الدكتورة أميرة داوود لـ "هي": اعتز بأمومتي ولها الفضل في تعلم ما أحب
في عالم مليء بالتحديات والصعاب، تبرز المرأة قوة لا يستهان بها، لأنها قادرة على مواجهة أصعب الظروف وتخطيها بكل شجاعة. سواء كانت تلك التحديات نابعة من المجتمع، العائلة، أو الحياة المهنية، ويعود ذلك إلى القوة الكامنة بداخل المرأة. قوة تمكنها من الوقوف من جديد وتحقيق ما يعتبره المحيطين بها أمرًا مستحيلًا.
إن المرأة لا تسعى فقط لهزيمة التحديات والتغلب عليها، بل تتخذ منها فرصة للنمو والتعلم أيضًا، وتستمر في إظهار قوة استثنائية في مواجهة الظروف الصعبة. والدليل على ذلك، قصص النجاح الملهمة التي تخبرنا بخفايا قوة المرأة وعزيمتها الصلبة. هي الأم والقائدة التي استطاعت تحدي توقعات المجتمع نحوها، وكسر كل القيود التي من الممكن أن تعرقل مسيرتها سواء في عالم الأمومة الجميل أو في العالم الخارجي خلال العمل والتعليم.
وتقديرًا من "هي" للنساء اللاتي واجهن تحديات عديدة سواء على المستوى الشخصي. نلتقي اليوم مع دكتورة نفسية مرت بتجارب ملهمة في حياتها، حيث تحدت الصعاب ونجحت في تحقيق أهدافها رغم الظروف الصعبة التي واجهتها. ضيفتنا اليوم هي الدكتورة أميرة داوود" أخصائية علاج شعورى وعلاج بالطاقة الحيوية، ماجيستير صحة نفسية جامعة استانفورد الامريكية.
لقد لاحظت من خلال حديثي معك مدى شغفك بعلم النفس. حدثينا كيف بدأ اهتمامك بهذا العلم القيم منذ طفولتكِ، وما الذي حال بينك وبينه في بداية رحلتك التعليمية؟
لقد كان حب علم النفس يرافقني منذ صغري. بدأت رحلتي في هذا المجال وأنا في سن 11، حيث كنت أقضي ساعات في قراءة كتب لرواد علم النفس مثل د. أحمد عكاشة، وعادل الصادق، ويحي الرخاوي. كنت دائماً أبحث عن إجابات لتساؤلاتي العديدة حول النفس البشرية. لكن والدي لم يكن يرى مستقبلاً في هذا المجال، لذا قررت بناءً على رغبته الالتحاق بكلية التجارة في جامعة الأزهر، حيث كانت دراستي الأزهرية جزءاً من هويتي.
بعد أن أكملت تعليمي، عملت لفترة في المجال التجاري ودرست دبلومة برمجة، محاولةً النجاح في مسار لم أكن شغوفة به. ومع ذلك، لم أتمكن من الابتعاد عن رغبتي الداخلية في تحقيق الذات في مجال علم النفس. بدأت رحلة الماجستير في كلية التجارة وكنت من المتفوقين، حيث حققت المركز الثالث على الدفعة.
متى كانت نقطة التحول من التجارة إلى علم النفس؟
بعد زواجي وإنجابي لطفلي الأول، عبد الله، الذي تم تشخيصه باضطراب طيف التوحد في عمر السنتين تقريباً، تغير مسار حياتي تمامًا. اضطررت إلى الانسحاب من برنامج الماجستير في كلية التجارة من أجل التفرغ لرعاية طفلي عبدالله، خاصة وأن حالته كانت من الحالات الصعبة لاضطراب طيف التوحد. وكان هذا أحد أكبر التحديات التي واجهتها كأم.
كيف كان شعورك وتوجهاتك بعد تشخيص ابنك باضطراب طيف التوحد؟
الرضا هو الشعور الدائم الذي يسيطر على مشاعري في كل المواقف الحياتية، وهو شعور إيجابي ومهم للغاية لأنه يمنح الانسان هدوء النفس والطمأنينة، ويريح قلبه من رواسب الهموم والمشاكل، ويزي الإرهاق عن عقله. لقد منحني الشعور بالرضا فرصة البدء من جديد، وتحديد أهدافي بما يفيد في حالة ابني "عبدالله". فقد بدأت في دراسة تعديل السلوك والتخاطب وتنمية المهارات لأتمكن من مساعدته على الوجه الأمثل، وشاركت في تدريب عملي بمراكز متخصصة.
حدثينا عن تحديات العلاج وعن رحلتك إلى الولايات المتحدة وكيف ساهمت في تحسين حالة عبد الله؟
كان عليّ أن أتعامل مع تحديات لا حصر لها، بما في ذلك جلسات الأكسجين المضغوط، وخضوع ابني لعلاجات حساسية متعددة. سافرنا إلى الولايات المتحدة للعلاج واكتشفنا طرقًا جديدة، منها العلاج بالـ " NAET "وعلى مدار عشر سنوات، التزمت بحمية صارمة للعناية به. بفضل الله أولاً، ثم بجهودي وجهود والده، تمكنا من تجاوز هذه المرحلة، وأصبح عبدالله قادرًا على تناول الطعام بشكل طبيعي.
