تأخر اللغة وأكثر .. أخصائية نطق توضح مخاطر تعلق الطفل الرضيع بالشاشات
أعجبني كثيرًا رد الفنانة الجميلة منى ذكي في حوار لها مع الإعلامي عمرو أديب في أحد البرامج التلفزيونية الشهيرة حين سألها عن الوقت الذي تسمح لأطفالها فيه باستعمال الشاشة سواء الايباد أوأي من الأجهزة الذكية الأخرى. فقد كانت الإجابة صادمة ليست للإعلامي المضيف لها فقط ولكن لي أنا أيضًا، ولغيري من الأمهات الحريصات على تفادي الأخطاء التي قد تعصف بالأبناء بسبب التساهل في بعض الأمور التي قد تبدو لهن بسيطة وهي ليست كذلك. وتلخصت إجابتها في أن الوقت المسموح لأطفالها للتفاعل مع الشاشات والأجهزة الذكية هو ساعة واحدة فقط خلال الأسبوع موضحة أن لديهم نشاطات أخرى أكثر أهمية مثل التدريبات الرياضية وغيرها.
وبينما هي تفعل ذلك نجد أمهات أخريات لا يترددن في السماح لأطفالهن الذين لم يتجاوزا عامهم الثالث بعد باللعب على الموبايل والايباد والنظر في شاشته الساحرة بالنسبة لهم لوقت طويل يوميًا، ربما كان الهدف إلهائهم بعيدًا عنهن للقيام بواجباتهن المنزلية!، وهنا يجب أن نطرح هذا السؤال الهام ألا وهو، أليست المحافظة على الأطفال وعزل مخاطر التكنولوجيا عنهم هي الواجب الأكبر والمسؤولية الأكثر ضخامة والأدق عليهن هذه الأيام؟
الإجابة، بلا هي كذلك، ولكن كثير من الأمهات بحاجة إلى النصح والإرشاد، وهذا ما أقدمه اليوم من خلال معرفة تأثير الوقت الذي يقضيه الأطفال بالنظر في الشاشة على تطور النطق واللغة لديهم، وذكر معلومات قيمة يجب أن يكونوا على علم تام بها، بالإضافة إلى نصائح هامة لتحقيق وقاية الأطفال من هذه التأثيرات السلبية عبر إجابة "آفرين نجيب" أخصائية نطق في عيادة أمان للعافية في دبي على أكثر الأسئلة شيوعًا بين صفوف الأمهات.
إلى أي مدى تؤثر الشاشة على التطور الصحي للأطفال؟
إن 80% من تطور الدماغ يحدث في السنوات الثلاث الأولى من الحياة، مثل التحدث، القراءة، الغناء، وكذلك اللعب مع الطفل الذي يساهم في تهيئته للحياة بشكل سوي وسليم. وما يجب على الأم بوجه خاص معرفته أن استخدام الشاشات يمكن أن يعيق التطور الصحي لطفلها إذ يؤخر بقاء الطفل منشغلًا بالشاشة سواء شاشة موبايل أو ايباد أو تلفزيون من تطور النطق واللغة لديه. فقد أظهرت الدراسات التي طرحت في هذا الصدد أن الاستخدام المفرط للشاشات مرتبط بمهارات لغوية أضعف عند الأطفال الصغار، مما يمكن أن يؤدي إلى تحديات تعلم في مراحل عمرية لاحقة.
كما أن الأطفال يفهمون عالمهم من خلال تجربة الكلمات والمفاهيم في الحياة الواقعية. فعندما يتعلمون كلمة جديدة على الشاشة، لا يفهمونها تمامًا حتى يرونها، يمسكونها، يشعرون بها، يشمونها، وأو يتذوقونها على اعتبار أنهم ما زالوا صغارًا ويحاولون استكشاف الأشياء من خلال ذلك.
ومن تأثيرات نظر الطفل في الشاشة لوقت طويل أيضًا، الحد من قدرته على الخيال والإبداع، لأنها توفر عددًا محدودًا من الخيارات في دماغ الطفل، ولأن إمكانياتها لا نهائية.
ولذلك يجب أن تعلم كل أم أنها تسبب في خلق صعوبة لدى أطفالها الصغار في التعبير عن مشاعرهم بطريقة صحية وإدارة عواطفهم بشكل سليم عندما تعطيهم الشاشات والأجهزة الذكية لإلهائهم عنها لتجنب الإزعاج أو للقيام بأي أمور أخرى بعيدًا عن ملاحقتهم لها، وليس ذلك فحسب بل يفوتهم تطوير مهارات اجتماعية وسلوكية مهمة مثل كيفية اللعب بمفردهم، وتهدئة أنفسهم، وتعلم الانتظار والصبر.
