جورج خباز لـ "هي": حب الحياة والحرية وراء تقديمي مسرحية "خيال صحرا" في ظل الظروف الصعبة بلبنان
ممثل مسرحي من طراز فريد، يمتلك أدوات تمثيلية كبيرة، تؤهله أن يكون واحدا من أهم نجوم التمثيل في الوطن العربي، فضلا عن الكتابة والإخراج مما يُثري موهبته الكبيرة، التي بدأت في البزوغ مؤخرا على الصعيد العربي من خلال فيلم "أصحاب ولا أعز"، في الوقت نفسه يخوض تجربتين سينمائيتين عالميتين في الوقت الحالي، ويرى أنهما سيضعاه على طريق العالمية، هو واحدا من اللذين لديهم بصمات مهمة بالمسرح اللبناني خلال العقدين الأخيرين، وهو الأمر الذي أنشأ ثقة كبيرة بينه وبين الجمهور اللبناني حتى في الأوقات الصعبة التي يمر بها لبنان .. هو الفنان جورج خباز الذي يتحدث لـ "هي" عن مسرحيته الجديدة "خيال صحرا"، ويوضح لنا أسباب إختياره موضوع الحرب الأهلية اللبنانية لمُناقشته خلال أحداث المسرحية، إذ وصف العمل المسرحي بأنه دعوة للتماسك بين شرائح الشعب اللبناني، وأكد لنا خوض المسرحية عروضا جديدة خلال الفترة المقبلة ما بين الدول العربية والأوروبية، ويرد على الكثير من التساؤلات حول نجوم السينما والدراما، وعما إذا كانوا بحاجة لتنمية موهبتهم من خلال المسرح، وأسباب قلة أعماله السينمائية والدرامية مُقارنة بالمسرحية والكثير من التفاصيل يرويها لنا في المُقابلة التالية:
في البداية .. لماذا أصريت على تقديم مسرحية "خيال صحرا" في الوقت الراهن في ظل الأوضاع الصعبة التي يمر بها لبنان على عدة أصعدة؟
الدافع وراء ذلك، يتمثل في أنني لبناني حُر، مُحب للحياة، كأي لبناني، لطالما يتنفس في ظل الظروف الصعبة على عدة أصعدة، سواء على الجانب الإقتصادي، أو الحرب، المسرحية بالنسبة لي هي المخرج لتقديم عمل مسرحي للجمهور، في ظل الأوضاع الصعبة، مُتمثلة في الإرادة التي يتمتع بها الشعب اللبناني، من هذا المُنطلق أصريت على تقديم هذه المسرحية في هذا الوقت، لم يخذلني الجمهور الذي نتبادل الثقة منذ سنوات طويلة، في أن تكون كل عروض المسرحية كاملة العدد.
لماذا إخترت موضوع الحرب الأهلية لمناقشته بمسرحية "خيال صحرا" .. بصفتك كاتب ومُخرج المسرحية إلى جانب البطولة مع عادل كرم؟
أعتقد أن هذه الحقبة الزمنية، شهدت صراعات كبيرة، وقت الحرب الأهلية اللبنانية، إذ كان يقف الكثير من اللبنانيون على جبهات في مواجهة بعضهم البعض، المسرحية هي دعوة للترابط والتلاحم بين الشعب اللبناني، بغض النظر عن الجغرافيا والعقائد، أعتقد أن الحقبة الزمنية نفسها أثرت العرض المسرحي، من خلال موضوعه، الذي يروي قصة شخصان يتقاتلان على جبهات مُتقابلةـ يمران بظروف صعبة وقاسية خلال هذه الفترة.
ولماذا ترفض إعتبار "خيال صحرا" عملا مسرحيا سياسيا، على الرغم من مُناقشته حقبة الحرب الأهلية اللبنانية والتي بدورها تدخل فيها السياسة؟
أرفض إعتبار المسرحية كعمل مسرحي سياسي، لأننا ألقينا الضوء من خلال أحداث المسرحية، على قصة شخصية، وظروفهم الإجتماعية والنفسية خلال هذه الحقبة، لم نتطرق لأي أمور أو أحداث سياسية بالمسرحية، بل العمل إنساني في المقام الأول، كما أن ما جاء من أحداث وتواريخ خلال المسرحية، هو لنقل الواقع بدقة خلال هذه الفترة، وليس من أجل ربطها بالسياسة على الإطلاق.
ألم تتخوف من مُغامرة تقديم عمل ينقل تاريخ أصعب الحقبات الزمنية التي مرت بها لبنان، وخصوصا مع بعض الجدل حول الأحداث التاريخية بالأعمال الفنية بشكل عام؟
لم أضع في إعتباري من البداية، إلا نقل الأحداث بدقة مُتناهية، دون تزييف للتاريخ أو الترميز لأي قضية أخرى، بعيدا عن المحور الرئيسي للعمل، والذي يدعو للترابط بين الشعب اللبناني، إمتثالا بهذه الحقبة الزمنية الصعبة التي مر بها لبنان في السبعينيات من القرن الماضي، كان لدي أمانة مُنذ البداية في نقل هذه الحقبة بكافة أشكالها وتفاصيلها كما هي دون أي إضافات أو إقتصاص، الحمد لله مغامرة مميزة ومحسوبة، وسعدت للغاية بردود الأفعال حول هذا العمل المسرحي، وأتمنى أن يواصل العروض بالكثير من البلدان حول العالم.
