رشا شربتجي لـ "هي": أسعدتني مُباركة الجمهور على زواجي وهذا ما صنع العلامة الفارقة في رؤيتي الإخراجية
هي واحدة من أهم الأسماء الإخراجية النسائية في الوطن العربي، لقد بات إسمها مصدر ثقة كبيرة للجمهور وللممثلين الذين يبدعون أمام نظرتها الإخراجية. باتت حاليا ماركة مُسجلة في تقديم الدراما السورية المُعبرة عن الواقع والنبض السوري، وما زالت ترفض تقديم تجارب إخراج دراما الفورمات التركية المُعربة، إيماناً منها بأن كل مجتمع يستطيع التعبير عن نفسه بالشكل الأفضل .. هي المخرجة السورية رشا شربتجي التي تتحدث لـ "هي" عن تجربة "ولاد بديعة" في رمضان الماضي 2024، وتحضيراتها لمسلسل "نسمات أيلول" حاليا، وتكشف لنا التفاصيل حول غيابها عن الحضور بأعمال إخراجية مصرية بعد تجارب ناجحة، وتُعلق على المباركات والآراء السلبية حول زواجها من الممثل إبراهيم الشيخ مؤخرا، وتروي لنا الكثير من التفاصيل حول ثقافتها ما بين نشأتها بمصر والشام، ومدى إهتمامها بقضايا المرأة في أعمالها الفنية والكثير من التفاصيل حول الرؤى الفنية الخاصة بها ومشوارها المميز بمجال الفن والإخراج:
في البداية .. كيف تنظرين لتجربة مسلسل "ولاد بديعة" العمل الذي ما زالت أصدائه تلقي بظلالها حول ما حققه من نجاح كبير بعرضه بموسم رمضان الفائت، وما زال الحديث عنه مستمر حتى الآن؟
كانت مفاجأة كبيرة للغاية بالنسبة لي أن يحقق العمل هذا النجاح والأصداء الكبيرة وتصدره التريند وقت العرض وحالة الاجماع على جودة العمل، وقتما كنت أصور المسلسل كنت أتوقع نجاحه.
كيف كان التصور من البداية لتقديم تجربة "ولاد بديعة" من خلال خلطة درامية مميزة تلامس الواقع السوري، وتمس المجتمع عن قرب في ظل قلة عدد الأعمال السورية الخاصة مقارنة بسنوات مضت؟
كان هناك تناغم وانسجام كبير من البداية بيني وبين كتاب العمل والجهة المنتجة التي كان لديها قرار من البداية أن تقدم عملا فنيا مختلفا بصناعة جيدة وجودة عالية ومنافسة، والكتاب كان لديهم التحدي ليقدمون شيئاً جديدا ومختلفاً، وهذه العوامل أعطتني الحماس والشغف للمشاركة في صناعة هذه التجربة، الحمدلله لقد أعطانا الله القوة لنقدم عملا فنيا مميزا بهذه الطريقة، لا شك في أنه لا يصح إلا الصحيح بالمقام الأول، النص مميز للغاية والكوادر المشاركة بالعمل كلها مميزة أيضا بداية من الانتاج لمحمد مهراوي والمونتاج سالم درباس والموسيقار خالد كمار والمنتج الفني، كل الكوادر كانت مهمة للغاية وجعلتني أرى أنه لا يصح إلا الصحيح.
لماذا غبتي عن الحضور بتجارب إخراجية بالدراما المصرية، بعد نجاحك منذ سنوات بأكثر من عمل أبرزهم "إبن الأرندلي"؟
التجربة بمصر تحتاج أن تكون خاصة ومميزة للغاية، لقد تعودت من خلال أعمالي في سوريا أن تكون من الأعمال التي يسلط عليها الضوء من خلال الأفكار والأسماء المشاركة بالأعمال، لذلك ليس من الممكن أن تكون التجربة بمصر أقل من الأعمال بدمشق وسريا والدراما السورية، تجاربي بمصر خاصة جدا وأفتخر بها سواء من خلال "شرف فتح الباب" و "أولاد الليل" و "ابن الأرندلي" الذي حقق نجاحا كبيرا للغاية وقتها ورواجه في الشارع كعمل كوميدي وحيد في الأرشيف الخاص بي، لقد تعاونت مع عمالقة وأتمنى أن أعود لأخوض التجربة بمصر من جديد.
