Silo

مسلسل "Silo".. جمال الأسطورة في سجن الغموض والسرد المتعثر!

إيهاب التركي
23 فبراير 2025

داخل عالم مغلق يعيش البشر تحت الأرض في بنية عملاقة متعددة الطوابق تُعرف باسم "سايلو" "Silo"، حيث يمتد هذا المبنى العملاق عبر أعماق الأرض كأنه مدينة متكاملة. مرّت مئات السنين على وجودهم هناك، والدرجات اللامتناهية هي الوسيلة الوحيدة للتنقل بين الطوابق المتعددة. التكنولوجيا الحديثة محظورة تمامًا، والحديث عن الماضي أو اقتناء أي آثار من العالم القديم يعد جريمة كبرى. أما مجرد التفكير في الخروج من هذا المكان، فعقابه هو الطرد إلى الخارج، حيث ينتظر الموت المحقق كل من يغامر بذلك.

البحث عن إجابات!

بدأ الموسم الأول من المسلسل بتقديم استهلال قوي لهذا العالم الغني بالتفاصيل، مستعينًا بديكور دقيق وتصوير محكم يعكس أجواء هذا العالم القاتم. المشاهد كان بإمكانه رؤية العالم الخارجي فقط من خلال كاميرا خارجية تنقل صورة واحدة ثابتة: مساحة صحراوية قاحلة وتل صغير لا أحد يعرف ماذا يخفي خلفه. ولم يكن هناك من عاد من الخارج ليروي ماذا يحدث هناك.

مسلسل "Silo"
مسلسل "Silo"

استخدمت شخصية "جولييت" (التي أدتها ريبيكا فيرجسون) ذكاءها وشجاعتها للخروج من الصومعة الأم والوصول إلى صومعة مجاورة، كانت شبه مهجورة ومدمرة بعد تمرد سكانها وخروجهم الجماعي إلى الهواء الطلق الملوث. في هذه الصومعة الجديدة، تبحث جولييت عن إجابات، حيث تلتقي بشخص غريب الأطوار يدعى "سولو"، تعرف أنه شخصًا حقيقيًا، لكنه يظن أنها مجرد هلوسات يتخيلها. داخل هذه الصومعة المدمرة، تحاول جولييت فهم الحقيقة، لكن يبدو أن هذه الصومعة لن تقدم لها إجابات واضحة، بل إن مصيرها يحمل تحذيرًا واضحًا لسكان الصومعة التي جاءت منها: الخروج ليس آمنًا.

مسلسل "Silo"
مسلسل "Silo"

مزيد من الغموض!

كان هناك أمل بأن ينقل خروج جولييت من الأجواء الخانقة إلى العالم الخارجي المسلسل إلى فضاء أكثر انفتاحًا وأقل قتامة. لكن ذلك لم يتجاوز مشاهد قليلة، لتعود جولييت إلى أجواء الصومعة ذاتها، مع مخاطر متزايدة وإمكانات أقل في صومعة دمرها التمرد. رافق الانتقال إلى الموسم الثاني مزيد من الغموض والقتامة، مع أسئلة إضافية. على عكس الموسم الأول، جاء الموسم الثاني أكثر ترهلاً وضعفًا في السرد؛ إذ قدم إجابات قليلة واستغرق وقتًا طويلاً للوصول إليها. لم تُضف رحلة جولييت في الموسم الثاني سوى المزيد من الحفر العشوائي بحثًا عن حقيقة عالم "سايلو" البائس.

مسلسل "Silo"
مسلسل "Silo"

في المقابل، شهدت الأحداث داخل الصومعة الأصلية تصاعدًا في التوتر والتشويق. بدأ المشاهد يتعرف أكثر على شخصيات لم تحظَ بمساحة كافية في الموسم الأول، مثل مارثا كبيرة المهندسين، ونوكس وشيرلي، وقائد الأمن وزوجته، وغيرهم ممن تولوا إدارة الصراع الداخلي. يتأجج هذا الصراع بين قطاع شعبي على وشك الانفجار، يتوق للخروج من صومعة تتهاوى، وبين قائد الصومعة (تيم روبنز)، الذي يسعى، بمساعدة الأمن والقاضية، لاستعادة الهدوء وإخماد التمرد.

مسلسل "Silo"
مسلسل "Silo"

أقنعة الشر!

المسلسل مقتبس من روايات "هيو هاوي"، وفي موسمه الثاني حاول تعميق الغموض ليصل إلى صدمة ختامية. لكن مشكلته، التي برزت منذ الحلقة الأولى، كانت عجزه عن تطوير ذروة الموسم الأول – خروج جولييت – نحو كشف أسرار الصوامع المبنية في الصحراء وحقيقة وجودها. يبقى أداء ريبيكا فيرجسون الآسر أحد أقوى عناصر العمل، إلى جانب شخصيات مثل سولو ومارثا، الأكثر حيوية وتأثيرًا. في المقابل، جاء أداء الشرطي الماكر سيمز (كومن وول) دون المستوى، فلم يعكس تعقيد الشخصية. أما بيرنارد (تيم روبنز)، الحاكم الفعلي للصومعة، فتراوح أداؤه بين الهدوء الظاهري والشر المطلق المستتر خلف قناعه، دون تردد في فعل أي شيء لتحقيق أهدافه.

أسهمت الحوارات الطويلة وغير المؤثرة في إصابة بعض الحلقات بالبطء والملل. ورغم توسع الحبكة وتوزعها بين مكانين، وتصاعد أحداث التمرد، إلا أن ذلك عانى من تردد ودوران في حلقة مفرغة.

مسلسل "Silo"
مسلسل "Silo"

قمع المعرفة ووهم الأمان!

من أبرز أسئلة المسلسل فكرة وجود صوامع متجاورة، منفصلة عن بعضها، مع تعمد إبقاء كل مجتمع جاهلاً بالآخر – فكرة فلسفية طُرحت دون تعمق. تُدار الصومعة بنظام طبقي جائر؛ يعيش الفقراء في الطوابق السفلية القاتمة، يكتفون بالحد الأدنى للبقاء، بينما تتمتع النخبة بحياة أفضل في الطوابق العليا الأكثر إشراقًا ورفاهية.

الصومعة ليست ملاذًا بشريًا يحمي الناجين من خطر خارجي، بل جحيم مستدام تقبله الأغلبية رضوخًا، ورفضته أقلية دفعها الفضول للبحث عن إجابات. يصور العمل سيطرة النخبة على المعرفة كأداة لقمع المجتمع، عبر تسويق وهم الأمان لإبعاده عن التطلع لحياة مستقلة. رغم أن الحبكة في الموسم الثاني كانت متعبة وأضعف من الأول، إلا أن العمل احتفظ بجاذبية وتشويق، مع وعد بكشف المزيد في الموسم القادم.

مسلسل "Silo"
مسلسل "Silo"

الصورة من صفحة المسلسل على موقع "X".