ما الذي يميز العادات التراثية للزفاف في مكة عن تقاليد الزواج في المملكة العربية السعودية؟
لا تزال العديد من المناطق في المملكة العربية السعودية تحتفظ بالعديد منن العادات التراثية المشتركة في إحياء حفلات الزفاف بينما تتمايز بعضها بطقوس خاصة لكل منها، بينها على سبيل المثال منطقة مكة المكرمة التي لها بعض الطقوس الخاصة بمراسم الزواج واحتفالات الأعراس وما زالت الكثير من العائلات تطبقها حتى اليوم على الرغم من الطقوس العصرية التي غزت حفلات الزفاف هناك.
https://www.instagram.com/p/Cq-QPSeoX0G/?utm_source=ig_web_copy_link
طقوس خاصة بحفلات الزفاف في مكة
عندما نتحدث عن حفل زفاف في مكة يعني أننا نتحدث عن عادات ذات نكهة تراثية ظلت صامدة على مر السنين ولم تتغير وظل جزء كبير من أهل مكة متمسكين بها أو يحاولون إحيائها مجدداً مما يزيد من سحر الأعراس في هذه المنطقة.
ومن العادات التي لطالما عرفت بها منطقة مكة أن عقد قران العروسين يتم عادة في المسجد الحرام وهذه من العادات التي يحلم بها الكثيرون خارج هذه المنطقة. أما زي العروس فعبارة عن ثوب مقصب ومحرم وسديرية بدلاً من فستان الزفاف الأبيض، كما يتخلل الأعراس هناك الزغاريد إلى جانب الأغاني الشعبية التي تتميز بها هذه المنطقة مثل المواويل وغيرها.
في الماضي كان حفل الزفاف في مكة يمتد على مدى أيام تصل إلى عشرة، تمكث خلالها العروس نحو سبعة أيام على سرير يلتف حوله ستار منقوشولايراها سوى أهل منزلها, ولاتغادره أبدا.
ولا تزال المجسات الحجازية تُعتبر من أهم العادات الفلكلورية البارزة في حفلات الزفاف في مكة المكرمة وهي تعني وجود شخص يلقي القصائد والمدح في العروسين وذويهما ويتبعها المزمار.
ويتميز حفل عقد القران أو الزفاف في مكة بتقديم "التعتيمة الحجازية" للضيوف والأقارب وهي إحدى الأكلات الحجازية وتشمل أصنافاً من الحلويات المشهورة مثل "اللدو، واللبنية والهريسة والعريكة والمفروكة والحلاوة الطحينية وحلاوة الشعر مع أحد أنواع الخبز المعروف باسم الـ"شريك". وقد استقت هذه العادة اسمها من عتمة الليل إذ يتم تقديم هذا النوع من الحلويات بعد تناول وجبة العشاء بنحو ساعتين تقريبا. وقد تم إدخال بعض اللمسات العصرية في السنوات الاخيرة إلى التعتيمة الحجازية مثل أنواع مختلفة من الأجبان والمربيات والفلفل الحار وغيرها لتلبي مختلف الأذواق.
طقوس متشابهة لحفلات الزفاف في مختلف مناطق المملكة:
ليلة الغمرة
تبدأ طقوس حفل الزفاف السعودي في أغلب مناطق المملكة بليلة الغمرة قبل يوم تقريبا من حفل الزفاف. وقد استمدت هذه الليلة اسمها من الغمر، أي غمر العروس نفسها بالذهب، إذ تقوم خلالها معظم العائلات بتلبيس عروستهم الغمرة.
وليلة الغمر اليوم صارت مختلفة عن الماضي ولم تحتفظ منها سوى باسمها. ففي ليلة الغمر كانت قريبات العروس وصديقاتها يجتمعن للغناء والرقص وترتدي العروس خلالها الزي التقليدي المدني أو البدوي أو الثوب العربي أو المغربي أو الهندي. وما زالت بعض العرائس تخفي وجهها بالبرقع تمسكًا بالعادات المتوارثة قديمًا كون العروس لا يراها أحد إلا عند ارتداء فستان الزفاف. وتشهد هذه الليلة أيضاً على حناء العروس إذ يتم تحنيتها في ليلة الغمرة. صحيح أن حالياً يقوم بتحنيتها خبيرة بنقوش الحناء ولكن بعض العرائس ما زلن يحتفظن بالعادة المتوارثة بأن تقوم إحدى قريبات العروس بنقش الحناء على جسمها بشرط أن تكون تلك المرأة سعيدة في حياتها الزوجية ويُمنع على الأرملة أو المطلقة أو الزوجة غير الموفقة في زيجتها تحنية العروس حتى لا تكون مصدر شؤم عليها.