كم مقدار الوقت المناسب للشاشة الذي لا يحمل معه أي ضرر للطفل؟
بحسب توصيات الأكاديمية الأمريكية لطب الأطفال (AAP) عن الوقت المناسب الشاشة للأطفال والرضع يكون الوقت بحسب العمر كما يلي:
- أقل من 18 شهرًا: لا يوجد وقت للشاشة باستثناء محادثات الفيديو مع الأحباء
-
من 18-24 شهر : وقت قليل على الأكثر من البرمجة عالية الجودة، إذا اخترتِ ذلك، ومن الأفضل لطفلك عدم تعويده على النظر فيها في هذا العمر.
- من 2-5 سنوات: بحد أقصى ساعة واحدة في اليوم وبشرط أن تشاركيه المشاهدة بدلاً من أن من استخدامه لها بمفرده.
كيف يمكن للأم تقليل وقت الشاشة تحقيقًا لتطور صحي لأطفالها؟
تستطيع الأم تقليل وقت الشاشة الترفيهي تحقيقًا لتطور صحي لأطفالها من خلال الالتزام بتطبيق النصائح التالية:
- الحرص على بقاء التلفاز مطفأً أثناء لعب الأطفال حيث أظهرت الدراسات أن الأهل ومقدمي الرعاية يتحدثون عدد كلمات أقل عندما يكون التلفاز مشغولاً كما أنه يشتت انتباه الأطفال عن وظيفتهم الرئيسية في الحياة المبكرة وهي اللعب.
- وضع قواعد واضحة حول الأماكن والأوقات لاستخدام الشاشات.
- استخدم الصور أو المؤقتات لمساعدة الأطفال على فهم القواعد، وقد تشمل هذه القواعد حدود زمنية يومية أو مناطق "خالية من الشاشة" في المنزل، مثل غرفة اللعب أو غرفة المعيشة، أو أوقات خالية من الشاشة في اليوم، مثل الوجبات أو قبل النوم.
- إلهاء الأطفال بالألعاب غير التقنية مثل المكعبات، الدمى، السيارات، والكرات بدلًا من البقاء على الشاشة لأن ذلك يُبقي انتباه طفلك لساعات وهي أكثر فائدة لتطوره من جميعي النواحي.
- تقليل تعدد المهام، فإذا كانت الأم تتحدث إلى طفلها، يجب وضع هاتفها جانبًا للسماح لنفسها بإجراء اتصال بالعين مع طفلها والاستماع بشكل كامل إليه.
- يجب تجنب إعطاء الشاشات لتهدئة الأطفال، لأن إعطاء الطفل جهازًا لوحيًا أو هاتفًا ذكياً يمكن أن يسهل الحياة في لحظة، ولكنه يخلق تحديات أكبر بكثير في وقت لاحق من اليوم وفي الحياة.
- يجب السماح للأطفال بتجربة فترات قصيرة من الملل، والإحباط، أو الحزن، لأن ذلك يمكن أن يساعدهم على كيفية التعامل مع هذه المشاعر بشكل فعال.
- يجب مشاركة الطفل عند مشاهدته الشاشة ومشاركتهم اللعب عليها.
- يجب على الأم طرح أسئلة حول ما يحدث أو ما قد يحدث بعد ذلك. وهنا يجب وقف الشاشة والتحدث عن الصورة الثابتة.
- يجب أن تكون الأباء والأمهات قدوة لأطفالهم في الالتزام بالقواعد الخاصة بالشاشة ووقت الأجهزة الذكية.
متى يجب استشارة المختص؟
إذا لاحظت الأم تراجعًا في التفاعلات اللفظية، أو تفضيل التواصل الرقمي على التفاعلات وجهًا لوجه، أو صعوبات في الحفاظ على الانتباه أثناء المحادثات عند طفلها، يُنصح باستشارة أخصائي نطق للحصول على تقييم مهني وإرشادات شخصية، والبدء باتخاذ خطوات فعالة في علاج المشكلة.
وختامًا، وإذا كنتِ قلقة عزيزتي الأم بعد ما ذُكر أعلاه بشأن تطور النطق لطفلك بسبب الاستخدام المفرط للشاشات والاجهزة الذكية، فإن استشارة أخصائي نطق ولغة يمكن أن تكون خطوة جيدة.