خاص "هي".. رحلة فان جوخ السعودية: كيف تميزت رقية إسماعيل في سماء الفن والإبداع
بين ألوان الحنين وخطوط الخيال، تنساب فرشاة رقية إسماعيل على أوراق الحياة، تحيك قصة فريدة تجمع بين تراثين غنيين. خلقت رقية إسماعيل من قلب مدينة الخبر، عالماً خاصاً بها، يمتزج فيه الواقع بالخيال، وتتناغم فيها الألوان مع الأحاسيس رسوماتها، التي تنبع من قلبها وروحها، تروي حكايات ملونة بالذكريات والابتسامات، وتدعونا إلى عوالم ناعمة تلامس فيها الحواس والمشاعر. حيث تلتقي أصالة الشرق بعصرية الغرب، تنسق رقية حكاية فنية تنبض بالألوان والمشاعر، بفضل جذورها العميقة وثراء تجاربها، تخوض "هي" حديثا ملهما مع الفنانة السعودية رقية إسماعيل.
متى بدأت رحلتك كرسامة؟ وما الذي دفعك للاهتمام بالفن؟
لطالما أحببت الرسم منذ أن كنت طفلة صغيرة. خلال سنوات الدراسة الجامعية، تعلمت الرسم الرقمي واستمتعت به كثيراً. لكن بعد التخرج تزوجت وقررت أن أتفرغ لتربية أبنائي مما جعلني ابتعد عن الرسم لسنوات عديدة، لكن في أوائل عام 2023، قررت العودة إلى هوايتي القديمة، لكنني شعرت بأنني متأخرة في عالم الفن.
لكي أعود إلى المسار الصحيح، التحقت ببعض الدورات السريعة في الفن مع فنانين أوروبيين مختلفين، وقد كانت مفيدة وملهمة للغاية، ركز هؤلاء الفنانون على تطوير الأسلوب، جربت أفكارًا مختلفة وانتهيت بأسلوب أحببته؛ استخدمت الأقلام والعلامات على الورق البني، وبدأت في الرسم وتطوير أسلوبي ومفاهيمي ونشرها على وسائل التواصل الاجتماعي بشكل مجهول؛ لم أشارك صفحتي مع عائلتي أو أصدقائي حتى شعرت بالجاهزية، أردت الحرية لاستكشاف هذا الأسلوب الجديد دون الخوف من الأحكام.
هل يوجد فنانون معينون أو حركات فنية أثرت في أسلوبك الفني؟
لطالما أحببت الانطباعية، فناني المفضلين هما كلود مونيه وفنسنت فان جوخ، تُعتبر الانطباعية فنًا عاطفيًا، قبل الانطباعية، كان التركيز الأساسي للفنان هو الرسم بشكل واقعي قدر الإمكان، لكن أخذ الانطباعيون مخاطرة برسم مشاعرهم، لم يكن من الضروري أن تكون النسب دقيقة؛ هذه العناصر كانت مبالغ فيها وبالتالي تعكس مشاعره.
كيف تصفين أسلوبك الفني؟
طبيعي: أحب الالتزام بالفن المرسوم يدويًا، أحيانًا أبحث عن أشخاص حقيقيين للحصول على معلومات.
انطباعي: في منهجي تجاه النسيج، والإضاءة، والظلال.
خيالي: أحب أن أظهر كيف يتفاعل الأشخاص الصغار مع رسوماتي؛ أضيف طائرة ورقية وقاربًا ورقيًا إلى معظم رسوماتي.
الحواس المختلفة: أضيف كلمات مرتبطة بما أرسمه، مثل أغنية كنا نغنيها خلال طفولتنا، أو بعض الكلمات المضحكة التي سمعتها في ذلك اليوم، أو صوت يصدره عنصر في الرسم (مثل طائر يغني أو سيارة تزمجر) أحاول جلب الروائح والنكهات إلى الحياة كلما أمكن.
الحنين: أحاول جعل رسوماتي قابلة للتواصل قدر الإمكان مع المشاهدين؛ بإضافة دعابات داخلية أو معلومات معينة يفهمها فقط العرب أو من يعيشون في بلد عربي.
لماذا اخترت الفن الانطباعي؟
هناك جانبان رئيسيان أقدرهما في الانطباعية: التقنية والعاطفة، أحب كيف يتم تمثيل النسيج والإضاءة والظلال، التقنية في الانطباعية يتم رسم كل شيء في العديد من الطبقات المختلفة، لإظهار العمق والنسيج والإضاءة، والظل. كما يختلف الرسم عادةً معتمداً على مدى قرب المشاهد من النظر إليه؛ وهذا بالنسبة لي مثير جدًا، من الممكن لنفس المشاهد أن يجرب الرسم بشكل مختلف في كل مرة يرونه.
