أصول ومفاهيم غريبة وراء عادات الزفاف... تعرّفي عليها
منذ انطلق مفهوم الزواج منذ حوالي 23000 عام، انطلقت معه عادات خاصة انبثقت عن ثقافات مختلفة، أبرزها التقاليد العتيقة في مصر القديمة وروما واليونان. بعض تلك العادات صمد أمام تغيّرات الزمن ولا يزال معتمداً حنى اليوم كطقوس دائمة تخضع إلى تطوّر مستمر انسجاماً مع الأحداث الجارية والبيئة المحيطة.
كعكة الزفاف، على سبيل المثال، تنبع من التقليد الروماني المتمثل في تكسير كعك القمح على رأس العروس بهدف تحفيزعنصر الخصوبة على أعلى مستوى ممكن، وجلب الحظ السعيد، وكرمز للخضوع للزوج أيضاً.
ماذا عن باقي عناصر الزفاف؟ في هذه المادة، قمنا بتجميع أبرز عادات الزفاف المتبعة حتى اليوم، مع سرد لأصولها وتطوّرها عبر الزمن.
أصول مفهوم الزواج
من المتفق عليه على نطاق واسع أنّ أصل الزواج يعود إلى ما قبل التاريخ المسجّل بوقت طويل، لكن أقدم وثيقة مسجّلة عن مراسم الزواج التي توحّد الامرأة والرجل يعود تاريخها إلى حوالي 2350 قبل الميلاد، في منطقة شرق البحر الأبيض المتوسط. حينها، أصبح صيادو الحيوانات وقطافّو المحصول في الأزمنة الغابرة مزارعين، وبدأت يومها تتشكّل الأدوار الجنسانية في جميع أنحاء الأسرة، حيث أصبح الذكور هم المسؤولون عن توفير الغذاء للعائلة، بينما بقيت الإناث في المنزل لتربية الأطفال. وهكذا، سرعان ما أصبح الزواج ضروريًا كوسيلة لضمان بقاء ذريتهم.
قبل هذا التاريخ بآلاف السنين، وبحسب معظم علماء الأنثروبولوجيا، كانت العائلات تتكوّن من مجموعات منظمة بشكل غير محكم تضم ما يصل إلى 30 شخصًا، مع العديد من القادة الذكور، والعديد من النساء اللواتي يشاركنهم الأطفال. عندما استقر الصيادون في الحضارات الزراعية، أصبح المجتمع بحاجة إلى ترتيبات أكثر استقرارًا. لذا، وعلى مدى مئات السنين التالية، تطوّر مفهوم الزواج إلى مؤسسة واسعة الانتشار احتضنها العبرانيون واليونانيون والرومان القدماء. لكن في ذلك الوقت، لم يكن للزواج علاقة بالحب أو بالدين، بل كان يهدف إلى ارتباط النساء بالرجال، وبالتالي تحقيق الضمانة أنّ أطفال الرجل هم ورثته البيولوجيون؛ الجدير ذكره حينها، أنّه ومن خلال الزواج، أصبحت المرأة آنذاك ملكًا حصرياً للرجل.
أصول ومفهوم الطرحة
ارتدت نساء النخبة في بلاد ما بين النهرين القديمة وفي الإمبراطوريتين اليونانية والفارسية الطرحة كدليل على الاحترام والمكانة الرفيعة. تم العثور على أقدم مرجع موثّق للطرحة في قانون القانون الآشوري الأوسط الذي يرجع تاريخه إلى ما بين 1400 و 1100 قبل الميلاد.
تعود الطرحة بالأصل إلى الزواج التقليدي المرتّب من قبل الأهل الذين كانوا يمنعون العريس من رؤية عروسه قبل يوم الزفاف. أمّا السبب وراء ذلك، فهو الخوّف من تراجعه في حال لم تعجبه العروس لو رآها في وقت يسبق يوم الزفاف. لذلك، كانت الطرحة تُستخدم لإخفاء مظهر العروس حتى لحظة زواجها.
من ناحية أخرى، كانت المجتمعات الأوروبية القديمة تعتمد الطرحة لدرء الأرواح الشريرة، ثم ما لبث أن تطوّر مفهوم الطرحة، ليصبح رمزًا للعفة والطهارة.
أمّا اللون الأبيض للطرحة، فقد أطلقته الملكة فيكتوريا كترند عندما تزوجّت من الأمير ألبرت في 10 فبراير 1840، لتصبح أول امرأة في إنجلترا والمناطق المحيطة بها، التي ترتدي الطرحة باللون الأبيض. شيئاً فشياً أصبحت الطرحة الحمراء أو الملوّنة شيئًا من الماضي، حيث باشرت النساء حول العالم بصنع وشراء الطرحة البيضاء. اليوم، تغيّر مفهوم ارتداء الطرحة، حيث قلّة منها تخفي وجه العروس، وأصبحت تأخذ طابع الزينة، لتأتي التصاميم العصرية بزخرفات وتطريزات مميّزة، مع أكسسوارات تضفي جمالاً على فستان الزفاف.
فساتين الزفاف
تطوّرت فساتين الزفاف منذ قرون مضت. هذا الفستان "الحلم" لم يكن يشبه الأحلام دائماً، بل كان يمكن تشبيهه بعباءة عادية في بعض الأحيان؛ ليتحوّل في ما بعد إلى بدلة رسمية أو ثوب بمثابة حديقة ورود حرفياً.
ظهرت فساتين الزفاف البيضاء بشكل حقيقي في منتصف القرن التاسع عشر، توازياً مع قماش الحرير المطرّز والدانتيل والتفاصيل الزهرية.
