متلازمة القولون العصبي.. لا تدعيها تؤثر على جودة حياتك
الجهاز الهضمي واحدٌ من أبرز وأهم أعضاء الجسم على الإطلاق، وله مهامٌ ووظائف حيوية عدة. ويمتد الجهاز الهضمي من الفم إلى الشرج، ويُعد مسؤولًا عن استقبال الطعام، وتفكيكه إلى عناصره المُغذَية (ما يُعرف بعملية الهضم)، وامتصاص تلك العناصر المُغذَية ونقلها إلى المجرى الدموي، والتخلص من الفضلات والأجزاء غير القابلة للهضم من الجسم.
يتألف السبيل الهضمي من الفم، الحلق والمريء، المعدة، الأمعاء الدقيقة والغليظة، المستقيم والشرج. كما يتضمن الجهاز الهضمي أيضًا أعضاءً تتوضع خارج السبيل الهضمي، وهي البنكرياس، الكبد، والمرارة.
يُطلق أحيانًا على الجهاز الهضمي إسم الجهاز المعدي المعوي، ولكن أيّاً من الاسمين لا يصف وظائف النظام أو مكوناته بشكل كامل.كما تقوم أعضاء الجهاز الهضمي بإنتاج عوامل التخثر الدموي والهرمونات المتعلقة بالهضم، وتساعد في التخلص من المواد السامة من الدم، والمعالجة الكيميائية (الاستقلاب) للأدوية.
يتعرض هذا الجهاز الهام والحساس للعديد من المشاكل الصحية، مثله مثل باقي أعضاء الجسم؛ إما لعوامل وراثية لا يمكن التحكم بها، أو بسبب نمط الحياة غير الصحي ومشاكل بيئية نتعرض لها يوميًا في الحياة.
من هذه المشاكل، متلازمة القولون العصبي التي تمَ تخصيص شهر إبريل من كل عام، للتوعية منها وتشجيع الجميع على الفحص الدوري والمنتظم للكشف المبكر عن هذه المتلازمة وعلاجها أو تخفيف أعراضها قدر الإمكان.
وللإطلاع أكثر على أسباب وأعراض هذه المتلازمة، طرق تشخيصها وعلاجها والوقاية منها، تحدثنا إلى الدكتورة لوسيندا هاريس، دكتوراه في الطب واختصاصية أمراض الجهاز الهضمي في مايو كلينك، أريزونا.
ما هي متلازمة القولون العصبي؟
تُعرّف "لجنة روما" - (وهي مجموعةٌ دولية من المختصين في أمراض الجهاز الهضمي عملت منذ العام 1987 على تحديد هذا الاضطراب وغيره من اضطرابات تفاعل الأمعاء والدماغ، والتي كانت تُعرف سابقاً باسم اضطرابات الجهاز الهضمي الوظيفية) - متلازمة القولون العصبي على أنها اضطرابٌ في التفاعل بين الأمعاء والدماغ، يُسبَب ألمًا في البطن ويصاحبه تغيرات في وظيفة الأمعاء مثل الإصابة بالإسهال أو الإمساك أو أعراض مختلطة.
ويجب أن يرافق هذا الألم في البطن إثنان أو أكثر من الأعراض مما يلي:
- التغوّط أو تغير في تواتر البراز.
- تغيّر في شكل البراز.
كما ينبغي أن تستمر الأعراض لمدة ستة أشهر على الأقل؛ ويحدث ألم البطن مرةً واحدة على الأقل في الأسبوع خلال الأشهر الثلاثة الماضية.
ما هي أسباب القولون العصبي والعوامل التي تزيد خطر الإصابة به؟
لا نعرف تمامًا ما الذي يُسبَب القولون العصبي، لكن مُسبباته متعددة العوامل وترتبط بالتغيرات في نفاذية وحركة الأمعاء، تغيّرات ميكروبيوم الأمعاء، والهرمونات الجنسية وزيادة الحساسية الحشوية؛ ما يعني أن مرضى القولون العصبي يشعرون بالألم في أمعائهم أكثر من المرضى الذين لا يعانون من القولون العصبي. وتشير أدلة أخرى إلى ارتباط المرض بتنشيط في عوامل المناعة في القناة الهضمية، واضطراب الجهاز الهضمي الدماغي، والعوامل النفسية والاجتماعية.
