قوة دافعة لهم .. العلاج بالفن يتجاوز ألم أطفال السرطان
العلاج بالفن هو نوع من العلاج التكميلي الذي يستخدم الفنون التشكيلية مثل الرسم، والنحت، والموسيقى، والكتابة، والرقص كوسيلة للتعبير عن المشاعر والتفاعل مع التجارب الصعبة مثل مرض السرطان الذي يمر الأطفال المصابين به بتجربة قاسية للغاية، وخصوصًا مع بروتوكول العلاج المدمر لهم جسديًا ونفسيًا، ولذلك هم بحاجة إلى لطف واحتواء من المحيطين بهم خلال مرحلة العلاج. فكيف يمكن للفن أن يساهم في تخفيف آلامهم وتحسين نفسيتهم في مواجهة هذا المرض الشرس.
بروتوكول العلاج بالفن لألم السرطان
تتوفر برامج العلاج بالفن في معظم المستشفيات ومراكز العلاج، ويمكن للمرضى الاستفادة منها كجزء من رحلتهم في علاج السرطان. ولذلك من الممكن اعتبار العلاجات التكميلية مثل العلاج بالفن خيارًا جيدًا لتحسين الجودة العامة للحياة والتأقلم مع التحديات المرتبطة بالمرض.
ويمكن للعلاج بالفن أن يكون له تأثيرات إيجابية على الصحة النفسية والعاطفية والجسدية للأشخاص الذين يواجهون مرض السرطان والتعبير عن المشاعر، إذ يوفر الفن طريقة دافئة للتعبير عن المشاعر المعقدة والتجارب الصعبة التي يمكن أن يواجهها المرضى خلال رحلتهم مع مرض السرطان، مما يساعدهم على تحسين التأقلم والتخفيف من الضغط العاطفي.
فوائد العلاج بالفن في تخفيف ألم أطفال السرطان
ومن أهم فوائد العلاج بالفن لألم أطفال السرطان ما يلي:
-
تعزيز الشعور بالسيطرة
يمكن للمشاركة في الفن أن تساعد الأطفال على استعادة الشعور بالسيطرة على حياتهم في وجه مرض يمكن أن يكون مربكًا ومرعبًا.
-
تحسين الراحة وتخفيف الألم
قد يساعد الاستمتاع بالنشاطات الفنية على تحسين الراحة وتخفيف الألم والتوتر الناتج عن العلاجات الطبية.
-
تعزيز التواصل والتفاعل الاجتماعي
يعتبر العمل الفني والعلاج بالفن فرصة عظيمة للمرضى لحثهم على التفاعل مع الآخرين من خلال الانضمام إلى مجموعات دعم وتحفزهم على مشاركة تجاربهم ودعم بعضهم البعض.
-
تحفيز الإبداع والتفاؤل
يمكن للعمل الفني والعلاج بالفن أن يشجع على الإبداع والتفاؤل والنظر إلى الجوانب الإيجابية في الحياة رغم التحديات.
والآن وبشكل عام هل يمكن علاج الأمراض من خلال الفن؟
حول هذا السؤال جاءت جلسة تقنيات العلاج بالفن للتعبير عن المشاعر وتقليل التوتر التي شهدتها الدورة الـ15 من مهرجان الشارقة القرائي للطفل، بحضور كل من الدكتورة سماء الهاشمي، من البحرين، وجين ماونت، من الولايات المتحدة، وبإدارة الدكتورة مانيا سويد، حيث أكدت كل منهما على أن مفهوم العلاج بالفن أوسع من مجرد رسم صورة؛ إذ يمتد إلى مختلف فنون التعبير مثل الغناء والرقص والسرد، ليصبح لغة غير لفظية نستخدمها للتعبير عن مشاعرنا وتجاربنا، وهو من أهم طرق الشفاء من بعض الأمراض التي قد لا يستطيع الطب تداركها.
للعلاج بالفن دور كبير في علاج الأمراض بوجه عام من خلال ما يلي:
التعبير عن الذات
وفي هذا الصدد وحول أهمية علاج الأمراض بالفن أكدت الدكتورة سماء الهاشمي، أنه في ظل الحياة المعاصرة وما تحمله من ضغوط، يظهر العلاج بالفن كملاذ للكبار والصغار على حد سواء، مانحاً إياهم الفرصة للتعبير عن ذواتهم بإبداع وحرية، مشيرة إلى أن كل إنسان يحمل بداخله رغبة في الإبداع والتعبير عن الذات، وهذه الرغبة يمكن أن تتجسد في الرسم، الكتابة، الغناء، والفنون بشكل عام، مضيفة أن الأطفال ملكون يمخيلة واسعة وموهبة إبداعية فطرية تتيح لهم رسم العالم كما يرونه، ومن هنا يأتي دورنا في تشجيعهم واستثمار هذه المواهب ليس فقط في الرسم، بل في كافة أشكال التعبير الفني.
وقالت الهاشمي أنها تعتز بالعمل مع طلابي في الجامعة على مشروع مبتكر، حيث يجلس طلاب الجامعة مع الأطفال لمناقشة محتوى الكتب وتحويلها إلى رسومات تعبيرية؛ بحيث يستلهم المؤلفون رسومات كتبهم من خيال الأطفال، مما يجعل الطفل يشعر بالفخر والسعادة عندما يرى أنه أسهم في صناعة كتاب
شاركت الدكتورة الهاشمي قصة واقعية حول أهمية الفن في الكشف عن المشكلات التي يتعرض لها الأطفال، حيث قالت في أحد لقاءات طالب جامعي مع أحد الأطفال، بدأ الطفل يسرد قصة طفل يتعرض للتنمر في إحدى المدارس، لكن المفاجأة كانت أن القصة كانت عن الطفل نفسه، ولم تكن أسرته على دراية بما يحدث له. هذا الموقف جعلنا ندرك تماماً أهمية الفن في مشاركة الطفل بحل مشكلاته والتعبير عن مشاعره.
قوة دافعة للتطور والنمو
من جهتها، أكدت جين ماونت إيمانها العميق بقدرة الفن على إحداث التغيير حيث أشارت إلى أن الفن ليس مجرد وسيلة للتعبير، بل هو قوة دافعة للتطور والنمو مشددة على أن الأطفال، حتى في أصغر مراحلهم العمرية يجدون في الفن لغة مفضلة للتعبير عن أنفسهم مضيفة إلى أن الرقص والغناء ليسا أنشطة ترفيهية فقط بل أنهما مرآة تعكس الروح الداخلية للطفل، مشيرة إلى أنه يجب علينا أن نشجع كل حركة، كل لوحة، كل نغمة يؤديها الطفل؛ لأن في كل منها دلالات عميقة تعبر عن تجاربهم وما يمرون به من مواقف معينة.
واختتمت ماونت قائلة داخل كل منا يكمن طفل يتوق للتعبير والإبداع، وأعمال الأطفال، مهما بدت بسيطة، تحمل في طياتها عوالم من المعاني والأفكار التي تساهم في تنشئتهم بشكل صحيح. لذلك فإن الكتب المصورة تلعب دوراً حيوياً؛ فهي تخاطب حاسة البصر، وتثري خيال الطفل، مما يمكّنه من استخلاص معانٍ ودروس قد تختلف عن تلك التي يستخلصها طفل آخر.
مع تمنياتي لكل طفل بالمعافاة الدائمة والسلامة من الأمراض،،،