السياحة في بكين واستكشاف التاريخ بطريقة عصرية بين المعالم الشهيرة
تُعد بكين العاصمة الصينية واحدة من أعرق المدن في العالم، فهي توفر مزيجًا مثيرًا بين تقاليد عريقة وحداثة عصرية تحبس الأنفاس، كما تُقدم تجربة ثقافية وتاريخية فريدة مع معالمها المعمارية الباهرة، وتحظى السياحة في بكين بإهتمام متزايد نظراً لكونها تلائم مختلف الاهتمامات من التاريخ والطبيعة وحتى عشق الطعام.
ونستكشف اليوم مجموعة من أجمل وجهات السياحة في بكين عاصمة الصين الساحرة، حيث تستمتع العائلة بتجربة مذهلة وفريدة من نوعها بين معالم بكين الخلابة، والتي تكشف جوانب هامة من تاريخ البلاد وثقافتها الفريدة من نوعها.
سور الصين العظيم (قطاع بادالينغ)
يُعد سور الصين العظيم الذي أُدرج ضمن مواقع التراث العالمي لليونسكو، من أبرز المعالم التاريخية في بكين والعالم، ويتميز قطاع بادالينغ الذي يقع على بُعد نحو 80 كيلومترًا من وسط بكين بكونه واحدًا من أفضل الأجزاء المحفوظة من السور، ويوفر القطاع مناظر خلابة من أعالي التلال، ويمكن للزوار التجوُّل عبر هذا المعلم الأثري الذي يمتد لعدة قرون ليتعرفوا على أهميته كنظام دفاعي عسكري ورمزٍ لقوة الصين.
وقطاع بادالينغ مزوَّد بمرافق ترفيهية تتيح سهولة الوصول، مثل العربات المعلقة والمطاعم والمحلات التجارية، مما يتيح للزوار الاستمتاع بتجربة مثالية، سواءً كانوا يسيرون على أحجاره خلال الصيف حيث تنتشر النباتات الخضراء أو في الشتاء حين يغطيه الثلج.
المدينة المحرمة (متحف القصر)
تتوسط المدينة المحرمة العاصمة بكين، وكانت المقر الإمبراطوري لـ 24 إمبراطورًا من سلالتي مينغ وتشينغ على مدار نحو 500 عام، وتضم أكثر من 900 مبنى محاط بخندق مائي واسع، مما يجعلها أكبر مجمع قصور قائم في العالم، والدخول من بوابة "البرج السماوي" يأخذ الزوار في رحلة تاريخية عبر باحاتها الواسعة وقاعاتها المزخرفة التي تجسِّد الروعة المعمارية للصين.
وتُعرف المدينة المحرمة اليوم بمتحف القصر حيث تُعرَض مجموعة ضخمة من القطع الأثرية مثل المنحوتات المصنوعة من اليشم وأواني البورسلين الدقيقة، ومن الضروري تخصيص عدة ساعات لاستكشاف هذا المعلم، إذ يحمل كل زاوية فيه حكايات تروي عظمة الماضي.
ميدان تيانانمن
يُعتبر ميدان تيانانمن أحد أكبر الميادين العامة في العالم ومركزًا تاريخيًا وسياسيًا هامًا، ويقع هذا الميدان بجوار المدينة المحرمة وقد شهد أحداثًا بارزة من تأسيس جمهورية الصين الشعبية عام 1949 إلى تجمعات عامة عديدة، والميدان محاط بمعالم بارزة مثل نصب أبطال الشعب وضريح ماو تسي تونغ.
والسير في ميدان تيانانمن يمنح الزوار إحساسًا بالتطور الثقافي والسياسي للصين، كما يمكنهم مشاهدة رفع العلم عند شروق الشمس وهو احتفال وطني يومي يجذب حشودًا كبيرة، وزيارة المتحف الوطني الصيني القريب تُعدُّ مكملة لهذه التجربة، حيث يمكن استكشاف تاريخ البلاد بشكل أعمق.
معبد السماء
يُعد معبد السماء تحفة معمارية قديمة ومكانًا لأداء الطقوس الإمبراطورية في عهد أسرة مينغ، وكانت الإمبراطورية تتضرع هنا من أجل المحاصيل الجيدة حيث يعكس تصميم المبنى العلاقة بين السماء والأرض، وتمثل القبة الزرقاء الشهيرة قاعة الصلاة من أجل المحاصيل، بينما ترمز الساحة المحيطة بها إلى الأرض، وبينما يستمتع الزوار بالمشي عبر حدائق المعبد، سيشاهدون السكان المحليين الذين يجتمعون لممارسة التاي تشي أو العزف على الآلات الموسيقية أو لعب الشطرنج.
القصر الصيفي
القصر الصيفي وهو أكبر الحدائق الإمبراطورية وأكثرها حفظًا في الصين يوفر ملاذًا هادئًا بعيدًا عن ضجيج المدينة، ويمتاز بمياهه الهادئة وتلاله المكسوة بالنباتات وهياكله المعمارية المهيبة، كما يتيح ركوب القوارب عبر بحيرة كونمينغ إطلالات خلابة على تلال العمر الطويل وما يحيط بها.
وتشمل المعالم البارزة هنا الممر الطويل المزين برسوم زاهية، والمركب الرخامي الذي يعكس الفخامة الإمبراطورية، كما يمثل القصر الصيفي أحد أروع نماذج فنون الحدائق الصينية، حيث تلتقي الطبيعة والتصميم الهندسي في تناغم مميز.