كيف كانت إعتباراتك ما بين حُب المسرح وتحدي الظروف الصعبة وأوضاع المسرح العربي الراكدة منذ سنوات؟
المسرح هو أبوالفنون، وهو الوسيلة التي أستطيع من خلالها التعبير بصدق عن الرؤى والأفكار الفنية، حيث أتلاقى مع الجمهور وجها لوجه، لا مجال للمجاملات، بل التفاعل نلحظه ونحن نقف على خشبة المسرح، المسرح العربي لا يعيش ركود، هناك الكثير من المحاولات في أغلب الدول العربية، وبالنسبة لي المسرح هو أرقى أنواع التعبير، إعتباراتي في تقديم هذا العمل وسط تحديات كثيرة، كانت تصب بمنطقة الثقة التي نشأت بيني وبين الجمهور طوال سنوات طويلة.
ماذا تقول عن هذه الثقة من جمهور المسرح لك ولأعمالك المسرحية مُقارنة بالسينما والدراما والعائد الكبير من العمل بهما؟
هذا دليل محبة ووفاء وثقة من الناس، هذه الثقة لم يتم بنائها في يوم أو يومان، بل أنني صار لي أكثر من 25 عاما أعمل بالمسرح، إذ عملت لـ 17 عاما بشكل متواصل، حتى حلت جائحة كورونا، وتوقفنا من وقتها بشكل قسري، بسبب الجائجة، وإنفجار بيروت، والأزمات السياسية والاقتصادية، حينما عُدت لتقديم المسرح شعرت بأن الناس يشتاقون كثيرا للمسرح، وبالتحديد المسرحيات التي أُقدمها، لأنه يحاكيهم وتناقضاتهم وتساؤلاتهم وجدلياتهم، وهذا ما يجعل المسرح بالنسبة لي يعطيني نفس المردود، الذي تعطيه السينما والدراما.
هل ترى أن ممثلي السينما والدراما بحاجة للتمثيل في المسرح لتطوير قُدراتهم التمثيلية؟
ممثل المسرح يستطيع أن يكون في السينما والتليفزيون بكل أريحية، لكن ممثل السينما والدراما، ليس بالضرورة أن يكون ممثل مسرحي مهم، أعتقد أن المسرح هو الأساس في التمثيل، مثلما في الموسيقى، بأنه على الموسيقي أن يدرس الموسيقى الكلاسيكية، ليكون مُلم بكافة الفنون الموسيقية، كذلك في التمثيل، على الممثل أن يكون مسرحيا ليستطيع أن يتواجد في الدراما والسينما والمسرح بأريحية.
ما سبب قلة أعمالك السينمائية والدرامية دون العمل بالأفكار التسويقية التي تدعو للتواجد على الساحة بشكل متواصل؟
أعتبر نفسي انتقائي للغاية في السينما، حيث لا أتكل على السينما لأعيش، بل أنني أستاذ جامعي في الأساس، وفي الوقت نفسه دخلي الأساسي من المسرح، أعتبرها نعمة جعلتني أكون انتقائي أكثر بالسينما، أعمالي السينمائية قليلة، لكنها مؤثرة بالجمهور، مثل أفلام "تحت القصف" و "أصحاب ولا أعز" والمشاركة بكتابة فيلم "كفر ناحوم".
ما الجديد لديك من مشاريع فنية جديدة بعيدا عن المسرح؟
انتهيت من تصوير فيلم سينمائي ألماني جديد، مع الممثلة الالمانية هانا شيجولا، من أهم الممثلات الألمانيات، حيث أُقدم دور البطولة أمامها، من خلال شخصية رجل عربي، والفيلم بعنوان "يونان"، وباللغة الألمانية، وتم تصويره بالكامل في ألمانيا، لدي فيلم عالمي جديد، يتم تصوير في كندا فهو من إنتاج كندي، وأعتبر هذين العملين مهمين للغاية بالنسبة لي.
هل تقديمك للشخصية العربية بالسينما العالمية ستكون مرهونة بالصورة النمطية المُعتاد عليها في كثير من تجارب الممثلين العرب في الخارج؟
الفيلم يروي عن اسقاط مُعين، له علاقة بالعربي المهاجر، الذائع ما بين الوطن الاصلي والبديل، بالعكس صورة الشخصية العربية التي أُقدمها خلال أحداث الفيلم، ليست نمطية على الإطلاق، بل أنها تُقلي الضوء على الكثير من الجوانب الشاعرية لديى الرجل العربي والشرقي، لذلك أنا قبلت بتقديم الفيلم، لأنه يحكي عن مأساة الهجرة لدى الشباب العربي.
في النهاية .. هل تصف حضورك بالأعمال السينمائية الأجنبية بأنه خطوة لطريق العالمية؟
أتمني ذلك، أرى أنها بداية لدخولي خطوات عالمية سوف أخطوها خلال الفترة المقبلة، والإنطلاقة من هذين التجربتين، حيث إختلاف كل منهما عن الأخرى، لقد تحمست للغاية لخوض رحلة سينمائية جديدة من خلال الفيلم الألماني والكندي، وأتمنى أن يحظيا بنجاح كبير، وتكون بداية لخطوات عالمية أخرى في المستقبل.