بعد فوزها بجائزة الفنون البصرية.. منال الضويان في حديث خاص لـ"هي" عن الفن والأزياء وروح الثقافة السعودية
اختارت الفن ليكون مرآة لروحها وترجمت اللوح الفنية والمنحوتات نظرتها للحياة من تجاربها الشخصية وصوت المرأة ومعضلة الذاكرة والنسيان تتفرد منال الضويان بروحها الرقيقة ونظرتها العاطفية لبني جنسها، حيث تمزج الحياة الاجتماعية والسياسة وكل هذا وأكثر لتشكل أعمال فنية تحرك الكثير من التساؤلات وتحرك المشاعر الرقيقة.
تميزت منال الضويان بأعمالها المختلفة وتحديدًا في الصوت والنيون والنحت، وللروح العذبة التي احتوتها أعمالها حلّقت في سماء الدنيا الواسعة، وحطت رحالها في عواصم العالم، حيث ضم متحف مقاطعة لوس أنجلوس للفنون، ومتحف غوانغجو للفنون، ومتحف فيكتوريا وألبرت، ومتحف الآغا خان والعديد من المتاحف والمعارض المميزة أعمال منال الساحرة، كما تملك الضويان عدد من المنشورات في مجالات مختلفة من الفنون.
المفاجأة في الجوائز الثقافية الوطنية
منال الضويان؛ الفائزة بجائزة الفنون البصرية في الدورة الثالثة من #الجوائز_الثقافية_الوطنية #إنتاج_ثقافي_يحتفى_به pic.twitter.com/h8xMlrf9jX
— الجوائز الثقافية الوطنية (@CultureAwardSA) September 9, 2023
حصدت منال الضويان جائزة الفنون البصرية خلال الجوائز الثقافية الوطنية حيث تعْتبر هذا التكريم ليس تكريمًا لها ولأعمالها بل هو تكريم واعتراف بالحركة الفنية وأهميتها للثقافة واللغة في المجتمع وأيضًا لرؤيتنا للمستقبل:" لم أتوقع أن أكون الفائزة كانت مفاجأة كبيرة بالنسبة لي، لدرجة لم أكن أنوي حضور الحفل لانشغالي بمشروع في مدينة العُلا لكن، وكأن الكون لحظتها تسخر لتسهيل حضوري، وجدت رحلة استطيع النزول للرياض ومن ثم تُكمل إلى مدينة العُلا، كنت أرى أن الهدف من حضوري هو لقاء الناس والاحتفاء بإنجازات الوطن وفجأة سمعت "الفائزة هي منال الضويان" كانت لحظة مميزة وجميلة".
روح الثقافة السعودية والأرشيف الوطني
عن أعمالها الفنية دائما ما تترجم منال الثقافة السعودية وتحاول التواصل معها بطريقتها الخاصة حيث تصور في عملها الفني "حالة اختفاء 2013" الطريقة التي يصور بها الإعلام المرأة السعودية كما تخلق في هذا العمل علاقة متوترة بين قوة الكلمة المكتوبة والصورة المرئية، وعبرت في "الشاهد المؤقت 2020" عن كيف تؤثر البيئة على الواقع الذي يشكل حالة المرأة السعودية، حيث تقول:"أطمح دائما أن أتواصل مع المجتمع السعودي عامة والمرأة السعودية خاصة، من خلال أعمالي أحاول دائما تسليط الضوء على الثقافة السعودية لكن بطريقة مرهفة الحس تطرح جانب جديد كليًا لم يألف عليه المجتمع، لا يشبه المحتوى الذي يُطرح في التلفزيون والراديو ووسائل الإعلام والكتب".
كما ترى الضويان أن الأعمال الفنية روح مختلفة وجزء لا يتجزأ من أرشيفنا الوطني حيث يجب أن تمتلك مساحة في نفس رف كتب التاريخ القديم والمعاصر ومنحوتات الآثار، وأن الأعمال الفنية فصل من قصة المملكة العربية السعودية.
