Haider Ackermann لـTom Ford خريف 2025: إغواء مُتقن… بين الصرامة والانسياب
التقرير
Haider Ackermann لـTom Ford خريف 2025: إغواء مُتقن… بين الصرامة والانسياب
هذا الموسم من “أسبوع الموضة في باريس” ليس كغيره، إذ يحمل إرثًا ثقيلًا ومسؤولية مزدوجة مع اثنين من أكثر العروض المنتظرة في عالم الفخامة. وقبل أن تكشف “سارة بيرتون” عن أولى مجموعاتها لـ”جيفنشي”، كان الجميع يترقب لحظة صعود “هايدر أكرمان” إلى منصة “توم فورد” لأول مرة، حيث قدّم أولى مجموعاته للدار في خطوة تعيد رسم ملامحها بحساسية جديدة.
“توم فورد” الإسم الذي يتمثل في معادلة دقيقة بين الإغواء والانضباط، بين الحدة والانسياب، بين القوة والترف. تلك اللغة البصرية التي بناها “فورد” بعناية عبر العقود، تستند إلى خياطة دقيقة، وهالة من الجاذبية الجامحة التي تسيطر دون أن تبوح بكل شيء. مهمة “أكرمان” كانت أكثر من مجرد تصميم مجموعة؛ بل محاولة لصياغة فصل جديد يستمر فيه إرث “فورد” دون أن يفقد حدّته، ويتجدد دون أن يتبدد.
عرضٌ مشحون بالغموض والجاذبية المغناطيسية
وسط أجواء من الظل والنور، حيث تتراقص الأناقة على حافة الإغواء، ظهر العرض كحوار بصري بين القوة والانسياب، بين الصرامة والليونة. كانت الخطوط عمودية، والأحجام منحوتة بإتقان معماري، بينما تحركت الأزياء الرجالية والنسائية جنبًا إلى جنب دون حدود فاصلة، وكأنها جزء من رؤية واحدة متكاملة.
من الإطلالة الأولى، برزت بصمة “أكرمان” واضحة—حادة كالمشرط، لكن مفعمة بعاطفة مدروسة. السترات مصمّمة بحدّة تشريحية، تنحت الجسد بدلًا من أن تغطيه، محملة بذلك الحس السلطوي الذي تشتهر به الدار، لكن هذه المرة مع لمسة أكثر كبحًا وانضباطًا. أما البدلات، فقد جاءت باردة في حضورها، دقيقة في تنفيذها، تنضح بثقة لا تحتاج إلى تصريح. الفساتين غير المتناظرة انسابت بحرية محسوبة، خطوطها تقطع الجسد بذكاء، لتكشف دون أن تفضح، وتُغري دون أن تتنازل عن رُقيّها.


دقّة بلا جهد… وسلطة بلا استعراض
كل عنصر في المجموعة كان محسوبًا بإتقان جراحي، حيث لا مساحة للزخرفة الزائدة، ولا حاجة إلى المبالغة. السراويل منخفضة الخصر استدعت ذكريات “فورد” في عصر “غوتشي”، فيما انحدرت الصدريات إلى عمق الصدر بلا خجل، في إشارة إلى تمرّد ناعم لكنه واضح.


في تناغم مدروس، تباينت الأنسجة بين الجلود المنحوتة والشيفون الخفيف، وبين البدلات الصارمة والساتان المتمرد. ثم جاءت الألوان كنبض كهربائي وسط الظلال—ضربات من الأحمر القرمزي، الأخضر الزمردي، والأصفر الساطع، تخترق هدوء الأسود العميق. حتى الجلود المنقوشة، إحدى بصمات “فورد” الأيقونية، ظهرت هنا بلمسة أكثر خفوتًا، كما لو أنها تهمس بحضورها بدلًا من أن تصرخ.


“توم فورد” في حقبة جديدة: حيث الإغواء منحوت في الظلّ والضوء

لم يكن هذا العرض مجرد إعادة تدوير لأرشيف “فورد”، ولا استنساخًا لجرأته الأسطورية. بل كان إعادة ضبط للغة الدار، إعادة هندسة لحساسيتها البصرية، وتحويلها إلى رؤية أكثر برودة، أكثر دقة، وأكثر ذكاءً. الإغواء هنا لم يكن معلنًا، بل كان محسوبًا، منحوتًا، متمركزًا بين الجرأة والانضباط.

وفي مشهد حمل كل معاني التقدير والاعتراف الصامت، وقف “توم فورد” بنفسه من مقعده في الصف الأول، ليحتضن “أكرمان” عند انحنائه شكرًا للجمهور—لحظة مؤثرة كانت بمثابة إشارة ضمنية إلى أن إرثه في يدٍ تعرف كيف تصونه، وكيف تمضي به إلى الأمام دون أن تفقده حدّته الآسرة.