سلمى وقمر

خاص "هي": رسالة مهرجان البحر الأحمر - "سلمى وقمر".. لمحات مليئة بالمشاعر من سيرة استثنائية عن مدينة جدة وناسها في الثمانينيات

محمد عبد الرحمن
9 ديسمبر 2024

غابت المخرجة عهد كامل عن العرض الأول لفيلمها " سلمى وقمر" بمهرجان البحر الاحمر بسبب الحمل، وغيب الموت من قبل سائقها "محي الدين" الذي أهدت له الفيلم، لكن عهد  ومحي الدين حضرا بالفعل من خلال الشريط نفسه الذي قدم علاقة نادرة بين فتاة سعودية وسائقها مستوحى من طفولة وشباب المخرجة السعودية بشكل يدفع بتصنيف الشريط إلى اتجاهين يمكن دمجهما في اتجاه واحد، الأول فيلم إجتماعي عن علاقة استثنائية بين فتاة سعودية وسائقها والثاني سيرة ذاتية لمخرجة سعودية تحكي فيها عن بدايات التكوين وكيف كانت طفولتها في جدة قبل 30 عاما.

f
سلمى وقمر

يبدأ فيلم "سلمى وقمر" من تعيين السائق" قمر" ليقود سيارة "سلمى" تلميذة الإبتدائية إلى مدرستها كل يوم، الهدف الرئيس لتعيين "قمر" كما يقول الأب هو التوصيل وضمان حماية سلمى التي تتميز بشقاوة مفرطة، لكن ما حدث لاحقا أن "قمر" كان الملاك الحارس والأب الموازي لسلمى التي عاشت تفتقد وجود الأب مدمن العمل، وحنان الأم الذي حملت مأساة فقدان الابن الأول بدخلها لعقود وكلفت "سلمى" قيودا عدة لم تفهمها الإبنة إلا بعد فوات الأوان.

إقرأ أيضًا: عهد كامل تقدم "سلمى وقمر" للعالم في مهرجان البحر الأحمر السينمائي

المخرجة تقدم فيلما متعدد الأوجه

يحمل الفيلم إذن عدة أوجه، أولا يقدم علاقة لم نراها من قبل في الدراما العربية، بين الإبنة والسائق، صحيح أن عهد ناورت المتفرج أحيانا وجعلته يشعر أن قمر يحب المراهقة سلمى، لكن تدريجيا نكتشف أنه يعوض معها مشاعر الأبوة التي افتقدتها ببقاء ابنته الحقيقية "ناهد" في الخرطوم، ارتبط "قمر" إذن بسلمى منذ اليوم الأول، وهي الفتاة التي تتميز بسمات تجعل الكل يحبها وينبهر بنشاطها وولعها باكتشاف الأشياء، لكن عندما تكبر وتقع في الحب الأول وتستغل غياب الرقابة الأبوية لتدعيم علاقتها بـ"وليد" يقف لها "قمر بالمرصاد فتضطر للثورة عليه قبل أن تجد نفسها وحيدة وتعيد تقييم مواقف حياتها من جديد.

ما سبق هو الوجه الأول للفيلم، تلك العلاقة النادرة بين السائق وسلمى، لكن وجوه أخرى تكشف عنها عهد كامل أبرزها مظاهر الحياة الإجتماعية في جدة خلال الثمانينات، وكيف كان الشباب يهربون من الرقابة الأبوية، وكواليس الحفلات الخاصة التي كانت تجمعهم، الأغنيات العالمية التي يلتفون حولها، والوجه الأهم العلاقة بين أصحاب المنزل والخدم وكيف كانت تتحول تدريجيا لعلاقة عائلية حقيقية بمرور السنوات وإطمئنان النفوس لبعضها البعض. 

f
فيلم  سلمى وقمر

سلمى ووليد وبينهما قمر 

عاب الفيلم التطويل في بعض المشاهد، خصوصا في الجزء الأخير بعد وفاة الأب، لكنه حمل في الوقت ذاته الكثير من المواقف والمفارقات التي نالت استحسان الجمهور في جدة التاريخية حيث تعرض أفلام المهرجان، لمس الفيلم المتفرجين الذين عاشوا المرحلة التي وثقتها عهد كامل من خلال سلمى وقمر وبينهما وليد الفتى المراهق الذي أهدى حبيبته "توكي وكي" كوسيلة غير متوقعة وقتها للتواصل من خارج أسواربيتها لكن "قمر" ظل له بالمرصاد قبل أن تمنعه "سلمى" من التدخل في حياتها في واحد من أقوى مشاهد الفيلم.

f
مشهد من  سلمى وقمر

قام بدور "قمر" الممثل السوداني مصطفى شحاتة بطل فيلم "ستموت في العشرين" ورغم أنه لم يبلغ الثلاثين بعد لكنه أقنعنا على الشاشة بتقدمه في العمر، فيما قدمت رولا دخيل الله شخصية "سلمى" ويمكن القول أنها اجتازت التجربة السينمائية الأولى لها بنجاح بعد ظهور خاطف في أفلام قصيرة، فيما شارك أيضا في بطولة الفيلم قصى خضر وأمجد أبو العلا ورنا علم الدين ومشعل تامر.

My Driver & I، هو الإسم الإنجليزي للفيلم والذي عرفه القراء به قبل نحو عام وقت التصوير، يبدو الاسم أكثر مناسبة للأحداث التي تدور حول الفتاة وسائقها، فيما الاسم العربي "سلمى وقمر" أكثر مرواغة كأنه يعكس قصة حب رومانسية، لكنها في الحقيقة علاقة حب أبوية نادرة يستحق صاحبها الأصلي السائق الراحل "محي الدين" أن توثق باسمه على شاشة السينما. 

إقرأ أيضًا: ترحيب مميز لفيلم "سلمى وقمر" على السجادة الحمراء بمهرجان البحر الأحمر

f