ليس سيئًا دائمًا .. كيف تتعاملين كأم عصرية مع التوتر وما هي فوائده
يقع على الأم مسؤوليات كبيرة وأعباء ضخمة، وبخاصة الأم العصرية العاملة، إذ يتضاعف عليها العبء، ويزيد حجم المسؤوليات والأعباء عليها، ولذلك من الطبيعي أن يصيبها الشعور بالتوتر حيال كل ذلك. والحقيقة أن الشعور بالتوتر يعد أمرًا طبيعيًا، وقد نمر به جميعًا على اختلاف مسؤولياتنا واختلاف أحجامها، حتى أطفالنا فهم عرضة للشعور به أيضًا. وما يجب أن نعلمه جميعًا أن التوتر ليس شيئًا مضرًا لنا، لأن له العديد من الفوائد، تُرى ما هي فوائد التوتر قصير المدى ؟ وكيف يمكن للأم العصرية التغلب على التوتر عندما يزيد عن الحد الآمن؟
التوتر ليس سيئًا دائمًا
هذا ما أثبتته الدراسات العلمية المعنية بالكشف عن فوائد التوتر، إذ أن له بعض الفوائد الطبيعية في بعض الحالات، على سبيل المثال، التوتر قصير الأمد يمكن أن يساعد في تحفيز الانتباه وزيادة اليقظة في مواجهة مواقف تتطلب استجابة سريعة، مثل الوقوف أمام اختبار مهم أو مواجهة تحديات جديدة، ولا تتوقف فوائد التوتر عند حد ما ذكر، لأن له فوائد عديدة.
فوائد التوتر
بحسب الدراسات التي طرحت في هذا الصدد، وبحسب ما ذكره موقع "بولد سكاي" تتعدد فوائد التوتر كما يلي:
تحفيز العقل وتحسين قدراته
على كل أم أن لا تنظر إلى التوتر على أنه أمرًا سلبيًا فقد، لأن له بعض الفوائد، مثل أنه يساعد على البقاء في أمان، لأن الشعور بالتوتر من أمر ما يجعل العقل يقظًا ومنتبهًا ومتحفزًا لصد أي هجمات أو خوف تعترضه. وتعرف هذه العملية بتنبيه الإجهاد، لأن التوتر ينبه العقل لاتخاذ قرار سريع عند الوقوع في أمر ما، مثل عبور الشارع، أو الوقوع في مشكلة معينة. لذا يمكن القول بأن التوتر يساهم في البقاء آمنين بعيدًا عن أي خطر.
تقوية الذاكرة
ومن فوائد التوتر أيضًا، تقوية الذاكرة لأنه يساعد خلايا المخ على التكاثر والنمو بشكل جيد، الأمر الذي يفيد في تعزيز الوظائف المعرفية التي يقوم بها المخ. لذلك فإن القليل من التوتر يعد أمرًا مفيدًا ولا مجال للقلق منه.
تعزيز الطاقة
تعزيز الطاقة من بين فوائد التوتر قصير المدى " الحد الطبيعي الآمن"، لأنه يحفز مادة الأدرينالين في الدماغ بقدر مناسب، فتزيد الطاقة ويزيد معها الشعور بالنشاط والسعادة.
تعزيز عمل الجهاز المناعي
الجميع يعلم بمخاطر التوتر الزائد عن المعدلات الطبيعية، لأنه يضر بالجهاز المناعي، ولكن وبحسب الدراسات المعلنة عن فوائد التوتر، فإن الحد الطبيعي منه آمن جدًا لدرجة أنه من الممكن أن يساهم في بعض الحالات في تعزيز عمل المناعة.
مثلًا : التوتر من الإصابة بمرض ما يجعلنا أكثر حرصًا على اتباع نمط حياة صحي ومناسب، لذلك على كل أم عصرية أن تعلم ما للتوتر وما عليه قبل أن تدخل في حالة قلق مستمرة لأي من الأسباب.
