
رفيق علي أحمد لـ "هي": أمور مشتركة تجمعني بـ"روميو" في "بالدم" وانشغالي بالمسرح عطل مسيرتي في المسلسلات
تميز الفنان اللبناني الكبير رفيق علي أحمد بأدائه التمثيلي الساحر في الكثير من الأدوار والأعمال الفنية في السينما والدراما، انطلاقا من عمله في المسرح لعقود طويلة، زودته بمخزون استراتيجي كبير من القدرات التعبيرية بداخله، ما مكنه من جذب أنظار الجمهور صوب أداءه التمثيلي الصادق في الكثير من أدواره التمثيلية، وأحدثها شخصية "روميو" في مسلسل "بالدم"، حيث الزوج الرومانسي والأب الحنون، على عكس نوعيات أدوار الشر والعصابات التي جسدها سابقًا، ما أحدث مفاجأة كبرى بالنسبة للجمهور اللبناني الذي تفاعل بشدة مع دوره التمثيلي في العمل الدرامي على مواقع التواصل الاجتماعي.. تحدث الفنان رفيق علي أحمد في مقابلة خاصة لـ "هي" عن تحضيراته للمسلسل والدور التمثيلي، ومدى تشابه الدور مع شخصيته الواقعية، ويكشف عن سبب رفضه للأدوار الكوميدية، هذا ويوضح لنا رؤيته من تصريحات الممثلين عن العوالق النفسية للأدوار الصعبة بداخلهم، ويرى إنها مبالغة كبيرة من جانبهم، وعن المدارس الفنية والمسرح والدراما المشتركة وتفاصيل أخرى كثيرة، كان لنا معه نص الحوار التالي:
كيف سلكت الطريق إلى شخصية "روميو" في مسلسل "بالدم"؟
لا أتعامل مع الدراما من منظور الرغبة في تقديم تجارب فنية وحسب، بل على أساس أن كل عمل فني قائما بذاته، حينما ذهبت إلى مصر للمشاركة في مسلسل "نكدب لو قلنا مبنحبش"، قبلت الدور لإنه قدمني في شخصية لبنانية، هذا أمر طبيعي، لا أستطيع أن أجسد شخصية مصري، ولماذا أجسدها وهناك غيري من أبناء البلد موجودين لتجسيد مثل هذه الشخصيات، هذا هو الواقع الذي أتعامل به مع الفن، في التركيز على أن الفن لا حدود له وفق الرؤية الواقعية في التعامل معه، كما لا أتصور أن ممثل مصري يلعب شخصية تمثيلية لبنانية، ليست واقعية على الإطلاق.

ماذا عن تحضيراتك للدور التمثيلي؟
"روميو" أب لعائلة في المجتمع اللبناني، في مرحلة قراءة النص الممثل يرى الشخصية تتحرك أمامه، ويبدأ في بلوغ رؤيتها وقت القراءة، بعد ذلك في أداءها، هي مثلها مثل أي دور درسته من جميع الجوانب الاجتماعية والنفسية.
ما تحليلك لشخصية "روميو" التي جسدتها في أحداث مسلسل "بالدم" وتفاعل الجمهور مع حالة الرومانسية التي بدى عليها؟
"روميو" شاعري ورومانسي، لا يزال بعد قرابة نصف قرن من الزواج، يؤمن بالرومانسية والمغازلة سواء مع ابنته أو مع عائلته، "روميو" هو الزوج العاشق لزوجته، لديه خطوط درامية خاصة مع كل أفراد عائلته، حيث الحنان الذي يكنه ويضمره لنجلته، هو مثال حي عبر عن نفسه للجمهور في كل مشهد درامي ظهر فيه في أحداث مسلسل "بالدم".
هل تشابهت شخصية "روميو" مع رفيق علي أحمد في الواقع الحياتي؟
من المفترض أن يكون لدى الممثل مخزون كبير من الانفعالات والمشاعر الكثيرة، بمنزلة مزيج من الخبرات الحياتية، ليكون على علاقة مباشرة بأي حالة فنية عقب دراستها وقبل تقديمها، من هذا المنطلق، بداخلي فيض من المشاعر القريبة من شخصية "روميو"، من حيث رومانسيته، وعلاقته العاطفية بأفراد أسرته، لقد تماست الشخصية معي في العديد من النقاط الموجودة في الشخصية الواقعية فعليًا.

كيف ترى حالة التفاعل الكبيرة وملامستك الأصداء التي أحدثتها شخصية "روميو" في مسلسل "بالدم" مع الجمهور؟
سعيد للغاية بحالة التفاعل من قبل الجمهور مع شخصية "روميو"، أعتقد أن الحالة التي وصلت إلى الجمهور قائمة على عنصر المفاجأة، من حيث النظر إلى تجسيدي شخصيات تمثيلية بعيدة كل البعد عن الرومانسية، لقد تلامس الدور التمثيلي مع شخصيتي الواقعية، وعشت معها حالة فنية مختلفة طوال فترة التصوير.
هل يسهل تشابه الدور التمثيلي مع شخصية الممثل الواقعية أداءها عليه أكثر من اختلافها عنه أم لا؟
حينما تُشبه الشخصية التمثيلية الممثل يكون الأمر سهلًا، على عكس اختلافها عنه، الأمر يُشبه في مكنونه، تجارب الأداء على الأدوار التمثيلية، للتعرف على مدى طبيعة حالة التقارب بين الممثل والدور التمثيلي الذي يجري تجارب الأداء عليه، على صعيدي الطبيعة النفسية والشكلية، ثم أن حالة التقارب والتشابه بين الممثل والدور الذي يلعبه، يؤدي بشكل صادق وواقعي بشكل كبير، هناك الكثير من الممثلين يُعرض عليهم أدوار تمثيلية، ويقولون إنها لا تناسبهم، لقد عُرض علي فعلًا العديد من الأدوار، أغلبها كوميدية، واعتذرت عنها، مرات أن هناك أدوار تمثيلية لا تُشبهك، تستفزك لتلعبها تمثيليا في أعمال فنية.
وما أسباب اعتذارك عن الكوميديا؟
ليس بسبب النوعية الكوميدية، بل بسبب المدرسة الكوميدية، حيث لي منظور خاص في الكوميديا، واعتذرت عن عدة أعمال فنية كوميدية، أغلبها في فرنسا، لعدم توافق المنهجية والمدرسة الكوميدية للأعمال التي قدمت لي مع مدرستي التمثيلية الخاصة في التعامل مع الكوميديا، لاسيما وأنني حينما قرأت بعض النصوص الدرامية، شاهدت فيها الكوميديان الأمريكي داني ديفيتو، وأنا لا أشبهه في شكله أو في الأسلوب الكوميدي.

