قصص محاربات سرطان الثدي تُجسد معاني الكفاح والأمل
الأمل يُخلق من بطن الألم، جملة اعتدنا سماعها ولكن لن يشعُر بها إلا من ذاق مرارة الألم واستغله كنقطة انطلاق لحياةٍ جديدةٍ، قائمة على مبدأ الرضا بقضاء الله، وأدواتها التحدي والعزيمة، وصفاتها لن تنحصر في التحلي بالصبر فحسب، بل ستعجز الألسنة عن سردها في سطورلا حصر لها.
ومع اقتراب الأيام الأخيرة من شهرأكتوبر الذي خُصص من قبل منظمة الصحة العالمية كشهر توعوي حول سرطان الثدي، ويُدعمه جميع الجهات والمؤسسات على مستوى أنحاء العالم، ويُسانده مشاهير العالم بحملات مُناصرة تحمل في طيها معاني القوة والعزيمة، على سبيل المثال: جينيفر أنيستون التي قامت مع أليسيا كيز وديمي مور بإدارة مشروع يُسمى " خمسة "، وهو فيلم قصير يحكي قصة خمس نساء نجين من المرض.
استلهمتنا فكرة هذا الفيلم، تجسيد قصص من أرض الواقع عبر السطور القادمة، وذلك بعد أن تشرفنا باستقطاب نماذج مُشرفة من محاربات سرطان الثدي، أشرفت على علاجهن مستشفى بهية لعلاج مرضى سرطان الثدي من مصر.
والجدير بالذكر، أن مستشفى "بهية" هي أول مستشفى للإكتشاف المُبكرعن المرض الخبيث في مصر. تم اختيار إسم المستشفى " بهية" نسبةً إلى السيدة بهية وهبي وهي حرم المهندس حسين أحمد عثمان، التي أُصيبت بسرطان الثدي. وخلال مراحل علاجها لاحظت عائلتها معاناة السيدات الفقيرة في محاربة المرض، وكانت تتمنى أن توفر جهاز إشعاع للمرضى، وهو الآن في بهية كأحدث جهاز إشعاعي في الشرق الأوسط.
ولم يكتفوا بإحضار الجهاز فقط، بل تحول منزلها الخاص لمركز مُتخصص في علاج سرطان الثدي بالمجان لكل سيدات مصر.علماً أنه تم تطوير منزلها ليُصبح مستشفى بهية لعلاج مرضى السرطان عام 2015، وجاري تأسيس فروع أخرى لاستكمال مسيرتها وسيرتها العطرة بدعوات الملايين لها.
من هذا المُنطلق، دعونا نتعرف على 5 محاربات لسرطان الثدي استطعن التغلب على المرض بقصص مختلفة، جسدت معاني الكفاح والأمل، لنُجدد من خلالها معاني الإنسانية والقدرة على تحدي الألم.
حرب شرسة غيرت حياتي للأفضل
تقول فاتنه محمد مطر، إحدى محاربات مرض سرطان الثدي: قد تعجز الكلمات عن وصف أحاسيسى، لكنها بمثابة رحلة كفاح غيَرت شخصيتي، جعلتني أنظر للحياة بصورة مختلفة، علمتني معنى الصديق وقت الضيق، ومدى محبتي في قلوب من حولي، خصوصاً أمي وإخواني وأخواتي وأبنائي وأصدقائي المُقربين. استطعت من خلالها التعرف على شخصيتي من جديد، لكنني لن أُنكر مدى الألم النفسي والجسدي الذي حاولت التعايش معه منذ أن علمت بالصدفة إصابتي بمرض سرطان الثدي.
لكن يكفيني شرفاً أنني استقبلت هذا الضيف الثقيل على قلبي بكل ترحاب، وقُلت لنفسي أهلاً بالمعارك، فأنت مثلك كمثل الآلام التي يخفق لها قلبي ولا زالت تُرافقني. ومنذ شهر مارس الماضي لعام 2022 قررت خوض هذه الحرب الشرسة لتكون بداية انطلاقي لحياة جديدة يغمُرها الأمل، والعطاء والتطوير وتحقيق الأحلام بلا توقف خلال سنواتي القادمة.
وأذكرُ أنني كنت مريضة مُطيعة، سخر لها الله كل سُبل التعافي بدءاً من مستشفى بهية والقائمين عليها، والأطباء المُشرفين على حالتي، وصولاً إلى دور المقربين لي في حياتي ومدى دعمهم، خصوصاً رفيقة دربي وصديقتي منذ أيام الطفولة.
وعلى الرغم من معاناتي مع مراحل استشفائي سواء العلاج الكيماوي، وعملية إعادة ترميم الثدي، إلا أنني اكتشفت نفسي من جديد، خصوصاً قبل بدء العلاج الكيماوي، فقد اتخذت قرارات مصيرية وحاسمة جعلتني أُقبل على الجلسات العلاجية بكل هدوء وسكينة.
وفي النهاية أحمد الله على المنحة التي وهبي إياها، فقد كانت الشُعلة التي أضاءت ينابيع الأمل بداخلي وعززت ثقتي بنفسي، ووضعتني على المسار الصحيح لاستكمال ما تبقى من حياتي بكل فخر ومن دون النظر لمعاني الخذلان والإنكسارالتي عشتُها خلال سنواتي الماضية.
عطايا الله لا مثيل لها
تسترسل سماح حسن قائلة: تعرفتُ على مستشفى بهية عام 2015 من والدتي بالصدفة، فقد كان لديها الرغبة في إجراء فحوصات وقائية ليس أكثر، وأسرتي ليس فيها تاريخ مرضي لسرطان الثدي، ولكن والدتي أصرت على إجراء بعض الفحوصات التي كشفت عن وجود خلل في الغدد اللبنية ليس أكثر.
