اكتشفي جولة سياحيّة في اجمل القلاع الشهيرة في اليابان وأسرارها الخفية

تتمتع اليابان بتاريخ وثقافة عريقة وتُعد قلاعها شاهدًا حيًا على عبقريتها المعمارية وماضيها العظيم، وتنتشر هذه القلاع التاريخية في مختلف أرجاء البلاد لتروي قصصًا مليئة بالإثارة عن عصر الساموراي، مع حكايات عن المعارك والمؤامرات التي تجسد روح اليابان الدائمة.

وكل قلعة تحمل في طياتها حكايات فريدة وأسرارًا بإنتظار أن تُكتشف، فسواء كنتِ من عشاق التاريخ أو المهتمين بالهندسة المعمارية أو محبي الثقافة اليابانية، فإن هذه القلاع تقدم رحلة لا تُنسى في عمق تراث اليابان، حيث نأخذك اليوم في جولة سياحيّة في اجمل القلاع الشهيرة في اليابان التي تحمل أسرارًا مشوّقة.

قلعة هيميجي، هيوغو

تُعرف قلعة هيميجي بلقب "قلعة مالك الحزين الأبيض" وهي من أشهر القلاع وأكثرها جمالًا في اليابان، وقد أُدرجت ضمن قائمة التراث العالمي لليونسكو وتُعتبر تحفة معمارية في تصميم القلاع اليابانية بجدرانها البيضاء الناصعة وتصميمها المتقن، وتبدو وكأنها طائر يستعد للطيران.

وقد بُنيت القلعة في عام 1333 وشهدت توسعات لاحقة، وهي محاطة بشبكة معقدة من الجدران الدفاعية والأبواب التي صُممت لإرباك الأعداء، والتجول في ساحاتها يُشعرك وكأنك تعودين بالزمن إلى الوراء، حيث يمكنك استكشاف الديكورات الخشبية والسلالم الحادة والإطلالات البانورامية على المدينة المحيطة من الطابق العلوي.

وما يضفي على القلعة مزيدًا من الإثارة هو الأسرار التي تحتضنها، فقد تم تصميمها لتكون دفاعية بشكل استثنائي حيث يساعد التخطيط المتشابك للممرات في تشتيت الغزاة، كما تضم القلعة غرفًا خفية ومسارات هروب تعكس عبقرية مهندسيها، ومن بين أبرز حكاياتها أسطورة "بئر أوكيكو"، حيث يُقال إن روح الخادمة أوكيكو التي اتُهمت ظلمًا بالخيانة ما زالت تجوب المكان ويُسمع صوتها وهي تعد الأطباق، مما يضفي على القلعة لمسة غامضة وساحرة.

قلعة ماتسوموتو، ناغانو

تُلقب قلعة ماتسوموتو بـ"قلعة الغراب" بسبب مظهرها الأسود المميز وهي واحدة من أقدم القلاع الباقية في اليابان، وقد بُنيت في أواخر القرن السادس عشر خلال فترة السينغوكو، وتتميز بوقوعها على سهل منخفض بدلاً من التلال وهو أمر نادر بالنسبة للقلاع اليابانية، ورغم أن هيكلها الخارجي يتكون من خمسة طوابق إلا أن تصميمها الداخلي يضم ستة طوابق، تتصل ببعضها عبر سلالم خشبية حادة تأخذ الزوار في رحلة عبر الزمن.

والقلعة تزداد جمالًا في فصل الربيع عندما تُحيط بها أزهار الكرز، مما يضيف لمسة رومانسية على طابعها المهيب، ومن أبرز أسرار القلعة غرفة مشاهدة القمر التي أُضيفت في أوائل القرن السابع عشر لتكون مساحة مخصصة للراحة والاستمتاع بجمال الطبيعة، مما يُظهر الانتقال السلمي من فترة الحروب إلى فترة إيدو، ويُمكن للزوار التعرّف على ميزات القلعة الدفاعية مثل النوافذ الضيقة المصممة للرماة والجنود المسلحين.

قلعة أوساكا

تُعد قلعة أوساكا رمزًا بارزًا للصمود والتطور وبُنيت في الأصل عام 1583 على يد تويوتومي هيده-يوشي بهدف توحيد اليابان تحت حكمه، وعلى الرغم من تعرضها للدمار وإعادة البناء عدة مرات إلا أن النسخة الحالية تتميز بطابعها الحديث مع الاحتفاظ بعبق الماضي، والبرج الرئيسي المكوّن من ثمانية طوابق يحتوي على متحف يعرض تاريخ القلعة وإرث هيده-يوشي، بينما يُقدم الطابق العلوي إطلالات خلابة على أفق مدينة أوساكا. 

وتُحيط بالقلعة حدائق واسعة تُعد وجهة مفضلة خاصة خلال موسم أزهار الكرز، ومن بين أسرارها الهندسية جدرانها المصنوعة من كتل الغرانيت الضخمة التي يصل وزن بعضها إلى 100 طن، والتي تم نقلها من محاجر بعيدة باستخدام تقنيات مدهشة، كما أن الزخارف الذهبية التي تزين القلعة مثل نماذج النمور والأسماك كانت تهدف إلى إبراز ثراء وقوة هيده-يوشي، مما يترك انطباعًا دائمًا في نفوس الحلفاء والأعداء.

