خاص "هي"- ما بين المطاردات الأسطورية والحرائق.. مصممو معارك دراما رمضان يكشفون كواليس صناعة مشاهد "الأكشن"
"لا نفعل ما نفعله ابتغاء ثراء أو شهرة.. يمكن لكبارنا تقديم خبراتهم لكنهم لا يستطيعون منحكم الشهرة والمال، بعض الناس يطلقون علينا اسم الكومبارس، والبعض الآخر يطلقون علينا اسم المجازفين، لكننا ممثلون حقيقيون بغض النظر عما يقوله الناس، عملنا هذا هو مصدر الفخر الوحيد لنا.. قد نصبح معاقين أو حتى نتعرض لخطر الموت من أجل هذا الفخر".
خلال ذلك المشهد الذي عرض ضمن أحداث الحلقة الثانية من المسلسل الكوري "الحديقة السرية" الذي تم إنتاجه عام 2010، والذي يعرض حاليا عبر منصة "نتفليكس"، تحدث صناع العمل بلسان حال منفذي المعارك والمشاهد الأكشن في العالم.
تلك المشاهد التي تشعل حماس مشاهديها والتي لا تتعدى مدتها على الشاشة دقائق معدودة، تُخفي ورائها الكثير من الجهد والتحضيرات التي ربما تستغرق ساعات طويلة أو أيام، ومع قرب حلول الموسم الدرامي لرمضان 2025، نجد أن أغلب البروموهات الرسمية لمسلسلات هذا العام تشوق الجمهور لعدد كبير من مشاهد الأكشن المتنوعة، والتي تم تنفيذها بواسطة الأبطال الأصليين للعمل أو بالاستعانة بمنفذي معارك محترفين.
"سيد الناس"
من أبرز الأعمال التي ينتظرها البعض خلال رمضان 2025، مسلسل "سيد الناس" للمخرج محمد سامي، حيث يظهر خلال البرومو الرسمي للعمل الفنان عمرو سعد، وهو يؤدي العديد من مشاهد الأكشن، وفي تصريحات خاصة لمجلة "هي" كشف مخرج الأكشن العالمي عاصم الصاوي، أن العمل يتضمن حوالي 7 أو 8 مشاهد أكشن أغلبها اشتباك بين بطل المسلسل وآخرين.
وأكد "الصاوي" أن 80% من هذه المشاهد كان تنفيذها صعبا للغاية نظرا للتدريبات والتحضيرات التي تطلبتها، موضحا أن "سعد" كان يتدرب خلال 4 أيام لمدة 5 ساعات قبل كل مشهد وذلك ليظهر على الشاشة 30 ثانية على الأقل، بجانب التحضير للمشهد ذاته مما يجعل المدة ككل تستغرق أسبوعا كاملا، لافتا إلى أنه كان هناك مشهدين يتسمان بالصعوبة، نظرا لأن "سعد" صمم على تنفيذهما بنفسه رغم نسبة الخطورة الكبيرة، من بينها انفجار خلال الأحداث وآخر تضمن تكسير زجاج متطاير وتم تصويره على مدار 15 ساعة.
وكشف المخرج الصاعد ومنفذ المعارك بلال سويلم، في تصريحاته لـ "هي" أنه كان أحد المشاركين في تنفيذ ذلك المشهد الذي استمر 15 ساعة، حيث من المنتظر أن يظهر على الشاشة وهو يشتبك مع عمرو سعد، الذي يدفعه ليسقط على إحدى الفتارين الزجاج وهو ما كان يشكل خطورة كبيرة عليه وعلى المحيطين بسبب تطاير الزجاج وسقوطه عليه، إلا أنه أكد أن فريق العمل حرص على أن يكون هناك وسائل أمان كبيرة للممثلين، وأنه ارتدى خلال التصوير "سيفتي" للظهر والأكواع.
