تزامنًا مع يوم المرأة العالمي... تعرفي على حكاية الخبز والورد التي جسدّت قوة إرادتك
ملحمّة شعبية جسدّتها مُظاهرات سليمة، عرفت بحركة " الخبزّ والورد"؛ لتظل عبر التاريخ بمثابة قوة إرادة نسائية، تُعبر عن إحتجاجها تجاه الظروف القاسية وغير الإنسانية في العمل.
تاريخياً، تعود ذكرى يوم المرأة العالمي إلى قبل 114 سنة في 8 مارس 1909م بالولايات المتحدة الأميركية، حيث تم الاحتفال بهذا اليوم لأول مرة، فيما عرف باليوم القومي الأميركي للمرأة.
تعود القصة إلى أنه في سنة 1856م، كانت قد خّرجت آلاف النساء في احتجاج واسع بنيويورك على الظروف القاسية وغير الإنسانية في العمل، وقد تم تفريق المُتظاهرات من قِبّل رجال الشرطة. لكن ذلك اليوم لم يُنس، بل رسمّ في التاريخ أثرًا ملموسًا من خلال الضغط على المسؤولين والسياسيين، إلى التفكير الجاد في حل مشاكل المرأة العاملة في البلاد.
ربما حكاية حركت " الخبزّ والورد" المرتبطة بيوم المرأ ة العالمي لم تسمعي عنها من قبل، لذا رافقينا خلال السطور القادمة لتتعرفي على قصة عاملات النسيج التي كانت الشعلة الرئيسية لمُقاومة بيئة العمل الظالمة، وسمّاع صّوت إرادتك حول أنحاء العالم.
الخبر والورد
شهدّ يوم 8 مارس 1908 تظاهرات سلمية لعاملات النسيج، اللواتي حملن الخبز الجاف والورد كرمزيات في المُظاهرات. رمزت الورود إلى الحب والتعاطف والمساواة، أما الخبز فكان يرمز إلى حق العمل والمساواة فيه، في حركة مثلّت شُعلة للكفاح النسوي الأميركي لمُقاومة بيئة العمل الظالمة، والمُطالبة بظروف أفضل ومساواة مع الرجال في ظروف العمل.
بعدها توسعت هذه الحركة لتصل إلى أوروبا، إلى أن تم تبنيها كيوم على الصعيد العالمي، وذلك باعتماد الأمم المتحدة في عام 1977.
فكرة اليوم العالمي للمرأة
جاءت فكرة الاحتفال بمناسبة يوم المرأة العالمي، على إثر انعقاد أول مؤتمر للاتحاد النسائي الديمقراطي العالمي، والذي عقد في باريس عام 1945. من هُنا بدأ المزج بين السياسة والاجتماع؛ إذ يتم في بعض الأماكن التغاضي عن السمة السياسية التي تصّحب اليوم العالمي للمرأة، فيكون الاحتفال أشبه بخليط بيوم الأم، ويوم الحب؛ ولكن في أماكن أخرى غالبًا ما يصحّب الاحتفال سمّة سياسية قوية وشعارات إنسانية مُعينة من قبل الأمم المتحدة، للتوعية الاجتماعية بمناضلة المرأة عالمياً.
بداية القصة كانت في 1856، عندما خرج آلاف النساء للاحتجاج في شوارع مدينة نيويورك على الظروف غير الإنسانية التي كُن يجبرن على العمل تحتها، ورغم أن الشرطة تدخلت بطريقة وحشية لتفريق المتظاهرات، إلا أن المسيرة نجحت في دفع المسؤولين السياسيين إلى طرح مُشكلة المرأة العاملة على جداول الأعمال اليومية.
وفي 8 مارس 1908م عاد الآلاف بما يُقدر بنحو امرأة 15,000 من عاملات النسيج في مسيرة احتجاجية للتظاهر من جديد في شوارع مدينة نيويورك؛ لكنهن حملن هذه المرة قطعاً من الخبز اليابس، وباقات من الورود في خطوة رمزية لها دلالتها واخترّن لحركتهُن الاحتجاجية تلك شعار "خبز وورود".
قد شكلّت مُظاهرات الخبز والورود بداية تُشكل حركة نسوية مُتحمسة داخل الولايات المتحدة خصوصًا بعد انضمام نساء من الطبقة المتوسطة إلى موجة المُطالبة بالمساواة والإنصاف. رفعن من خلالها شعارات تُطالب بالحقوق السياسية وعلى رأسها الحق في الانتخابات. وفي العام التالي، أعلن الحزب الاشتراكي الأمريكي أول يوم وطنى للمرأة.
