بين أسوار التراث ونسمات التاريخ الأصيل: جولة في أجمل القصور التاريخية السعودية
تزخر المملكة العربية السعودية بتاريخها الأصيل وتراثها الخالد الذي يقدم لزوارها من مختلف الجنسيات حول العالم تجارب سياحية وتراثية لا تنسى. وفي تقريرنا سنحاول سويا أن نسلط الضوء على عدد من القصور السعودية التاريخية التي يمكنكم زيارتها برفقة من تحبون على مدار العام.
قلعة القشلة
تقع قلعة القشلة بمدينة حائل، وقد شُيّدت بأمر من جلالة الملك عبدالعزيز -طيّب الله ثراه- سنة 1360هـ ويمكن لزوارها في اليوم الوطني السعودي الاستمتاع بتجربة لا تنسى حيث يتكون مبنى قلعة القشلة من بناء مستطيل الشكل يمتدّ بشكل طوليّ من الشرق للغرب، وعرضاً من الشمال إلى الجنوب، ولمبنى القلعة دوران، وبه ساحة مكشوفة، وفي كل ركن من أركانه الأربعة برج مربع الشكل، وللقلعة مدخلان.
ولقلعة القشلة مدخل رئيسي في الواجهة الشرقية، ومدخل ثانويّ في واجهتها الجنوبية، وقد شُيّدت القلعة لتكون ثكنةً عسكرية بالإضافة إلى مسجد مستطيل به 3 صفوف من الأعمدة تشكّل بوائكَ موازية لجدار القلعة.
قصر شبرا
يمتاز قصر شبرا في مدينة الطائف بتصميمه المعماري الساحر ليساعد في تجربة تاريخية ساحرة، وقد استغرقت عملية بناءه شهرين متتاليين من عام 1323هـ، ويعود سبب تسميته بهذا الاسم؛ لتصميمه المستوحى من أحد القصور المقامة في حي شبرا بالقاهرة آنذاك.
يتميّز القصر بطرازه العمراني الذي اعتمد على المزج بين الأسلوبين الإسلامي والروماني وبين أساليب العمارة التقليدية في منطقة الحجاز، وتبرز ملامح العمارة الإسلامية في الأقواس والأعمدة والرواشن والأبواب والشبابيك والأسقف، ويضم 150 غرفة تقريباً، وله مدخلان: رئيسي في الجانب الغربي، وجانبيّ في جهة الشرق
كما أن لقصر شبرا 4 واجهات متشابهة وتتخللها أعمدة مصنوعة من النورة والحجر؛ وفي قاعته الرئيسية درج مزدوج من المرمر يصعد إلى الجناحين الموجودَين في الدور العلوي، وهما يضمان غرفاً متنوعة الأحجام؛ أما نوافذه وأبوابه فهي مصنوعة من الخشب المزيّن بلمسات فنية؛ وكان القصر مقرّاً لحكومة المملكة حين كانت تنتقل إلى الطائف صيفاً في عهد جلالة الملك عبدالعزيز -طيّب الله ثراه-، وأصبح في عهد الملك فيصل –رحمه الله– مقرّاً لوزارة الدفاع والطيران، ثم تحوّل إلى متحف للآثار والتراث عام 1408هـ.
قصر الإمارة التاريخي
يقع قصر الإمارة التاريخي في وسط المدينة القديمة في نجران في حيّ أبا السعود التاريخي، ويعد من أشهر المباني التراثية في المنطقة.
بُني القصر على مساحة 625م2، وتميّز القصر بتصميمه على هيئة القلاع الحربية المعروفة في المناطق الوسطى للمملكة، وذلك على عكس ما عرفته المنطقة من مباني مرتفعة متعددة الطوابق
وقد شُيّد قصر الإمارة التاريخي بأمر من الأمير تركي بن محمد الماضي وذلك في عام 1363هـ؛ ليكون مقراً للإمارة وسكناً لعائلته وحرسه، وللقصر جدران خارجية سميكة عالية الارتفاع، وتحميها أربعة أبراج دائرية، في حين أن مبانيه ومرافقه في الطابقين الأول والثاني، تُطلان على ساحة مكشوفة، وتبلغ غرف القصر نحو 60 غرفة، ويحتوي على مسجد وبئر، وتجدر الإشارة إلى أن الدور الأول خُصص لمقر الإمارة، ومجلس خاص للأمير، وغرف لاستقبال الضيوف، وغرف لإقامة الأخويا، كما أن القصر ظلّ مقراً للإمارة حتى عام 1378هـ
قصر الملك عبدالعزيز التاريخي
يمكنك زيارة قصر الملك عبدالعزيز التاريخي الذي يقع في مركز لينة التابع لمحافظة رفحاء بالحدود الشمالية، وتبلغ مساحته 4320م2 تقريباً.
