خاص "هي": من الشغف إلى الإحتراف.. قصة نجاح الفنانة السعودية المتخصصة بالفنون التقليدية "هاله الغامدي"
تعد الفنون التقليدية جزءاً لا يتجزأ من ثقافة المملكة العربية السعودية التي تجلّت في العديد من الفنون الإبداعية ذات الطابع المتميز والتي شكلت جزءاً حيوياً من التراث والتاريخ السعودي والثقافة السعودية التي توارثتها الأجيال، وهي الفنون التي استهوت الكثير من السعوديات فأبدعن فيها.. ومنهن الفنانة السعودية المتميزة المتخصصة بالفنون التقليدية "هاله الغامدي" مؤسِسة العلامة الفنية المتخصصة في السدو "كادي" Kadi ، والتي التقتها "هي" في حوار خاص ألقت من خلاله الضوء على قصة نجاحها التي بدأت بالشغف مرورا بتنمية القدرات ووصولا إلى الإحتراف والتميز، وفق فلسفتها الخاصة في عالم الفنون التراثية، بتقديم لوحات فنية معاصرة بروح من الماضي، وذلك من خلال هذا الحوار الممتع معها:
عرفينا عن نفسكِ.
هاله سعيد الغامدي، تخرجت من جامعة أم القرى قسم الأحياء، أسست بعد التخرج العديد من المشاريع استمر منها مشروع يختص بالتطريز، التحقت بعد ذلك بالمعهد الملكي للفنون التقليدية فتتلمذت السدو على أيدي الحرفيات، ثم التحقت ببرنامج حاضنة أعمال الفنون التقليدية الذي يمثل شراكة بين المعهد مع مركز الابتكار بالكلية الملكية للفنون بلندن InnovationRCA وأسست بعدها علامتي الفنية الثانية المتخصصة في السدو "كادي" Kadi ، وشاركت في العديد من المعارض داخل السعودية وحصلت في أحدها على المركز الثالث لأعلى تقييم في صفحة معروف، ولله الحمد.
ماهي فلسفتكِ الخاصة في عالم الفنون؟
تزخر السعودية بالعديد من الفنون التراثية، وأرغب في "كادي" بربط هذا التراث ببعضه إما بنقطة أو لون أو نمط نقوش، لتكون لوحات فنية معاصرة بروح من الماضي.
حدثينا عن بداية مشواركِ في عالم الفنون.
بدأ مشواري الفني منذ عام 2006 مع ثورة المنتديات والتصاميم، ولم يكن حينها الاتصال بتلك السهولة فإما أن يكون عن طريق بطاقات النت أو عن طريق الهاتف مباشرة، وتزامن ذلك مع تخصصي الأكاديمي حيث يعتمد كثيراً على الرسم الدقيق والتراكيب الداخلية للكائنات.
ما الذي دفعكِ للانجذاب إلى مجالات الفنون التقليدية؟ وكيف تمكنتي من تنمية قدراتكِ فيها؟
بدايةً لم يكن لدي علم كاف عن ماهو السدو، بينما شاهدت يوما على حساب وزير الثقافة الأمير "بدر بن عبدالله بن فرحان آل سعود" إعلان عن افتتاح معهد يختص بالفنون التقليدية وكان من ضمن الفنون "النسيج التقليدي" ولأن لدي علامة مختصة بالتطريز والخياطة فلقد جذبني الاعلان ووضعته في المفضلة لحين بدء التسجيل، وكانت البداية مع دورة قصيرة لمدة أسبوعين، حيث استهواني ترابط خيوط السُدى مع اللُحمة لتُشكل نسيجاً فقررت التعمق فيه أكثر وانضممت لأول دفعة في برنامج تلمذة السدو حيث تعلمناه من رحلته الأولى جز الصوف إلى تحوله إلى قطعة نفعية.
ولشدة اهتمامي كنت أُسابق المعرفة بتحليل النسيج، فبعد أن تعرفت على الطريقة المتبعة في النسج بدأت بتحليل كل قطعة أمامي خصوصا تلك التي تحمل الرسومات أتأملها من الأمام والخلف أدقق في ترابط الخيوط أحسبها وأدون كل ذلك.. وصنعت أول نول سدو لي من قطعة خشب مربعة واستخدمت لتأدية وظيفة النيرة معلاق الملابس الحديد ونسجت أول قطعة لي تحمل نقشة الشجرة من قبل أن أتعلمها بشكل رسمي.
ماهي الصعوبات التي واجهتكِ خلال اقتحامك لهذا العالم؟
لعل أعظم صعوبة واجهتها هي بُعدي عن أمي وإخوتي، خصوصا وأن الانتقال إلى الرياض كان بعد أشهر قليلة من وفاة والدي -رحمه الله-، ولكن ربي أكرمني هنا بأهلٍ وأصدقاء هونوا علي المشوار.