تعزيز الثقة بالنفس
تتسبب مادة الأدرينالين التي يفرزها الدماغ عند التعرض للتوتر العصبي في تعزيز الثقة بالنفس، لذلك على الأم التي تعاني من الضغوط والأعباء أن تنظر لنفسها في التعامل بثقة مع المشكلات والمواقف الحياتية المختلفة، وأن تعلم أنه لولا توترها ما تحقق ذلك، لأن التوتر قصير المدى يعزز من الثقة بالنفس بعد أن تم تنبيه العقل للتفكير وتخاذ القرار السليم حيال أي أمر من الأمور الحياتية والمسؤوليات المهمة التي تقع على عاتق الأم.
تعزيز القدرة على تحمل الضغوط
ومع زيادة الثقة بالنفس تزيد قدرة الأم على تحمل الضغوط والأعباء، فقد أثبتت التجارب أن الأشخاص الذين يعانون من الإجهاد على المدى القصير أكثر قدرة على التكيف مع أي ظروف حياتية طارئة، وكذلك أي عقبات أو تغيرات معينة.
دليل الكشف عن المشكلات
قد يكون توتر الأم حيال أمر ما خلال تعاملها مع مسؤوليات الأمومة والأسرة سببًا في بعض الحالات في كشف المشكلات التي تكون بحاجة للاهتمام، فقد يكون أحد أبنائها متأثرًا بشدة من تعرضه للتنمر في المدرسة، وتكون هي قلقة بشأن حزنه في المنزل أو ضيقه أو ظهور على غير عادته، وبشعورها بالتوتر حيال ذلك تستطيع البحث في الأمر باستفاضة حتى تمام الكشف عن المشكلة التي جعلته يبدو على ذلك الحال.
ولذلك يمكن القول أن قليل من التوتر مفيد جدًا للأم لأنه يوجهها إلى مشكلات حيوية بحاجة إلى الاهتمام والعلاج لذا التوتر ليس سيئًا دائمًا.
أكدت الدراسات على فوائد التوتر قصير المدى، ولكن ماذا عن التوتر طويل المدى "المزمن المستمر" الذي يفوق المعدلات الطبيعية الآمنة؟
على كل أم أن تعي الفرق بين التوتر الطبيعي قصير الأجل الذي ينتهي عند حد معين، ويخدم أمر معين تمر به، وتظهر فوائده بوضوح فيه، وبين التوتر طويل الأجل الذي يستمر لفترات طويلة لكي لا تتعرض لمشاكل صحية خطيرة.
متى يصبح التوتر خطرًا يجب مواجهته؟
التوتر المستمر والمزمن من المؤكد أنه يكون مضرًا للصحة العامة، فقد يؤدي إلى مشاكل عديدة مثل إرتفاع ضغط الدم، وضعف الجهاز المناعي، والتعرض للإصابة بالأمراض النفسية مثل الاكتئاب وفرط القلق، والتعرض لنوبات نفسية قد تكون خطيرة. لذا من الأفضل للأم أن تعلم كيفية التعامل بفعالية مع التوتر، وكيف لها أن تصد عنها مخاطره.
كيف يمكن للأم التصدي إلى التوتر طويل الأمد؟
يجب أن تعلم كل أم أنها أساس الأسرة، وأن لها الدور الأكبر في تحقيق استقرارها ونجاح أفرادها، وأن هي المصدر الأول لأمان أطفالها، لذلك عليها أن تقاوم بكل قوة موجات التوتر الشديدة طويلة الأمد لكي لا تصبح فريسة سهلة لمخاطر التوتر التي لن تعصف بها هي فقط بل بأطفالها وزوجها وعملها وحياتها ككل.
