الجمال عبر االزمن... كيف تغيرت أهم المعايير الجمالية على مر السنين؟
ستظل المعايير الجمالية مرتبطة بمدى الاختلاف بين الثقافات المتنوعة حول العالم؛ وبما أنها تتغير على مر السنين، فعلى سبيل المثال، في بعض الثقافات، تُعتبر المرأة السمراءرمزًا للجاذبية والأنوثة؛ بينما في ثقافات أخرى، يرتبط جمال المرأة بالبشرة الشقراء والشعر الأشقر.
بالإضافة إلى ذلك، توجد اختلافات في بعض المعايير الجمالية التي كانت تُعتبر رائجة في الماضي، فمثلاً كان صغر حجم الفم معيارًا للجمال، في حين أصبحت الشفتان الممتلئتان والفم الواسع هي المعيار الجمالي لعصرنا الحالي.
لذا، يُمكن القول أن المعايير الجمالية تختلف بشكل كبير في العالم، وتعكس الثقافة والتقاليد والقيم الاجتماعية لكل منطقة. كذلك تُحدّد بناءً على معايير محددة قد تؤدي إلى تعزيز النماذج الجمالية الاستثنائية.
من هذا المنطلق، جمعنا لكٍ خلال السطور القادمة وعبر موقع " هي "، أهم التغيرات المتنوعة التي طرأت على المعايير الجمالية من ثقافة لآخرى على مر السنين، كي نتبنى رؤية أكثر شمولاً للجمال، ونحترم ونقدرالتنوع الثقافي والجمالي في مجتمعاتنا.
جمالك الطبيعي العّتبة الأولى لتكوني جميلة حقًا
يقول مصمم الأزياء الفرنسي الشهير كوكو شانيل : "يبدأ الجمال في اللحظة التي تقررين فيها أن تكوني على طبيعتك".تلك هي إحدى النظريات الحديثة التي تتحدث عن المعيار الجمالي، ورغم ذلك من الصعب للغاية تحديد المعايير الجمالية لاختلافها من ثقافة لآخرى حول العالم على مر العصوروالأزمنة المتتالية، أبرزها:
المعايير الجمالية عند الفراعنة
غالباً ما تصور النساء في الفن المصري بخصر نحيل وأرداف ضيقة وصدر مرتفع، بالإضافة للشعر الأسود والبشرة الذهبية، وقد وضع الرجال والنساء على حد سواءً الكحل الأسود الثقيل الذي كان يضاعف للحماية من أشعة الشمس، ثم تبدلت فيما بعد لتصبح المرأة ذات الوركين الممتلئين والصدر الواسع، هي المفضلة، كان هذا لأن الرجال اعتقدوا أن الممتلئات السمينات ذوات الشفاه الممتلئة، والرموش الملتفة مثل عين الثور، والقزحية السوداء الواسعة، أقل عرضة للمشاكل خلال فترة الحمل.
فضلًا عن ذلك، استخدمت النساء المصريات الكحل لخلق عيون جذابة ، كما كان ماء الورد شائعاً للغاية في العناية بالبشرة ولا يزال يستخدم حتى اليوم في معظم المنظفات، ذلك لأن ماء الورد أثبت فعاليته على تقليل التجاعيد، وشد المسام
كذلك استخدم المصريون عجينة حمراء لتلوين شفاههم وخدودهم، وحرقوا اللوز لتلوين حواجبهم، والزعفران كظل للعيون، كان لدى كل امرأة علبة مكياج خاصة بها .
كما استخدم المصريون النحاس، للبشرة، فكما هو معروف فوائد النحاس على الجلد كثيرة من بينها أنه يساعد على التئام الجروح والندوب، وله خصائص مضادة للشيخوخة.
المعايير الجمالية في الثقافة العربية
تُعتبر المرأة ذات الشعر الداكن، والبشرة الحنطية، والعيون البنية الغامقة والشفاه الممتلئة والجسم ذي الانحناءات هي الجميلة والجذابة، واستمرت هذه السمات صفات هذه المنطقة على مر السنين.
المعايير الجمالية في جنوب السودان
في بعض الدول الافريقية مثل جنوب السودان تهتم معظم القبائل بالشقوق التي يقومون بعملها على وجه المرأة منذ ولادتها للقيام بحمايتها، و يقومون بعمل هذه الشقوق أيضًا على بطنها ويديها، ويعتبرون المرأة غير المخمشه لا تصلح للزواج.
المعايير الجمالية في الولايات المتحدة وأوروبا
يتم توجيه الاهتمام عادةً نحو الجسم الأنثوي المثالي بشكل الساعة الرملية، ومن حيث ملامح الوجه، فإن الأمريكيين والأوروبيين المعاصرون يفضلون الوجه ذو الملامح المحددة والأنف الصغير والخدود المحددة.