وأشار "الصاوي" مخرج المشهد إلى أنه من ضمن وسائل التأمين المعتادة، فإن فريق العمل يقوم ببعض الحسابات ليضع الكاميرا في زاوية معينة، ويتم وضع الزجاج المزود بكبسولات انفجار في زاوية محددة أيضًا لتتطاير الشظايا عكس اتجاه الممثل.
من ناحية أخرى، قال جمال جيمي، مصمم المعارك، في تصريحاته لـ "هي" إنه يعمل على تأمين الممثل بكل الوسائل الممكنة، فإذا كان على ارتفاع لا بد من استخدام "الوايرات"، وإذا كان واقفا على الأرض فجيب أن يرتدي "سيفتي" أسفل ملابسه بجانب تأمين الأرض ذاتها بواسطة مراتب وغيرها من أدوات الأمان، وإذا ظهر وهو يسقط على طاولة أو يتم ضربه بعصاة فإن هذه الأدوات يجب أن تكون مصنوعة من مواد غير حقيقية، هذا بجانب أن يكون منفذ المعارك ذاته متخصص فيما يشارك فيه، فإذا كان المشهد تطلب السقوط من على ظهر الخيل فلا بد أن يكون راكبا جيدا للخيل في الأساس، وإذا كان المشهد عبارة عن السقوط في بحر فيجب أن يكون متخصصا في الأكروبات تجنبا لسقوطه بشكل خاطئ، ولديه مهارة كبيرة في السباحة، أما المعارك التي تكون على الأرض يتميز منفذيها بأنهم يتدربون على الفنون القتالية ولديهم سرعة استجابة للتصرف بشكل احترافي مع كل حركة.
"حكيم باشا"
فيما تحدث منفذ المعارك عبد الرحمن فيكتور، عن كواليس مشاركته في مشهد سقوطه من على ظهر الخيل خلال تصوير مسلسل "حكيم باشا" الذي يقوم ببطولته الفنان مصطفى شعبان، حيث قال إن صعوبة ذلك المشهد تكمن في طريقة تنفيذه، إذ أن الخيل يجري بسرعة بطبيعة الحال ولا بد من أن تكون القدم مثبتة جيدا في السرج، إلا أنه من الصعب إفلات القدم منه في اللحظة التي تريد فيها الوقوع، لذا فإنه يتعين علي أن أكون مدركا تماما للتوقيت الذي أقوم فيه بإفلات قدمي بجانب تركيزي على سقوطي واستقبال الأرض بجانب الحصان سواء من يساره أو يمينه حتى أتفادى الوقوع أمام أقدامه، وفي النوعية من المشاهد يحرص صناع العمل على تأميننا بشكل جيد، لكننا في كل الأحوال مدربين باحترافية شديدة تساعدنا على تنفيذ المشهد حتى وإن لم يكن هناك تأمين في الأساس لأن هذا هو تخصصنا وما تدربنا عليه، وبالنسبة لي فكلما زادت الخطورة كلما زادت المتعة، وأشعر بأنني أثبت مدى احترافيتي التي توضح الفرق بيني وبين أي شخص آخر.
"جودر"
ولفت "جيمي" إلى أنه شارك في موسم رمضان 2025 من خلال تصميم مشاهد الأكشن في ثلاث أعمال هي "جودر"، "حياة أو موت"، "أشغال شقة"، لافتا إلى أن المسلسل الأول هو الأصعب نظرا لتضمنه على العديد من المعارك الحربية القديمة التي تطلبت استخدام الخيول والسيوف، وأغلبها كان لا بد فيه من استخدام "الوايرات" لأن الأحداث أسطورية، حيث يوجد تنانين طائرة على سبيل المثال.