وفي عصرنا الحالي صارت بعض العرائس تحيي هذه الليلة في صالات مخصصة بينما يُفضلن أخريات الاحتفال بها في المنزل، ويتم خلالها ترديد الأغاني الشعبية والرقص الى ساعات متأخرة من الليل ويتخلل الليلة توزيع الحلوى أو تقديم طعام العشاء والمشروبات للضيوف.
كما يقوم الضيوف خلال ليلة الغمرة أو ما يُعرف بليلة الحناء بتقديم هدايا قيّمة وثمينة للعروس تشمل الذهب والعطور الراقية ثم تزف العروس برفقة والدتها، وأخواتها، وخالاتها، وتستمر الموسيقى والرقص، طوال الليل.
حمام العروسين
من الطقوس التي ما زال العرسان يحتفظن بها في السعودية هي حمام العروسين حيث تستحم العروس في بيت أهلها قبل ليلة الزفاف بيوم واحد استعدادا للزفاف وتقوم أمها أو إحدى قريباتها بمساعدتها في تنظيف وجهها وجسمها من الشعر الزائد. وبعد الاستحمام ترتدي العروس ملابس جديدة ويوضع لها بخور من أعواد "الماوردي" لتعطير جسدها. وبحسب التقاليد فإنه لا يجب أن يراها بعد ذلك أحد من الرجال أو النساء سوى الأم وبعض القريبات للاحتفاظ بنضارتها كما يعتقدون.
أما العريس فيأخذ بدوره حمامه في بيت أهله قبل ليلة الزفاف ثم يذهب إلى الحلاق لحلاقة الشعر وتزيين الشارب واللحية ولا تزال هذه العادات تُطبّق حتى اليوم. كما أنه لا يقبل الحلاق بتقاضي أجراً من العريس في هذه المناسبة.
كيف يتم الاحتفال بالزفاف؟
اتجه العديد من الشباب السعودي إلى الاحتفال بيوم الزفاف في صالات مخصصة للمناسبة في مكانين منفصلين، أحدهما مخصص للرجال والآخر مخصص للنساء والأطفال إلا أن بعض العائلات أو المناطق ما زالوا يحتفظون بالتقاليد القديمة في إحياء الزفاف كأن يتوجه العريس إلى منزل أهل العروس في موكب كبير بعد صلاة العشاء ويسير هذا الموكب مشياً على الأقدام في ضوء "الأتاريك" ويخترق بعض الشوارع الرئيسية، حتى لو كان بيت العروس لا يبعد كثيراً عن منزل أهل العريس. ويقوم أهل العروس باستقبال الوفد بعيداً عن باب المنزل كترحيب مبالغ به بالموكب.
وعادة ما تشهد حفلات الزفاف السعودية سواء في المنازل او الصالات رقصات السيف التقليدية وقرع الطبول، كما يتم خلالها أيضا تقديم وليمة ضخمة لضيوف الزفاف.
وتستمر غالباً الاحتفال بهذه المناسبة إلى نهاية الليل عند كل من أهل العريس وأهل العروس أو حتى في الصالات.
صباحية العروسين وتصبيحة العروس
وتُعتبر الصباحية من أهم الطقوس المتوارثة التي يتم بها اختتام حفل الزفاف. ففي صباح اليوم الذي يلي ليلة الزفاف، والذي يعرف باسم الصبحية أو الصباحية تقوم العروس بتغيير ملابسها بمساعدة أمها أو إحدى القريبات وتأخذ مكانها في غرفة الاستقبال حيث يقدم لها العريس وأهله بعض الهدايا ويسمونها "التصبيحة". وغالباً ما تكون من الحلي الذهبية مثل الأساور والأقراط والخواتم وقطع المجوهرات الأخرى.
ومن العادات أن تكون هدية العريس مميزة وتكون غالباً عبارة عن طقم كامل من الذهب، وفي هذه المناسبة يقوم أهل العروس بتقديم "بقشة" للعريس ووالده وإخوانه وبداخلها بدلة كاملة من الزي السعودي المعروف " ثوب ولباس وكوفية وغترة وعباءة".
كما يقوم أقارب العروس بتقديم الهدايا لها وهي عبارة إما عن مجوهرات أو عطر أو قماش وتوضع كل هذه الهدايا في مكان بارز لتشاهدها المدعوات من النساء.