الخيانة الزوجية عبر الإنترنت.. أسبابها وتداعياتها من وجهة نظر علم النفس
في أروقة المحاكم في البلاد العربية يوجد العديد من قضايا الانفصال بين الأزواج بسبب الخيانة الزوجية عبر مواقع التواصل الاجتماعي وأصبح الأمر مألوفاً. الأمر نفسه ينطبق على الأزواج في الدول الغربية إذ أثبتت بعض الدراسات أن موقع فيسبوك مثلاً كان السبب الأول في طلاق الألمان والألمانيات يليه موقع تويتر وغيرها مما جعل الانترنت يتربع على عرش الأسباب المؤدية إلى الانفصال.
صحيح أن الخيانة الزوجية مشكلة قديمة قِدم الإنسان ولكن الانترنت ساهم في تغذية هذه المشكلة وتسهيلها وتفشيها نظرا لسهولة إقامة العلاقات عبر المواقع التواصل الاجتماعي بين الجنسين.
فما هي أسباب هذه الخيانة الزوجية وتداعياتها وكيف يمكن للمقبلين على الزواج وللعرسان الجدد أو للأزواج أن يتفادوا الوقوع في هذه المشكلة؟
أسباب الخيانة الزوجية
كثيرة هي أسباب الخيانة الزوجية الإلكترونية حتى أنها استطاعت أن تُغرق في براثنها حتى أولئك الذين لم يفكروا بالخيانة من قبل نظرا لسهولتها ولإثارتها ولعدم وجود أي رقابة عليها. أكثر المنغمسين في تلك الخيانة هم الأشخاص الذين يعانون من الفراغ ومن الوازع الديني والذينيدمنون الجلوس أمام شاشة الكمبيوتر وقتا طويلا للتسلية.
تبدأ أغلب تلك الخيانات بحسب عدد من خبراء النفس بعلاقات بريئة مع الجنس الآخر تكون مقدمة للوقوع في الخيانة إذ أتاح انتشار مواقع التواصل الاجتماعي التواصل مجالا للتواصل مع الجنس الآخر والتحادث مع بعضهم فتنمو العلاقة بين الثنائي تصل في كثير من الأحيان إلى تبادل الأسرار العائلية والنفسية وتتطور رويدا رويدا لتصل إلى علاقة بالكامل.
تؤكد الخبيرة النفسية غيل سالتز وجود ثلاث طرق تؤدي إلى الوقوع بفخ الخيانة الزوجية عبر الانترنت من قبل الرجل. الطريق الأول هو التغزل بسيدات أخريات، أما الطريق الثاني فهو عندما يقوم الزوج بالاتصال بحبيبات سابقات في محاولة منه لإضرام النار بعلاقاته السابقة على حساب زواجه الحالي. أما الطريق الثالث، فهو معاشرة أناس من النوع "الخائن عاطفياً" إذ من شأن هؤلاء أن يقنعوا الزوج بأن ما يفعله هو "أمر عادي" ولا ضير فيه.
وترى سالتز أن المنزلقين في العلاقة غير واعين لخطورة هذه العلاقات ويخادعون أنفسهم ويزعمون أن ما يفعلونه هو عبارة عن "تواصل بريء" لا يدل على شيء، وطالما أن الأمور لم تصل إلى مرحلة الممارسة الجنسية فإن الأمور على ما يرام.
وتؤكد أن طريقة تفكيرهم هذه غير دقيقة لأن حصر الخيانة بالفعل الجسدي أمر غير صحيح. فالعلاقة الزوجية بنظر سالتز تتضمن الكثير من العواطف والتواصل، وتبادل الأسرار الزوجية، والتحدث مع نساء أخريات سيشكل نوعاً من إهدار الثقة بين الزوجين، إذ أن معنى هذا أن الزوج ببساطة يرتاح لامرأة أخرى غير زوجته. وهو الأمر الذي لن ترضى عنه الزوجة قطعا، بل قد يكون، برأي سالتز، الأمر أسوأ وقعاً عليها من الخيانة الجنسية نفسها، لأن الزوج ائتمن ببساطة سيدة أخرى على أسراره غيرها.
وتنصح سالتز الرجال المنزلقين في العلاقة مع امرأة اخرى إلى سؤال أنفسهم عن قدرتهم على مواجهة زوجاتهم بهذه "العلاقة البريئة" كما يدّعون ليعرفوا ببساطة أنهم عاجزين عن الإقرار بذلك مما يعني بأنهم ينزلقون نحو الوقوع بغرام سيدة أخرى.
