"باربرا لافيرنوس" نائبة الرئيس التنفيذي المسؤولة عن البحث والابتكار والتكنولوجيا في L’OREAL: الجمال لدى "لوريال" جمال متجذر في الأداء والعلم
باريس: عدنان الكاتب
في عام 1964 انطلقت رحلة عطرية آسرة تركت بصمات أبطالها الثابتة على تاريخ صناعة العطور، إنها رحلة مجموعة "لوريال" والعطور الفاخرة. على مدى ستة عقود، بعثت "لوريال" في أرجاء صناعة العطور نفحات أيقونية أسهمت بشكل كبير في صياغة وجه هذا القطاع، وأدخلت إلى حياة ملايين الناس حول العالم عطورا أبدية السحر صارت تلخص لحظات، وتمثّل ذكريات وترتبط بعواطف وأحاسيس. وعطرا تلو الآخر، غذّت "لوريال" خبرتها الفريدة في إتقان كل مراحل تصنيع العطر النهائي، من مكوناته إلى قارورته، وها هي اليوم تقود فئة العطور الفاخرة على المستوى العالمي. وهذه السنة، أقامت "لوريال" فعالية حصرية غير مسبوقة للعطور الفاخرة الموجودة في مجموعتها، بعنوان "فن العطر وعلمه" THE ART & SCIENCE OF FRAGRANCE، ودعت إليها مجموعة من الصحافيين والشركاء الذين أتوا من حول العالم إلى مدينة باريس لعيش تجربة حسّية غامرة اكتشفوا خلالها كواليس صناعة العطور بقصصها الملهمة وعملياتها الإبداعية، والتقوا بحرفييها ومبدعيها للاطلاع عن قرب على مراحل تصنيع العطر.
في هذا الحدث الذي كان أشبه بمعرض ثقافي، فتحت "لوريال" للمرة الأولى أبواب صناعتها العطرية التي يبقى جوهرها الابتكار الإبداعي والعلمي، وكرّمت إرثها وتاريخها، كاشفة النقاب أيضا عن الإبداعات الجديدة التي تطلقها علامات المجموعة، ومبادراتها الأخلاقية لرسم مستقبل صناعة العطور بنهج مستدام ومسؤول مع مواد حيوية الأصل قابلة للتعقب وقوارير قابلة لإعادة التعبئة. وفي ظل تقليص تأثيرها البيئي السلبي، تظل صناعة العطور، بين فن التصميم وعلم التصنيع، نقطة التقاء العاطفة والمنطق مع الحدس والخبرة.
عن العلم والتكنولوجيا، ودور النساء القيادي في "زمن المرأة"، وعن رحلة أكثر من 30 سنة مع شركة "لوريال"، حاورتُ بعد حضور فعالية "فن العطر وعلمه" نائبة الرئيس التنفيذي المسؤولة عن البحث والابتكار والتكنولوجيا في "لوريال" المهندسة "باربرا لافيرنوس" BARBARA LAVERNOS التي تولّت مناصب إدارية عدّة في الشركة، قبل أن تحتل اليوم مركزا نادرا ما نرى فيه موهبة نسائية، والتي تحتل منطقة الشرق الأوسط مكانا خاصا في قلبها بثقافتها ومدنها وطعامها.
كيف انطلقت في رحلتك مع "لوريال"؟ وكيف وصلت إلى حيث أنت اليوم: نائبة الرئيس التنفيذي المسؤولة عن البحث والابتكار والتكنولوجيا؟
درستُ الهندسة، وقررت الانضمام إلى "لوريال" بداية، لأنها طبعا شركة لها مكانة مرموقة جدا في مجالها، لكنني لم أتخيّل يوما أنني سأمضي مسيرتي المهنية بأكملها في "لوريال". أعمل منذ 32 سنة لدى هذه الشركة التي تسمح لموظّفيها باستلام مهام مختلفة في مناطق مختلفة من العالم. وكنت محظوظة جدا بفرصة تولّي مهام متنوعة، من التصنيع إلى التجارة التجزئية، مرورا بتطوير المنتجات. والآن، أفتخر بقيادة قسم الأبحاث والابتكار والتحول التكنولوجي، وهو طبعا شق مهم جدا في عالم الجمال الذي يسعى دائما إلى النمو والتطور. ومن أكثر ما أحبّه في "لوريال" هو نهجها العلمي، وخصوصا أن والدي يحمل دكتوراه في الطب. الجمال لدى "لوريال" هو جمال متجذر في الأداء والعلم.
إذا ترعرعت في بيت شغوف بالطب والعلوم. ما أهم شيء تعلّمته من والدك؟
أبي وأمي أظهرا لي قبل كل شيء أن لا فرق بين الجنسين، فلم يفرّقا أبدا بيني وبين شقيقي. وعلّماني أن ليس هناك ما هو أهم من الحرّية، حرية التفكير، وحرية تحديد مسارك الخاص، وحرية قبول فرادتك. والدي كان دائما يقول لي إنني أستطيع فعل ما أريده بمفردي، وبكل ما يميّزني ويجعلني مختلفة، سواء أكان جيدا أم سيئا، لأنه في النهاية أنا! وحين يسمح لنا آباؤنا بأن نكون على حقيقتنا، يمنحوننا الكثير من الثقة الذاتية، ويدفعوننا إلى صياغة شخصياتنا الفريدة. وإضافة إلى ذلك، كان والدي يحدّثني عن العلم على مدار الساعة. فحول كل مائدة غداء وعشاء، شرح لي موضوعا علميا معيّنا، من عمل الخلايا العصبية في جسم الإنسان إلى نمو النباتات في الطبيعة. وشاركني أيضا معرفته حول جذور الكلمات الآتية من اللغتين اللاتينية والإغريقية وبنيتها؛ وكنت أعشق الإصغاء إلى قصص ابتكار اللغات في الحضارات المختلفة. لذلك، أنا ممتنة جدا لكل ما أعطاني إياه والدي ووالدتي.
