الدكتور فيليب أفتيموس لـ "هي": سرطان الثدي الأكثر انتشاراً في الشرق الأوسط
على الرغم من التطورات وأحدث العلاجات التي توصل إليها العلم في موضوع علاج سرطان الثدي، لا يزال يشهد هذا المرض العديد من التحديات والحاجات التي لم يتم تلبيتها حتى الساعة خصوصاً في الشرق الأوسط، والدليل بقاءه كأحد الأسباب الرئيسية للوفيات المرتبطة بالسرطان بين النساء بالرغم من تحسن معدلات البقاء على قيد الحياة.
إختار قسم صحة على موقع "هي"، الحديث مع الدكتور فيليب أفتيموس، أخصائي في طب الأورام ورئيس قسم تطوير التجارب السريرية في وحدة إجراء الأبحاث السريرية في معهد Jules Bordet للسرطان في بروكسل لتناول هذا الملف من مختلف جوانبه.
ما هو واقع سرطان الثدي في العالم بشكل عام والشرق الأوسط بشكل خاص؟
يُعتبر سرطان الثدي من أكثر أنواع السرطانات انتشارًا في جميع أنحاء العالم، بغض النظر عن العمر والجنس. كما أنه بطبيعة الحال الأكثر انتشارًا بين النساء، إذ تشير الإحصاءات إلى أن امرأة واحدة من أصل 9 مصابة بهذا المرض. وتتمثل خطورته في أن معدل الوفيات الناتجة منه تتجاوز سرطان الرئة. أما بالنسبة إلى الشرق الأوسط فهو يُعد أيضاً من الأمراض الأكثر انتشارًا في المنطقة، إلا أن معدل انتشاره فيها يبقى أقل من الدول الغربية.
ما هي أسباب شيوع سرطان الثدي في منطقة الشرق الأوسط؟
النساء أكثر عرضة للإصابة بسرطان الثدي، وسرطان الثدي بين الرجال هو 1٪ فقط من الحالات، وهذا يبرر سبب انتشاره في الشرق الأوسط. ويُعزى سبب انخفاض معدل انتشار سرطان الثدي نسبيًا في المنطقة مقارنة بالعالم الغربي إلى أسلوب الحياة المعتمد من قبلهم كالاستخدام الضار للكحول (مصطلح منظمة الصحة العالمية) والتاريخ الإنجابي. وفي حين تلعب الجينات دورًا أساسيًا في إمكانية الإصابة بسرطان الثدي، يسهم الكشف والتشخيص المبكر في الحد من انتشاره.
ما سبب بقاء سرطان الثدي أحد الأسباب الرئيسية للوفيات المرتبطة بالسرطان بين النساء بالرغم من تحسن معدلات البقاء على قيد الحياة جراء الكشف المبكر والعلاجات المتبعة؟
بالطبع إن الكشف والتشخيص المبكر والعلاجات الجديدة المعتمدة حالياً، تسهم في تحسن معدلات البقاء على قيد الحياة. ولكن بالرغم من ذلك، يُصاب للأسف ما نسبته 20 إلى 30 ٪ من المرضى الذين شفوا من سرطان الثدي المبكر بالسرطان النقيلي الذي تنتقل فيه الخلايا السرطانية من عضو في الجسم إلى آخر، ما يُسبَب انتشاره.
ونادرًا ما يُظهر التشخيص إمكانية إصابة المرضى بالسرطان النقيلي، ولكن في حال أصيب به المرضى يكون من الصعب معالجتهم، وهذا ما يفسر اعتباره مسؤولاً عن ارتفاع معدل الوفيات.
ما أسباب تطور سرطان الثدي العادي إلى سرطان ثدي نقيلي؟
لا تزال الأسباب التي تؤدي لتطور السرطان، بحاجة إلى أبحاث ودراسات مكثفة للكشف عنها. إن المرضى المصابون بسرطانات الثدي الأكثر تقدمًا (أي عندما يكون حجم الورم كبيرًا والعقد الإبطية مصابة) والأنواع الفرعية العدوانية (مثل سرطان الثدي الثلاثي السلبي) معرضون لتطور السرطان أكثر من غيرهم، ولكن كما أشرت نحتاج إلى المزيد من الأبحاث لتأكيد كل الأسباب خصوصاً وأن المرضى الذين يعانون من خصائص متشابهة للورم قد لا يستفيدون من الطريقة والعلاجات ذاتها.