اقتراح تُوج عالمياً
اقترحت الناشطة الشيوعية والناشطة في مجال حقوق المرأة "كلارا زيتكن" جّعل هذا اليوم يومًا عالمياً، وليس مجرد يوم وطني، وعرضت فكرتها عام 1910 في مؤتمر دولي للمرأة العاملة عقد في مدينة كوبنهاغن الدنماركية. وكان في ذلك المؤتمر 100 امرأة قدمن من 17 دولة، وكلهن وافقن على الاقتراح بالإجماع.
احتُفل بيوم المرأة العالمي لأول مرة عام 1911، في كل من النمسا والدنمارك وألمانيا وسويسرا. وجاءت ذكراه المئوية عام 2011. وأصبح الأمر رسميًا عام 1975 عندما بدأت الأمم المتحدة بالاحتفال بهذا اليوم؛ واختيار موضوع مختلف له لكل عام، وكان أول موضوع للاحتفال تبنته المنظمة الدولية "عام 1996" يدور حول "الاحتفاء بالماضي، والتخطيط للمستقبل".
موعد مع الإنجازات
أصبح يوم المرأة العالمي موعدًا للاحتفال بإنجازات المرأة في المجتمع وفي المجالات السياسية والاقتصادية، في حين أن جذوره السياسية تقوم على فكرة الإضرابات والاحتجاجات المنظمة لنشر الوعي حول استمرارية عدم المساواة بين الرجال والنساء.
لم يكنّ ببال "كلارا" تخصيص يوم بعينه ليكون يوم عالمي للمرأة. ولم يتم تحديد ذلك إلى أن جاء إضراب في زمن الحرب العالمية الأولى وكان ذلك عام 1917، وحينها طالبت نساء روسيات "بالخبز والسلام". ومع دخول الإضراب يومه الرابع، أجبر القيصر على التخلي عن الحكم، ومنحت الحكومة المؤقتة النساء حق التصويت.
كان التاريخ الذي بدأ فيه إضراب النساء حسب التقويم الرومي "اليوياني"، والذي كان مستخدمًا في روسيا آنذاك، هو يوم الأحد 23 فبراير/شباط، والذي يُصادف 8 آذار/مارس في التقويم الميلادي الغريغوري وهو اليوم الذي يحتفل به في الوقت الحالي.
اعتراف أُممي بعد سنوات
الطريف في الأمر؛ أن تخصيص يوم 8 مارس باعتباره اليوم العالمي للمرأة، لم يتم إلا بعد سنوات طويلة، كون منظمة الأمم المتحدة لم توافق على تبني تلك المناسبة سوى سنة 1975 عندما أصدرت المنظمة الدولية قرارًا يدعو دول العالم إلى اعتماد أي يوم من السنة يختارونه للاحتفال بالمرأة فقررت غالبية الدول اختيار 8 مارس.
ألوان شعارها الاحتفال بيوم المرأة العالمي
جسدّ كل من اللون البنفسجي، والأخضر، والأبيض ألوان الاحتفال بهذا اليوم، وفق موقع حملة اليوم العالمي للمرأة. وحسب حملة يوم المرأة العالمي: "اللون البنفسجي يرمز إلى العدالة والكرامة، أما الأخضر فيرمز إلى الأمل، ويمثل اللون الأبيض النقاء وإن كان مفهومًا مثيرًا للجدل. و الجدير بالذكر أن الاتحاد الاجتماعي والسياسي للنساء في المملكة المتحدة هو أول من استخدم رمز هذه الألوان في عام 1908.
كيف يحتفل العالم بيوم المرأة العالمي؟
يُعد اليوم العالمي للمرأة يوم عطلة وطنية في كثير من الدول، بما في ذلك روسيا التي تتضاعف فيها مبيعات الزهور في الأيام الثلاثة أو الأربعة التي تسبق 8 آذار/مارس. وفي الصين، تحصل نساء كثر على إجازة لنصف يوم في 8 مارس/آذار، وفقًا لتوجيه مجلس الدولة.
أما في إيطاليا، فيحتفل باليوم العالمي للمرأة، المعروف بـ la festa della Donna، بتبادل أزهار الميموزا. وأصل هذا التقليد غير معروف، ولكن يُعتقد أنه بدأ في روما بعد الحرب العالمية الثانية. وفي الولايات المتحدة الأمريكية، يعتبر شهر مارس/آذار شهر تاريخ المرأة، ويصدر إعلان رئاسي كل عام يحتفي بإنجازات المرأة الأمريكية.
الأفق المستقبلي
يرى خبراء دافوس أن الفجوة بين الرجال والنساء في العالم لا يُمكن سدّها تمامَا، إلا بحلول عام 2186م، حيث تستمر المرأة في الكفاح والنضال لأجل حقوقها. وحالياً، فإن 50% فقط من النساء في سن العمل يجدن الفرص في مقابل 76 % للرجال من هم في سن العمل، إضافة إلى المشاكل الأخرى مثل: " ضعف الأجور وغياب العديد من الحقوق".