أما في العاطفة أستمتع في رسوماتي بالتواصل من خلال المشاعر على سبيل المثال، أحب القمر، لذا أرسمه أكبر مما هو عليه حقًا. أحب المطر، ورود الطائف، وعباد الشمس في الأحساء؛ لذلك أبالغ فيها في رسوماتي، هذا المفهوم ألهمني لإضافة عناصر خيالية إلى رسوماتي، والتي أحب أن أسميها "أسراري" أحب أن أظهر كيف يتفاعل شخص صغير مع شيء أحبه - مثل التخييم داخل شمعة عطرية، أو أخذ قيلولة داخل زهرة، أو تحليق طائرة ورقية من قمة شجرة جميلة، هؤلاء الأشخاص الصغار أحيانًا لا يلاحظهم متذوقي الفن وهذا في الواقع جانب إيجابي.
ما هي الفلسفة التي تطبقها في أعمالك؟
تركيزي الرئيسي في رسوماتي هو نشر المشاعر الإيجابية، أحاول أن أرسم شيئًا يمكن الارتباط به، لأنني أعتقد أن الحنين والدعابات الداخلية تربطنا ببعضنا البعض، كماأحاول أن أبقى طبيعية قدر الإمكان، كل رسوماتي مرسومة يدويًا؛ وإذا أخطأت، لا أكرر الرسم، الغرض من رسوماتي هو إظهار عمق كل عنصر، ونقل رسالة إيجابية، وإثارة الخيال. كلما أمكن، أبحث عن المعلومات من أشخاص حقيقيين؛ أسأل متابعي للحصول على النصائح، على سبيل المثال؛ في إحدى الرسومات، طلب رجل من عسير مساعدة والدته؛ كتبت قائمة بالروائح الجميلة من عسير، وكان هذا موضوع رسمتي.
هل تجدين صعوبة في اختيار الموضوعات أو الأفكار للرسم؟ وما هي المصادر التي تستمدين منها الإلهام؟
لا، لا أجد صعوبة بلادنا العربية مليئة بالتراث الغني كما أن مصادر الإلهام تتغير وتتطور باستمرار، مما يخلق مزيجًا مثيرًا ومُلهمًا من القديم والجديد، أحب أن أرسم شيئًا استمتع به، وأضيف مشاعري وخيالي إليه، أما إذا وجدت نفسي في حالة بلوك إبداعي، أبحث عن الإلهام من متابعيني. أطرح عليهم أسئلة، والتي عادة ما يستمتعون بالإجابة عليها؛ وبعد ذلك بسرعة نجد أنفسنا قد شكلنا فكرة معًا!
ما هو مشروعك الفني المفضل الذي عملت عليه حتى الآن؟ ولماذا؟
مشروعي المفضل كان مجموعة ربيع رمضان، رسمت كل منطقة من مناطق المملكة العربية السعودية مع زهورها المميزة، مزينة بالفوانيس والزينة الرمضانية المختلفة، أحب هذه الرسومات، لأنها تعكس وقتًا حلوًا ومريحًا في المملكة؛ ليس من الشائع أن نحظى بشهر رمضان خلال فصل الربيع!
لماذا اخترت اسم "فان غوخ السعودية"؟
أردت أن يفهم المشاهدون بطريقة ممتعة وغير مباشرة أنني سعودية وأحب الانطباعية.
هل لديك خطط مستقبلية أو مشاريع تودين تحقيقها في مجال الفن؟
أنا حاليًا أستعد لإطلاق خدمة خاصة، حيث أرسم رسومات مخصصة عن الأشياء المفضلة لدى العميل، سأطرح على العميل مجموعة من الأسئلة: حلوى محببة، رائحه مفضلة، حيوانه الأعز رياضته المحببة وجهة إجازاته...إلخ؛ وأقوم بإنشاء قطعة فنية مخصصة تعرض كل ما يحبه العميل أكثر، آمل أن أطلقها بحلول سبتمبر من هذا العام، بإذن الله.
ما هو التأثير الذي تأملين في تركه من خلال أعمالك على المشاهدين أو المجتمع؟
أتمنى أن أعبر عن التراث العربي/الإسلامي بطريقة جديدة وممتعة، أتمنى أن أخلق ارتباطًا مع المشاهدين بالدعابات الداخلية، والحنين، والمحتوى القابل للتواصل، أتمنى لكل رسم أن يكون تجربة؛ حيث يمكن للمشاهدين يسمعوا، ويشموا العناصر المختلفة في رسوماتي.