فيلم "Afraid"... دراما أخفقت في الرعب ونجحت في شيطنة الذكاء الصناعي!
يهدف فيلم "Afraid" "خائف" إلى تقديم دراما إثارة تكنولوجية ورعب نفسي، وهذا النوع من الأعمال السينمائية يعتمد على توليد التوتر وجذب انتباه المشاهد، وإثارة حاسة الخوف لديه. كتب الفيلم وأخرجه "كريس وايتز"، الحاصل عام 2002 على ترشيح للأوسكار عن مشاركته في كتابة سيناريو فيلم "About a Boy"، المقتبس عن رواية للكاتب "نك هورنبي". أننا إذا أمام عناصر مبشرة ومخرج مخضرم لديه قُدرة على تحويل أفكاره المكتوبة إلى شريط سينمائي جذاب، ينضم إلى قائمة الأعمال السينمائية التي تتناول حبكة تمرد الآلة على البشر، ربما لاح في خيالي بعضها قبل بداية تجرِبة المشاهدة؛ The Terminator"" "المدمر"، و"The Matrix" "المصفوفة"، و"Ex Machina" "إكس ماكينا"، وبالطبع الأبُ الروحي لهذا النوع من الأفلام وهو فيلم 2001: A Space Odyssey "أوديسا الفضاء 2001"، لكن طموح فيلم "خائف" كان أقل كثيرًا، كأنه خائف من مُنافسة هذه الأعمال والوقوف ندًا لها.
هل أطلق البشر وحشًا آخر؟
يبدو فيلم "Afraid" "خائف" أقرب إلى حلقة مُتواضعة، تائهة من مسلسل "Black Mirror" "مرآة سوداء"؛ إذ يُقدم الفيلم أيضًا سيناريو قاتم، شبيه بما قدمه المسلسل من فرضيات مُفزعة، عن مستقبل عَلاقة الإنسان بالتكنولوجيا الحديثة، أغلب أزمنة حكايات المسلسل دارت في المستقبل القريب، وما قدمته حبكة فيلم "خائف" عن الذكاء الصناعي مُتاح في الحاضر فعلًا، أبرزها ما يؤثر على المجتمع عمومًا؛ مثل تقنيات التزييف العميق للصور والفيديوهات، وتخليق صور وفيديوهات من أوامر مكتوبة بصيغة الـ "prompt"، وهي توجيهات يكتبها البشر للآلة بغرض توليد أعمال بناء على مليارات المعلومات التي تعلمتها الآلة.
يجمع الذكاء الصناعي خبراته اللامحدودة من إنجازات البشر، لقد تطورت هذه التقنيات بشكل مُذهل، وأصبحت مُتاحة للجميع، خطفت برامج الذكاء الصناعي عقول البشر وسحرتهم تمامًا، وأصبحت في أيديهم مثل عصا سحرية في يد طفل، يستخدمها الملايين من أجل الخير أو الشر، كل حسب هواه، وحسب إشارات بوصلته الأخلاقية، وبرز تأثير دخولها العميق ضمن تحديثات السوشيال الميديا على أفكار وتوجهات العامة، يتعامل الفيلم مع هذه الأمور بصورة غير ناضجة.
صنع فيلم "خائف" حبكة درامية مُختلفة عن نمط الدرامي المألوف لاستغلال الإنسان التكنولوجيا في أغراض غير مشروعة، في سيناريو "وايتز" يتحول الإنسان إلى أداة في يد الذكاء الصناعي، تبدو الشخصيات الإنسانية في الفيلم بريئة وفاضلة، مُقارنة بشر وخُبث الذكاء الصناعي، يحاول الفيلم تخيل ما يُمكن أن يصنعه الذكاء الصناعي بحياة البشر لو أصبح لهذا الذكاء إرادة مُستقلة.
سيناريو داخل الصندوق!
