نسيج المشاعر في الموسيقى جسر عبور لغزل تأثيرات إيجابية تصنع شخصيتكِ... إليكِ التفاصيل
ربطتّ دراسات علم النفس بين الموسيقى وتأثيراتها على العقل البشري؛ فاستجابتنا الفسيولوجية العميقة والتي لا مثيل لها للألحان والإيقاعات والتناغمات تُظهر كيف يُمكن للموسيقى أن تغير توجهاتنا العاطفية، وتثير ذكرياتنا، وتخفف من آلامنا؛ وذلك رغم التأثير العميق الذي تحمله الموسيقى لرفاهيتنا.
كذلك سنجدن أن التحرير العاطفي الذي نشعر به أثناء الغناء مع أغنينا المفضلة، يغزل بداخلنا نسيج قوي يُعزز حياتنا، ويقربنا من بعضنا البعض. وبينما نُشق طريقنا من خلال تعقيدات المشاعر والأفكار، يُمكن للألحان الصحيحة أن تمنحنا الراحة، والفرح، والإحساس بالاتصال.
من هذا المنطلق، سنُطلعكِ على التأثيرات الإيجابية للموسيقى على تطوير ذاتكِ وصحتكِ النفسية والعقلية، من خلال استشارة الطب النفسي الدكتورة لبنى عزام من القاهرة.
الموسيقى علاج للجسد وغذاء للنفس..لكن!
وبحسب دكتورة لبنى، تَفوق الموسيقى فكرة أنها مجموعة من الألحان المُغنّاة؛ فلها دور فعّال ومهم جدًا على الإنسان، إذ تُستخدم كعلاج في الكثير من الحالات، وأثبتت الدراسات والبحوث فاعليتها في التخلّص من مخاطر الاكتئاب، وتقليل الآلام الجسديّة، وزيادة الدافعيّة لدى الشخص عند الاستماع إليها، وتقوية الذاكرة لارتباطها بأحداث ومواقف معينة، وعلى النقيض هنالك أيضًا بعض السلبيات لها، فقد تُغيّر مزاج المرأة وتُدخلها في دوامة من الحزن.
الموسيقى تُطور أجزاء معينة من الدماغ
وفقًا للدكتور لبنى، درست العديد من الأبحاث آثار الموسيقى على الدماغ البشري، وقد توصل العلماء إلى أن الأطفال الذين يتعرضون للموسيقى، أو الأشخاص الذين يعزفون على الآلات الموسيقية، كانت درجاتهم الدراسية أفضل من أولئك الذين لا يستخدمون الموسيقى في حياتهم، وتشير الأبحاث الحديثة إلى أن الموسيقى تطوّر أجزاء معينة من الدماغ، وترفع من معدل الذكاء لديهم، ويمكن أيضاً أن يستفيد البالغون من تعلم العزف على آلة موسيقية؛ حيث تساعد الموسيقى على بقاء دماغهم في حالة من النشاط والاستعداد، وتساعد كذلك في تقوية الذاكرة لديهم.
الموسيقى تُحسن المزاج
وتابعت دكتورة لبنى، أظهرت الدراسات أن استماع المرأة إلى الموسيقى يشعرها بالسعادة، ويساعدها على تنظيم عواطفها، كما يُساعدها على الاسترخاء، وأشارت الدراسات إلى أن استماع المرأة لموسيقى تحبها أو تعجبها تدفع الدماغ إلى إطلاق مادة كيميائية تسمى الدوبامين، ذات التأثيرات الإيجابية على المزاج، وتساعد الموسيقى على اشعورها بالعواطف القوية مثل الحزن، والخوف، والفرح، فالموسيقى لديها القدرة على تحسين مزاجها وصحتها مدى الحياة.