ما المعايير المرهون بها عودتك لتقديم التجارب الإخراجية من جديد في الدراما المصرية؟
حاليا، هناك مجموعة من المقترحات للعودة لتقديم أعمال إخراجية بمصر، لكن الحقيقة لن تكون الخطوة إلا إذا كانت مميزة وبقدر الحمل والأعمال الرائعة والأسماء الإخراجية المهمة في مصر مثل محمد شاكر خضير، محمد سامي وهاني خليفة ومجموعة من الاسماء الإخراجية الهامة في مصر كي لا أنسى أحد، هناك الكثير من المخرجين المصريين المميزين والمنافسة معهم ستكون صعبة للغاية، لكن أتمنى الانتشار في مصر اذ ان ذائقة النجاح في مصر مختلفة تماما.
ما الذي صنع الفارق في ثقافتك ورؤيتك الإخراجية ليصبح اسمك من أهم المخرجات في الوطن العربي والثقة الكبيرة المتبادلة من الجمهور والصناع، حيث ذكر اسمك على عمل فني هو ثقة للمشاهد وللانتاج بكل مصداقية؟
أعتقد أن الخليط بين ثقافتي وتربيتي بمصر واحتضان أبي لي من بعد انتهاء دراستي الجامعية والعودة لسوريا، هذا الخليط بين العاصمتين القاهرة ودمشق العريقات قد يكون ترك أثراً مختلفا أنا لا أبحث عنه، قد يكون الأهم هو دراستي لعلم النفس من خلال التركيز في تاريخ الشخصيات وكيف يمكن أن يكون لها جانب نفسي لكل شخصية يؤثر على سلوكها وردود أفعالها وعلاقتها بالآخرين والصراع الداخلي والخارجي بينها وبين كل مفاصل الحياة، هذا قد يكون هو ما أحدث الفارق، كذلك الاهتمام بالتفاصيل وبما وراء الحدث والجملة والشخصية بشكل عام.
إلى أي مدى المرأة العربية بحاجة لنوعيات درامية تُناهض قضاياها من خلال الدراما؟ الأعمال التي تناقش قضاياهن في الوطن العربي؟ وهل هي مسؤولية مجتمعية او إنتاجية؟
الحقيقة المرأة في مجتمعاتنا العربية، وهي مجتمعات ذكورية تحمل إرثا شعبيا في التعامل مع المرأة، على الرغم أننا إذا تحدثنا بالشريعة والدين فلها كثير من الاحترام والحضور، لكن للأسف نتعامل مع المرأة في مجتمعاتنا وكأنها كائن درجة ثانية، نهتم كثيرا بقضايا الحضانة والمرأة من كثرة ما نراه في الواقع من قضايا صعبة تمس المرأة من خلال القوانين والظروف المجتمعية التي تعيشها في أوطاننا العربية.
هل الإهتمام بقضايا المرأة في أعمالك هو مسؤولية مُجتمعية بحراك إنتاجي أم إنتماء لجنسك؟
هذا لا يعني أنني لا أهتم بقضايا المجتمع بشكل عام، فالمرأة هي نصف المجتمع والرجل هو نصف المجتمع وبالتالي تهمني قضايا المرأة والرجل ضمن قضايا المجتمع بشكل عام بعد خروجه من حرب طويلة إلى حالة اقتصادية مُنهكة، قضايا مجتمعنا في الوقت الحالي قد تكون بأهمية قضايا المرأة بالنسبة لي، أعتقد أنها شراكة مجتمعية وانتاجية وليست حكر على أحد.
