"أيام الشارقة التراثية" أضاءت قلب الشارقة وجمعت العالم
بعد 22 يوما تحولت فيها ساحة التراث في قلب الشارقة إلى كرنفال للاحتفاء بتراث 29 بلدا عربيا وأجنبيا فاتحة أسدلت "أيام الشارقة التراثية" الستار على فعاليات دورتها الثامنة عشرة، فاتحة بذلك الباب على مشروع إمارة الشارقة تجاه حماية التراث وتوثيقه والانطلاق منه كمساحة تؤكد حجم المشترك الإنساني بين شعوب وحضارات العالم.
ونقل الحدث الذي حمل هذا العام شعار "التراث الثقافي يجمعنا" ذاكرة بلدان كاملة إلى قلب الشارقة حيث استضاف 127,600 زائر على برنامج تراثي متكامل من الجبل الأسود وكازاخستان ومقدونيا وطاجكستان وبلاروسيا وإسبانيا وبركوشستان والهند وروسيا وبلغاريا.
تسجيل لتاريخ مفصلي في أيام الشارقة التراثية
و قال سعادة عبد العزيز المسلم رئيس معهد الشارقة للتراث رئيس اللجنة التنظيمية لأيام الشارقة التراثية: "دورة الأيام لهذا العام لم تكن استكمالا لما قدمته خلال الـ 18 عاما الماضية بقدر ما كانت تسجيلا لتاريخ مفصلي في مسيرة أيام الشارقة التراثية حيث حملت رؤية صاحب السمو الشيخ الدكتور سلطان بن محمد القاسمي عضو المجلس الأعلى حاكم الشارقة تجاه ضرورة صون تراث الشعوب لبناء مستقبلها ونقلت رسالة الشارقة حول قدرة التراث على جمعنا رغم ما يمر به العالم من ظروف وتحديات".
وأضاف أن نجاح الدورة الثامنة عشرة من أيام الشارقة التراثية لم يكن نتيجة جهد معهد الشارقة للتراث واللجان التنظيمية وحسب وإنما جاء نتيجة مستوى المشاركات النوعية للفرق المشاركة من مختلف البلدان ونتيجة وعي جمهور الحدث الذي أبدا التزاما واضحا بما اتخذتها الأيام من إجراءات احترازية للوقاية.
عمق التراث الإماراتي
وجسدت الفعاليات عمق التراث الإماراتي حيث نقلت ذاكرة حياة الأولين في مختلف بيئات الإمارات إلى العالم إذ شهدت زيارة وفود رسمية من مختلف السفارات في الدولة، وتجول زوار الحدث في أركان مخصصة للبيئة الجبلية والبحرية والبدوية والزراعية فكان كل ركن أشبه بعودة في الزمن إلى مئة عام ماضية حيث طقوس إعداد القهوة وري المزروعات بالدواب والترحال على ظهر الجمال والحرف تتوزع بين صناعة الحبال والسفن والأواني والسيوف وغيرها.
وشاركت الأيام التي احتفت بجمهورية الجبل الأسود مونتينيغرو ضيف شرف وكازاخستان ضيفا مميزا تراث الموسيقى والغناء الإماراتي مع الضيوف المتوافدين من مختلف بلدان العالم حيث شهدت أروقة ساحة التراث وبيوتها عروضا شعبية لفن الهبان والليوا والدان والأنديما والنوبان وغيرها من الفنون.
ولم تكتف فعاليات الأيام بعرض الفنون الشعبية وذاكرة الغناء والرقص الإماراتي وإنما فتحت مساحات خاصة للتعرف على ذاكرة الصناعات التقليدية عبر قرية الحرف التي كانت فضاء حيا للتعرف عن قرب على أبرز الحرف التي مارستها المرأة الإماراتية قديما وعمل فيها الرجل ليعيل أسرته فمن صناعة الكحل الأثمد إلى السفافة مرورا بالنسج على النوال وصولا إلى صناعة البشت وسبوق الطير وصناعة الدخون والسدو وتحضير وصفات من الطب الشعبي وغيرها من الحرف والصناعات.
ليالي متواصلة للفرح
وشهد "مسرح الجاليات" ضمن فعاليات الأيام ليالي متواصلة للفرح والغناء أحيتها فرق فنية شعبية من مختلف بلدان العالم حيث تعرف الجمهور على ذاكرة الغناء والعزف لكل من سوريا والعراق واليمن ومصر والمغرب وفلسطين ولبنان والهند وباكستان وغيرها من البلدان.
وأتاحت الأيام فرصة أمام أصحاب المشاريع الصغيرة والمتوسطة الذين اتخذوا من التراث مساحة لتقديم منتجات مبتكرة وجديدة، إذ استضاف الحدث عشرات المنصات لصناع الملابس التقليدية ومحلات العطور والبخور وأصحاب المطاعم التقليدية والمنزلية ومن يملكون ورشا للتطريز والنقش وصناعة التذكارات وغيرها من الفنون والحرف.
أما الأطفال فكان نصيبهم من فعاليات الأيام كبيرا حيث خصصت برنامجا متكاملا شمل مئات الفعاليات والورش التفاعلية والثقافية الممتعة للأطفال توزعت على إعداد المأكولات في /مطبخ يدو/ والاستماع للحكايات والقصص الشعبية في /مجلس العائلة/ و/الحكواتي/ بالإضافة إلى منافسات وألعاب في مسابقات متنوعة على مسرح الأيام وركن الألعاب الشعبية.
واستضافت /الأيام/ عددا من الأكاديميين والكتاب والباحثين الإماراتيين والعرب في سلسلة جلسات حوارية ونقاشية حول أبرز القضايا في توثيق وإحياء التراث والحفاظ عليه توزعت على برنامج الإدارة الأكاديمية التابعة لمعهد الشارقة للتراث وفعاليات المقهى الثقافي وبيت التراث العربي كما نظمت سلسلة حفلات لإطلاق أكثر من 24 إصدارا جديدا مختصا بالتراث قدمها معهد الشارقة للتراث واحتفى بتجارب مؤلفيها وما أضافوه من مؤلفات لمكتبة التراث العربي والعالمي.
كما قادت الإدارة الأكاديمية التابعة لمعهد الشارقة للتراث زوار الحدث للتعرف على تقنيات وفنون ترميم وحفظ المخطوطات إلى جانب فنون تزيينها من خلال "فن الإيبرو"، فكانوا أمام عرض حي لآليات طباعة الألوان وتشكيلها على سطح الماء.
معارض متخصصة
وأخذت الأيام زوارها في جولة إلى ملامح مضيئة من تاريخ الإمارات والمنطقة فنظمت سبعة معارض متخصصة، قدمت خلالها صورا للمصور الإماراتي سالمين السويدي تحت عنوان "عكوس سالمين" وعرضت مقتنيات القاضي علي بن إبراهيم الجويعد الذي كان واحدا من كبار الفقهاء والقضاة في خلال الفترة في بدايات القرن العشرين في الشارقة كما استضافت معرضا لمخطوطات عربية في مقدونيا كشفت خلالها عن صفحات من عدة مؤلفات تاريخية بالإضافة لمعرض "حرف من الشارقة" و"الفنون الشعبية، و"الصناعات الفخارية في الإمارات" و"حداثة التراث".