لذا وبعد أن ذكرنا فوائد التوتر قصير المدى، يجب على كل الأم مواجهة التوتر طويل الأمد الذي تستمر معاناتها منه لفترات طويلة من خلال الالتزام بتطبيق النصائح التالية:
-
الاسترخاء
لمواجهة التوتر طويل الأمد وتجنبًا لمخاطره، يجب على الأم ممارسة رياضة التأمل، واليوغا، والتنفس بعمق، لأنها تساهم في تهدئة الجسم وتخفيف التوتر.
-
ممارسة النشاط الرياضي
يجب على الأم التي تشعر بتوتر مستمر ممارسة رياضة المشي، والسباحة، وركوب الدراجات، ويمكن أن يساعد ذلك في تحسين المزاج وتخفيف التوتر وتحقيق هدوئها واستقرارها النفسي ما ينعكس على أطفالها وأسرتها بشكل إيجابي وفعال.
-
تحديد وتنظيم الأولويات
من ناحية أخرى، يجب على الأم تحديد الأولويات في حياتها وتنظيم وقتها ما بين نفسها وأسرتها وعملها بشكل فعّال، وتحديد المهام التي يمكن أن تؤدي إلى التوتر والتعامل معها بشكل منظم.
-
تعلم إدارة الوقت
إن تعلم استخدم تقنيات إدارة الوقت يعد من الأساسيات المهمة للتعامل مع التوتر طويل الأمد، والتي من بينها تحديد الأهداف، وإنشاء جداول زمنية، واستخدام تقنيات التخطيط لتقليل الضغط والتوتر. لذا يجب عليها تطبيق ذلك بعناية.
-
التواصل مع الصديقات
من الضروري جدًا أن تتواصل كل أم مع صديقاتها للتعبير عن مشاعرها، ولتستأنف نشاطها وطاقتها، لأن الانغماس في المسؤوليات فقط دون الترويح عن النفس يجعل من الصعب عليها محاربة التوتر طويل الأمد. كما أن اهتمام الأم بنفسها وبمقابلة من تحب والخروج معهم له كبير الأثر في تجديد الحافز لديها حيال ما عليها من أعباء ومسؤوليات.
-
اعتماد نمط حياة صحي
يجب على الأم العصرية التي تتكالب عليها الضغوط وتتراكم عليها المسؤوليات وتعاني من ويلات التوتر طويل الأمد بصفة مستمرة، اعتماد نمط حياة صحي يتمثل في تناول الطعام الصحي، وممارسة الرياضة بانتظام، والحصول على قسط كافٍ من النوم ليكون بامكانها التعامل بشكل صحي مع المواقف الحياتية المختلفة، ومواجهة مخاطر التوتر المستمر بفعالية.
-
طلب الدعم والمساعدة واستشارة المختصين
بعض الأمهات القويات يترددن في طلب الدعم والمساعدة من الآخرين، ويحاربن أنفسهن من أجل الحصول على لقب "سوبر ماما"، والحقيقة أن هذا الأمر سيء للغاية لأن كل أم تفكر بهذه الطريقة ستكون أكثر عرضة من غيرها للاصابة بمخاطر صحية عديدة بسبب شعورها الدائم بالتوتر. لذا وتعزيزًا لصحتها النفسية والجسدية عليها أن لا تتردد في طلب الدعم والمساعدة من المقربين لها، وعليها أن لا تتردد أيضًا في طلب استشارة المختصين.
وختامًا، وبعد أن تطرقنا لفوائد التوتر، وكيفية التعامل مع التوتر طويل الأمد لتجنب مخاطره، يجب على الأم الاهتمام بصحتها النفسية أكثر وأكثر، ويجب عليها أن تحقق لنفسها الرعاية الذاتية الكاملة لأن قيامها بما عليها من أعباء ومسؤوليات سواء تجاه نفسها أو أسرتها أو عملها، يتوقف على مدى اهتمامها بصحتها النفسية، التي يعد محاربة التوتر المستمر أحد أهم مظاهر الاهتمام بها.
مع تمنياتي لكل أم بدوام الصحة والعافية والقوة،،،