جيسيكا تشستاين

خاص "هي" مهرجان برلين السينمائي 2025- فيلم "Dreams" لميشيل فرانكو عندما قابل الشاطر حسن الحسناء الأميركية

أندرو محسن
17 فبراير 2025

ميشيل فرانكو هو أحد أبرز صناع السينما المكسيكية في العصر الحالي وأكثرهم غزارة. ربما كان الثلاثي الأشهر: أليخاندرو جونزاليس إنياريتو، وجييمرو دل تورو، ألفونسو كوارون، هم الأبرز عندما نتحدث عن السينما المكسيكية المعاصرة، ولكن فرانكو يتميز بما يقدمه من نظرة قريبة للأوضاع الاجتماعية والسياسية في المكسيك، وهو في هذا يتبنى عادة نظرة سوداوية واضحة، ربما كان حضورها الأبرز في فيلم "نظام جديد" (New Order) الذي حصل عنه على جائزة لجنة التحكيم الكبرى من مهرجان البندقية.

 فرانكو الذي يتواجد بفيلمه الأحدث "أحلام" (Dreams) ضمن مسابقة مهرجان برلين السينمائي الدولي للمرة الأولى، يواصل للفيلم الثاني على التوالي تعاونه مع الممثلة الأمريكية جيسيكا تشستاين، في قصة ينتقل خلالها بين الولايات المتحدة والمكسيك، إذ نتابع العلاقة بين سيدة الأعمال الأمريكية شديدة الثراء جينيفر مكارثي (تشستاين) وراقص الباليه المكسيكي الشاب فرناندو (إيزاك هرنانديز) الذي تعرفت عليه خلال جولتها في المكسيك لافتتاح مشروعاتها الخيرية. تتعقد الأمور بينهما عندما يقرر فرناندو اجتياز الحدود إلى أمريكا بشكل غير قانوني ليبقى معها، ويحترف الباليه هناك.

فيلم "أحلام" (Dreams)
"أحلام" (Dreams)

القصة شديدة الوضوح، تُشبه حكاية الشاطر حسن الشهيرة، الفقير الذي أحب الأميرة، وحاول أن يتحدى الصعاب ليكلل حبهما بالزواج رغم الفارق المادي والاجتماعي بينهما، لكن الواقع ليس حالمًا مثل قصص ما قبل النوم تلك، وهو بالتأكيد ليس حالمًا في أفلام فرانكو.

ما يبدو في البداية قصة حب مشتعلة، ينكشف مع الوقت أنه ليس حبًا خالصًا، على الأقل من جهة جينيفر التي تُشبع رغباتها الجسدية من خلال فرناندو، لكنها ليست على استعداد لتحدي أهلها والمجتمع لتبقى معه. وبينما نراه هو يخاطر ويسافر بشكل غير قانوني إلى أمريكا ليلتقي بها، فإن بقاؤه بجانبها لم يكن الهدف الوحيد من هذه الهجرة، بل هو يحلم بأن يصبح راقص باليه محترفًا في الولايات المتحدة. أعطت هذه الأبعاد مسحة واقعية على كلتا الشخصيتين، ففي النهاية هل توجد علاقة حب نقية تمامًا؟ وفي حين بدت شخصية جينيفر أكثر وضوحًا وقابلية لتفهم دوافعها، حتى وإن اختلفنا معها، فإن بعض التغيرات التي مرت بشخصية فرناندو لم تكن على منطقية تمامًا، خاصة في الفصل الثاني من الفيلم عندما يقرر التصالح معها دون مقدمات، مما أدى إلى اختفاء فتاة مكسيكية قد تعرف عليها في أمريكا فجأة ودون أن نعلم ما حدث لها.

فيلم "أحلام" (Dreams)
"أحلام" (Dreams)

قبل أن يأتي الفصل الأخير الذي كان الأفضل بشكل ملحوظ، حتى إنه رفع من المستوى العام للفيلم. ففي هذا الفصل نصل إلى مرحلة المواجهة بين الشخصيتين، كل منهما يلقي بأوراقه كاملة، هي تتسلح بنفوذها وسطوتها، وهو يتمسك بأحلامه في أن يصبح راقصًا محترفًا، وما يمثله هذا الاحتراف من قيمة معنوية له قبل أي شيء، يسقط الحب، وتبقى بقية المشاعر. وأفضل ما قدمه ميشيل فرانكو هو أنه لم يجعل من الشاب المكسيكي ضعيفًا أو ضحية بالكامل أمام الأمريكية، بل منحه القدرة على مواجهتها ولو بقدر ضئيل، ولكن كما هو الوضع في أغلب أفلامه، فإنه ينحاز إلى النهايات الواقعية.

جيسيكا تشستاين
جيسيكا تشستاين

"أحلام" ليس فيلمًا طموحًا بشكل خاص في مسيرة المخرج، لكنه فيلم يشبه جدًا الوضع السياسي الراهن المتوتر. فطوال الفيلم نتساءل، هل كانت جينيفر ستمارس نفس السلوك لو الطرف الآخر أمريكيًا، حتى لو كان بنفس الظروف؟ أم أن كونه من المكسيك ساهم في استضعافها له؟ ويبدو أن الميل للوضوح والمباشرة سنجدها في عدة أفلام هذا العام، شاهدناها في فيلم المخرج الكوري بونج جون هو "ميكي 17" (Mickey 17)، ثم في فيلم ميشيل فرانكو، وقد يتأكد هذا من خلال أفلام لاحقة.

الصور من الموقع الرسمي لمهرجان برلين.