كيف تصفين مدى صعوبة عمل المرأة في الاخراج في ظل قلة الأسماء النسائية الإخراجية في الوطن العربي وتميز الرؤى النسائية الإخراجية في التعبير بصدق عن قضايا المرأة؟
الاخراج هو عمل مُضني للرجل أو المرأة، فما بالك بالمرأة التي يكون لديها أسرة ومنزل؟ وتغيب كثيرا عن البيت لظروف العمل؟ الاخراج عمل يحتاج لقوة عصبية وبدنية وحالة اجتماعية خاصة جدا، وبالتأكيد لدي مسؤولية كبيرة للغاية. وأقول لكل امرأة أن تضع هدف أمامها تستطيع الوصول له بقدر ما يكون لديها الشغف والطموح لتستطيع الوصول مهما كانت المهنة صعبة.
لماذا ترفضين خوض تجربة دراما الفورمات التركية المُعربة مُنذ سنوات وحتى الآن؟
القصة ليست في رفض الأعمال التركية، لم تُعرض علي هذه النوعية من الأعمال ورفضتها أو اعتذرت عنها، لكن لا أرى نفسي بهذه النوعية من الأعمال بل أرى أنني سأكون بمكانة بعيدة عن شخصيتي الاخراجية من خلال هذه النوعية من الأعمال، وأرى أنني من خلالها سأكون منفذة أكثر من كوني مبدعة، لقد تعودت أن أكون ضمن الدائرة وصانعة لشيء ما، بالتأكيد هذا اللون أحبه كثيرا وأشاهده واستمتع به في بعض الأحيان لكن أشعر بأنني لن أبدع فيه ولن أكون مميزة به.
هل الإنتماء للمجتمع العربي والتعبير عن الواقع المُحيط عن إستيراد القصص الأجنبية هو ما تسعين إليه؟
أنتمي أكثر للمجتمع العربي لأن كل مجتمع يستطيع التعبير عن نفسه من خلال الصناعة الأصلية، ولكن هذا اللون له جمهور واسع وعريض وأثبت أهميته، وهذا اللون قد ينقل لنا ثقافات مختلفة أو يقوم بعمل خلط بين الثقافات وهذا الشيء مطلوب.
ماذا تقولين عن الثقافة المجتمعية والفكرية التي نشأتي بها ما بين أب سوري وأم مصرية؟
نشأت في عاصمتين من أعرق عواصم البلدان العربية، مصر أم الدنيا والفن، الحضارة والعراقة، وسوريا بحضارتها وثقافتها واختلافها، ولا أنكر فضل كل الخبرات العربية التي ألتقيت بها سواء في مصر أو سوريا وبيروت والمغرب العربي والخليج العربي، الانسان بالنهاية ككائن يتطور وتزداد خبرته بالحياة من خلال التعامل مع الآخرين والثقافات المختلفة وأفتخر بكوني نشأت بين هذا الخليط.
فيما يخص حياتك العاطفية، كيف واجهتي آراء الجمهور وتعليقاتهم حول زواجك من الممثل إبراهيم الشيخ مؤخرا ما بين المُباركة والتهاني وإقتحام حياتك الخاصة؟
الحمد لله على كل شيء، ودائما أتقبل كل الآراء والتعليقات بصدر رحب، أسعدتني كثيرا مُباركات الجمهور على زواجي، هم دائما السند لأي فنان، لم أكترث بأي من التعليقات السلبية، ولم أكترث أيضا لأي تدخلات، فأنا أرى أن الجمهور من حقه أن يكون على علاقة بالفنان أو المشهور من حيث المباركة في الأحداث السعيدة والتعليق على القصص الخاصة، لكن الحمد لله ما أستطيع قوله أنني لمست حب الناس من خلال الآراء التي وصلتني، وأشعر بأنني قريبة من الجمهور بكل مكان من خلال العلاقة القوية التي نشأت بيني وبين الجمهور منذ سنوات طويلة.
في النهاية، ما الجديد لديكِ من مشاريع فنية إخراجية جديدة؟
لدي مسلسل "نسمات أيلول"، من المُقرر البدء في تصويره قريبا، حيث نعكف حاليا على مرحلة التحضيرات الخاصة بالعمل، دراما اجتماعية لايت، تُناقش الحياة في الأرياف، حيث وقع الإختيار على التصوير بمناطق سورية كثيرة مُتفرقة، أسعى من خلال التصوير بهذه القرى لنقل جمال المناطق والطبيعة السورية، رغم الحرب والأوضاع الصعبة.