تم بناء قصر الملك عبدالعزيز التاريخي بأمر من جلالة الملك عبدالعزيز -طيّب الله ثراه-، واستخدم في بنائه الحجارة والطين واللبن، كما يوجد داخله بعض الكتابات الأثرية التي تحكي تاريخه وسنة تشييده، وقد تم تخطيطه على نمط القصور السعودية قديماً، وهو عبارة عن مبنى مستطيل بأبراج دائرية في أركانه، و داخله فناءً كبيراً تطل عليه غرف القصر ومجالسه ومرافقه
يتوسط قصر الملك عبدالعزيز التاريخي بوابة رئيسية مصنوعة من الخشب تقع في واجهته الجنوبية، في حين أن واجهته الغربية تحتوي على بوابة جانبية، علاوةً على ذلك فهو يضم بئرَ ماء ومسجد ومكان مخصص للخيل، وبه قسم للشؤون الخاصة بالإمارة وسكن للأمير وأسرته، ويُعد المجلس الكبير من أهم مرافق القصر.
قلعة الدوسرية
تقع قلعة الدوسرية في مدينة جازان على قمة جبل يطل على ميناء البحر الأحمر، وهي عبارة عن مبنى حربيّ مربع بُنيَ عام 1225هـ.
تبلغ مساحة قلعة الدوسرية 900م2 تقريباً، وتقع على أعلى قمم المدينة، وتتكون من طابقين، وأربعة أبراج أسطوانية تُضفي نتوءاً على شكلها الخارجي
وتتخلل جدران قلعة الدوسرية فتحات لمراقبة المنطقة وحمايتها، ، وكانت القلعة في فترة من الفترات مركزاً تعليميّاً، وقد تم تجديدها في عهد جلالة الملك عبد العزيز -طيّب الله ثراه- لتصبح مقراًّ للجيش السعودي، واليوم تعمل الهيئة العامة للسياحة والتراث الوطني على ترميمها لتكون موقعاً تراثيّاً فريداً.
قصر المربع
في زيارتك لقصر المربع التاريخي ستلاحظ التصميم المميز بالفناء الداخلي الذي يتوسط القصر، وتطل عليه جميع الغرف، فقد بني بالطريقة السائدة آنذاك، لينقل لنا فنًا معماريًا فريدًا.
ووضعت البيئة المحيطة بصمتها في مكونات القصر، إذ غُطّت الغرف وأسقفها بجذوع الأثل، وزيّنت بجريد النخل وسعفه، وأنشئت قواعد القصر من الحجر، واستقامت جدرانه من الطوب اللبن المخلوط بالقش، كما زينت بنقوش وزخارف مطبوعة على الجص. ورغم بساطة ملامح البناء إلا أن جماليته برزت في الأعمدة المتعرجة الحاملة لغرف وممرات القصر.
بأمر من الملك الراحل عبد العزيز آل سعود مؤسس المملكة العربية السعودية، شُيد قصر المربع، على بعد كيلوين من الرياض القديمة، تماشيًا مع تطور المدينة وتوسعها آنذاك، حيث أسس القصر وما حوله على شكل مدينة مصغرة تحوي عدة مباني، وانتقل الملك للعيش فيه عام 1939م ليكون مقرًا لسكنه مع أفراد أسرته، ومكان الحكم وتصريف شؤون الدولة، وديوانًا يستقبل فيه زعماء ورؤساء دول العالم.
يتميز القصر ببناء مربع الشكل محاط بالأسوار، في تصوير وتجسيد لطبيعة المجتمع المحلي الذي يحافظ على خصوصية المنازل، وتوزعت فيه 32 غرفة على طابقين، بالإضافة لمجالس استقبال ضيوف الملك، ومكاتب إدارية لأعوانه وحراسه.
استمتع باكتشاف ما تحتوي عليه الغرف في جولة تاريخية داخل القصر، من مقتنيات، وملبوسات، وصور تذكارية للملك مع أبنائه ومع عدد من قادة الدول.
قصر المصمك
يقف قصر المصمك العتيق شامخًا وسط مدينة الرياض، لم تقف مهابته حاجزًا أمام امتداد روعته، فتحول إلى وجهة سياحية بعد أن كان شاهدًا صامتًا على أحداث جسام في تاريخ تأسيس المملكة العربية السعودية.
بُني القصر في القرن الرابع عشر الهجري، في عهد الإمام عبدالله بن فيصل، وكان مسكنًا له، وبيتًا للحكم والمال، ويعد القصر حصنًا منيعًا يحمي من الأعداء، لذلك امتاز بمتانة جدرانه وارتفاعها، وليس له نوافذ أو شبابيك أو فتحات، سوى مدخلين ومنافذ صغيرة تتسع لفوهات البنادق وقت المعارك.