فيما أوضح أن المعارك في الجزء الثاني من "جودر" أكثر بكثير من الأول، ومن بين الصعوبات التي واجهتهم هو اشتباك عدد من الممثلين كبار السن في المعارك غير متخصصين في الأكشن ولا يمتلكون لياقة بدنية مناسبة وهو ما وضع على كاهلهم عبء ظهورهم خلال المشهد بصورة جيدة، هذا بجانب وجود مشاهد أخرى خطيرة تضمنت انفجار القلعة واحتراق أشخاص، وهو يعد من أكثر المشاهد صعوبة خاصة وأنه تم الاستعانة فيه بـ 35 منفذ معارك ظهروا بين المجاميع، بالإضافة إلى أنه تم التحضير له لمدة أسبوع قبل انطلاق التصوير الذي استمر إلى ثلاث أيام مما جعل إجمال مدة العمل على هذا المشهد 10 أيام، وذلك بخلاف مشاهد الاشتباك العادية التي يستغرق تحضيرها يومين تقريبا.
كما أكد أن الفنان ياسر جلال، حرص على تنفيذ أغلب مشاهد الأكشن بنفسه، واستعان بدوبلير في مشاهد محدودة جدا، مشيرا إلى أنه إذا كان تفاصيل العمل في حدود قدرة الممثل فإنه من الأفضل أن يتم تنفيذه بالممثل نفسه بدلا من الدوبلير.
"ولاد الشمس"
ويرى "الصاوي" أن إقدام بطل العمل على تنفيذ مشاهد الأكشن الخطرة بنفسه، ما هي إلا احترافية منه وثقة كبيرة بالنفس، وتعكس مدى الجهد الذي يبذله في التدريبات الشاقة، وكشف أن 90 % من مشاهد مسلسل "ولاد الشمس" تم تنفيذها بواسطة الأبطال أحمد مالك وطه دسوقي، وأغلبها عبارة عن القفز من أعلى مباني وركوب درجات نارية، وتم فيها الاستعانة بـ "الوايرات"، مشيرا إلى أن "مالك" كان يتدرب جيدا وإذا ركز على الأكشن فإنه سيكون له مستقبلا كبيرا.
"الأميرة- ظل حيطة"
وكشف بلال سويلم، أنه كان أحد منفذي المعارك المشاركين في "ولاد الشمس"، حيث شارك في مطاردة جسد خلالها دو ضابط يلاحق أبطال العمل، وبجانب هذا العمل قال إنه نفذ أيضًا مشهد خطير في مسلسل "الأميرة - ظل حيطة" لياسمين صبري، وكان عبارة عن حادث ظهر خلاله وهو يصطدم بسيارة، لافتا إلى أنه ارتدى خلال هذا المشهد "سيفتي" لتأمين الجسم، كما قام بعمل العديد من الإحماءات لتفادي صدمة السيارة واستقبال الأرض بشكل احترفي.
"النُص"
كما تحدث "فيكتور" عن حادث السير الذي نفذه خلال مسلسل "النُص" لأحمد أمين، حيث قال إنه كان بديلا للفنانة أسماء أبو اليزيد، والصعوبة في تنفيذه هنا كان نتيجة أن موديل السيارة ذاتها قديم وبها قطع حديد في مقدمتها وهو الأمر الذي تعين علي تفاديه، بجانب أنه كان لا بد من أن اصطدم في الأرض بكتفي إلا أن ذلك لم يكن مناسبا مع تفاصيل المشهد لذا فإنني استلمت الصدمة بظهري على الأسفلت، في الوقت الذي لم أتمكن فيه من ارتداء "سيفتي" للظهر لأن الفستان كان مفتوحا في هذه المنطقة.
مسلسل "80 باكو"
في نفس السياق، قال إنه نفذ أيضا مشهد حريق بدلا من الفنانة هدى المفتي في مسلسل "80 باكو"، موضحا أن مكان اشتعال النيران كان في مقدمة الجسم من الكبة وحتى منطقة الصدر، وذلك ضمن أحداث مشهد كوميدي، لافتا إلى أن صعوبة الأمر كانت في وسائل الأمان المستخدمة لتنفيذ المشهد، إذ أنه يتم وضع طبقة من الجل البارد على الجسم ويتم ارتداء طبقات من الملابس منقوعة في نفس الجل لمنع النار من الوصول للجلد.
