إضاءات على مشهد الفنون الغني في مدريد: أفضل 5 تجارب تليق بعشاق الإبداع
لطالما شكّلت مدريد فضاءً فنياً يعزّز الشعور بالإبداع الداخلي، ففيها يمتزج التاريخ بالفن والثقافة النابضة بالحياة، ما يضمن لزوارها تجارب مشوقة تتجاوز مشاهد المعالم السياحية التقليدية. ويكفي التجول في شوارع المدينة التي تبدو كمتحف في الهواء الطلق حتى يتكشّف نسيج من التراث الفني وراء طابعها العصري، ليرسم ملامح المدينة، ويدعو الزوار إلى اختبار مساراتها.
1. المثلث الذهبي للفنون: جوهرة التاج
ليس هنالك أفضل من المثلث الذهبي للفنون لبداية المغامرة الفنية في مدريد، حيث تشكّل هذه المنطقة مجمّعاً لمتاحف مرموقة تحتضن أكبر عدد من الأعمال الفنية في العالم، على مقياس المساحة لكل متر مربع.
وتحلو الانطلاقة من متحف ديل برادو الذي يحتوي على كنوز قيّمة تضم 8,600 لوحة و700 منحوتة، حيث يكتشف الزائر في هذا المكان جمال الفن الإسباني من خلال إبداعات نخبة الأساطير من أمثال فرانثيسكو غويا ودييغو بيلاثكيث وإل غريكو. بينما تبرز ملامح الفن الأوروبي في متحف تيسين برونيميزا ضمن مزيج فريد يجمع أعمال أهم فناني عصر النهضة مثل تيتيان ورافائيل مع فناني المدرستين الانطباعية وما بعد الانطباعية.
وتكتمل المغامرة في متحف رينا صوفيا الذي يتيح لعشاق الفن الحديث والمعاصر الغوص في الأعمال الخيالية لسلفادور دالي وخوان ميرو وبابلو بيكاسو وغيرهم من العمالقة الإسبان. مما يؤكّد بأن المشهد الفني في مدريد لا يقتصر على مشاهدة معالم المدينة، بل يشكّل رحلةً فنية لا تُنسى.
2. المشهد الفني بعيداً عن المتاحف الشهيرة في مدريد
تمتد كنوز مدريد الفنية إلى مساحات تتجاوز ضجيج المتاحف الشهيرة، حيث تخفي المدينة في كل زاوية منها مشهداً فنياً لا نظير له.
وتروي الكنائس المنتشرة في العاصمة قصصاً غنيةً بالقيم الجمالية البديعة، فلكل منها ملامحها المعمارية الفريدة، من فن البيروك في كنيسة سان أنطونيو دي لوس أليمانيس التي تبوح بحكايا الماضي من خلال القطع الأثرية واللوحات العبقة بالثقافة والحضارة الإنسانية، إلى كنيسة سان أنطونيو دي لا فلوريدا، الجوهرة الكلاسيكية المذهلة بكل معنى الكلمة، والتي تحولت من مجرد كنيسة صغيرة إلى متحف مخصص لإبداعات الفنان فرانثيسكو غويا، حيث يمكن للزوار الاستمتاع بمشاهدة أعماله الجدارية عن قرب.
3. الجاذبية المذهلة لنمط نيو موديخار المعماري
تحفل مدريد بالعديد من التحف المعمارية المشيدة على طراز نيو موديخار، وهو نمط يمزج بين الحضارة الإسلامية واللمسة الإسبانية باستعمال مواد دافئة وأنماط حيوية من السيراميك.
وتظهر هذه الأيقونات المعمارية في الكثير من المباني، مثل جامعة ألكالا دي إيناريس المهيبة والغرفة العربية الراقية في قصر أرانخويث، وكلاهما مدرجتين على لائحة اليونسكو لمواقع التراث العالمي. كما تبرز عمارة نيو موديخار في حلبة لاس فينتاس الشهيرة لمصارعة الثيران، وهي الأكبر في إسبانيا، وتنتشر أيضاً على امتداد الأقواس المبتكرة على شكل حدوة الحصان في ملعب فرونتون بيتي جاي المخصص سابقاً لرياضة كرة الباسك.
4. المعارض الوفيرة في مدريد: ملاذ حالم لعشاق الفن
تُعدّ مدريد الوجهة الأمثل لعاشق الفن، فهي تحتضن أكثر من 250 متحفاً ومعرضاً فنياً، أي ما يقارب نصف المساحات الفنية على مستوى إسبانيا، كما تروي شوارع المدينة في كل زاوية منها تقريباً حكايا غنية بالتعابير الإبداعية.
وتعود جذور هذا المشهد الحيوي إلى حي باريو دي سالامانكا الأنيق، حيث أتاحت العائلات الأرستقراطية والبرجوازية للجمهور فرصة مشاهدة مقتنياتها الفنية الخاصة لأول مرة بعد الحرب. ومع إرساء مبادئ الديمقراطية، ازدهرت المعارض الفنية نحو الغرب على طول شارع باسيو دي لا كاستيلانا، وتوسعت باتجاه مناطق أنيقة مثل حي شامبيري ومنطقة ساليساس.
ولا بد للزوار أيضاً من استكشاف معرض المقتنيات الملكية الذي تم افتتاحه مؤخراً داخل مجمع القصر الملكي، إذ يضمّ المعرض أكثر من 155 ألف عمل فني يعكس تاريخ الملكية الإسبانية والتفضيلات الفنية للأسر الحاكمة، من القرون الوسطى إلى عهد الملك خوان كارلوس الأول.
5. ما وراء الجدران: حكايا تنبض بالفن
تمثّل شوارع مدريد النابضة بالحياة عنواناً للتعبير الفني المعاصر، حيث تتحول المباني في أحياء مثل مالاسانيا إلى معارض فريدة في الهواء الطلق من توقيع أبرز الفنانين المحليين والعالميين.
كما تمتد كنوز مدريد الفنية إلى مساحات أبعد من الشوارع، من خلال الأعمال النحتية والنوافير الشهيرة، مثل نافورة سيبيليس ومنحوتة فولن إينجل، والتي تضيف مزيداً من الحماس والتشويق إلى مشهد المدينة الساحر.
ويمكن القول بأن العاصمة الإسبانية ليست مجرد وجهة سياحية مرموقة، بل تُعدّ تحفةً فنيةً بحدّ ذاتها. وترحب مدريد بجميع زوارها وتدعوهم لاستكشاف مزيج فريد من التاريخ والفن والثقافة والاستمتاع بمغامرة فنية لا تُنسى.