من المصريين القدماء وصولاً إلى خبراء التجميل.. كيف تطورت تقنية أحمر الشفاه عبر العصور؟

لا شك أن أحمر الشفاه من أكثر مستحضرات التجميل مبيعاً حول العالم، وعنصرا أساسيا في حقيبة كل امرأة تهتم بجمالها، وتسعى إلى تعزيز ملامحها الطبيعية بإطلالة جذابة، كذلك هو المستحضر الذي لا تستغنى عنه أي فتاة، وبالرغم من وجود فتيات لا تهتم بالمكياج إلا أن أحمر الشفاه هو أحد أولويات الجميع منذ قديم الزمن.

وفي هذا السياق، وخلال السطور القادمة سنُبحر في عالم التجميل للوصول إلى قصة أحمر الشفاه وحقائق عنه عبر العصور، كذلك ارتباطه بأسرار تاريخية تعود إلى عهد الفراعنة، وتميزه كأداة جوهرية استخدمت  لتُبرز جمال الملكة كليوباترا، وحتى ملكة بريطانيا الملكة إليزابيث التي كانت لا تتوانى عن استخدامه حتى في المحافل الدولية وتحت أضواء العدسات.

من هذا المنطلق، إليكِ عزيزتي قصة أحمر الشفاه وحقائق عنه عبر العصور، جمعناها لكِ كي نُحيطك علماً بتطوره منذ عصر القدماء المصريين وصولاً إلى خبراء التجميل اللذين يسعون دائماً إلى تعزيز جمالك وإطلالتك المُشرقة بمستحضرات تجميلية آمنة ومُميزة وجذابة.

أحمر الشفاه والعصور القديمة

احمر الشفاه بدرجاته ايقونة المراة منذ العصور القديمة بلا منافس
احمر الشفاه بدرجاته ايقونة المراة منذ العصور القديمة بلا منافس

صنعت "الملكة شوب" عجينة من الرصاص الأبيض والصخور الحمراء المكسرة لتلوين شفتيها، ومنها انتشر إلى جميع أنحاء العالم وشق طريقه إلى المصريين القدماء والإغريق والرومان، وكان المستوطنون الأوروبيون الغربيون هم من جلبوا أحمر الشفاه إلى الشواطئ الأمريكية.
وفي سياق متعلق، اكتشف علماء الآثار أن أحمر الشفاه جزء من الحضارة الفرعونية، ويعود تاريخ اختراعه إلى بلاد ما بين النهرين منذ نحو 5000 عام، حيث كانت المرأة تطحن نوعاً من الأحجار الكريمة وتضعها على شفاهها بغرض تجميلها، ثم عَمد المصريون القدماء إلى صُنع أحمر شفاه من أعشاب البحر واليود والبرومين باللون الأحمر المائل إلى البنفسجي، ولكن هذه المواد كانت سامة وتضر بالجسم كثيراً.

أما كليوباترا، ملكة مصر الفاتنة، فلجأت إلى استخدام أحمر شفاه مصنوع من نوع من الخنافس يعطي صبغة حمراء داكنة مع إضافة نمل ومادة مستخرجة من صدف أحد الحيوانات البحرية. والجدير بالذكر أن ممارسة رسم الشفاه تعود إلى آلاف السنين، إذ مارسه بعضاً من أوائل الأشخاص المعروفين الذين عاشوا في بلاد ما بين النهرين بالقرب من مدينة أور السومرية.

أحمر الشفاه والعرب

احمر الشفاه لاطلالة عصرية  وجذابة منذ القرن العشرين
احمر الشفاه لاطلالة عصرية  وجذابة منذ القرن العشرين

لم يتوقف تطور أحمر الشفاه عند كليوباترا، ولكن بعد 1000 عام ميلادي، قام العالم العربي الأندلسي أبو القاسم الزهراوي بإبتكارأول أحمر شفاه صلب، وصفه في كتابه "التصريف لمن عجز عن التأليف".

أحمر الشفاه وانتشاره

احمر الشفاه من صخور محطمة الى سائل يزيدك جمالا
احمر الشفاه من صخور محطمة الى سائل يزيدك جمالا

فرض قلم أحمر الشفاه نفسه بقوة خلال القرن السادس عشر ميلادي وانتشر أكثر في إنجلترا خلال حكم إليزابيث الأولى، وكان خلال تلك الفترة يُصنع من شمع النحل وصبغ أحمر نباتي.