المعايير في شرق آسيا
يُعتبر لون البشرة الفاتحة هو السمة الرئيسية التي تحدد معايير الجمال. عادةً ما لا تستخدم النساء في تلك الثقافات منتجات التسمير، لأن الثقافة الآسيوية تقدر البشرة الفاتحة، ويعتبر القامة القصيرة هي المرأة الجميلة في تلك البلدان، ولا تولي هذه الثقافات اهتمامًا خاصًا لمنحنيات الجسم.
المعايير الجمالية في أمريكا اللاتينية
يُركز عادةً على النصف السفلي من جسد المرأة، حيث تُقدر الثقافة الجمالية في أمريكا اللاتينية المرأة ذات الأرداف الكبيرة والساقين الطويلتين والصدر الصغير.
المعايير الجمالية في الهند
تُعتبر المرأة الجميلة ذات البشرة الداكنة أو البنية الفاتحة، وتمتاز بخصر مسطح، وشكل جسم الساعة الرملية، وتمتلك عيونًا كبيرة وشفاهًا حمراءً ممتلئة، وشعر أسود طويل مستقيم أو مجعد. واستمرت هذه الصورة أو بعض أشكالها على مر القرون.
المعايير الجمالية في اليابان
هناك مقاييس مختلفة، فاليابانيون يفضلون أن تكون المرأة بيضاء ناعمه ورقيقه الشكل، صافية البشرة والعنق، هادئة الصوت، قدماها صغيرتان مشيتها رقيقة ومتقاربة الخطى؛ إضافة إلى ذلك، فإنهم يعتبرون الطول عيبًا وليس ميزّة في المرأة.
جمال المرأة له معاييره المتنوعة التي لن تندثر على مر السنين
لم تكن العصور الوسطى معروفة تمامًا بمعايير جمالها، غالبًا ما تم اهمال الجمال والرعاية الذاتية بشكل عام بسبب الظروف المعيشية القاسية والأخلاق الدينية الصارمة؛ وكان استخدام المكياج والنظافة أمرًا لايمكن تصوره، حيث ارتبط الجمال بالخطر والخطيئة.
بحلول القرن الثاني عشر، باتت مستحضرات التجميل منتشرة بشكل واسع في أوروبا ، تم استخدام العلاجات العشبية لعمل الجرعات والمراهم لتحقيق بشرة ناعمة، كما نمت علاجات العلاج بالأحجار الكريمة، وتطبيقها على الجلد مباشرة لإزالة الشوائب، وذلك بخلاف اعتبارات مختلفة للمعايير الجمالية عبر العصور المختلفة حتى وقتنا الحالي، وذلك على النحو التالي:
المعايير الجمالية في العصور الوسطى
كان الشعر الطويل يعتبر من أهم صفات الجمال في اليابان في تلك الفترة، لذلك فقد حرصت السيدات على إطالة شعرهن قدر الإمكان، كما حلقن حواجبهن، وقمن برسم حواجب عالية وسميكة، وقد تضمنت معايير الجمال البشرة الشاحبة ، والخدود الوردية، والشفاه الصغيرة.
المعايير الجمالية في العصر الفكتوري
كان العصر الفكتوري يدور حول الحصول على مظهر مثالي، وأن تلتزم المرأة بمعايير صارمة للجمال. إذ كانت البشرة الشاحبة تعتبر جميلة، في حين التعرض لأشعة الشمس يمكن أن يؤدي إلى ضرر دائم. علاوة على ذلك،يعتبر شكل الساعة الرملية للخصر مثالًا للجمال.
بالنسبة للنساء الفكتوريات،باتت الكورسيهات ضرورة مطلقة لتحقيق الشكل المثالي؛ كونها تخلق خصرًا نحيلًا صغيرًا، وفخذين كبيريين بسبب التضييق الشديد الذي قد يعيق التنفس والأعضاء من النمو، علاوة على ذلك كان على النساء استخدام مستحضرات التبييض بانتظام لإزالة النمش أو أي علامة نقص.
المعايير الجمالية في الخمسينيات من القرن الماضي
ركزت معايير الجمال في الخمسينيات من القرن الماضي على بريق أكثر؛ إذ استخدمت النساء كميات كبيرة من مثبتات الشعر وتبييض شعرهن لتبدو مثل:"مارلين مونرو"، كان شكل الساعة الرملية شائعًا أيضَا، حيث تستخدم معظم النساء المشدات لتحقيق نسبة الخصر إلى الورك.
