المركبة أي تمتلك هذه الشخصيات تضاربًا عاطفيًا، وتضارب في المواقف؛ وهذه طبيعة الإنسان، فالمُشاهد عندما يشاهد حالة مركبة متضاربة يتأثر فيها أكثر من الحالة المستقرة في الخط الدرامي؛ والتي عادة ما يتنبأ بردود أفعالها ومواقفها، لكن الشخصية المركبة تثير الفضول عند المشاهدين طوال الوقت، متسائلين عن رد الفعل المقبل للشخصية ضمن الأحداث، أمًا فيما يخص الأعمال الرومانسية أنا أمامي الآن عمل في طور القراءة، لم نحدد مصيرنا معه حتى الآن، لكنه يمتلك عدة تحديات وقصص رومانسية كثيرة.
ما معايير اختيارك لأعمالك الفنية؟
القصة نفسها، دوري في القصة؛ هل هو دور متكرر أم جديد؟، هل يضيف لي أو أنا إضافة له؟، من الضروري أن القصة وأحداثها والفكرة والمساحة والفريق الذي أعمل معه أيضًا؛ من طاقم الممثلين والمخرج ورؤيته، بالإضافة لتوقعاتي عن نجاح العمل وتأثيره، كثير من العوامل ولا زالت في بداية طريقي وما زالت أتطور وأتعلم المعايير التي من المهم أن تؤخذ في عين الاعتبار.
مَن المخرجين الذين تتمنين العمل معهم؟
من الأسماء العالمية ريدلي سكوت وإم. نايت شيامالان؛ تأثرت كثيرًا بفيلمه "الحاسة السادسة"، أتمنى يومًا ما فرصة تجمعني للعمل مع هذا المخرج الجميل. أمًا في عالمنا العربي أتمنى كثيرًا العمل مع محمد سامي، كذلك يكون فرصة لدخولي الدراما المصرية، خاصة مع إتقاني للهجة المصرية، لأن والدتي مصرية، بالإضافة إلى كل المخرجين السعوديين الموجودين في السوق السعودي؛ لأننا ندعم بعضنا البعض، وإنني على يقين إن كل مخرج سعودي سأعمل معه، سأتعلم منه كثيرًا ويضيف لي شيئًا جديدًا في طريقتي وطريقي.
الدراما أم السينما أم المسرح.. أي منها الأقرب للمُشاهد العربي في رأيك؟
الدراما.. اعتقد ذلك لأنها الأقرب تكون جزءًا من منزله، فهو لا يهتم؛ يفتح التلفزيون أو المنصات ومن ثمً يشاهدها على الفور، فهي اختيار مفروض عليه إن جاز التعبير، أمًا السينما فهي اختياره وقراره، يفضل الذهاب للسينما لأنه يريد أن يرى هذا الشخص، والعمل، والفنان، والمخرج، فيما المسرح فهو جزء مهم لكل المشاهدين في العالم العربي وفي السعودية يشهد المسرح السعودي مؤخرًا تطورًا جميلاً للغاية؛ يصنع مُشاهدين للمسرح بشكل جميل.
من الملاحظ مؤخرا سطوع جيل جديد من المخرجات وصانعات السينما والفن في السعودية.. إلى أي مدى ترين تأثيرهن؟
تأثيرهن واضح للغاية، ولولا هذا التأثير لما طرحت علي هذا السؤال، لا ينتظرن شهادة لأن الأعمال واضحة والدور واضح وتأثيرهن يعود لتمكين البلد وإيمانها بأن البنات السعوديات موهوبات وقادرات على صناعة المستحيل، ليس فقط بالمجال الفني، بل في الرياضة والاقتصاد والسياسة وكل مجال، فلا ينتظرن أن يتحدث أحد عنهن أو تأثيرهن.
وإذا تحدثنا عن اليوم الوطني السعودي.. فماذا يمثل للبنى عبد العزيز الإعلامية والفنانة؟
هذا لا يمثلني فقط كإعلامية وفنانة فحسب، بل يمثلني كإنسانة ومواطنة سعودية، يوم أفخر به، هذا يوم جميل وسعيد في حياتي ولكل مقيم ومواطن سعودي، وهو يوم نفخر به، فاليوم الوطني ذكرى بالفعل تذكرنا بمَن نحن وما هذا البلد ومشاعرنا ناحيته.