مؤكدا أنهم يرتجفون بطبيعة الحال من البرد في هذه النوعية من المشاهد، إلا أنه يعمل على تأهيل عقله على فكرة أنها مُقبل على درجة قاسية من البرودة خاصة وأنه لا يوجد بديل لوسيلة التأمين تلك، معلقا: "في هذه المشاهد أنا من أقوم بإيقاف التصوير بدلا من المخرج إذا ما شعرت بالحرارة، لكن إذا سار الأمر على ما يرام أنتظر حتى يعطيني إشارة الانتهاء من التصوير".
وروى مصمم المعارك "جيمي" ألية تنفيذ مشهد حرق احتراق لأشخاص، حيث قال إن الجل يعمل كعازل بين الجسم والنار لذا يتم تبريده لتصل درجة حراراته إلى 20 إلى 30 درجة تحت الصفر، ومن ثم يتم ارتداء طبقة قطنية منقوعة في نفس الجل ومن ثم يتم ارتداء الطبقة الأخيرة التي يتم إشعالها، لافتا إلى أن الصعوبة هنا تكمن في ضرورة انتهاء التصوير خلال 10 إلى 20 ثانية بالضبط وإلا أصبحت حياة الممثل مهددة بالخطر، لذا فإنه بجانب الجل والملابس نقوم بعمل وسائل تأمين أخرى كخط دفاع أول وثاني وثالث، أولها إشارة الإطفاء وهي عبارة عن أن يقوم الممثل بالنوم على الأرض ليتم إطفاءه على الفور حتى وإن كان الأمر في أول ثانيتين من التصوير، ونقوم أيضًا بعمل عدة بروفات على تنفيذ هذه الإشارة وعلى طفايات الحريق، وكل شخص يتم إشعاله يكون في انتظاره أربع أشخاص لإطفاءه حينما ننتهي.
"أشغال شقة"
في سياق آخر، تحدث "جيمي" عن مسلسل "أشغال شقة" حيث قال إن الأكشن الذي سنراه خلاله هو أكشن كوميدي، تم خلاله استخدام "وايرات"، وأن أغلب هذه المشاهد تم تنفيذها من قِبل الفنان مصطفى غريب.
وأكد "الصاوي" الذي يعمل على إخراج أكشن "أشغال شقة" أنه يتم تصميم المشهد ليكون كوميدي إلا أن الكوميديا تعتمد بشكل أساسي في هذا المشهد على الممثل ذاته، وأنه من المنتظر أن تبهرنا الفنانة أسماء جلال بمشهد خلال أحدث المسلسل، فيما يوجد أيضًا مشهدين لكل من هشام ماجد، ومحمد عبد العظيم، ومؤكدا على أن هذه النوعية صعبة لأنها تحتاج مجهود جبار من الممثل لينفذ الأكشن بشكل صحيح ويضحك الجمهور في آن واحد.
واختتم حديثه مؤكدا على أن عمله في الخارج لسنوات مع فرق أجنبية علمه أن يحترم عقلية المشاهد، بحيث لا يتم صناعة مشهد بمستوى أقل من تلك المشاهد المعروضة في الأعمال الأجنبية على منصات البث الإلكتروني مثل نتفليكس التي أصبحت متاحة حاليا للجميع وجعلت العالم أشبه بقرية صغيرة يتم خلالها مقارنة جودة الأعمال، مؤكدا على أن المخرجين محمد سامي وأحمد نادر جلال، من أكثر المخرجي في مصر الذين يفهمون جيدا مشاهد الأكشن مثلما يجيدون فهم مشاهد الدراما، مشيرا إلى أن "سامي" عادة ما يقوم بشرح وجهة نظره ليتم ترجمتها على هيئة تصميم يتم تصويره إذا ما تم الموافقة عليه.