ما هي أحدث العلاجات لسرطان الثدي النقيلي؟ وهل تساعد هذه العلاجات في زيادة أعمار المصابات به وعدم التعرض للوفاة؟
ساهمت العلاجات الجديدة، لحسن الحظ، في تحسن معدل بقاء المرضى الذين تمت معالجتهم من سرطان الثدي النقيلي على قيد الحياة. لكن تختلف العلاجات بحسب أنواع السرطان الفرعية؛ بالنسبة لسرطان الثدي الثلاثي السلبي الذي يتمثل بعدم وجود مستقبلات لهرومونات البروجسترون والإستروجين، وبروتين HER2 ، فإن العلاج المناعي وبعض العلاجات الجديدة مثل الأجسام المضادة والأدوية التي يمكن إدراجها في "العلاج الكيميائي المستهدف" قد حسَنت نتائج المرضى الذين عولجوا من هذا المرض. أما بالنسبة للأورام التي تتمتع بمستقبلات الهرمونات، فإن العلاجات المستهدفة بالهرمون قد حسَنت أيضًا نتائج المرضى في HER2+ (HER2 هو بروتين يجعل السرطان أكثر عدوانية)، وساهمت في إحداث تحسن كبير منذ سنوات عديدة حتى الآن.
بماذا يختلف سرطان الثدي الثلاثي السلبي عن سرطان الثدي النقيلي، وفي أية مراحل يمكن أن يتحول لسرطان ثلاثي سلبي؟
يُعتبر سرطان الثدي الثلاثي السلبي واحداً من أكبر الأنواع الفرعية الثلاثة لسرطان الثدي التي تنتقل من عضو في الجسم إلى آخر وتصبح نقيلية. ويُحدد سرطان الثدي الثلاثي السلبي عند غياب اثنين من مستقبلات الهرمونين الإستروجين والبروجسترون وبروتين HER2، ويمثل هذا النوع 15 ٪ من جميع حالات سرطان الثدي وخطورته تكمن في أن احتمال انتشاره كبير، خصوصاً وأنّه يشكل مجموعة غير متجانسة وتحتاج الكثير من التحاليل لتعريفها بدقة. في حالات نادرة، يمكن أن تتحول الأنواع الفرعية الأخرى إلى سرطان الثدي الثلاثي السلبي وذلك من خلال فقدان مستقبلات الهرمون أو بروتين HER2.
كيف يتم تشخيص وعلاج سرطان الثدي الثلاثي السلبي؟
يتم تشخيص سرطان الثدي الثلاثي السلبي مثل سرطانات الثدي الأخرى عن طريق الفحص (تصوير الثدي الشعاعي) لمعرفة ما إذا كان ثمة كتلة أو ورم في الثدي، ويتم بعدها إجراء فحص الخزعة حيث تبين التحاليل نوع السرطان.
في حالات الكشف المبكر عن سرطان الثدي الموضعي غير المنتشر بعد، تُعتبر العملية الجراحية لاستئصال الورم التي يسبقها أو يتبعها العلاج الكيميائي هي العلاج الأساسي لهذه الحالة. وهنا أود أن أشير إلى أنه يُفضل الحصول على العلاج الكيميائي قبل الجراحة، إلا أنه في بعض الحالات قد يُمنح أيضًا العلاج الإشعاعي بعدها. وفي بعض البلدان، يُسمح بالعلاج المناعي مع العلاج الكيميائي.
أما بالنسبة للسرطان المنتشر، يبقى العلاج الكيميائي الدعامة الأساسية للعلاج. ويحصل 40 ٪ من المرضى أيضًا على علاج مناعي وفقاً لدرجة الورم. وقد تمت الموافقة أيضًا على "العلاج الكيميائي المستهدف" أي من خلال الأدوية والأجسام المضادة في بعض البلدان، بينما يمكن أيضًا لمرضى سرطان الثدي الوراثي الحصول على علاج موجه ومحدد.