تحققين نجاحًا مختلفًا بين مجال الفن والإعلام.. لكن أيهما الأقرب لقلبك؟
الاثنان.. عينان في رأس كما يقولون.. الإعلام هو شخصيتي الحقيقية؛ عندما أظهر في المجال الإعلامي فهي لبنى عبد العزيز التي تظهر وتطرح آراءها وتتكلم، هي الشخصية التي تتعرف عليها الناس أكثر؛ مميزاتها وعيوبها بشكل واضح وشفاف، أمًا المجال الفني فهو ينمي عضلات لبنى عبد العزيز حتى تخرج من شخصيتها إلى شخصيات أخرى، طريقة أخرى لطرح القضايا المؤثرة في المجتمع، بطريقة لا تمثلني ولكن تمثل شخصيات أخرى، وإنني أخذ الوجه الأخر من المواقف والقضايا التي أتبناها، فالمجالان مهمان بالنسبة إلي وأتمنى أن ترجع فرصة أخرى لعودتي كلبنى عبد العزيز الإعلامية وتكون فرصة معروفة ومدروسة، يمكن إنني أنشغل كثيرًا حاليًا في لبنى عبد العزيز الممثلة لكن بكل تأكيد لبنى عبد العزيز الإعلامية لا تزال موجودة وتظهر في أوقات قريبة.
السؤال الآن للبنى عبد العزيز الإعلامية.. إلى أي مدى ترين أن العمل الإعلامي تأثر بحضور السوشيال ميديا؟ وهل تسببت في زيادة الفجوة بين منابر الإعلام والجمهور أو أثقلت من حِبال وصالها؟
اعتقد أنه إذا كان هناك بعض البرامج والمنصات الإعلامية التي تعمل بمعزل عن السوشيال ميديا، فهي تراجعت كثيرًا والجمهور لا يعلم عنها ولا يتأثر بمحتواها، وإن كان محتواها عميقًا وعلميًا ومدروسًا ومعززًا بالمصادر ولكن إذا لم يكونوا موجودين على السوشيال ميديا، ولم يستخدموا هذه الوسائل، فهو جهد مبعثر ومهدور، يجب أن تتعامل منابر الإعلام الحديثة الآن بجدية وثقة وإيمان كبير مع منصات التواصل الاجتماعي، لأن الجمهور الآن لا يشتري جرائد ولا يفتح التلفزيون لتلقي الخبر، الجمهور الآن يبحث في منصات التواصل الاجتماعي عن الأخبار؛ الصادق منها والكاذب منها ويستطيع التفريق بين الإشاعات والحقائق، اعتقد أن السوشيال ميديا هي وسائل الإعلام الحديث، والبوابة الإعلامية الأولى حاليًا في هذا الزمن، وأتنبأ في وقت لا أعلم، إن كان قريبًا أو بعيدًا، أن تنعزل كل الوسائل التقليدية ويتجه القارئ مباشرة لمنصات التواصل الاجتماعي لأخذ المعلومة والحقائق والتطورات والأحداث.
حلقتك في برنامج "رامز جاب من الآخر" حققت نجاحًا كبيرًا.. هل يمكن أن تقدمين برنامج مقالب في خطتك المقبلة؟
لا أصلح لها حتى لو فضلت تقديمها؛ هذه البرامج تحتاج لموهبة تعزز الفكرة؛ رامز جلال يتميز في قدرته وموهبته، ويمتلك الحضور الكامل لهذه النوعية من البرامج، رغم عمل الكثيرين في تقديم برامج المقالب؛ مثل الفنانين هاني رمزي ومحمد فؤاد وفيفي عبده، لكنها مرت مرور الكرام إن جاز التعبير، لكن استمرارية ونجاح رامز جلال بسبب موهبته.
أخيرًا.. ما تفاصيل أعمالك المقبلة؟
الآن انشغل بقراءة أكثر من عمل فني مطروح، ما بين القراءة والتحليل لنصوص وأفكار مختلفة، لا أحرص على الدخول في عمل مباشرة، بعد "خريف القلب" الذي استغرق وقتًا طويلاً فيما يقارب العام تقريبًا، أريد أن أخذ قسطًا من الراحة، والاستمتاع بثمار هذه الأعمال، ومشاركة المشاهدين هذا الطرح، الأعمال القادمة ستكون خطوات مدروسة بتأني، تأخذ وقتها الكافي.