صلاح السعدني أرابيسك الدراما المصرية
إعداد: عمرو رضا
يحتاج الممثل في شبابه لدور مميز في عمل ناجح ليحقق النجومية والشهرة وينطلق لعالم الأضواء، ثم عليه أن يحسن اختيار أدواره ليحافظ على هذه النجومية. هذا بالضبط عكس ما فعله العمدة صلاح السعدني الذي قدم الكثير من الأعمال المسرحية والسينمائية الجادة، لكنه لم يحظ بالشهرة والنجومية الا عبر بطولته "المفاجئة" للملحمة الشهيرة "ليالى الحلمية". وأكدها بدوره الاسثنائي في مسلسل "أرابيسك"، ليصنف كواحد من أعمدة الدراما التلفزيونية برغم أن شبابه كله ضاع خلف كواليس المسرح وشاشة السينما.
على مهل، صنع صلاح الدين عثمان إبراهيم السعدني مشواره الفني مثل قطعة من فن الأرابيسك، فرغم انه خريج كلية الزراعة نفس دفعة تخرج الفنان الكبير عادل امام، التي اشتهرت كلها بتقديم الاعمال الكوميدية الخفيفة في نهاية الستينيات وبداية السبعينيات من القرن الماضي، الا انه اصر على الوفاء لخلفيته المثقفة كأخ للصحافي الكبير الراحل محمود السعدني. فقدم وقتها للسينما الملحمة الشهيرة "أغنية على الممر" من بطولة العملاق الراحل محمود مرسي والنجم محمود ياسين، لكنه فشل في جلب الإيرادات ورفع سريعا من دور العرض السينمائي. ورفضت القنوات التلفزيونية وقتها عرضه، وكاد أن يتسبب في اعتزاله مهنة التمثيل بنصيحة من أخيه "أمير ظرفاء عصره" والذي وصف شقيقه الأصغر بالممثل ثقيل الظل رغم نجاحه المحدود وقتها في المسلسل الشهير "أبنائي الأعزاء شكرا".
صلاح المؤمن بدور الممثل المثقف، لم يعان من فشل فيلمه فحسب، وانما دفع فواتير الخلاف السياسي العنيف بين أخيه الأكبر والقيادة السياسية في مصر بعد توقيع اتفاقية السلام، فتم نفي الأخ الأكبر الى لندن، وذهب هو طي النسيان في كواليس المسرح المحلي ليقدم عدة أدوار في مسرحيات الناصر صلاح الدين، ثورة الموتى، باللو باللو، زهرة الصبار. وجاءت الانطلاقة مع عرض مسرحية "الملك هو الملك" مع النجم المطرب محمد منير والممثلة فايزة كمال، ليكتشف صناع الدراما التلفزيونية "كنز صلاح السعدني" وتأتيه الفرصة على طبق من ذهب للقيام ببطولة ملحمة أسامة أنور عكاشة "ليالى الحلمية" بعد الاعتذار المفاجئ للنجم سعيد صالح المرشح الأساسي لدور العمدة سليمان غانم.
الفرصة التي جاءت متأخرة، لم تهرب من صاحبها، فقد لازمه الحظ السعيد بالخروج من ملحمة الحلمية لدور أكبر وأهم وهو دور "حسن أربيسك" الذى حقق للسعدني نجومية عوضته كثيرا ظلم السنين. وبعدها تألق في عدة أعمال درامية منها حلم الجنوبي والناس في كفر عسكر ورجل في زمن العولمة وعمارة يعقوبيان وثلاثية نجيب محفوظ وغيرها من الأعمال التي شكلت علامات في تاريخ الدراما التلفزيونية وآخرها دور عبد القوى في مسلسل القاصرات.
الفرصة نفسها لم تؤات صلاح في عمله السينمائي، فرغم حصوله على أكثر من جائزة عن اعماله السينمائية مثل اليوم السادس مع النجمة العالمية داليدا والمخرج يوسف شاهين و كونشرتو في درب السعادة واحلام صغيرة، الا ان أفلامه ظلت للنخبة فقط ولم تحقق النجاح الجماهيري المطلوب، وهو ما عوضه ابنه النجم خفيف الظل أحمد السعدني.
نال الفنان صلاح السعدني خلال مشواره الفني العديد من الجوائز، حيث حصل علي جائزة التميز الفني في مهرجان الإسكندرية السينمائي، كما حصل علي جائزة مهرجان المركز الكاثوليكي للسينما عن أعماله السينمائية الهادفة والمميزة.