ويطل القصر اليوم كراوٍ مسرحيٍ لتاريخٍ أصيل في استرداد الحكم والبلاد، فيروي معالم تلك الفترة وتاريخ قادتها في قاعات عرضه، بعد تحوله إلى متحف عام 1416هـ/1995م.
لفظة "المصمك" أو "المسمك" تعني البناء السميك والحصين، وكان أحد استخدامات هذا الحصن مستودعًا للذخيرة والأسلحة، حتى تقرر تحويله إلى معلم تاريخي ثم إلى متحف.
قصر الكعكي
في المنطقة التاريخية في الطائف، يتربع قصر الكعكي ببراعة الفنون الهندسية التي جمعت خشب العرعر، وحجر الجرانيت، والزجاج الملوّن، لتشكيل وبناء القصر على الطراز الروماني القديم، ومزجت روح مجتمع الحجاز في تصميم نوافذ القصر، وفي الزخارف الحجازية الممتدة حتى السطح، مشكلةً بذلك تحفةً معماريةً تقع على شارع السلامة العام.
تدفعك النقوش الإسلامية الحجازية في قصر الكعكي إلى تتبّع التفاصيل التاريخية في كنف جدرانه المشيّدة منذ عام 1358هـ، وتتيح لك أبوابه المقوّسة متعة التعرف على جماليات وإبداعات فنون العمارة القديمة شكلًا وتصميمًا، فيما تدهشك براعة الأيادي القديمة في تزيين الأسقف الداخلية بأشكال رخامية جاذبة.
قصر آل منجم
يقع قصر آل منجم في نجران، وتحديدًا في قرية آل منجم، يسافر هذا المبنى العريق بزواره في رحلة تراثية عبر الزمن وصولاً إلى العام 1688م حيث تم بناءه، ليمر بهم في مراحل تاريخية مهمة تحكي سيرة المنطقة وتراثها وأمجادها.
وقد أعيد ترميم قصر آل منجم في عام 2016م لحفظ طرازه العمراني المميز، وإبقائه معلمًا أثريًا يذكّر الأحفاد بقصص الأجداد وطبيعة حياتهم.
يشمخ القصر بمظهره البديع الذي تحتضنه قرية يتراوح عمرها ما بين 200 إلى 350 عامًا، ويحتوي على العديد من الاقسام والغرف، منها: المسجد ومجلس الرجال، وغرف الخدم والحارس، وأخرى لتخزين القمح والتمور، وغرف سفلية كانت تستخدم مأوى للخيل والجمال.
بني قصر آل منجم من أربعة طوابق، وأحيط بسور طيني خارجي، ويتمتع بباحات داخلية فسيحة، وبرز في تصميمه نوافذ عديدة تظهر بحجم متماثل مؤطّر باللون الأبيض، كما أضيفت أشكال جمالية في بنائه من الداخل والخارج.
قصر برزان
كتشف قصر برزان في قلب مدينة حائل، أحد أبرز المعالم التراثية الحضرية في المنطقة. يتميز القصر ببرجيه المتبقيين، أحدهما في الجهة الشمالية والآخر في الجهة الجنوبية، اللذين يصل ارتفاعهما إلى نحو 12 متراً، ويتميزان بجدار يمتد نحو الغرب. سمي "برزان" لأنه برز فوق المباني الأخرى في تلك الحقبة، مما أكسبه مكانة مميزة.
يُعد القصر اليوم وجهة سياحية بارزة لمحبي التراث، حيث يمكن للزوار استكشاف إرث حائل المعماري وقيمته الثقافية العريقة.
قصر بن رقّوش الأثريّ
على سفح تلّة شامخة، يقع قصر بن رقّوش التاريخي، في قرية بني سار شمال مدينة الباحة، يعُود بناؤه إلى عام 1834م، كان يُعدّ منظومة سكنيّة مُتكاملة، تتكوّن من عدد من منازل سكن الأُسرة، ونُزل للضيافة يرأسُها مجلس (زَهران).
يعد القصر معلمًا عريقًا في منطقة الباحة منذ نشأته الأولى في عام 1834م، إذ امتد بناءه على مرحلتين: وتضمنت المرحلة الأولى بناء البيت البحري الذي يحتوي على مجلس، ومستودع أسلحة، ومكتبة، ومخازن التموين، ومهاجع النوم، ومجالس العائلة، بالإضافة للبيت الشامي، ومسجد، ومطبخ رئيسي، ومهاجع الخدم، وبئر ماء.