كانت تلك الفترة محفوفة بالصعوبات، ولكنني لم أستسلم. وقدر الله لي أن أعود للدراسة التي طالما حلمت باستكمالها. استعدت شغفي بعلم النفس والتحقت ببرامج متخصصة، درست فيها دبلومة في التوحد وأكملت دراسات عليا في تقنيات العلاج النفسي الحديث. أصبحت معتمدة كمدرب لتقنيات PEAT وASpictics وحققت نتائج مذهلة مع العديد من الحالات.
سافرنا إلى الولايات المتحدة للعلاج واكتشفنا طرقًا جديدة، منها العلاج بالـ NAET. وعلى مدار عشر سنوات، التزمت بحمية صارمة للعناية به. بفضل الله أولاً، ثم بجهودي وجهود والده، تمكنا من تجاوز هذه المرحلة، وأصبح عبد الله الآن قادرًا على تناول الطعام بشكل طبيعي.
ذكرتِ أن فترة تدريبك في مستشفى السعودي الألماني بجدة كان سببًا في تطوير مسيرتك المهنية، حدثينا عن ذلك؟ وما الذي دفعلك لاستكمال الدراسة في علم النفس؟
تدربت في مستشفى السعودي الألماني بجدة ثم في مركز تخاطب، ودرست دبلومة في التوحد لأتمكن من مساعدة ابني، وكان هذا التحدي الأكبر. عدت لشغفي بالدراسة والتحقت ببرامج متخصصة، درست فيها دبلومة في التوحد، وأكملت دراسات عليا في تقنيات العلاج النفسي الحديث. أصبحت معتمدة كمدرب لتقنيات PEAT وASpictics وحققت نتائج مذهلة مع العديد من الحالات. بعد فترة ليست طويلة فقدت والداي، وهذا أيضًا تحدي آخر أرهقني كثيرًا. ولكن الله عز وجل من علي بالتوفيق والسداد في تحسين حالتي النفسية، والتمكن من رعاية عائلتي بشكل جيد. واستطعت مواصلة مسيرتي العلمية والمهنية والعلمية على الرغم من صعوبة هذا الفقد.
كيف كانت تجربتكِ عندما نطق عبدالله كلماته الأولى بعد سنوات من العلاج؟
لم يكن ابني عبد الله قادرًا على التحدث حتى عمر 18 عامًا، لقد بدأ للتو في نطق بعض الكلمات البسيطة. ورغم كل التحديات، فإنني ممتنة لكل ما حققته وأشعر بفخر كبير لكل خطوة حققناها. وآمل من الله عز وجل أن يمنحني الصبر والقوة في رعاية ابني وعائلتي كلها.
كيف توالت نجاحاتك بعد نجاحك في التغلب على التحدي الأصعب مع طفلك؟
لقد استشعرت لطف الله في رعايتي لعائلتي. وواصلت مسيرتي المهنية والعلمية، حيث نشرت كتابي الأول "ليلة في قصر كليوبترا"، وتم تكريمي في المكتب الثقافي المصري في لندن.
كيف كانت تجربتكِ مع إصدار كتابكِ الأول "ليلة في قصر كليوبترا"؟
ممتعة للغاية، لقد نشرت كتابي الأول "ليلة في قصر كليوبترا"، وتم تكريمي في المكتب الثقافي المصري في لندن. كان هذا الكتاب تتويجًا لرحلة طويلة من التحديات، وأردت من خلاله إيصال رسالة لكل امرأة أنها تستحق أن تكون ملكة في حياتها، لأن ذلك ما يليق بالمرأة.
بعد كل هذه الإنجازات، ما هي خططكِ المستقبلية؟
يمثل الاستمرار في تقديم الدعم للنساء والأطفال الذين يواجهون تحديات مماثلة لتلك التي واجهتها في حياتي أهمية كبيرة جدًا عندي. وخططي المستقبلية تتضمن توسيع نطاق عملي في تقنيات العلاج النفسي ومساعدة أكبر عدد من الحالات.
ما هي النصيحة التي تقدمينها للنساء اللاتي يواجهن تحديات كبيرة في حياتهن؟
الصمود والثبات، رغم كل ما مررت به من تحديات شخصية ومهنية، فإنني أؤمن بأن لكل امرأة القدرة على النجاح والتغلب على الصعوبات. المهم هو الإيمان بالذات والعمل المستمر. لذا انصح كل امرأة بمعرفة قدراتها جيدًا، وتعزيز ثقتها بنفسها لأنها هي السلاح الذي يمكنها به مواجهة العالم كله.