حوار مجلة "هي" مع مبدع العطور Thierry Wasser في دار "جيرلان"

روائح عطرية جديدة تشبع شغف كل من أحب الفن وأحب العطور، فتروي قصّة ألفة بين المكون الخام ومبدع العطور لدى دار "جيرلان" العريقة "تييري ڤاسر"  .Thierry Wasser

للتعرف إلى أحدث فصول مجموعات عطور دار "جيرلان" Guerlain "لار إيه لا ماتيير"L’Art & La Matière  والتي تتضمن حاليا سبعة عشر عطر "أو دو بارفان" Eaux de Parfum ، كان لمجلة "هي" فرصة الالتقاء والحديث مع مبدع العطور "تييري ڤاسر" Thierry Wasser في دبي، للتّعرف إلى هذه المجموعة التي جرى تصورها وإبداعها بحرفية دقيقة، إضافة إلى أسلوبه الفريد في الكشف عن المادة، ليبرز تألقها من دون قيود كخلاصة وافية من المشاعر الفنيّة المترجمة إلى عطور.

صورة 1

برأيك ما السر الذي يكمن وراء ابتكار عطر ناجح؟

أتمنى لو كنت أعلم، أعتقد أن العطر الناجح يأتي من أشخاص ناجحين. أي عطار أو مصمم يسعى إلى النجاح عند ابتكار عطر أو مجموعة ما، لكن النجاح عبارة عن مفاجأة.

مثلا في مجموعة "لار إيه لا ماتيير"” L’Art & La Matière ، نعمل على ابتكار عطور تعبر عن الشخصيات، في بعض الأحيان تنجح، وفي بعض الأحيان تفشل.

وهذا هو السبب الذي يكمن في استمرارية أو عدم استمرارية عطر ما في هذه المجموعة التي ابتكرت لأول مرة في 2005 لكن لا توجد وصفة للنجاح، وما عليك سوى مواصلة المحاولة.

صِف لنا يوما من حياة صانع عطور محترف عند العمل في مشروع مثل "لار إيه لا ماتيير" .L’Art & La Matière

أنا أعمل على أشياء متعددة، كالابتكار وهو عملية روحية، بعض الأحيان قد تكون محبطة جدا عندما لا أصل إلى ما أريد. وأيضا لدي مصنع أزوره أسبوعيا، وهو المصنع الوحيد الخاص ب"جيرلان" في العالم، والذي يبعد مسافة ساعة قيادة عن باريس، وفي ذلك المكان تبتكر العطور وتبصر النور ليس فقط عطوري الخاصة، فمثلا هناك عطر أصنعه يعود لعام 1853 ولا أزال أعمل على تحضيره.

وكجزء من عملية ابتكار العطور، أيضا يجب عليّ شراء المواد الخام التي أقضي مايقارب 35 - 30 بالمئة من وقتي السنوي في البحث عن مصادرها، فأسافر إلى الهند في آسيا وأمريكا اللاتينية وإفريقيا.

كل عطر في مجموعة L’Art & La Matière يعيد اكتشاف مكوّن واحد أو اثنين؟ إلا أنها ليست مثل أي عطور شممت رائحتها من قبل. ممَّ استوحيتها؟

هذه المجموعة خاصة جدا، وهناك شرارة من الإلهام الخاص وراء ولادة كل عطر في مجموعة عطور "لار إيه لا ماتيير .L’Art & La Matière

ففي كل عطر يعاد اكتشاف مكوّن واحد أو اثنين مثل "روز شيري" Rose  Chérie  و"سانتال باو روزا" Santal Pao Rosa ، ونسلط الضوء على المواد الخام بصورة فنية ترفع المكوّن وخصائصه إلى أعلى المستويات، لتولد الاستثناءات من المشاعر، وتترجم إلى عطر بصورة فنّية.

مثلا لدينا ثلاثة عطور بالورود في هذه المجموعة، والسبب في ذلك أنها عطور رائعة، كذلك تمنح السيدة أساليب متعددة لتعبر عن الزهور، "روز باربار Rose Barbar جذابة جدا، و"روز شيري"  Rose Chérie رومانسية جدا، و"سانتال باو روزا" Santal Pao Rosa متزنة جدا.

أيضا عطر "نيرولي أوترينوار" Néroli Outrenoir يأتي بتوليفة مرحة متحركة بين زهر البرتقال المضيء، مغمور في الشاي المدخن الداكن.

تشكل الإبداعات السبعة عشر في هذه المجموعة قطعا فنية رائعة جرى تصورها وإبداعها بحرفية فنيّة، كيف ارتقيت بالعطر إلى مرتبة الفنّ؟

هي لعبة عقل، فالفن هو إدراك حسي، عملت على ترجمته إلى نوع آخر من الإدراك، وهو نهج فني غير مرئي يصعب شرحه، وهنا تكمن عملية الابتكار.

برأيك الشخصي، ما الذي يجعل عطور "جيرلان" محببة ومتفردة؟

الحرفيّة العالية، وأسلوب التعامل مع المكوّنات، وخبراتنا الفريدة. فدار "جيرلان" هي علامة مختصة فقط بالجمال، فلسنا دار أزياء، هذه المجموعة هي بمنزلة توظيف حقيقي لخبراتنا.