خلال الحرب العالمية الثانية، بدأ انتشار استخدام أحمر الشفاه كمادة للتجميل لدى النساء بنتيجة التأثر بالأفلام السينمائية، وعادة لا تقوم الفتاة بوضع أحمر الشفاه حتى وصولها لسن معينة، كإشارة إلى بلوغها سن الرشد، ويكاد يقتصر استخدام أحمر الشفاه على النساء خصوصاًعلى الممثلات وسيدات الطبقة المخملية، ولم يكن رائج الاستخدام لدى الرجال.

ورغم هذا يوجد نوع خاص من أحمر الشفاه يستخدم للرجال على سبيل المثال خلال بعض العروض المسرحية، علماً أن الصيادون القدامى كانوا أول من استخدم أحمر الشفاه خلال رحلات الصيد، كما استعمله الكهنة لأغراض دينية، والشبّان لجذب الجنس الآخر، ما يعني أن الرجل استعمل تقنية تلوين الشفاه قبل المرأة لأسباب اجتماعية، وتجميلية على السواء من حوالي العام 5000 قبل الميلاد.

أحمر الشفاه وطريقة صناعته في الماضي

 كيف تطور استخدام أحمر الشفاه عبر العصور؟
 كيف تطور استخدام أحمر الشفاه عبر العصور؟

تطور الأمر في القرن العشرين في صناعة أحمر الشفاه من مواد مختلفة كالزيوت وهي زيت الزيتون، والزيوت المعدنية، والزيوت المشتقة من الحيوانات مثل: اللانولين، والمواد المرطبة، ولقد تطورت تلك المكونات بتطور الزمن، وتطور صناعة مستحضرات التجميل.

ثم أصبح أحمر الشفاه يصنع من المواد الكيميائية التي حذرت منها العديد من الدراسات العلمية، حيث إنها مصنعة من مادة الميثيل باربين، وهي عبارة عن مادة كيميائية حافظة تدخل في تحضير العديد من مستحضرات التجميل في الولايات المتحدة الأمريكية، إلا أن استخدامها مقيد في الاتحاد الأوروبي؛ لأنها مادّة سامة.

ووصفت بأنها مادة شديدة الخطورة، لأنها ارتبطت بالإصابة بالسرطان، إذ أجريت دراسة من حماية مستهلك أمريكية تدعى "حملة لأجل مستحضرات تجميل آمنة" "Campaign For Safe Cosmetics" في أكتوبر عام 2007، وثبت أن 60% من عينات أحمر الشفاه التي تم اختبارها احتوت على بقايا من مادة الرصاص، والكمية تراوحت بين 0.03 و0.65 أجزاء بالمليون.

تغيُر أحمر الشفاه على مر السنين

استُخدم أحمر الشفاه من صخور حمراء محطمة، وتطور إلى السائل الذي يجف على البقع غير اللامعة والذي يدوم طوال اليوم، ثم تغير كثيراً منذ ذلك الحين. ولم يعتبر أحمر الشفاه دائماً منتجاً يُعزز الجمال، فقد كان ينظر إليه في بعض الأحيان على أنه فضيحة. ففي العصور الوسطى كانت بعض المجتمعات تنظر إليه نظرة دونية، ففي أسبانيا مثلاً على سبيل المثال ارتبط أحمر الشفاه بالبغاء، وبحلول القرن السابع عشر بدأ رجال الدين في التدقيق في مسألة ممارسة رسم الشفاه معتبرين أنه تغييراً لخلقة الله. وظلت المجتمعات والثقافات تتأرجح بين الكره والحب مع أحمر الشفاه حتى القرن العشرين.

وأخيرا، بدأ مصممو الأزياء ومدونو الجمال وأصحاب النفوذ وشركات مستحضرات التجميل بالاحتفال باليوم الوطني للشفاه قبل نحو عقد من الزمان، في 29 يوليو من كل عام، ومع ذلك، لا أحد يعرف حقاً من أين أتى. وأفضل طريقة للاحتفال به هي شراء ظل جديد من أحمر الشفاه أو تطبيق لون مفضل قديم، والتأكد من ترك بصمات أحمر الشفاه مُثير في كل مكان.