شروط نجاح العلاقات الزوجية بحسب الدراسات أهمها "التقدير"
الزواج ليس نزهة يستطيع فيها المقبلون على الزواج الدخول والخروج منها متى شاؤوا، إنما يُعد أساس لتكوين عائلة متماسكة متفاهمة ومتحابة يزينها الأطفال. ولكن ليس كل المقبلين على الزواج نجحوا في هذا الأمر إذ ارتفعت أعداد الطلاق في العالم كله لأسباب مختلفة عجزت معها الثنائيات على إكمال الطريق سوياً، ولكن في المقابل نجح آخرون في بناء علاقات زوجية ناجحة استمر بعضها أكثر من نصف قرن.
فإذا كنت عزيزتي العروس مقبلة على الزواج يجب أن تُدركي بأن نجاح العلاقات الزوجية لا يأتي من فراغ إنما يحتاج إلى حسن إدارة العلاقة بطريقة ذكية تتناسب مع حالة الزواج التي تربط الشريكين إذ أن كل حالة زواج تُعتبر فريدة من نوعها ولكن اللافت أن إحدى الدراسات العلمية كشفت عن عامل مشترك واحد يجمع بين كل الأزواج ذوو العلاقات الزوجية الناجحة، ويساعد في إنجاح العلاقة الزوجية.
سر نجاح العلاقات الزوجية
إذاً حاولت دراسة علمية حديثة، بإشراف دكتور چون غوتمان وزوجته دكتورة چولي شوارتز، وهما مؤسسا معهد غوتمان لدراسات علم النفس، أن تكشف عن أهم الأسس الرئيسية لضمان استقرار العلاقات الزوجية وتجنب حدوث حالات الطلاق، من خلال الوقوف على 40 ألف حالة زواج على مدار 50 عاماً.
وتوصلت الدراسة إلى وجود عامل مشترك واحد بين جميع الأزواج يتلخص في أنهم يريدون أن يكونوا موضع تقدير، وأن يتم الاعتراف بجهودهم، ومن ثم فإن كلمة السر في نجاح العلاقات الزوجية هي كلمة "شكراً".
العلاقة الزوجية تتطلب إذاً التركيز على الإيجابيات التي تصدر من الشريك وليس على السلبيات وهذا يتطلب التخلص من أسلوب التفكير السام وتقديم الشكر للشريك الذي يُعتبر الشخص الأهم في كل علاقاته الحياتية.
وبحسب كل من دكتور غوتمان ودكتورة شوارتز فإنه عندما يبدأ الزوج أو الزوجة في القيام بالتعبير عن تقديره للطرف الآخر، يصبح من السهل تعزيز العلاقات الزوجية وتزدهر.
كما ينصحان الزوج بإخبار شريكة حياته أنه يراقب كل تفاصيلها حتى يتعرف بشكل أفضل على يومها وكل ما تفعله مشددين على ضرورة أن يتبادل الأزواج عبارات الشكر والتقدير فيما بينهم على ما يفعلونه بشكل روتيني فى اليوم، حتى لو كان صغيرًا، خاصةً إذا كان شيئًا بسيطًا ويفعلونه كل يوم. ولكن لا يقتصر الأمر على مجرد قول: "شكرًا" وإنما يخبران بعضهما البعض أن ما فعله هو تصرفًا بسيطًا للغاية يمثل حلًا مهمًا.
نصائح للتغلب على السلبيات
الدراسة اعترفت أنه لن يكون من السهل تجاهل والتركيز على الإيجابيات في بداية الأمر، إنما يوجد بعض التحديات التي يمكن التغلب عليها من خلال:
- وضع قائمة سريعة بكل ما يقوم به كل من الزوجين، ثم يتم اختيار بضعة مهام لتبادل القيام بمهامها منها على سبيل المثال إذا كان الزوج هو من يقوم دائما بتوصيل الأطفال إلى المدرسة، فيمكن أن تقوم الزوجة بهذه المهمة في أحد أيام الأسبوع، وإذا كانت الزوجة هي من تقوم دائما بإعداد مائدة الطعام دائمًا فيمكن أن يقوم الزوج بتحضيرها في أحد الأيام. الهدف من هذه الخطوة أنها تساعد على أن يضع الشخص نفسه مكان الآخر وسيقوم بتقدير ما يقوم به من مجهودات.
- تنصح الدراسة بمحاولة فصل المشاعر السلبية عما حدث في الماضي، وأن يركز المرء على اللحظة الحالية. وينبغي أن يسأل نفسه: "هل كانت لدي هذه المشاعر السلبية قبل الزواج؟ وما الذي أثار تلك المشاعر؟". هذه الخطوة تساعد على التخلص من المشاعر السلبية.
- ومن الخطوات أيضا لتجاوز التحديات ضرورة تذكر الزوج أو الزوجة بشكل دائم أن التركيز على رؤية الإيجابيات وتجاهل السلبيات لا يعني تغيير عادات وتصرفات شريك الحياة وإنما هو بمثابة تغيير لعادات الشخص نفسه، وبالتالي فإنه يساعد بفاعلية في تعطيل دورة السلبية في العلاقة الزوجية مما يحسن العلاقة الزوجية.
