في يوم التراث العالمي: 8 وجهات سعودية تنبض بتاريخٍ لا يُنسى

في 18 أبريل من كل عام، تحتفل الشعوب باليوم العالمي للتراث، احتفاءً بالمواقع الثقافية والتاريخية التي تعكس هوية الأمم وتراثها العريق. وفي المملكة العربية السعودية، يشهد هذا اليوم اهتمامًا متزايدًا نظرًا لغنى الأرض السعودية بالمواقع الأثرية والمدن التاريخية التي حملت على عاتقها شواهد حضارات متعاقبة، واحتضنت رموزًا من الفن المعماري والفلكلور الشعبي والتقاليد المتجذرة. وها نحن نسلّط الضوء على عشر وجهات تراثية سعودية، تستحق أن تكون محطات للزيارة والتأمل في هذا اليوم المميز.

الدرعية – مهد الدولة السعودية الأولى

تقع الدرعية على ضفاف وادي حنيفة قرب العاصمة الرياض، وتُعد رمزًا لتاريخ الدولة السعودية الأولى ومهدًا لانطلاقتها في القرن الثامن عشر. يتميز حي الطريف، المدرج ضمن قائمة التراث العالمي لليونسكو، بعمارة نجدية طينية فريدة تجمع بين الأصالة والبساطة والوظيفة الدفاعية. تمثل الدرعية اليوم نقطة التقاء الماضي بالحاضر، حيث تُرمّم مواقعها لتكون مركزًا ثقافيًا وسياحيًا عالميًا يعكس روح السعودية الحديثة.

جدة التاريخية – روح البحر الأحمر

في قلب مدينة جدة الحديثة، تقف "جدة البلد" شامخة برائحة الزمن وعبق التاريخ. تعود أصولها إلى أكثر من 1400 عام، وقد كانت بوابة الحجاز البحرية للحجاج والتجار عبر العصور. تتميز ببيوتها المشيدة من الأحجار المرجانية والأخشاب المزخرفة، كبيت نصيف وبيت البغدادي، والتي كانت يومًا ما ملتقى للنخبة والعلماء. أُدرجت في قائمة اليونسكو عام 2014، وهي اليوم تحتضن فعاليات تراثية وفنية تجذب الزوار من أنحاء العالم.

نجران – تاريخ محفور في الصخور

جنوب المملكة، وعلى تخوم اليمن، تقع نجران التي تتميز بتراثها الثقافي المتنوع المنبثق من موقعها الحدودي وتاريخها الممتد منذ ما قبل الإسلام. من أبرز معالمها موقع الأخدود الأثري الذي يحوي نقوشًا صخرية ورموزًا حميرية تدل على حضارات عريقة عاشت في المنطقة. تضم نجران أيضًا قرى تراثية كـ"رجلا" و"المنجورة"، بعمارتها الطينية المميزة، وتُعد من أهم مراكز الحِرف اليدوية والفنون التقليدية في الجنوب.

قرية ذي عين – قرية معلّقة على الجبل

تتربع قرية ذي عين الأثرية على سفح جبل أبيض في منطقة الباحة، وتُعرف ببيوتها الحجرية المتراصة فوق بعضها البعض كأنها نُحتت من الجبل نفسه. يعود تاريخها إلى أكثر من 400 عام، وسُميت بهذا الاسم نسبةً إلى عين ماء لا تزال تتدفق حتى اليوم. تشتهر القرية بجمال طبيعتها الخلابة، وتوفر لزائرها تجربة ثقافية متكاملة بين المعمار والتراث والزراعة الجبلية.

قرية رجال ألمع – متحف عسير المفتوح

في أحضان جبال عسير، تقع قرية رجال ألمع التي تُعد من أجمل القرى التراثية في المملكة. بنيت من الحجارة السوداء وأخشاب العرعر، وتتميز بنقوشها وألوانها الزاهية التي تعكس فن "القط العسيري" المدرج ضمن قائمة التراث اللامادي لليونسكو. كانت هذه القرية مركزًا تجاريًا مهمًا يربط بين تهامة وعسير، وهي اليوم وجهة سياحية فنية وثقافية تحتضن المهرجانات والأنشطة التراثية.

قصر شبرا في الطائف – تحفة معمارية أصيلة

قصر شبرا هو أحد أهم المعالم التاريخية في مدينة الطائف، وكان يستخدم كقصر ملكي في عهد الملك عبدالعزيز. يتميز بتصميمه الفريد الذي يجمع بين الطراز الإسلامي والعثماني، كما يضم متحفًا يروي تاريخ الطائف.

تجولوا في أحضان قصر شبرا في الطائف واستمتعوا بجولة بين القاعات الفخمة ذات التصاميم الإسلامية والحديقة الملكية المحيطة بالقصر والمتحف الذي يعرض القطع الأثرية من مختلف الحقب الزمنية.

أشيقر – عبق نجد الأصيل

قرية أشيقر في منطقة الوشم التابعة للرياض تُعد من أقدم القرى النجدية، وتحتفظ بأزقتها الضيقة، ومنازلها المبنية من اللبن، ومساجدها القديمة التي كانت منارات للعلم والعبادة. تُعرف اليوم بقرية أشيقر التراثية، وتضم متاحف، وبيوتًا تراثية مفتوحة للزوار، وسوقًا يعيد إحياء الحرف التقليدية. إنها وجهة تحاكي ذاكرة المكان والإنسان النجدي.

قصر المصمك – رمز الوحدة السعودية

قصر المصمك في قلب الرياض هو أحد أهم المعالم التراثية في المملكة، إذ شهد بداية تأسيس الدولة السعودية الحديثة على يد الملك عبدالعزيز.

يمكنكم استكشاف القلعة، مشاهدة الأسلحة القديمة، والتعرف على أحداث معركة فتح الرياض عام 1902 والتقاط أجمل الصور لبوابة القصر الضخمة وزيارة المتحف التاريخي بالإضافة لجولة لا تنسى في ساحة العدل المجاورة للقصر.

لا يقتصر التراث على المباني أو النقوش، بل يشمل روح المكان، ورائحة الأرض، وصوت الحكايات التي تروى بين الأجيال. في اليوم العالمي للتراث، تمنحك هذه الوجهات العشرة فرصة استثنائية للغوص في أعماق التاريخ السعودي، واكتشاف التنوع الجغرافي والثقافي الذي يجعل من المملكة أرضًا غنية لا تنضب من القصص والدهشة.