الصراع الدائم بين الكنة والحماة.. هكذا يفسره علم النفس الحديث
الصورة التي استقرت في أذهان الناس حول الصراع بين الكنة والحماة تجعل كل عروس مقبلة على الزواج تعاني من هواجس إقبالها على معارك مفترضة مع والدة شريكها خصوصا بعد أن تم رسم صورة إجتماعية وإعلامية مشوهة عن الحماة.
كما أن سجلات العديد من المحاكم الشرعية في البلاد العربية تُظهر أن العديد من حالات الطلاق تعود الى خلافات زوجية، أصلها خلافات بين الحماة وكنتها توسعت إلى العائلة كلها مما أوصل الرجل إلى قرار الانفصال.
اسباب المشاكل بين الكنة والحماة في علم النفس
استحوذت العلاقة بين الكنة والحماة على اهتمام الكثيرين من علماء النفس وخرجت بعض الدراسات النفسية والإجتماعية بنتائج حول هذه العلاقة فأرجعت بعضها المشاكل بين الطرفين إلى اختلاف الأمزجة بين الحماة والكنة والذي بدوره يؤدي إلى حدوث المشاكل بينهما خصوصا عندما تتمتع كل منهما بطباع حادة مما يزيد ويفاقم من المشاكل.
ولكن لعل الصراع الأبرز بين الكنة والحماة بحسب الدراسات النفسية هو حول ملكية الرجل أو الاستحواذ على قلبه وقراراته الأمر الذي يفاقم المشاكل بين الطرفين
فالحماة مثلاً وبعكس تقربها وتوددها إلى زوج ابنتها فإنها تشعر أحيانا كثيراً بمشاعر سلبية نحو زوجة ابنها، وبحسب تفسير علماء النفس فذلك يعود أغلب الأحيان إلى الغيرة من الكنة، لأن المرأة بطبعها تغار وستشعر الحماة هنا أن زوجة ابنها قد شاركتها في ملكية ابنها أو انتزعت منها اختصاصها في السيطرة على ابنها فيحدث تنافس بينها وبين زوجة الابن ، خصوصاً أن الحماة تعتبر ابنها راعي أسرتها وقد يأخذ دور الأب فيمثل حماية لها وتشعر بأنها تفقد كل هذا. أما بالنسبة إلى ابنتها فلا تأخذ هذه الأدوار لذلك فإنها تحب زوج ابنتها وتسعد به وتوطد علاقتها به.
نصائح علم النفس لحل مشكلة غيرة الأم من كنتها
الكثير من الوقائع في المجتمع أثبتت أن الحماة الناضجة المتزنة عقلياً ونفسياً قادرة على التعامل بإيجابية مع زوجة الابن تماما كما زوج الابنة. ويدعم علماء النفس هذا الرأي ويقولون أن توازن شخصية الحماة وخبرتها في الحياة يحولان دون إثارة المشاكل مع كنّتها، مشددين على ضرورة تحليها بالوعي حتى تكون العلاقة إيجابية بين الطرفين. كذلك يجب على الحماة إنهاء الصراع بينها وبين كنتها من خلال التخلص من فكرة أن زوجة ابنها جاءت لتحرمها منه ومن عطفه ودلاله، ويجب أن لا تشعر بالمعاناة من الغيرة التافهة وأن تتقبل بأن ابنها وزوجته لهما عالمهما الخاص وأن تكون حريصة على عدم تنغيصه.
كذلك ينصح علماء النفس الأم بأن تدرك بأن حب ابنها لها يختلف عن حبه لزوجته، واذا اقتنعت بذلك فإنها ستُنهي دورة المشاحنات والمشاكل مع كنتها.
كما أن مسؤولية المشاكل لا تقع على عاتق الحماة فقط، فإن الرجل قادر أيضا على إنهاء التوتر والخلاف بين والدته وزوجته من خلال تقريب المسافات بينهما حتى لا تشعر الأم بالغيرة ولا الزوجة بالإهمال.
نصائح للرجل في علاقته بأمه وزوجته
عندما يتزوج الرجل فإنه بالتأكيد سيصبح له عالمه الخاص مع زوجته وأولاده مما سيؤثر نوعاً ما على طبيعة العلاقة بأهله فلا يعود لديه الوقت نفسه لقضائه مع الأهل مثلما كان عازباً، كما أن ثقل مسؤولياته الجديدة تجعله يتراجع خطوة إلى الوراء في القيام ببعض الأمور التي اعتاد القيام بها مع أمه سواء لناحية الخروج سوياً أو السهر معاً أو تأدية بعض الأمور.
