الاغتراب النفسي سجّن تضّيع فيه حياة المرأة... ما هو وكيف يُمكن الخروج منه؟
يرى بتروفسكي " Petrovsky " أن الاغتراب النفسي مصطلحًا يُشير إلى العلاقات الحياتية لشخص ما مع العالم المُحيط؛ إذ يظهر التناقض بين عمل الشخص ونشاطه وذاته والأفراد الآخرين، وبين الشخص نفسه.
ويتجلى التناقض في الاختلاف، والرفض، والعداء؛ وأيضًا يتم التعبير عنه من خلال مشاعر العزلة، والوحدة ، والرفض، وفقدان الأنا والذات.
ما يتسبب ذلك، في عجز الفرد عن تأدية الدور المرسوم له، أو الدور الذي يُحدده لنفسه، كما يفشل الفرد بتحقيق علاقة ذات معنى بين جوانب ذاته، أو بين ذاته والوسط الاجتماعي المحيط به.
وبما أن ما سبق ينطبق على شخصية المرأة، لذا سنتطرق خلال السطور القادمة إلى التعرف على مفهوم الاغتراب النفسي، وأسبابه، وأعراضه، وكيفية التغلب عليه، حتى لا تكون فريسة له.
من هذا المنطلق، رافقينا عبر موقع " هي " للتعرف على هذه التفاصيل، من خلال استشارية الطب النفسي الدكتورة لبنى عزام، كون الاغتراب النفسي باتت من أكثر المشكلات الاجتماعية والنفسية التي قد تُشكل خطرًا على المرأة وأفراد الجتمع في المجمل العام.
ما هو الاغتراب النفسى لدى المرأة؟
وبحسب الدكتورة لبنى، الاغتراب النفسي لدى المرأة، هو نفورها أو انعزالها عن محيطها أو غيره من الناس، فمن تُعاني من أعراض الاغتراب ترفض ذويها ومجتمعها، وقد تُبدي شعورًا بالبعد والغربة حتى عن مشاعرها الذاتية.
عمومًا، يُعد الاغتراب حالةً معقدة إلا إنه شائع الحدوث بين النساء تحديدًا؛ فهو حالة مجتمعية ونفسية قد تؤثر على صحتهن، وقد تزيد من سوء أمراض يُعانين منها في الأصل.
ما الذي يُسبب إصابة المرأة بالاغتراب النفسي؟
وأضافت دكتور لبنى، أن الأسباب الأكثر شيوعًا لإصابة المرأة بالاغتراب النفسي، هي:
- اضطراب ما بعد الصدمة
- تغيير البيئة المهنية أو السكنية.
- التعرض للتنمر والتعدي.
- الأمراض التي تسبب ألمًا مزمنًا.
- عدم وجود أهداف تسعى إلى تحقيقها.
- المشاكل مع زملاء العمل، وبيئة العمل بصفة عامة.
- أساليب التنشئة الاجتماعية والاضطرابات التي تُصيب الشخصية بسببها.
- اضطرابات الصحة النفسية، مثل "القلق، أو الوساس القهري، أو الانفصام".
- وصم الذات "أي عيبها واحتقارها" الناتج عن مرض نفسي.
ما هي أنواع الاغتراب النفسي لدى المرأة؟
وفي هذا الصدد، أكدت دكتورة لبنى، أن الاغتراب النفسي لدى المرأة حالة معقدة، ومرتبطة بهذه الأنواع:
الاغتراب عن الذات
وهو شعور المرأة بفقدان الصلة بنفسها بطرائق مختلفة، وغالبًا ما تعجز عن تحديد هويتها الخاصة.
العجز
وهو الشعور بعدم الجدوى، أو بأن المرأة لا تمتلك السيطرة على حياتها الخاصة.
اللامعيارية
وهو شعور المرأة بالانسلاخ عن الأعراف المجتمعية أو الانخراط بتصرفات منحرفة.
العزلة
وهو شعور المرأة بالوحدة والاستبعاد، كأقلية ضمن مجموعة.
الاغتراب الثقافي
وهوالشعور بالغربة عن القيم الراسخة.
ما هي علامات الاغتراب النفسي لدى المرأة؟
أوضحت دكتورة لبنى، أن شعور المرأة بالبعد عن العمل، والعائلة، والأصدقاء؛ كلها أعراض شائعة تدل على معاناتها من الاغتراب، وتشمل الأعراض الأخرى التالي:
- الشعور بالتعب.
- فقدان الثقة بالنفس.
- الشعور بفقدان الأمل.
- الشعور بأن العالم لا معنى له.
- لتمرد ورفض اتباع القوانين.
- عدم الرغبة بالحديث والمشاركة.
- الشعور بالاختلاف أو العزلة عن الآخرين.
- عدم الاطمئنان للتعامل مع الآخرين.
- فقدان الشهية للأكل أو العكس أي زيادتها.
- النوم الزائد أو العكس أي الأرق.
- الشعور بصعوبة الانفتاح، والحديث مع الآخرين، خصوصًا مع الوالدين.
هل للاغتراب النفسي مخاطر أومضاعفات مرتبطة بالمرأة؟
نعم، للاغتراب النفسي مضاعفات قد تزداد مع مرور الوقت لدى المرأة؛ وربما لا يٌمكن علاجها بسهولة، أبرزها:
- محاولة الانتحار
- الإصابة بالاكتئاب المزمن.
- اضطرابات شديدة في الأكل.
ما هو الإجراء الذي يجب اتخاذه عند إصابة المرأة بالاغتراب النفسي؟
أشارت دكتورة لبنى، إلى أن علاج الاغتراب النفسي ليس بالأمر الهين؛ وبالتالي يعتمد علاجه في المقام الأول على زيارة الطبيب النفسي المُختص؛ وذلك لمعرفة الأسباب التفصيلية التي أدت للإصابة به، لتحديد طرائق الدعم النفسي للمرأة بناءً على ذلك.
ولكن بصفة عامة يُمكن مواجهة هذه المشكلة ومساعدة المرأة على الخروج منها، عن طريق التالي:
تقديم يد العون لها
وهنا يأتي دور أحد أفراد عائلتها أو أصدقائها في إدخال الطمأنينة والسلام لقلبها؛ وكذلك الاقتراب منها، وتجنب انتقادها، أوالتقليل من شأنها أمامَ نفسها، وأيضًا يجب تقديم كلمات داعمة لها ومساندتها وتشجيعها على الحياة مرةً أخرى.
معالجة السبب الكامن وراءَ المشكلة
يجب البحث عن السبب الذي حوّلَ المرأة من إنسانٍة طبيعية واجتماعية إلى إنسانٍة مُنعزلة وكئيبة؛ ومن ثمَ العمل على حلّه، وتقديم التوعية اللازمة لها في أنَ ركودها وفقدانها ثقتها بنفسها لن تُجدي نفعًا، ومن ثمَ معالجة المشكلة من خلال تقديم بدائل تعمل على حلّها، وخصوصًا الندوات، والفعّاليات، والمراكز التي تهتم بمساعدة النساء المُصابات لاستثمار خبراتهن.
التوعية الدينية
لا مانع من الاستعانة برجل دين من أجل تشجيع المرأة على التقرّب منَ الله، والتخلص منَ الوساوس، والأوهام السوداوية التي تُسيطر على عقلها، وتشجيعها على الاستمرار؛ والسعي للأمام، والتوكل على الله في كل خطوة جديدة.