كنوز التأمل لحياة أفضل ... اجعليها حليفتك لإمداد طاقتك بالإيجابية دومًا
التأمل هو طريقة من أبسط الطرق للحد من الضغط النفسي.بل والوصول لأعلى مراتب السلام النفسي؛ خصوصًا إذا تمت ممارسته بشكل صحيح. له تعريفات عديدة؛ فالتأمل يُعتبر نوع من أنواع الطب التكميلي، كونه يجمع بين العقل والجسم والروح، كما أنه وسيلة للحصول على الاسترخاء الكامل الذي بعده تتغير كل الأوضاع للأفضل،وذلك نظرًا لحالة التركيز الشديد الصافي الناتج عنه.
عمومًا ممارسته تهتم باليقظة الذهنية mindfulness، والتركيز concentration، والتسامي الذاتي التلقائي automatic self-transcendence. من تقنياته تقليل الإجهاد، وتدريب الوعي؛ ومن أهدافه أن تتواصل المرأة مع ذاتها الداخلية.
وبما أن فوائده متنوعة لتعزيز طاقتك، وإمدادك بالحيوية،وله قدرة مُذهلة على إدارة حياتك وقراراتك بحكمة وهدوء، إليك كنوز التأمل كي تنعمين بحياة أفضل ما حييتِ، من خلال الأخصائي النفسي والأسري ومدربة تطوير الذات الدكتور نورهان النجار من القاهرة.
التأمل وسيلة تزيد من خبراتك و حكمتك في تعاملاتك الحياتية
" لا أرى شيء إلا ويدعوني للتأمل...لا أرى شيء إلا ويدعوني إلى الله"؛ هكذا بدأت دكتورة نورهان حديثها، وأكدت أنها عبارة دائمة في حياتها تُجسد خبراتها في جميع أمور حياتها. من ناحية أخرى، قالت: " من وجهة نظري؛ هو عبارة عن ملاحظة صامتة لكل ما يدور حولنا، وفي الصمت تتجلى الحكمة، ويصبح الانسان قادرًاعلى فهم الكثير من الأشياء؛ وبالتالي تزداد خبراته، وحكمته، وتتحسن ردود أفعاله، واراءه؛ ويصبح حكيمًا من جهة، ومن جهة اخرى قريبًا من المولى عز وجل.
فحقا إذا تأملتِ كل شىء يحدث فستجدين أنه لايوجد صدفة في هذا العالم،كل الأمور تحدث لسبب ما مهما بدت عشوائية؛ فهي وصلة في سلسلة أحداث تؤدي إلى نتيجة ما لها حكمة؛ والأهم أنه مذكور كثيرًا في القران الكريم،حيث دعانا إليه الله بقوله تعالى:
{إِنَّ فِي خَلْقِ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَاخْتِلَافِ اللَّيْلِ وَالنَّهَارِ لَآيَاتٍ لِّأُولِي الْأَلْبَابِ * الَّذِينَ يَذْكُرُونَ اللَّهَ قِيَامًا وَقُعُودًا وَعَلَىٰ جُنُوبِهِمْ وَيَتَفَكَّرُونَ فِي خَلْقِ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ رَبَّنَا مَا خَلَقْتَ هَٰذَا بَاطِلًا سُبْحَانَكَ فَقِنَا عَذَابَ النَّارِ}.
ويقول تعالى: {أَوَلَمْ يَتَفَكَّرُوا فِي أَنفُسِهِم ۗ مَّا خَلَقَ اللَّهُ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ وَمَا بَيْنَهُمَا إِلَّا بِالْحَقِّ وَأَجَلٍ مُّسَمًّى ۗ وَإِنَّ كَثِيرًا مِّنَ النَّاسِ بِلِقَاءِ رَبِّهِمْ لَكَافِرُونَ}.
وقوله تعالى :{أَفَلا يَنْظُرُونَ إِلَى الإِبِلِ كَيْفَ خُلِقَتْ }. والكثير والكثير من الآيات التي تدعو إلى التأمل والتفكر والتدبُر؛ فهي دعوة مُباشرة تؤكد أهميته في حياتنا.
التأمل لعلاج اضطراباتك النفسية وبعض المشاكل الصحية
وأضافت: " إلى جانب أنه يُزودنا بالحكمة، والسمو الروحاني، والعقلي، والنفسي؛ فهو يُساهم أيضًا في علاج الكثير من الأمراض والاضطرابات النفسية التي تتعرض لها المرأة كالقلق، والتوتر، والاكتئاب، والخوف الشديد؛ وما يترتب على هذه الاضطرابات من أعراض نفسية وجسدية، كانتفاخ القولون، والصداع الشديد، وخفقات القلب، أوعدم انتظام دقاته؛ وأيضًا أمراض الضغط، والسكر،وآلام المفاصل، والمعدة، والتعرق، وسقوط الشعر، والأرق؛ ومشكلات النوم.
إلا أنه ليس وسيلة بديلة عن استشارة الطبيب، ولكنه وسيلة مُساعدة لها قيمتها؛ بالرغم من بساطته إلا أنه فعّال جدًا، خصوصًا إذا مورس بشكل سليم مع الخبراء المُختصين وبإقتناع للاستفادة من فوائده من دون معاناة.
