كيف تبدلت مراسم الزواج في البحرين بين الماضي والحاضر؟
بدلت السنون من عادات مراسم الزواج في البحرين، فما كان يُعتبر في السابق من أساسيات الزواج تم الاستغناء عن بعضه في عصرنا الحالي أو استبداله بعادات أكثر حداثة مع المحافظة على روح التقاليد والهوية في هذا البلد.
فطقوس الزواج في البحرين تلتقي في خطوطها العريضة مع العادات في الكثير من البلدان العربية مثل فترة الخطوبة ثم التحضير للزواج والاحتفال بمراسم الزفاف وصولاً إلى الصباحية ولكن تفاصيل الطقوس هي التي تختلف عن البلدان الأخرى إذ أن لها خصوصية في المجتمع البحريني وتنبع من ثقافة أهله وتراثهم.
وسيط الزواج والسؤال عن الزوج
في القديم كان الزواج يبدأ بالوسيط الذي يبحث عن عروس مناسبة للشاب الذي يريد أن يتزوج، وكان والد العروس يسأل الوسيط عن نسب وأصل الزوج في حال كان غريبا لا تربطه بهم صلة دم. كذلك يتم السؤال عن العريس في السوق المركزي في القرية نظراً لتواجد الرجال هناك. بعد موافقة الأب يُرسل العريس أمه ونساء عائلته لرؤية العروس ومعرفة ما إذا كانت تناسبه وكان يتم التركيز على شكل المرأة وبنيتها فكلما كانت ممتلئة كانت تُنسب إلى العز وبأنها بنت خير ذات مستوى مادي جيد. وفي حال لم تنال العروس إعجاب والدة العريس يرفض الفتى هذه الزيجة، وفي حال الموافقة يتم الاتفاق بين العائلتين على الزواج.
يُشار إلى أن العروسين قديما كانا يتزوجان في سن مبكرة جداً إذ كان العمر الأنسب للشاب للزواج هو بين 14 و20 عاماً، والفتاة من 9 إلى 15 سنة، وإذا تجاوزت الفتاة هذه السن كانت تسمى عانساً.
مرحلة المواساة في الزواج البحريني
بعد موافقة الطرفين على الزواج يتفق كل من والد العريس ووالد العروس على كل الأمور المتعلقة بالمهر، ولا يتم إعاطاءه دفعة واحدة في نفس الوقت وإنما قبل الزواج بمدة متفق عليها وتسمى هذه المرحلة بمرحلة المواساة. كذلك يتم الاتفاق على ما يسمى "الضيفة" وهي عبارة عن مبلغ من المال يتم إعطاؤه للعروس لإقامة حفلة لها في الزواج ويتم تسليمها ذلك قبل الزواج نظرا لعدم مقدرة الشاب على كل هذه المدفوعات مرة واحدة. كما يتم تحديد مدة الخطوبة بحسب الحالة المادية للعريس. كذلك يعطى للعروس مبلغ من المال لتجهز به نفسها للحفلة وشراء الأغراض التي تحتاجها.
شراء الدبلة وحفل عقد القران
في ليلة العقد يجب على العريس أن يقدم لعروسه طقم ودبلتين ولذلك يتم تخصيص يوماً تسبق المناسبة لشراء الذهب إذ يذهب مع العريس أمه أو أخته والعروس وأمها أو أختها.
كما يتوجب على العريس ليلة عقد القران أن يشتري قدوعا لأهل العروس ومكسرات وتشكيلة كبيرة من أنواع الفاكهة والحلوى لأن إبرام عقد الزواج سيتم في منزلها. يحضر العقد كل من والد العروس وإخوتها وخالها أو عمها ووالد العريس والشهود والملّاك والعروس لأخذ موافقتها وقراءة الشروط أمامها لتبدي رأيها الأخير وتوقع على العقد. عادة ما يتم اختيار الصباح أو العصر لإجراء عقد الزواج.