ما دور الرومانسية في العلاقة الزوجية الناجحة؟
على الرغم من أن الدراسة التي أشرنا إليها شددت على أهمية الامتنان وتقديم الشكر كإحدى أهم العوامل المشتركة في جميع العلاقات الزوجية الناجحة، إلا أن دراسة أخرى سبق لها أن أكدت على أهمية عنصر آخر يُعتبر مؤشر رئيسي للسعادة في العلاقة الزوجية ألا وهو الرومانسية ومدى الاهتمام بالتواصل.
الدراسة التي نشرت في دورية وقائع الأكاديمية الوطنية للعلوم المعروفة اختصارا باسم "بي إن إيه إس" PNAS أخضعت حوالي 11 ألفا من الأزواج للدراسة وخرجت بنتائج مفاجئة أهمها أن نوع العلاقة التي تبنيها مع الشريك أكثر أهمية لسعادتك من خصائصك الفردية، فالأمر بحسب الدراسة لا يتعلق بمدى توافق الشريكين، ولا يتعلق بسمات الشخصية أو التاريخ الشخصي أو الاهتمامات، فقد وجدت الدراسة أن هذه الأمور تلعب دورا أصغر بكثير مما قد نعتقده في التنبؤ بنجاح العلاقة الزوجية طويلة الأمد، ولكن أقوى مؤشر لسعادة الزوجين على المدى الطويل هو نوع العلاقة التي ينشئها الشريكان معا بمرور الوقت، أي أن جودة العلاقة التي يمران بها تتجاوز السمات أو الخصائص الفردية في توقع سعادة الزوجين في المستقبل.
وبحسب الباحثة الرئيسية في الدراسة وعالمة النفس سمانثا جويل من جامعة ويسترن في كندا فإن "الجزء المدهش هو أنه بمجرد أن تتوفر لديك جميع البيانات الخاصة بالعلاقة فإن الفروق الفردية تتلاشى في الخلفية، وتقول إن الشخص الذي نختاره ليس بنفس أهمية العلاقة التي نبنيها، إنها الطريقة العامة التي يتعامل بها الزوجان مع بعضهما البعض".
وترى سمانثا جويل أن "الديناميكية التي تبنيها مع شخص ما كالأعراف المشتركة والنكات والخبرات المشتركة هي أكثر بكثير من الأفراد المنفصلين الذين يشكلون تلك العلاقة".
ما دور الاكتئاب والعوامل الاخرى في نجاح الزواج؟
لم تتجاهل الدراسة العوامل الأخرى التي يمكن أن تؤثر على نجاح العلاقة الزوجية وسعادتها مثل مشاعر الشريك نحو وضع حياته الزوجية وميله إلى القلق أو الاكتئاب، وما إذا كان والداه يتمتعان بزواج مستقر أو مطلقين.
أكدت الدراسة أنه هذا العوامل يبقى لها تأثيرها السلبي على إنجاح العلاقة الزوجية وتُعتبر من عوامل الخطر ولكن شددت على أنه إذا تمكن الناس مع ذلك من إقامة علاقة تتميز بالتقدير والرضا الجنسي وعدم وجود صراع وكانوا يرون أن شريكهم ملتزم ومتجاوب فقد تكون عوامل الخطر الفردية تلك قليلة الأهمية".
بناء الأزواح للعلاقة الجيدة بحسب الدراسة
وضعت الدراسة أسسا لبناء علاقة جيدة بين الزوجين تتضمن الشعور المتبادل بالالتزام القوي تجاه بعضهما، واستجابة كل منهما لاحتياجات الآخر، ومساندة بعضهما البعض، وتحقيق مستوى متبادل من الاستمتاع بحياتهما الزوجية، والإحساس بأن الشريك سعيد في العلاقة، وبالطبع مستوى منخفض من الخلافات والصراعات.
شروط أخرى لإنجاح العلاقة
بحسب البحث فإنه يوجد شروط أخرى مفيدة في بناء علاقة جيدة منها على سبيل المثال لا الحصر الاستعداد للتخلي عن الاهتمامات الشخصية، ومعرفة متى تضع احتياجات شريكك قبل احتياجاتك، حيث يرتبط التخلي عن المصلحة الذاتية بهذه الطريقة ارتباطا مباشرا بعلاقة طويلة الأمد وسعيدة. وتحذر الدراسة من الاستمرار بعد الزواج في الشعور بالغرور والأنانية مؤكدة أن ذلك لن يؤدي إلى علاقة سعيدة أو مستمرة.
"التقدير" الشرط المشترك بين الدراستين
ما يجمع بين الدراستين هو تركيزهما على أن الشعور بالتقدير من قبل شريك الحياة يؤدي إلى تقوية العلاقة الزوجية وإن اعتبرته الدراسة الأولى هو الأهم بين كل أسس العلاقة الزوجية الناجحة.
وتؤكد الدراسة أن العلاقة تتعزز بين الشريكين عندما يشعر الشريك المتعب والمرهق مثلا بأنه مفهوم ويتم الاستماع إليه، لا يحدث ذلك فقط من خلال كلمات الدعم، إنما أشكال متعددة أخرى مثل التواصل البصري والاستماع ونقل الفهم والاهتمام- بشكل غير لفظي. فمفتاح السعادة الزوجية هو ضبط ما يراه شريكك مفيدا، وأن تقدمه له.