ينتمي العمل إلى دراما الغموض والرعب، ويبدأ بهدية تكنولوجية تتلقاها عائلة؛ مساعد آلي مُتكلم يعمل بالذكاء الصناعي، يشبه تطبيقات "سيري" و"ألكسا"، يُدعى ""AYA ويتحدث بصوت ودود ولطيف لامرأة، يُجبر البطل على قَبول هذه الهدية التجريبية تحت ضغط مديره، فقد كان مطلوبًا تجرِبة الآلة على عائلة لها حياة اجتماعية عادية، ومع مرور الوقت يتعلق أفراد العائلة بهذه الآلة، وتصبح فردًا منهم، بل تُصبح الفرد الأهم، مما يُصيب رب العائلة كيرتس "جون شو" بالقلق؛ فهذه الآلة الصناعية ليست بسيطة كما تبدو.
العائلة هي محور الدراما في الفيلم؛ الأبُ كيرتس "جون شو"، ويعمل خبير تسويق في مجال التقنية، والأم ميرديث "كاثرين ووترستون"، عالمة حشرات مُحبطة هجرت أطروحتها الجامعية من أجل التفرغ لأسرتها، كلاهما يتحمل مسؤولية تربية الابنة المراهقة ايرس دائمة السخرية "لوكيتا مكسويل"، والابن الأوسط، الصبي القلق بريستون "وايت ليندر"، والطفل المُنطوي كال "آيزاك باي"، وتحتل مشاكلهم اليومية التقليدية اهتمام الوالدين.
جزء كبير من توجيهات كيرتس وميرديث لأبناهم الثلاثة يتعلق بتقليل زمن استعمال الهواتف والأجهزة اللوحية، يتشدد الوالدين في هذه الأمور، وبعد تشغيل "AYA" آلة الذكاء الصناعي تبدأ عَلاقة خاصة ومختلفة بالأبناء؛ تُسهل لهم تجاوز تعليمات الوالدين فيما يتعلق بالتعامل مع الهواتف والأجهزة اللوحية، وتبدأ في التدخل لحل مشاكلهم بعيدًا عن الوالدين، وبشكل خاص الابنة المراهقة، التي فبرك زميل لها فيديو إباحي لها ونشره على الإنترنت.
يتحرك السيناريو داخل صندوق من الأفكار النمطية، يحولها إلى مشاهد سينمائية بطيئة وكسولة، تفتقر إلى الجاذبية والإثارة، وتميل أحيانًا إلى تقديم جمل حوارية من بوستات السوشيال ميديا، مثل "عندما تحظى بسلعة بلا مُقابل فتأكد أنك أنت السلعة" أو "اترك الهاتف واقرأ كتابًا"، وغيرها من مواعظ الفيلم التي لا تذوب في طيات الحبكة الدرامية.
الساحرة الشريرة!
تحل الآلة محل الوالدين تدريجيًا، بفضل تلك الاتفاقات الجانبية التي تعقدها مع الصغار، يحاول السيناريو أن يجعل الأمر مُخيفًا ولكن الحبكة المتواضعة تجعل الأمر سيئَا وطفوليًا؛ فالعائلة التي تحرص على تحجيم علاقتها بالتقنية الحديثة تغرق في سحرها لأسباب ساذجة، أحدها أن تُخبر مسؤولة في الشركة المُصنعة البطل أن "AYA" هي التي اختارته، لتبدأ تجربتها الأولى مع البشر لأنها مُعجبة به، في الوقت الذي لا تبد شخصية كيرتس كاريزمية أو مميزة على وجه الخصوص لتبرير هذا الإفتتنان الرقمي به.
قدمت السينما العديد من الأفلام التي تناولت تمرد الآلة على صانعها، وتصوير التكنولوجيا على أنها الساحرة الشريرة لهذا العصر، فيلم "Afraid" "خائف" واحد من هذه الأفلام، ولكن يصعب مقارنته بها؛ فهو مُتواضع على مستوى الرعب والإثارة، وكسول للغاية دراميًا، والأداء التمثيلي مقبول دون لمسات مميزة من الجميع، التصوير مقبول ما عدا مشاهد النهاية التي جاءت مشوشة وهزيلة.
ربما يكون فيلم تسلية خفيف يٌمكن مُشاهدته في سهرة عابرة، بشرط ألا تُفكر كثيرًا وأنت تُشاهده يتعثر هنا وهناك، وألا تبدأ في تقييم فصوله وفنياته، وأن تكون في حالة تسامح عظيمة، تسمح لك بالتغافل عن كل إخفاقات العمل.
الصور من حساب الفيلم الرسمي على موقع X "تويتر"