هل من الضروري لجوء الممثل لزيارة طبيب نفسي قبل أداء شخصيات تمثيلية صعبة تؤثر على حالته النفسية عقب انتهاء التصوير في ظل الحديث عن عوالق الشخصيات التمثيلية بداخل الفنان في كثير من الأحيان؟
بعض الممثلين يبالغون في هذا الأمر ووصف معاناتهم النفسية في أداء الشخصيات التمثيلية، روبرت دي نيرو زاد وزنه لنحو 30 أو 40 كيلو غراما، ودانييل دي لويس، هؤلاء النجوم الذين لديهم الحرفة والمهنة والإنتاج الذي يتيح منحه السيناريو قبل عام من بدء التصوير لدراسة الشخصية والتحضير لها، وآل باتشينو وغيرهم من الحالات الفنية العالمية التي جسدت أدوار تمثيلية ببراعة شديدة، ووفق الصعيدين النفسي والفسيولوجي، لم يصرحوا بذلك على الإطلاق عبر وسال الإعلام، لكن لدينا في الأعمال الفنية العربية، لا أعرف حقيقة إن كان الأمر يسير على هذه الوتيرة أم لا؟
هل يتأثر الممثل نفسيًا بالدور التمثيلي في أثناء التصوير أم لا؟
في أثناء التصوير يشعر الممثل بالحالة المزاجية الخاصة بالدور التمثيلي، إلى حين وصول الممثل لتكرار الجمل الخاصة بالشخصية التمثيلية في حياته الواقعية دون قصد، لكن بعد انتهاء التصوير، يعود الممثل إلى حالته الطبيعية، بعض الممثلين يحبون المبالغة في وصف الأمر من أجل العمل على الدعاية للعمل أو للشخصية، ليس المهم الحالة النفسية عقب انتهاء التصوير، بل المهم توصيل الحالة النفسية للجمهور في الأعمال.

لماذا تأخرت خطوة حضورك في الدراما اللبنانية؟
لقد تأخرت في خطوة الدخول إلى العمل والمشاركة في الدراما التلفزيونية، لظروف عملي في المسرح على مدار 30 عامًا، شاركت في أعمال درامية سورية، وفي مصر، ولم يكن لي حضور في الدراما اللبنانية، إلا حين وجدت مستوى محدد في صناعة الدراما اللبنانية، ومن هنا جاءت المشاركة. في التلفزيون ألعب بطريقة إلى حد ما واقعية حقيقية، لا علاقة لها بالتكنيك وحسب، بل باستخدام الأدوات والأساليب التي تتوافق مع كل شخصية ألعبها.
هل تنتمي لمدرسة فنية محددة في التمثيل ما بين المنهجية والتعبيرية؟
لا أنتمي إلى مدرسة فنية محددة، عقب مرحلتي الجامعة والدراسة، وعقب تعلم كل الأساليب المسرحية، الأمر برمته يذكرني بموقف "حينما ذهب أحدهم إلى شاعر وطلب منه أن يكون شاعرا، فرد عليه بأن عليه حفظ ألف بيت من الشعر، ليعود إليه ويبلغه أنه حفظهم، ليخبره بضرورة نسيانهم، والبدء في الكتابة" أنا أيضًا تعلمت كل الأساليب المسرحية، ثم يصير الأمر في حواسك وبداخلك ووجدانك، ما يمنحك تقنياتك وأدواتك الخاصة التي تعمل بها في التمثيل سواء في السينما أو الدراما.

ألهذه الأسباب يجذب الممثل المسرحي الجمهور صوب تمثيله وحضوره في الدراما التلفزيونية؟
المسرح تدريبات يومية لشهر ونصف أو ما يزيد على ذلك، من أجل تقديم مسرحية مدتها ساعة ونصف، الممثل المسرحي بكل مشاعره وإحساسه، يأخذ الشخصية بجميع تفاصيلها ليؤديها بحالتها في الدراما التلفزيونية، من حيث التفاعل معها والتجسيد وفق التركيب الخاص بها.
في النهاية، ماذا تقول عن الدراما اللبنانية في الوقت الراهن ورؤيتك للأعمال الفنية المشتركة؟
نحن في لبنان نعمل بما تيسر، ولدينا جميعًا طموحات كبيرة كممثلين تجاه الصناعة وعودتها بقوة، في الوقت نفسه العمل الفني ليس له جنسية محددة، حيث تضم هوليوود الكثير من الجنسيات العالمية، أنا مع الدراما المشتركة بشرط أن تكون حقيقية وواقعية، بمعنى أن كل ممثل يكون في موقعه، حيث التركيبة الغير منطقية في بعض الأحيان، أنا مع توظيف كل ممثل بالشكل المنطقي الواقعي في أحداث القصص الدرامية.