ما الذي ستعطينه بدورك لأولادك ومحيطك؟
أحاول أن أقدم الشيء نفسه. أولا، بصفتي امرأة تتولى منصبا معظم من يتولّونه رجال، أحاول قدر الإمكان أن أتحدث إلى فتيات وشابات لمساعدتهن على اكتشاف هذه الحرية، التي تتيح لهن الوصول إلى هذا النوع من المراكز. أحيانا قد تواجه المرأة "سقفا زجاجيا" تعتبره الحد الفاصل بين ما يمكنها تحقيقه وما لا يمكنها الوصول إليه، لذلك أحاول أن أشرح لهؤلاء النساء أهمية إدراك هوياتهن الحقيقية والتخلص من أي نماذج أو قوالب يعتقدن أنهن بحاجة إلى اتباعها والتوافق معها.
وما أفعله أيضا هو العمل على جعل العلم والتكنولوجيا مجالا جذابا، لأنني شغوفة جدا به. أعمل اليوم مع 4 آلاف باحث في فريقي، وأريد أن أفكك رموز الثورة العلمية الجديدة، وأن أساعد جمهورنا الواسع على فهمها، لأن التعليم ومشاركة المعرفة أساسيان لمن يريد الاختيار فيما يتعلق بمعالجة بشرته وإطالة عمره وصحته عموما. وأتمنى أن نتمكن من نشر المعرفة العلمية أكثر فأكثر، حتى تصير خيارات الناس مبنية على وقائع وحقائق. نعيش اليوم في عالم ينتشر فيه التزييف، ومن المهم إزالة هالة الخوف المحيطة بالعلم والتكنولوجيا وتسهيل الوصول إليهما وجعلهما في متناول الناس. لا شك في أن للذكاء الاصطناعي جانبا سيئا، ولكن لا يجب أن نخشاه لأنه لن يستطيع يوما أن يحل محل الإنسان، بل ما يمكنه فعله هو دعم الإمكانيات وتحسينها، وتبسيط المهام. فكيف يمكننا أن نمكّن الناس من خلال جعل العلم والتكنولوجيا مفهومين أكثر؟ هذا هو شغفي!
نرى في مجموعة "لوريال" عددا كبيرا من النساء في مراكز قيادية مهمة ومؤثرة، وذلك ينطبق أيضا على شركات أخرى وقطاعات أخرى. هل نحن في زمن المرأة؟
نعم، أعتقد أننا نعيش في زمن المرأة. قبل نحو خمسين عاما، كان على المرأة أن تكافح وتناضل من أجل أن تكون في هذه المراكز. أنا كنت محظوظة بإطلاق مسيرتي المهنية مع شركة مثل "لوريال"، التي كانت تعطي النساء فرصة العمل في هذه الوظائف القيادية حتى قبل ثلاثين عاما. اليوم، تملك "لوريال" أكبر مجموعة من العلامات التجارية في قطاع التجميل، وإن أكثر من نصف هذه العلامات هي بقيادة رئيسات نساء. أعتز جدا بهن وأقدّرهن، لكن ذلك لا يعني أنني لا أحب العمل مع رجال أيضا.
في النهاية تعملين على الاعتناء بصحّتنا، وتفكرين في طرق جديدة لنكون بأمان ونعيش حياة أطول وأفضل. ما رسالتك إلى الناس اليوم عن الاهتمام بالصحة؟
لدي رسالتان. الأولى: احموا جلدكم، لأنه أكبر أعضاء جسم الإنسان. كلنا نرغب في عيش حياة أطول بصحّة جيدة، وإن الاهتمام بصحة الجلد ضرورية في إطار العناية بصحتنا وعافيتنا. لذلك، أطلب من كل إنسان أن يحمي بشرته في كل وقت من الأشعة فوق البنفسجية، وليس فقط خلال يوم مشمس على الشاطئ أو على المنحدرات الثلجية لدى ممارسة رياضة التزلج. حماية البشرة ضرورية كل يوم، وفي كل وقت. سرطان الميلانوما هو أحد أكثر أنواع السرطان سرعة في الانتشار اليوم بسبب التغير المناخي، وبالتالي صار أهم من أي وقت مضى أن نحمي بشراتنا في وجه أشعة الشمس.
الثانية: إن الكثير من أبحاث "لوريال" المتقدمة اليوم تركّز على إطالة العمر، وتحديدا على الشيخوخة الخلوية. ما نسعى إليه هو مساعدة من يعيش أكثر أن يعيش دون العلامات أو الباثولوجيا المتعلقة بالشيخوخة الخلوية.