قلعة كوماموتو

تُعتبر قلعة كوماموتو واحدة من أكثر الحصون التي يصعب اختراقها في اليابان بواجهتها السوداء المهيبة وجدرانها الحجرية العالية، وتبرز القلعة كمعجزة هندسية من العصور الإقطاعية حيث شُيّدت في أوائل القرن السابع عشر على يد كاتو كيوماسا، وتضم أبراجًا خشبية والعديد من الدفاعات المتقنة، ورغم الأضرار التي لحقت بها خلال زلزال عام 2016، فإن جهود الترميم أعادت الكثير من بريقها. 

ويُعتبر تصميم الجدران أحد أبرز ملامح القلعة حيث تأخذ شكلًا منحنيًا يُعرف بـ موشا-غايسي مما يجعل تسلقها شبه مستحيل، كما تنتشر في القلعة ممرات خفية وفتحات استراتيجية للأسلحة مما يضمن تفوق المدافعين، كما توجد بها شجرة كرز تُدعى "شجرة كيوماسا" والتي يُعتقد أن كيوماسا نفسه قام بزراعتها وترمز إلى القوة والتجدد.

قلعة ناغويا، آيتشي

تشتهر قلعة ناغويا بتماثيل الشاتشيهوتشو الذهبية وهي مجسمات على شكل أسماك برأس نمر تزين سقفها، وقد بُنيت القلعة عام 1612 بأمر من توكوغاوا إياسو ولعبت دوراً هاماً في تاريخ اليابان الإقطاعي، وعلى الرغم من تدمير معظم هيكلها الأصلي خلال الحرب العالمية الثانية فإن إعادة بنائها بدقة أعادت لها هيبتها وجمالها.

ويضم متحف القلعة مقتنيات ومعروضات تحكي قصصاً من تاريخها العريق،  وما يميز قلعة ناغويا هو قصر هوممارو الذي يُعد جوهرة مخفية داخل القلعة، وقد أُعيد بناء القصر ليعكس الطراز الفخم لفترة إيدو، حيث يضم أبواباً منزلقة مزخرفة بأعمال فنية تقليدية وغرف تاتامي تعكس أناقة تلك الحقبة، كما تكمن داخل القلعة أنفاق تحت الأرض استخدمت للتحركات السرية أثناء الحروب.

قلعة نيجو ، كيوتو

على عكس القلاع اليابانية التقليدية التي تشتهر بارتفاعها تتميز قلعة نيجو بتصميمها المنخفض والممتد وسط مدينة كيوتو، وبُنيت القلعة عام 1603 كمقر لإقامة توكوغاوا إياسو، وهي معروفة بأرضياتها "المغردة" التي أُعدت لإصدار أصوات تُشبه زقزقة العصافير عند المشي عليها بهدف تنبيه الحراس إلى أي متسللين، أما التصاميم الداخلية للقلعة فتزخر بزخارف مطلية بالذهب ومنحوتات خشبية متقنة.

وتمثل القلعة أيضاً رمزاً للتغيرات السياسية الكبرى، حيث شهدت عودَة السلطة الإمبراطورية من آخر شوغون في عام 1867، مما أدى إلى نهاية فترة إيدو، وتضم القلعة كذلك أبواباً خفية ومسارات هروب مما يعكس التوترات السياسية التي كانت سائدة في تلك الفترة، ويمكن للزوار اليوم التجول في حدائقها الجميلة والاستمتاع بعظمة هذه الحقبة التاريخية.

قلعة هيروساكي، آوموري

تقع قلعة هيروساكي في شمال اليابان وهي واحدة من القلاع التي تشتهر بتألق أزهار الكرز المحيطة بها، وقد بُنيت القلعة عام 1611 وتتميز ببرجها الرئيسي المكون من ثلاث طوابق والذي نجا من الحرائق والصواعق على مر القرون، ويحيط بالقلعة متنزه يضم أكثر من 2500 شجرة كرز مما يجعلها من أبرز وجهات الهانامي أو الاستمتاع بمشاهدة الأزهار في اليابان.

ومن أبرز الجوانب المثيرة للاهتمام في قلعة هيروساكي نقل برجها الرئيسي من موقعه الأصلي عام 2015 وذلك لإجراء ترميمات على قاعدة الأحجار، وهو إنجاز هندسي أثار إعجاب الكثيرين، كما تُعد الخنادق المائية الثلاثية التي تحيط بالقلعة من العناصر الفريدة، حيث تعكس جمال القلعة في مياهها لا سيما خلال موسم تفتح الأزهار.

قلعة شوري، أوكيناوا

تمثل قلعة شوري في أوكيناوا نموذجاً فريداً يعكس عمارة مملكة ريوكيو، وهي مختلفة تماماً عن القلاع اليابانية التقليدية، حيث تمتاز القلعة بجدرانها الحمراء وتصاميمها التي تحمل تأثيراً صينياً واضحاً، مما يعكس التاريخ الثقافي الفريد للمنطقة، وبُنيت القلعة في القرن الرابع عشر لتكون المركز السياسي والثقافي لمملكة ريوكيو، وعلى الرغم من تعرضها للتدمير خلال الحرب العالمية الثانية ثم لاحقاً بسبب حريق في عام 2019 فجهود الترميم مستمرة لإعادة إحيائها.

ومن الأسرار التي تحتضنها القلعة الأنفاق تحت الأرض التي استُخدمت خلال الحروب، كما أن أبواب القلعة وجدرانها وساحاتها تعكس مزيجاً متناغماً من العمارة اليابانية والصينية مما يجسد دور أوكيناوا كحلقة وصل ثقافية، وتضم القلعة مواقع مقدسة مثل بوابة سونوهيا-أوتاكي الحجرية التي كانت مكاناً للصلاة من أجل رحلات آمنة.