في اليوم التالي لإتمام مراسم العقد بين العروسين يذهب والد العريس إلى بيت العروس حاملا معه هدية تسمى "طروة" وهي عبارة عن سمك، وفي اليوم نفسه تذهب النساء من أهل الزوج والجيران إلى بيت العروس ومعهن بعض الملابس المزركشة والحلي ولوازم الزينة للعروس، وعادة ما تحمل هذه الأشياء وتسمى "الدزة" في "بقجة" كبيرة تحمل على رؤوس النساء، وتفضل المقربات من العريس حملها، وهي عبارة عن قطعة قماش كبيرة تلف بها زينة العروس وتحتوي الديرم والبخور والملابس والدراريع والثياب المكورة وثياب النقدة، والأخيرة متعددة الأسماء مثل الطارة والشلالة والجفافة والنشل والدراريع بأشكالها. وخلال حمل "الدزة" إلى بيت العروس تغني النسوة ويطلقن الزغاريد تعبيراً عن الفرح.
تحديد موعد الزفاف
تحديد موعد الزفاف يتم من قبل أهل العروسين وغالباً ما يختارون ليلة الجمعة لأنها أكثر الليالي مباركة ويتفاءل بها الجميع، ويتم التجهيز لليلة الفرح عن طريق عمل "الفرشة" وهي حجرة الزوجين يلتقيان فيها بعد حفلة الزفاف لقضاء أجمل ليلة بالعمر وتكون الحجرة في بيت الزوجة، والفرشة عادة يسهم فيها الأهالي فبعضهم يأتي بالمساند وآخرون بالمناظروالبعض يأتي بالفرشة، وهي من العادات التي دأبت عليها جميع المناطق في البحرين لمساعدة العروسين في مراسم الحفل.
ليلة الحناء
ليلة الحناء في البحرين تتشابه بشكل عام مع ليالي الحناء في البلدان العربية والتي تسبق ليلة الزفاف، إذ يتم الاحتفال بها في منزل العروس وتقوم امرأة متخصصة في عمل الحناء للعروس بنقوش يتم الاتفاق عليها مسبقا. وتدعو إلى حفلها من تريد من الأهل والأصدقاء والجيران. وتشهد هذه الليلة توزيع المعكرونة والسمبوسة والفطائر والبسكويت والعصير على الضيوف كونها أشياء خفيفة لا تحتاج إلى الكثير من الجهد والوق.
يوم الزفاف
في يوم الزفاف يزف المدعوين العريس إلى بيت عروسه وعادة ما تكون الزفة بعد صلاة المغرب وقد تطول إذا كان بيت العروس بعيداً، وأثناء الزفة يتوقف العريس وضيوفه عند أقرب مسجد لأداء صلاة العشاء ثم يواصلون بعدها السير إلى بيت العروس وسط ترديد الجميع للأغاني الشعبية هناك. ويتم استقبال موكب العريس من البيوت التي يمر عليها عبر رمي المشموم عليه والحلويات المغلفة وبعض النقود ما يجعل الصغار يتسابقون على لملمة هذه "الغنائم" بالنسبة لهم. وكان العريس يهدي زوجته صباحية العرس مبلغا من المال أو ذهبا، ثم يأتي أهل العريس بالفطور والغداء والعشاء لابنهم على مدى 7 أيام. وبعد ثلاثة أيام، تزور أم العريس العروس حاملة معها بعض الهدايا كعربون عن محبتها وتقديرها لها.
تطور مراسم الزواج
تطورت مراسم الزواج في البحرين بدءاً من الخطوة الأولى والتي تم فيها الاستغناء عن الخاطبة تقريبا في مختلف المناطق وصار العروسان يتعرفان على بعضهما قبل إقدام العريس على طلب يد العروس. كما أنه بات اليوم رأي العروسين مهم جداً في قبول أو رفض الزواج بعد أن كان رأيهما ثانويا لا تأثير له أما رأي الأهل. وكذلك اختلف أعمار العروسين ليتجاوز العشرين عند أغلب المقدمين على الزواج إلى حين انتهائهما من الدراسة.
التطور في مراسم الزواج طال مختلف جوانبه أيضا حتى أماكن حفل الخطوبة والزفاف وصار البعض يلجأ إلى حفلات الزفاف العصرية التي يتم الاحتفال بها في الصالات أو حتى الاستغناء عن حفل الزفاف أصلاً لصالح قضاء شهر عسل مميز فتكتفي العروس حينها بالقيام بجلوة فقط تدعو فيها المقربين. ولا يمكن تجاوز الجلوة حتى اليوم لكون هذه الجلوة تكون نذراً إما من والدة العروس أو العريس ويجب عليهم تأدية النذر والالتزام به لاعتقادهم بخطورة التغاضي عن تأديته الذي يلحق الضرر بمن نذر سواء العريس أو العروس.