أما الحل في رأيها فيكمن في ضرورة أن يواجه الزوج "الخائن عاطفياً" نفسه ويبحث عن مواقع الخلل في علاقته الزوجية، ليكتشف السبب الفعلي الذي دعاه للتواصل مع امرأة أخرى، وعندئذ عليه أن يسعى للتحاور مع زوجته محاولا التخلص من الملل والرتابة والروتين في حياتهما.
وبغض النظر عن الانزلاق في علاقة مع شريك اخر أو لا، فإن بعض خبراء النفس يحذرون أصلا من مواقع التواصل الاجتماعي وسوء استخدامها كونها باتت تهدد الإستقرار الأسري وتمزق أواصر التواصل بين الأزواج وتنعكس سلباً على العواطف وتزيد من العصبية في التعامل وكذلك من الخلافات التي توصل في النهاية إلى الطلاق بسبب إدمان الشريك على التكنولوجيا.
كيف ينظر الدين لهذه الخيانة؟
ينظر الدين إلى موضوع الاختلاط الإلكتروني بضرورة أن يتم وفق الضوابط التي وضعها الإسلام مما يعني أن التقارب المحرم لا يعني فقط التقارب الجسدي بل كل ما يؤدي إلى التواصل الروحي والعاطفي بين الجنسين سواء من خلال التقارب الجسدي أو الصوت أو الصورة أو الرسالة أو الكلمات. وانطلاقا من ذلك يحرم الاختلاط الالكتروني الذي يمكن أن يحرك الغرائز ويثير الشهوات.
ومن المعروف أن عدم الإشباع العاطفي عند الزوجين يُعتبر من الأسباب الرئيسية للخيانة الزوجية. فاالمرأة التي لا تسمع مثلا من زوجها كلمات الإطراء التي تُشبعها عاطفيا ونفسيا، بسبب شعور الزوج بعدم الحاجة إلى الثناء على زوجته قد يدفعها ذلك إلى البحث عن ذلك المديح خارج منزلها لإرضاء نفسها عاطفياً وهنا يلعب الوازع الديني دوره الكبير في تحصينها من الخيانة وردعها عنها وإلا فإنها ستسقط في براثن الخيانة الزوجية عند أول مديح وإطراء يحاكي غريزتها العاطفية. وفي ظل الانفلات في عالم النت فإن مواقع التواصل الاجتماعي تسهل على المرأة كما على الرجل قيام العلاقات غير الشرعية فتبدأ العلاقات بالتعارف ثم الانجذاب العاطفي ويتطور مع غياب الرادع الديني إلى قيام علاقة غير شرعية بين الثنائي، وفي النهاية فإن هذه العلاقات تكون غير صادقة ومبنية على أوهام ولكنها قادرة على تدمير عائلات بأكملها.
تداعيات الخيانة الزوجية
وبما أن الخيانة الزوجية عبر النت هي جزء لا يتجزأ من الخيانة بشكل عام فإن تداعياتها على العلاقة الزوجية تكون واحدة وفي أغلب الأحيان تنتهي بالطلاق. فقد أظهرت إحدى الإحصائيات العالمية أن 80 % من النساء لا يستطعن العفو عن الأزواج الخائنين، و95 % من الرجال لا يستطيعون العفو عن الزوجة الخائنة مما يعني أن أغلب تلك الخيانات مآلها إلى الانفصال الزوجي.
ولكن بعض خبراء النفس وعلماء الاجتماع ينصحون بالتروي قبل اتخاذ قرار الانفصال بسبب الخيانة لأن هذا الخطأ لا يكون متعمداً عندما يقع الشخص في مطب الخيانة الزوجية إنما يحصل لإن الانسان معرّض لارتكاب الخطأ.
ويؤكد الخبراء أن الخيانة الزوجية قد تكون قاتلة إذا ترافقت بالكذب ولا يمكن حينها إصلاح العلاقة. ولكن في حال اعترف الشريك بالخطأ فإن المشكلة تصبح قابلة للإصلاح مع التأكيد على عدم وجود أي مبرر على الإطلاق للخيانة الزوجية مهما كانت الأسباب.
كذلك ينصح بعض علماء النفس مرتكبي الخيانة الزوجية بضرورة التحلي بالصبر عندما يتعرضون للانتقادات المستمرة من شريكهم لأن هذه الانتقادات هي جزء من العقوبة التي يستحقها من خان وعليه أن يتوقع رد فعل قوي من شريكه ويجب تفهمه والابتعاد عن مواجهته في حال رغب باحتواء المشكلة.