أنواع التأمل كنوز تُعزز نظرتك للحياة
فيما أوضحت دكتورة نورهان أنواع التأمل المفيدة لتعزيز صحة المرأة وحالتها النفسية والذهينة، على النحو التالي:
التدفق الذهني أو اليقظة الذهنية
وهو عبارة عن حالة تركيز شديدة في اللحظة الراهنة بدون الانغماس في الماضي أو الشرود في المستقبل،وهو يحدث اذا كانت الأفكار الواردة في الحاضر أعلى بنسبة٤%من مستوى أفكارك الحالي.
اليوغا أو اليوجا كما هو شائع عنها
وفيها يتم المزج بين الوضع الحركي للجسم والتنفس بشكل عميق؛ حيث يتم بينهم الانسجام لينعكس ذلك بشكل إيجابي على الروح والجسد؛ وبالتالي سيؤدي ذلك إلى صفاء النفس، وتقوية الجسد، وتخفيف الألم.
التأمل الموجه
وفيه يقود عملية التأمل شخص آخر، وقد يكون حاضرًا أومن خلال شريط مُسجل له، أو فيديو؛ لسرد الحديث عن موضوع التأمل، وبوقت مُحدد يحدده القائد للجلسة؛ وبالمناسبة هذا النوع مُناسب جدًا للمبتدئين.
تأمل المانترا أو الجابا jaba
وفيه يتم تكرار كلمة أو جملة معينة وليس المقصود التركيز على معنى الكلمة أكثر من التركيز على اتجاه التفكير في اتجاه واحد؛ فكلما تشتت تركيزك أثناء ترديدك لهذه الكلمة أو العبارة التي يتم إطلاق كلمة "مانترا" عليها، تذكري نفسكِ أن تهربي من هذه الأفكار الجانبية، وتعودي مرة اخرى للكلمة التي تردديها. وبما إن الكلمة ليس لها معنى عميق ، فإنكِ بشكل غير مُباشر ستصلين لمرحلة الصفاء الذهني، بمعنى طرد كل الأفكار المشوشة في هذا الوقت، والتركيز على اللحظة الراهنة فقط.
التأمل التصوري أو التخيلي
هذا النوع يستخدم قانون الجذب نوعًا ما، إذ تبدأين فيه بتخيل فكرة مُعينة بعقلكِ ثم تركيزي عليها بالإيحاء حتى تُصدقين وجودها قبل حدوثها؛ على سبيل المثال: اذا كنتِ تريدين النجاح في أمر ما، وتشعرين بالاحباط ؛ فببساطة،مطلوب منكِ أولا أن تحددي النتيجة التي تودين أن تصلي إليها بشكل نهائي، ثم تركزين عليها بخيالكِ، لتتخيلي نفسك بالفعل قد وصلتِ إليها؛ فسريعًا ماستشعرين بالفرحة والفخر لما وصلتِ له في تصورك. هذا من شأنه، أن يجعلكي تتحمسين لتبدأي الطريق بُخطى ثابته ؛ وذلك بعد التخطيط الجيد الناتج عن الإيمان بالفكرة.فهو نوع مفيد جدًا لكل مُبتغي النجاح عامة.
التأمل الروحي والإيماني
هو أهم وأكثر أنواع التأمل؛ بل هو مُفتاح كل فلّاح، والمقصود هنا الاتصال بالخالق عبر الصلوات. فما سميت الصلاة صلاة إلا لنفهم أنها تعني صلة بيننا وبين الخالق؛ بل هي حالة كاملة من الخشوع، والتركيز، والتوجه للخالق، والدعاء له، والإيمان الداخلي بأنه يسمعّنا وسيستجب دعائنا. إن هذا هو أسمى معنى ووصف للتأمل، بل هو قمة السمو الروحي، وباب الطمأنينة الأوسع في الحياة. فهنيئا لمن دخل التأمل من هذا الباب.
وأخيًرا، هُناك العديد من أنواع التأمل ولكن ما تم ذكره مؤثر بشكل فعّال على حياة المرأة، وخصوصًا التأمل الإيماني. وبما أن المرأة كائن رقيق، وتهتم بالتفاصيل الدقيقة، فأنواع التأمل التي تتطرقنا لها مؤثرة ولها دور كبير في نمو شخصيتها، وعلاج معظم مشاكلها سواءً كانت النفسية أو العضوية.
فكلما ارتقت روحها فإنها تسعد لأنها أكثر حساسية، لتلقي الإشارات الروحانية والكونية التي تدفعها وتُحمسها على الاستمرار في مشوار حياتها، بل وبث الأمل في روحها، والقدرة على رؤية الخير فيما يبدو ظاهريًا أنه شر.
ولاشك أنها أكثر تأثيرًا على أطفالها؛ لوجودها بشكل قريب ومستمر بجانبهم، وبالتالي اذا تسامحت وارتقت بنفسها، ارتقى معها أطفالها، لنضمن جيل مُبدع، جيل يتحدى الصعاب، جيل قادر على تحمل المسؤولية لبناء مستقبل أساسه التأمل في خلق الله وقدرته العظيمة بما يجعلهم قادرين على فهم الحياة من منظور مُختلف.