وأود أن أشدد على أن هذه المجموعة أطلقت للمرة الأولى في2005، وكانت المجموعة الأولى في عالم العطور بجانب مجموعة " أكوا اليغوريا" من "جيرلان" في 1999 ، فكنا من أوائل الدور التي تُعنى بالجمال، والتي تقدّم مجموعة من العطور الحصريّة، ومن بعدها بدأت العلامات الأخرى بالعمل على مجموعات أخرى.

كيف تجد مكونات العطور الخاصة بك؟ وما المكون الطبيعي الذي يصعب التعامل معه؟

المواد الطبيعية تخضع للتغيرات المناخية، والتي بدورها قد لا تساعد أحيانا، في بعض الأحيان ننتظر موسم حصاد زهور نادرة، فتكون ضئيلة جدا بسبب الكوارث الطبيعية أو ارتفاع درجات الحرارة أو الصقيع.

أيضا استغلال مواد معينة مثل خشب الصندل أو العود يجعلها أكثر ندرة، ويجعل من الصعب الحصول عليها. لا توجد مواد مفضلة بالنسبة لي، فهي متغيرة تماما كحاسة الذوق، أحيانا تكون لديك رغبة في مكون ما، وحين تجدينه تولد رغبة جديدة للعثور على مكون آخر. ومع ذلك فأنا أحب كثيرا خشب الصندل، ولديّ إعجاب متزايد بالعود، إلا أن البحث عنه واستخراجه معقد.

هل لديك أي عطر مفضل في مجموعة العطور الخاصة بك؟

في كل مرة أصمم مجموعة أو عطرا معينا، أوّد من خلالها أن أخبر قصة، فجميع هذه العطور تروي لحظات من حياتي وذكريات أهوى مشاركتها.

هل تؤمن بفكرة العطور الصباحية والمسائية أو تلك المرتبطة بموسم معيّن؟ وإذا كان الأمر كذلك، فما الطريقة المثالية لتجسيد عطرك الجديد؟

لا أؤمن بتلك القواعد، فلا وجود لها في عطوري، فالعطور وسيلة للإفصاح عن الذات والتعبير عن المشاعر. ولهذا السبب عند الانجذاب لعطر ما وانتقائه لا نكترث للتوقيت الذي سنضعه فيه، سواء كان نهارا أو ليلا، صيفا أو ربما شتاء، أو عطرا مخصصا للرجال أو للنساء، إنها مسألة ذوق ومشاعر تعتمد على الأشخاص نفسهم، وتختلف من مدينة لأخرى.

كيف تعتقد أن المرأة الخليجية ستتجاوب مع هذا العطر؟

اعتقد أن السيدات الخليجيات سينجذبن لعبير الزهور وخشب الصندل. لكن أثناء عملية الابتكار والتصميم لا يكون لديّ توجه معين، فالعمليات الفنية لا تتقاطع مع العمليات التجارية.

ما شغفك الأكبر خارج عالم صناعة العطور؟

أنا عاشق للموسيقى الكلاسيكية، فهي بمنزلة ملاذ أو فقاعة صغيرة ألجأ إليها، فتعزلني عن الوقت الحالي.

كيف أثرت أزمة "كوفيد- 19 " Covid-19 في عملك وحياتك؟ وكيف تتوقع التغيير الذي ستحدثه في عالم العطور على المدى القصير والطويل؟

في فرنسا فرضت قيود الوباء علينا لمرتين، فلم نستطع حتى الذهاب

للمختبر أو العمل، في هذا الوقت غرقت في التفكير والتساؤل حول أسباب ابتكار العطور ووضعها، وما هي نهاية استخدام العطور. فوجدت أن الأشخاص

يحبون العطور ومستحضرات التجميل، ويضعونها في نوع من احترام ذاتهم، فإذا لم تحب ذاتك فلن تحب شخصا آخر.

بدأت من هنا أفكر في أن على الأشخاص أن يحبوا أنفسهم أكثر، أيضا هذه الأزمة لفتت انتباهنا لموضوع الاستدامة، فقد كنا نستهلك أكثر قبل الوباء، وكانت لدينا أفكار حول الاستدامة، ولكن الوباء أدى إلى تسارع الأفعال حول الاستهلاك والعودة للاستجابة المركزة وإيجاد الحلول المستدامة.

كيف تغني مصادر إلهامك؟

أغني مصادر إلهامي من خلال التقاء الناس والسفر، اعتقد أن الإلهام يأتي من تجارب الحياة واللقاءات غير المتوقعةهناك سر أود أن أبوح لك به: في كل لحظة من لحظات الحياة عليك أن تكوني حاضرة فيها، وأن تعيشي تفاصيلها لتتذكريها. فإن لم تنخرطي في تلك اللحظة، فستكون ضائعة، وفقط مع هذه الحيلة ستتمكنين من استحضار اللحظة ورواية القصة، وهذا ما أفعله تماما في مختبري، سر الابتكار هو التفاعل والتواصل والانخراط.