لماذا تُعتبر النساء أكثر عرضةً للإصابة بمرض القولون العصبي من الرجال؟
بالتأكيد، من الناحية الوبائية، ووفق أحدث دراسة؛ يُعتبر القولون العصبي أكثر شيوعًا عند الإناث والمرضى الأصغر سنًا، كما أن انتشار القولون العصبي يتناقص مع تقدم السنّ.
أعتقدُ أن الأسباب هرمونية واجتماعية، ويوجد الكثير من الأبحاث حول تأثير هرمون الاستروجين والبروجسترون؛ حيث أظهرت الدراسات أن النساء يعانينَ من الإمساك أكثر من الرجال. وقد تؤثر الهرمونات على نهج التعامل مع التوتر أيضاً، وتلجأ النساء إلى مُقدَمي الرعاية الصحية أكثر من الرجال.
ما هي مضاعفات القولون العصبي؟ إذا لم يتم علاجه بالشكل المناسب، هل يمكن أن يُسبَب آثارًا جانبية خطيرة أخرى؟
لا بد من التنويه هنا إلى أن الإصابة بمرض القولون العصبي، لا تزيد من خطر الإصابة بسرطان القولون أو الإصابة بمرض التهاب الأمعاء أو حالات أخرى خارج الجهاز الهضمي. وإذا تُرك من دون علاج، فإن تأثيرات المرض تطال في الغالب جودة حياة المريض بسبب تغيَر وظيفة الأمعاء والألم المصاحب له. والمرضى الذين يعانون من القولون العصبي قد يعانون من الصداع النصفي، والألم العضلي الليفي والتهاب المثانة الخلالي.
هل ترتبط متلازمة القولون العصبي بالعادات الحياتية؟ وهل تلعب الجينات أي دور؟
نعلم أن بعض الأنظمة الغذائية مثل حمية الفودماب FODMAP (حمية الأطعمة التي تحتوي على نسبة قليلة من السكريات قليلة السكاريد، والسكريات الثنائية، والسكريات الأحادية والبوليولات) والتمارين الرياضية والحصول على قسط كاف من النوم، والحفاظ على صحة نفسية جيدة، يمكن أن تُقلَل من حدة أعراض القولون العصبي. وحتى الآن، لم يتم عزل أي عامل وراثي واضح يمكن أن يكون المتسبب في القولون العصبي.
ما هي طرق تشخيص وعلاج القولون العصبي؟
يتطلب تشخيص القولون العصبي لقاء الطبيب الذي يقوم بمراجعة الأعراض وإجراء اختبارات مُحددة بناءً على الأعراض؛ وقد يشمل ذلك فحوصات الدم أو البراز أو التنظير العلوي أو السفلي حسب الحاجة. وقد تشير بعض العلامات والأعراض (مثل نزيف المستقيم، وفقدان الوزن، وظهور الأعراض لدى كبار السن) إلى اضطرابات معدية معوية أخرى.
بالإضافة إلى ذلك، يمكن أن تحاكي أعراض الداء البطني "السيلياك"، أعراض القولون العصبي في كثير من الأحيان. ويجب أن يلجأ المرضى إلى فحوصات الدم الخاصة بالداء البطني والتنظير العلوي، للتأكد من استبعاد مرض السيلياك قبل اتباع نظام غذائي خالٍ من الغلوتين. ويمكن لهذا النظام الخالي من الغلوتين أن يجعل تشخيص مرض السيلياك أمرًا مستحيلًا.
هل يمكن الوقاية من القولون العصبي؟
حتى الآن، لا نعرف إذا كان من الممكن الوقاية من القولون العصبي، على الرغم من أن تحسين مستويات النظافة في جميع أنحاء العالم قد تُقلَل من حدوث متلازمة القولون العصبي بعد العدوى.
في الختام، ننصحك عزيزتي القارئة – في حال كنت تعانين من متلازمة القولون العصبي أم لا – بوجوب مراجعة الطبيب المختص وعمل الفحوصات الدورية؛ للتأكد من سلامة الجهاز الهضمي لديك وعدم تعرَضك لأية مخاطر للاصابة بهذا المرض كي لا يؤثر على جودة حياتك.