ماهو مصدر إلهامكِ وأفكاركِ الفنية؟
الطبيعة، الرقة في اليعسوب، والصلابة في الابل، النقوش على المباني والأبواب، النوافذ الخشبية وهي مفتوحة وقد انسدلت من داخلها الستائر وأخذ الهواء يحركها.
ماهي الفنون الأقرب إلى قلبكِ؟
لعل الرسم والتطريز هما الأقرب لقلبي، فالنعومة في سحب الفرشاة ورقة الخيط وهو ينسج على القماش لوحة فنية هما ما أعتقد أنهما يمثلان هويتي.
ماهي أبرز المشاريع التي عملتِ عليها؟
مشروع انتهاء المستوى الأول من تلمذة السدو، وكان لوحة من السدو بهوية جنوبية طولها 120 سم وعرضها 74 سم، وكانت تحدي كبير جداً نظراً لحجمه من جهة ولخروجي عن الألوان والنقوش التقليدية من جهة أخرى، وسعيدة جداً بكل ردود الفعل والاعجاب التي تصلني عليها.
ماهي أبرز المناسبات أو المحافل الفنية التي شاركتِ فيها؟
معرض "بيبان" في نسخته الأولى، وأسبوع الحِرف "بنان"، وأسبوع مسك للفنون.
ماهي رؤيتكِ الفنية في أعمالكِ لتطبيق مفهوم الاستدامة؟
حرصت في "كادي" على الحفاظ على الطبيعة من خلال المواد المستخدمة في الإنتاج، فخيوطها من غزل الحرفيات من صوف الغنم ووبر الابل وأصباغها من الكركم والكركدية مؤطرة بخشب الآش أو الجوز، ويتم انتاجها يدوياً دون الاستعانة بالآلات.
كون تخصصكِ الدراسي بعيدا عن الفنون .. هل يعني ذلك سهولة التوفيق بين الفن وأي مجال آخر؟
بالتأكيد.. ففي أيام الجامعة كنت أعمل على تطوير مهاراتي في التصميم، وفي فترة التخرج نفذت أول مشروع تصميم كبير لصالح جامعة الملك فيصل بالأحساء، ورأيت تبعاً لذلك أني أميل إلى مجال الفنون بشكل أكثر فاتجهت له.
من خلال تجربتكِ في هذا العالم .. هل تعتقدين بأن الفنون التقليدية في المملكة ينتظرها مستقبلا مشرقا؟
بالتأكيد.. فلقد أولت الدولة جل إهتمامها بالفنون ومنها الفنون التقليدية، وأنشئت تبعاً لذلك العديد من البرامج التي تدعم الحرفيين معرفياً ومادياً، كمنصة ريف وبرامج بنك التنمية الاجتماعية كما أنشأت المعهد الملكي للفنون التقليدية للحفاظ على التراث ونقله للأجيال.
ماهي نصائحكِ للسعوديات اللواتي يمتلكن ميولا فنية ويسعين إلى تطويرها؟
نصيحتي لهن عدم الاستسلام وإن كثرت الأخطاء فالبدايات تحتاج الكثير من المحاولات، كما أنصحهن بالاطلاع على الفنون المشابهة والتوسع المعرفي، وكذلك تقبل النقد والإحسان في العمل وإنجازه بإتقان.
ماهي طموحاتكِ المستقبلية؟
أطمح بإذن الله لإنشاء ورشتي الخاصة لأستقبل فيها طلابي أو من يريد مساحة فنية ملهمة له، وأن أوظف مساعدات، كما أطمح لأن يصبح "كادي" هو الوجهة الأولى لهدايا الدول والسفارات.
كلمة أخيرة..
شكراً لدولتنا أيدها الله لكل الدعم الذي توليه لشبابها لتمكينهم، وشكرا لوزارة الثقافة وهيئة التراث على إيمانهم بما أملك من فن واعتمادي للمشاركة في المحافل، وكذلك الشكر موصول للمعهد الملكي للفنون التقليدية ممثلاً بالعزيزة الدكتورة "سوزان اليحيى"، كما أشكر عائلتي والأصدقاء على دعمهم الدائم فما كان أي نجاح ليكون لولا الله ثم تشجيعهم.
وأخيرا..
أشكر أسرة مجلة "هي" التي أتاحت لي الفرصة لهذا اللقاء، وأتمنى لها دوام التميز والنجاح.
حساب كادي Kadi من الفنانة "هاله الغامدي" على الانستجرام.
https://www.instagram.com/kadi_weaving/
الصور تم استلامها من الفنانة "هاله الغامدي".