فيما بدأت المرحلة الثانية في عام 1939م، وتضمنّت بناء البيت الشرقي أو بيت الضيافة، والبيت الواسط، والإصلاحية، ليكتمل تشكيل القصر متكامل الخدمَات، ويكوّن حصنًا للقبائل وأهاليهم آنذاك.
قصر سلوى
يعد قصر سلوى معلمًا تاريخيًا يوثق حقبة زمنية مهمة في تاريخ السعودية، وفرصة لاكتشاف فنون معمارية شيدت منذ قرون، فهو نافذة مطلة على تاريخ تأسيس الدولة السعودية الأولى، وقد سمي بهذا الاسم نسبة لعمارته متعددة المنافع، فقد كان مسليًا لساكنيه وزائريه.
يقع قصر سلوى في مقدمة حي طريف، في الجهة الشمالية الشرقية منه، ويعتبر واجهة الحي وأحد أهم معالمه، وهو قصر تاريخي أثري، شيد عام 1766م على يد الإمام عبدالعزيز بن محمد بن سعود، ليكون قصر الحكم، ومقرًا لأمراء وأئمة آل سعود، وهو انطلاقة مهمة في تاريخ الدولة السعودية الأولى، إذ شهد على توحيد أرجاء الجزيرة العربية، ومنه صدرت أوامر الامتثال للتعاليم الدينية. وقد ضم القصر قاعات خصصت لمجالس العلم والثقافة والتفقه في الدين.
يعد قصر سلوى من أكبر قصور الدرعية، إذ تصل مساحته إلى 10,000 متر مربع، يضم سبع وحدات سكنية بطوابق عديدة، وقد امتاز بناؤه بالرصانة والدقة، وقد توالت عليه العهود والإضافات المعمارية، ليظهر في شكله الحالي من الضخامة والبناء الشامخ.
تقع بجانب القصر ساحة مفتوحة، كانت تستخدم لاستقبال زوّاره، أرضيتها مرصوفة بالحجارة، وفي جهتها الجنوبية يقوم حائط مرتفع وسميك، يمتد عليه جسر يصل بين قصر سلوى ومسجد الطريف. وقد تميزت واجهات القصر بفتحات مثلثة الشكل، وزخارف مرتبة بشكل هرمي، لتوفر الضوء والتهوية، إضافة لشكلها الجمالي. ويحيط بالقصر بيت المال، ومسجد الطريف، وبئر كانت تمد سكان القصر بالماء
قصر السبيعي
يعد قصر السبيعي واحداً من أبرز القصور التاريخية في السعودية، ويقع في محافظة شقراء بمنطقة الرياض. بُني القصر على الطراز الأندلسي الإسلامي، ويقع في الزاوية الجنوبية الغربية من البلدة القديمة، مطلاً على الأسواق التاريخية. كان الملك عبد العزيز رحمه الله يستريح في هذا القصر خلال سفره بين الرياض والمناطق الأخرى.
يبلغ عمر قصر السبيعي أكثر من 80 عاماً، وتم ترميمه لأول مرة في عام 1411 هـ (1990م)، ثم تم ترميمه بشكل كامل في عام 1421 هـ (2000م). يعكس بيت السبيعي الزخارف التي كانت سائدة في منطقة وسط المملكة. ومن المقرر تحويل القصر إلى متحف تراثي، ليكون وجهة للزوار لاكتشاف تاريخ السعودية الغني وجمال معمارها العريق.
قصر إبراهيم
في قلب الهفوف وتحديداً في حي الكوت العريق، يمتد قصر إبراهيم على مساحة 18,200 متر مربع، شامخاً منذ بنائه في عهد سلالة آل جبري (1436–1534م)، ليحمل أسماءً مختلفة مثل "قصر القبة" و"قصر الكوت". يعد القصر شاهداً على مكانة الأحساء كمركز تجاري وموقع دفاعي استراتيجي، يجمع بين التاريخ والعمق الثقافي في كل زاوية من زواياه.
يبرز القصر بتصميمه المعماري الذي يمزج بين الطراز الإسلامي والعسكري؛ بأقواسه شبه الدائرية، وقبابه الإسلامية التي تزيّن سقوفه، ومحراب المسجد المهيب، في تداخل متناغم مع الأبراج الضخمة، وثكنات الجنود الواقعة شرق القصر، واسطبلات الخيل. كل جزء في هذا المعلم يروي قصصاً من العراقة والأصالة، وقد ظل قصر إبراهيم أيقونة معمارية وموقعاً حيوياً للدفاع والإدارة، يذكرنا بتأثيره التاريخي وجذوره الراسخة في أرض الأحساء.