هذا الأمر يسبب حساسية كبيرة بالنسبة لأهل الرجل خصوصا والدته فتنقم عليه وعلى زوجته ويجعلها تفكر بأن كنتها هي من سلبت ابنها منها.
لذلك يلعب هنا الذكاء الاجتماعي للرجل دوراً كبيراً في التخفيف من هذه الهواجس لدى أمه، ومن تفكيك الخلافات الناشئة بين زوجته ووالدته من خلال التالي:
أن يعي الرجل أولوية أمه في حياته فيحاول أن لا يهمل أساسيات علاقته بها بسبب الزواج، وعليه مداراتها بعد الارتباط ومحاولة إظهار حبه لها ومكانتها عنده.
وبما أن فترة الزواج ستجعل بعض الأمهات يرتكبن أخطاء بحق الابن أو زوجته فلا بد هنا من محاولة تحمل أخطاء أمه والصبر على تجاوزاتها ومقابلة الإساءة منها بالإحسان.
يجب على الرجل أن يطلب من زوجته التودد لأمه ولو تصنّعاً لترطيب الأجواء بين الطرفين، وأن يجعلها تقدم الهدايا لها سواء في المناسبات أو عدمها مما يقربهما لبعضهما أكثر.
وبما أن الغيرة في قلب الأم تشتعل بعد زواج ابنها بسبب انشغاله بزوجته وإيلائها الاهتمام، فينصح علماء النفس الرجل بألا يمدح زوجته أمام أمه وألّا يذكر ميزاتها ومدى حبه لها لأن هذا الأمر سيغضبها.
ومن نصائح علم النفس للرجل هو أن يُحسن التصرف مع أمه وزوجته وأن يعدل بينهما.
وفي حال وقعت المشاكل بين الاثنين يجب على الرجل أن يتصرف بذكاء فلا يقف إلى جانب أمه فيخسر زوجته ولا إلى جانب الأخيرة فيخسر أمه بل عليه أن يُمسك العصا من المنتصف ويلطف الأجواء ويحاول حل الخلاف بالمنطق واللين.
نصائخ للكنة في التعامل مع الحماة
لا بد أن تعي العروس منذ لحظة ارتباطها بالشريك بأنها مقبلة على عائلة جديدة ستصبح فرداً منها وليست ذاهبة إلى حلبة صراع وهذا يعني أنه يجب منذ فترة الخطوبة التعامل معهم بالخلق الحسن والنية الحسنة وكأنها تتعامل مع أهلها لإرساء أولى مدامك العلاقة الطيبة معهم.
وهذا ربما يتطلب تدريباً لبعض العرائس المقبلات على الزواج على التعامل مع الحماة، وبات الأمر ضروريا وملحاً على نشر ثقافة السلام والوئام بين الكنة والحماة في مجتمعاتنا لتفادي الكثير من حالات الانفصال الناتجة عن هذه المشاكل ويمكن استلهام هذه الخطوة من المجتمع الهندي.
ففي بعض مناطق الهند يتم تدريب الفتيات المقبلات على الزواج، على القيم الأسرية وغرس روح التعاون الأسري في نفوس زوجات المستقبل حتى تعكس صورة مثالية لزوجة الابن، وحتى يتسنى لها الانخراط في الوعاء الجديد، وتصبح كأنها واحدة من أفراد أسرة زوجها تتألم لآلامهم وتفرح لفرحهم.
كذلك يجب أن تتذكر الكنة بأن حماتها إنسانة وهي أم، وسيأتي اليوم الذي ستصبح فيه الكنة مكانها، لذلك يجب أن تعاملها تماما كما تتمنى أن يعاملاها ابنها وزوجته في المستقبل.
كما أن الحماة يمكن أن تتحول لنعمة في حياة الكنة إذا عرفت زوجة الابن كيف تتعامل معها وتتصرف معها بأسلوب ذكي فتكسب بذلك حبها وقلبها ولكن هذا الأمر يحتاج إلى نفس طويل حتى تستطيع الفوز بذلك. وعندما تنجح زوجة الابن ببناء علاقة طيبة مع حماتها فذلك سينعكس على علاقتها بزوجها سعادة وهدوءاً لأن علاقة الكنة مع حماتها تُعتبر الممر الإلزامي لعلاقة هادئة ووطيدة مع الزوج.