كانت الخمسينات من القرن الماضي وقتًا مناسبًا لتغيير المعايير الجمالية؛ فعلى الرغم من أن الصدور الكبيرة كانت لا تزال تعتبر جميلة، إلا أن الصورة المثالية للفتاة باتت أكثر وضوحًا، وبدأت النساء في ارتداء ملابس أكثر عملية، بما في ذلك البناطيل والسراويل، حتى أن بعض النساء رفضن ارتداء حمالات الصدر، معتبرين أنها مقيدة للغاية أو غير مريحة.
المعايير الجمالية في الستينات من القرن الماضي
كانت الستينات وقت كسر الحدود والسماح للمرأة بالسيطرة على حياتها، وارتداء ما يحلو لها من البنطلونات والتنانير القصيرة وحتى البلوزات الشفافة. من ناحية أخرى، اشتهر الشعر الأشقر بالفراولة في الستينات، لاسيما بين نجوم هوليوود مثل:"بريجيت باردو"؛ وكانت حمالات الصدر أيضًا شائعة للغاية خلال هذه الفترة لتشجيع النساء على رفع صدورهن، بحيث يشبهن صدور نجوم السينما، مثل "مارلين مونرو". وذلك بخلاف تفضيلهن للشعر الأشقر المثالي.
المعايير الجمالية في السبعينات من القرن الماضي
انتشرت في السبعينات ثقافة الهبييز مما أثر على وجهات النظر السائدة، لم تعد النساء تصبغ شعرها أو تبيضه، كانت صورة الجسد أقل أهمية خلال هذا الوقت، وشعرت النساء بحرية أكبر في ارتداء السراويل الرجالية، وعلى النقيض بدأ بعض الرجال في وضع المكياج، بما في ذلك لمعان الجسم وأحمر الشفاه.
المعايير الجمالي في الثمانينات من القرن الماضي
كانت الثمانينات وقتًا للأعمال التجارية الكبرى؛ ولمواكبة الإتجاهات المتنوعة، تم انتاج أكثر من 1000فيلم عن الجراحة التجميلية؛ وسيطرت الأثداء الكبيرة، والشعر الكثيف، والسراويل الضيقة، والألوان الزاهية على مشهد الموضة، وتم إبراز هذه الصورة عبر نجوم مشهورين مثل: "مادونا".
كانت النساء ترتدي ما تشاء، بما في ذلك البلوزات القصيرة والأحذية ذات الكعب العالي، قامت النساء كذلك بصبغ شعرهن بألوان مجنونة مثل: "الوردي الساخن، أو الأزرق، أو الأخضر" لمواكبة أحدث اتجاهاتالموضة التي كانت تعتمد على الكشف قدر الإمكان حين ذاك.
المعايير الجمالية في التسعينات من القرن الماضي
تغير مفهوم الجمال كليًا في التسعينات، لم يعد التركيز على تحقيق حالة مثالية؛ إذ سيطر حينذاك مبدأ الفردية والثقة بالنفس. كانت هذه هي المرة الأولى التي باتت فيها اتجاهات مثل: "الوشم والثقب، والأقراط المتعددة"شائعة لدى النساء ولأول مرة أيضًا باتت النساء الصلع رائعات، وأصبحت النحافة مثالًا عبرعارضات الأزياء، وراحت النساء ترتدي ملابس أكثر ذكورية، سواءً كانوا يرتدّين البنطلونات وربطات العنق، وأشياء أخرى.
المعايير الجمالية في العقد الحادي والعشرين
يعتبر العقد الحادي والعشرين ممتعًا للغاية؛ كونه قدم مزيجًا من الصورتين اللتين تم عرضهما في التسعينات. فلم تعد المرأة تكافح من أجل النحافة أو التباهي بأجزاء أجسامها، بل ركزوا على كيفية استخدام أجسادهم للتعبير عن أنفسهم. وبات المشاهير مؤثرين للغاية في العقد الحادي والعشرين، لذلك بدأ الكثير من الناس في اجراء الجراحة التجميلية ليبدو مثلهم.
المعايير الجمالية في عصرنا الحالي
بغض النظر عن التقدم الذي يحرزه العالم لتمكين المرأة، ستكون هناك دومًا معايير جمالية جديدة لإتباعها، ولن تتوقف على الملابس والمكياج فحسب، بل ستشمل شخصيتها وسلوكها، وكيفية معرفتها بنفسها لتكون إطلالتها وتألقها نابعًة من الداخل إلى الخارج وليس العكس.
عمومًا، ستظل التقنيات الحديثة التي باتت تؤثر بشكل مباشرعلى المعايير الجمالية، محورًا جوهريًا لتعزيز جمال المرأة بما يتناسب مع التطورات التكنولوجية، والتحولات الرقمية ، وعصر الذكاء الاصطناعي مهما اختلفت المعايير الجمالية من ثقافة لأخرى.