معبد لاما (معبد يونغهي)
معبد لاما المعروف أيضًا بمعبد يونغهي، هو أكبر معبد بوذي تبتي في بكين، وكان في الأصل سكنًا ملكيًا قبل أن يتحول إلى معبد عام 1744، وهو اليوم مركز ديني بارز، ويتميز بعمارة فريدة والتماثيل المحفورة بشكل دقيق، أبرزها تمثال بوذا الضخم من خشب الصندل، والتجول في المعبد يمنح الزائر فرصة لاستكشاف الأجواء الروحانية والفنون والطقوس في حياة الصينيين عبر العصور.
الحارات التقليدية والمنازل ذات الفناء في بكين
تُمثل حارات بكين التقليدية شبكة من الأزقة الضيقة التي تحيط بمنازل ذات فناء داخلي، مما يعكس أسلوب الحياة في بكين القديمة، وتعود هذه الأحياء إلى قرون ماضية وتشكّل تناقضًا واضحًا مع الأبراج الحديثة في المدينة، وأثناء التجول في هذه الحارات يمكن للزوار استكشاف منازل الفناء والأسواق الحيوية، والمطاعم العائلية التي تقدم المأكولات التقليدية مثل الجيانبينغ (الكريب الصيني)، وهناك جولات تتيح للزائرين ركوب العربات التي تجرها الدراجات عبر هذه الأزقة، مما يجعل التجربة أكثر تميزًا.
ومع مرور الوقت تحولت الحارات إلى مراكز ثقافية تضم متاجر صغيرة ومقاهي ومعارض فنية تعرض مزيجًا من التاريخ والإبداع الحديث، ويمنحك استكشاف هذه المناطق فرصة للتعرف على الماضي والحاضر في بكين وكيف تتعايش التقاليد والحداثة بتناغم.
حديقة بيهاي
تُعد حديقة بيهاي واحدة من أقدم الحدائق الإمبراطورية المحفوظة في الصين وهي واحة هادئة في قلب بكين، وتحيط بالحديقة بحيرة واسعة ويبرز فيها معالم شهيرة مثل "الداجوبا البيضاء" وهو معبد بوذي على الطراز التبتي يقع على جزيرة "زهرة اليشم"، والتجول في الحديقة أو ركوب القوارب في البحيرة يمنح الزوار لحظات هدوء واستجمام بعيدًا عن ضوضاء المدينة.
والحديقة لها تاريخ يمتد لأكثر من ألف عام، وكانت جزءًا من سلسلة حدائق إمبراطورية مصممة لتُشبه الجنان الأسطورية في الثقافة الصينية، وتُعتبر مكانًا مثاليًا للنزهات وجولات المشي والاستمتاع بجمال الحدائق التقليدية.
منطقة الفنون 798
منطقة الفنون 798 هي مركز ثقافي نابض تحوّل من مجمع صناعي إلى وجهة للفن المعاصر ووجهة لا غنى عنها لمحبي الفن والمغامرين الثقافيين، ويمكن للزوار استكشاف المعارض التي تعرض أعمالاً لفنانين صينيين ودوليين، بالإضافة إلى منحوتات وأعمال فنية في الشوارع، ويجمع الموقع بين الإبداع المعاصر والهندسة المعمارية الصناعية، وفي 798 يمكن مشاهدة استوديوهات للفنانين ومتاجر صغيرة ومقاهي ومساحات للعروض، مما يجعل التجربة متنوعة ودائمة التغير.
حديقة جينغشان
تقع حديقة جينغشان شمال المدينة المحرمة وتوفر إطلالات بانورامية رائعة على بكين، خصوصًا من الباغودا الواقعة على قمة التل الاصطناعي، وكانت الحديقة في الأصل بستانًا إمبراطوريًا وتتميز بتل صنع من التربة التي أُزيلت أثناء حفر الخنادق المحيطة، والحديقة تجذب السكان المحليين لممارسة التاي تشي والتجول بين الأشجار، وهي مكان رائع للاسترخاء والاستمتاع بإطلالات مذهلة على المدينة القديمة والحديثة على حد سواء.
المتحف الوطني الصيني
يقع المتحف الوطني الصيني على الجانب الشرقي من ميدان تيانانمن، وهو موطن لمجموعة واسعة من القطع الأثرية التي تحكي قصة التاريخ والثقافة الصينية عبر العصور، ويتضمن المتحف قطعًا أثرية من الجاد والبرونز وتماثيل بوذية، إلى جانب معروضات عن التاريخ الثوري، والمتحف يهدف إلى الحفاظ على التراث الثقافي للصين ويقدِّم رحلة ثرية عبر آلاف السنين من التاريخ.
الحديقة الأولمبية (عش الطائر ومكعب الماء)
تُظهر الحديقة الأولمبية التي بُنيت من أجل الألعاب الأولمبية الصيفية لعام 2008 جانبًا من الطموح الهندسي الحديث في الصين، فالإستاد الوطني المعروف باسم "عش الطائر" هو معجزة معمارية صممها المهندسان المعماريان هيرزوغ ودي مورون، والتصميم الفريد المستوحى من الخزف الصيني يجعله لافتًا للنظر في النهار والليل عندما يُضاء بشكل خلاب، واليوم يستضيف الاستاد فعاليات متنوعة، ويمكن للزوار استكشافه من الداخل أو التنزه في ساحاته الواسعة.
وبجوار عش الطائر يقع "مكعب الماء" أو مركز السباحة الوطني، الذي استضاف مسابقات السباحة الأولمبية، وتصميمه الفقاعي مستوحى من مرونة الماء وجماله، وقد تحوّل جزء من داخله إلى منتزه مائي، مما يجعله وجهة ممتعة للعائلات.