أول حالة موثقة لأميرة ارتدت فستان زفاف أبيض في حفل زفاف ملكي، هي تلك الخاصة بفيليبا من إنجلترا، التي اعتمدت في إطلالة الزفاف لدى زواجها من إريك بوميرانيا عام 1406، سترة مع عباءة من الحرير الأبيض يحدّها السنجاب والجزر.
الجدير ذكره أنّ ماري، ملكة اسكتلندا هي أول من ارتدت الأبيض في يوم زفافها عام 1558، لكنها لم تصنع الموضة كالأميرة فكتوريا، التي كانت بالتأكيد الأكثر تأثيرًا، حيث سرعان ما أصبحت فساتين الزفاف البيضاء هي القاعدة، وليس الإستثناء، بعد عرس الأخيرة. في ما سبق هذا التاريخ، كانت العروس ترتدي فساتين زفاف بالذهبي أو الأزرق.
أمّا الحقبة الذهبية لفساتين الزفاف، فكانت حقبة الخمسينات، التي سجّلت توجها لافتاً في الفساتين نحو الطابع الرومانسي والأنثوي، حيث انطلقت فساتين الزفاف لتسطّر صفحات جديدة حالمة لليوم الكبير. امّا أبرز من ظهر بفستان أنثوي بقالب عصري، فهي جاكلين كينيدي، التي ارتدت فستاناً مميزاً تمت خياطته بتصميم خاص للأكتاف والخصر وتم تزيينه بالقفازات القصيرة.
أصول قالب الحلوى في الزفاف
بالنسبة للكثيرين، العنصر الأكثر أناقة في حفل الاستقبال هو كعكة الزفاف، خاصة أنها وسيلة للزوجين للتعبير عن أنفسهما بعنصر فريد وجميل يحتل مركز الصدارة وسط عروض الطعام المختلفة. وفي حين أن العروسين اليوم يركزان على نوع كعكة الزفاف، إلا أنها تحمل في طيّاتها الكثير من التقاليد.
نظرًا لأن قالب الحلوى يمثل الخصوبة، فقد كان الرومان والإغريق القدامى يخبزون كعكات القمح في الزفاف؛ وسرعان ما أصبح من المعتاد تكديس كعكات القمح واحدة فوق الأخرى، بأطول ارتفاع ممكن. اللافت أنّه كان يتم كسر القالب فوق رأس العروس، كرمز لخضوعها للرجل.
مع مرور الوقت، بدأ تقليد تقطيع قالب الحلوى، وتمحور حول إظهار دعم العريس لعروسه من خلال شبك الأيادي، كوعد يقطعه للعناية بها والاهتمام بمستقبلهما سوية. وكان يتم تشجيع الزوجين على قطع القالب من الطبقة السفلى، تجسيداً لإطالة العلاقة بينهما. أمّا بالنسبة للحاضرين، فإنّ تناول الكعكة بعد تقطيعها من قبل الزوجين، فيرمز إلى جلب الحظ السعيد.
خاتم الزفاف
تمثل الحلقة في خاتم الزفاف الخلود، أي الزواج الخالد الذي لا يعرف نهاية. خلال العصور القديمة، كانت النساء يرتدين حلقات مصنوعة من ورق البردي حول معصمهن وكاحلهن، ثم بدأ الرومان في استبدال هذه المادة بالحديد، ما أدى في نهاية الأمر إلى استخدام الذهب في صنع حلقات الخطوبة.
إلى ذلك، بدأ تقليد خاتم الخطوبة الماسي من قبل الأرشيدوق ماكسيميليان النمساوي، حين تقدّم بعرض زواج على ماري من بورغوندي. كالدوائر، لطالما اُعتبر الماس رمزاً للخلود، لأنه من أثمن الجواهر على وجه الأرض. أمّا وضع الخاتم على الإصبع الرابع، فهو تقليد سخرّه المصريّون الذين اعتقدوا أن هذا الإصبع يتضمن الوريد المتصل بالقلب.
رمي الأرز
لطالما تم اعتبار الأرز والحبوب الأخرى كعلامة على الازدهار والخصوبة؛ من هنا انطلق تقليد رمي الأرز في حفلات زفاف كرمز إلى الحظ السعيد. على الرغم من أنّ هذه العادة هي تقليد قديم للزفاف، إلا أنّها لا تزال مستمرة لليوم ولو أصبحت أقل شيوعًا، حيث يتم استبدال الأرز ببدائل مثل قصاصات الورق والفقاعات اللامعة والورود.
مفهوم شهر العسل
فيما أصبح شهر العسل اليوم هو عبارة عن إجازة أو رحلة يقوم بها العروسان بعد حفل الزفاف، إلاّ أنّ لهذا المصطلح دلالات قديمة بعيدة بعض الشيء عن مفهوم الإسترخاء والتمتع بالعطلة. فكلمة "شهر العسل" نفسها مشتقة من الممارسة الإسكندنافية لشرب شراب الميد، أو العسل المخمّر، من قبل العروسين، خلال الشهر الأول من الزواج، وذلك من أجل تمكين الارتباط وتحسين احتمالية الحمل. ظهرت الكلمة أيضًا في القرن الخامس عشر الميلادي، كمصطلح لتحذير المتزوجين حديثًا للحفاظ على الحب بينهما، وكانت الرسالة تدور حول: "كما يزول القمر هكذا حبك".
هذا، ويعود تقليد الاحتفال بشهر عسل بعد الزفاف إلى القرن الخامس، عندما كانت الثقافات تمثل وقت التقويم في دورات القمر. بمجرد الزواج، كان الزوجان يحتسيان مشروبًا مصنوعًا من العسل، وهو تقليد يحدث خلال أول قمر يظهر للأزواج بعد حفل الزفاف.