وأثناء ذلك نصحتنا المستشفى بضرورة إجراء فحوصات دورية لأمي وأخواتي البنات على وجه الخصوص، وبالفعل حرصنا جميعاً على إجرائها بصفة دورية. ولكن في نوفمبر2021 اكتشفتُ وجود حبة في الثدي الأيمن، وعلى الرغم من أنني أعيش بكلى واحدة وأُعاني من أمراض الضغط وضعف في القلب، إلا أنني لم أيأس من رحمة الله، فقد أقدمتُ على بروتوكول علاج سرطان الثدي بكل عزيمة، بدءاً من التحاليل والفحوصات ووصولاً إلى الحفاظ على شكل الثدي.
وعموماً لن استطيع وصف شعوري بالألم، لكن أحمد الله وكل من دعمني خصوصاً إبنتي وأخواتي، كذلك فريق التمرين والأطباء بمستشفى بهية. كما أؤكد على أن رحلة علاجي كانت بمثابة خروجي من دائرة العُزلة والوحدة، فقد اكتسبتُ صديقات تُشبهني في التحدي بعدما كنت أعيش بدون صديقات، واكتشفتُ مهاراتي المدفونة أثناء مشاركتي لورش العمل والرحلات المُتنوعة التي كانت تُدعمنا بها المستشفى لتأهيلنا صحياً و نفسياً ومعنوياً بدون استثناء، لخوض حياتُنا الجديدة بكل أمل ونظرة مُشرقة لمستقبل أفضل.
تحية لوالدتي في المقام الأول
تؤكد إيمان عبد الكريم، أن سلاحها الوحيد لمحاربة سرطان الثدي كان والدتها قائلة: تعجز الكلمات عن شكر والدتي التي أحاطتني بحُبها وصُمودها وإخفاء مشاعرها أثناء رحلة علاجي، فقد كانت الجانب المُشرق الذي أضاء حياتي من جديد. فعلى الرغم من أنني كنت أعمل بمركز طبي يقوم بإجراء الفحوصات لكشف الأورام المتأخرة، واعتبرنفسي مؤهلة نفسياً وعلمياً لسماع أي شيء عن الأمراض السرطانية، إلا أنني لن استطيع وصف مدى حزني وخوفي على والدتي حين علِمت إصابتي بسرطان الثدي في إبريل لعام 2019، وقراري بعدم إبلاغ أحد، لكن والدتي أصرت على الذهاب معي لتبدأ معي رحلة الكفاح.
ولا أنسى الدورالعظيم لزوجي، ووالدي، وإخواني وزوجاتهم خلال مراحل علاجي، كذلك فريق الأطباء والتمريض وكل القائمين بالعمل في مستشفى بهية. وعموماً رحلتي مع سرطان الثدي جعلتني إنسانة تعشق الحياة، تستثمر وقتها وتكتشف نقاط قوتها وموهبتها في تصنيع المشغولات اليدوية أثناء ورش العمل المُتنوعة بالمستشفى، كذلك اكتسبتُ صديقات طموحات غيرنَ من حياتي للأفضل، لأخُرج من دائرة العُزلة وعدم إنجاب الأطفال إلى حياة كلها أمل ورضا بقضاء الله في كل شيء.
سرطان الثدي ليس النهاية
أما هند بُغدادي فتُضيف قائلة: الشعور بالألم سلاح ذو حدين إما أن يهزمك وإما أن تنتصرعليه، فأنا لا أنُكر خوفي والشعورالذي أصابني عندما اكتشفتُ إصابتي بسرطان الثدي من الدرجة الثانية في بداية عام 2021، فقد كان إحساس الموت يُلاحقني، خصوصاً أن لدي تاريخ وراثي للمرض. لكن خوفي على مصير ابني وفقداني زوجي خلال السنوات الماضية الأكثر تأثيراً على حالتي النفسية.
وعلى الرغم من ذلك، فقد استقبلتُ الخبر بضحكات تبعث الأمل في داخلي، وقررتُ إخفاء خبر إصابتي والصمود للتفكير في كيفية توصيله لكل من والدتي وابني على وجه الخصوص، والحمد لله مرت مراحل العلاج بدون العلاج الكيماوي، وتأكدتُ أن سرطان الثدي ليس النهاية، بل كان أقوى قصة عشتُها بدأت بالخوف وباتت رمزاً للقوة والأمل بمساندة العلي العظيم ثم أولاد خالي وابن عمتي الذي يعمل طبيباً خارج مصر.
حبي للحياة واهتمامي بجمالي لن يهزمه المرض
وأخيراً، أكدت سماح محمد، أن المُر بيمر، وأنها لم تسمح لمراحل علاج سرطان الثدي أن تكون جسرعبور لليأس بداخلها، أونافذة لتشويه لجمالها الذي لطالما حرصت على الاهتمام به رغم الظروف الصعبة التي عاشتها مع المرض. فعلى الرغم من أن والدتُها تُوفيت بنفس المرض وفي نفس عُمرها الحالي، وهواجس الخوف من مرحلة العلاج الكيماوي مع والدتُها كانت تُطاردها، إلا أنها قررت الصمود أمام المرض، والخروج من دائرة الوحدة إلى آفاق جديدة يشملُها حبها لعائلتها، وفرحتها مع أولادها، وتكوينها صداقات جديدة، والعناية بجمالها مدى الحياة.