الفن وعالم الأزياء وحقائب Lady dior
تعاونت الضويان مع دار ديور لتصميم حقائب مجموعة Lady dior art حيث تعد أول فنانة عربية تتعاون مع الدار الفرنسية، حيث أثمر هذا التعاون المميز ثلاثة حقائب مزجت فيها لقطات من الفن الفوتوغرافي تجسد بها لقطات من الثقافة السعودية التي ترتبط بها الفنانة شخصيًا، وعلى هامش هذا التعاون وضحت الضويان كيف يرتبط الفن وعالم الأزياء، حيث تقول:" من خلال الفن والأزياء والموسيقى والطبخ والتصميم نترجم فيها الواقع المعاصر لمجتمعنا اليوم، ولأن جميعها تصب في قالب الأعمال الإبداعية فنحن جميعنا نعمل في مجال واحد لكن بخطوط إنتاج مختلفة. يختلف الفنان عن مصمم الأزياء من ناحية الأعمال الفنية التي تُنتج وتصنع يدويًا لتترجم من خلالها أفكار استثنائية، حيث يعبر الفن عن ذات وروح الفنان أما تصميم الأزياء والجرافيكس والطبخ وغيرها كل هذه تلبية لما يحتاجه المتلقي، وأثناء العمل عليها يتم التفكير بجوانب عديدة مثل: من سيستخدم هذه الحقيبة وكيف سيرتدي هذا الفستان وكيف سوف يعبر عن ذاته من خلال هذه القطعة، أما الفن فهو يلمس ويحرك العواطف والفكر ويطرح الأسئلة ولا يجاوب عليها".
بين الأعمال الحالية والمستقبلية
فُتنت الضويان بمدينة العُلا وسحَرها التشكل الصخري والبيوت الطينية حيث يشكل عملها الفني " يا ترى.. هل تراني؟2021" مجموعة من التركيبات الشبيهة بالبركة، التي لا تنتمي إلى هذه البيئة ومع ذلك فقد قررت التواجد بها، تكمن الفكرة من العمل بالتفكُير بأهمية البيئة التي نعيش فيها وبالأخص ظاهرة اختفاء البحيرات والواحات من البيئة العربية.
أثناء عمل هذه المقابلة تحط منال الضويان رِحالها في مدينة العُلا لعملها الفني "واحة القصة" الذي يأتي بمشاركة أهالي العُلا حيث يحول السكان قصصهم إلى أعمال فنية، وحينما سألنا الضويان عن احتمالية تنفيذ الفكرة ذاتها فكرة "الفن المجتمعي" في مختلف مدن المملكة، قالت:"ممكن لكن هذا المشروع كبير جدا أخذ مني 7 سنوات من التصميم والتخطيط والتنفيذ وتبقى أيضًا سنين لكي نجمع القصص من أهالي العُلا ونضعها على العمل وبعد ذلك نقوم ببناء العمل من جديد، لهذا أريد فرصة لإنهاء هذا المشروع وبعدها سوف أفكر ببدأ مشاريع آخرى."
لا يعكس الفن المجتمعي رؤية الفنان وحده بل رؤية مجتمع متكاتف، أثناء العمل يطرح الأفراد تجاربهم الفردية التي شكلت هوياتهم وخلفياتهم الثقافية، فتولد من الروابط التي تشكلت أثناء العمل عوالم جديدة، كما يشكل الفن المجتمعي عوامل محفزة لتغيير وتطوير المجتمع وهي أيضًا طريقة لكتابة التاريخ وتشكيل الثقافة الحديثة وحفظ للذاكرة الجماعية من الاندثار. وبصورة أشمل وأبعد: إن لم نكتب قصتنا وننقشها في ذاكرة الأجيال، سيكتبها آخرون من منظورهم الخاص.