الموسيقى تُعزز المهارات اللفظية والبصرية
أضافت دكتورة لبنى، أثبتت عدّة دراسات إلى أن تعليم الموسيقى في عمر مبكر يحفز دماغ المرأة بطرق عدّة تساعدها على تحسين مهارات الاتصال، والمهارات البصرية، والمهارات الكلامية منذ الصغر. حيث تناولت إحدى الدراسات أطفالاً تتراوح أعمارهم بين أربع سنوات إلى ست سنوات، تم إخضاعهم للتدريب الموسيقي على الإيقاع، والصوت، واللحن، والمفاهيم الموسيقية الأساسية لمدة شهر واحد، وقد توصلت هذه الدراسة إلى أن الموسيقى عززت قدرة الأطفال على فهم الكلمات وشرح معناها. وجدت دراسة أخرى أن الأطفال الذين التحقوا بفصول الموسيقى بعيداً عن المنهج الدراسي تطورت لديهم قدرات كبيرة من الذكاء اللفظي، بالإضافة إلى أن قدرتهم البصرية كانت أعلى من قدرات الأطفال الذين لم يشاركوا في التدريب، وقد تراوحت أعمار الأطفال في هذه الدراسة من 8 سنوات إلى 11 سنة.
الموسيقى تقوي المناعة
من ناحية أخرى، أكدت دكتورة لبنى، أن الأبحاث أشارت إلى أن الاستماع إلى الموسيقى يقلل من مستويات هرمون الاجهاد، وهو هرمون الكورتيزول، وهو المسؤول عن إضعاف جهاز المناعة لدى المرأة، وضعف الذاكرة والتعلم، وزيادة خطر الإصابة بأمراض القلب، وضغط الدم، والتقليل من كثافة العظام في الجسم، ووجدت هذه الأبحاث بأن استماع المرأة للموسيقى لمدة 50 دقيقة فقط يؤدي إلى رفع مستوى الأجسام المضادة في الجسم.
الموسيقى تُنقص الوزن
وتابعت دكتورة لبنى، إن إنقاص الوزن يُعدّ من أكثر الفوائد المدهشة للموسيقى؛ إذ إن تناول الطعام في الأماكن ذات الإضاءة المنخفضة والموسيقى الهادئة يُساعد المرأة على تناول كميّات أقل من الطعام.
الموسيقى تُحسّن جودة النوم
أشارت دكتور لبنى، إلى أن الأرق يُعد من المشاكل التي تؤثر على حياة المرأة، إلا أن استماعها لقليل من الموسيقى الكلاسيكية الهادئة قد يكون علاج آمن وفعّال لتحسين جودة نومها.
الموسيقى تُعزز الأداء والقدرة على التحملّ
ووفقًا للدكتورة لبنى، يُمكن تطبيق ذلك على التمارين الرياضية، فبينما تتمرّن المرأة وهي تستمع للموسيقى يُعزز ذلك من أدائها ويشتت انتباهها عن الألم أو الإجهاد، كما يُقلل من تصوّرها لحجم الجهد الذي بذلته.
الموسيقى تزّيد من الأداء المعرفي والإدراكي
تُشير الأبحاث إلى أنّ تشغيل الموسيقى في الخلفية بينما تُنجز المرأة أنشطة أخرى يُحسن من أدائها بصفة مستمرة.
الموسيقى علاج للأمراض العقلية
أوضحت دكتورة لبنى، أن باحثون في علم الأعصاب أثبتوا أن الاستماع إلى الموسيقى يُحفز إفراز بعض المواد الكيميائيّة العصبيّة، التي تلعب دورًا مهما في وظائف المخ والصحة العقليّة والتي قد تُحسّن الحياة الاجتماعيّة للمصابات بمرض الفصام، إذ تؤثر في الآتية: مادة الدوبامين الكيمائيّة المرتبطة بمراكز المتعة، وهرمون السيروتونين وغيره من الهرمونات المتعلقة بالمناعة، وهرمونات التوتر كالكورتيزول، إضافةً إلى الأوكسيتوسين الذي يُعزز القدرة على التواصل مع الآخرين.
الموسيقى تُقلل من التوتر المفاجئ
أكدت دكتورة لبنى، أن الاستماع إلى الموسيقى خاصة الهادئة ذات الإيقاع البطيء، والنغمة المنخفضة، وبدون كلمات يُساعد المرأة على الاسترخاء وتقليل التوتر المفاجئ لدى النساء الأصحاء وحتى الآخريات اللاتي يخضعّن على سبيل المثال إلى عمليات جراحيّة بسيطة. كذلك أوضحّت الدراسات التي أُجريت على مريضات السرطان اللاتي اعتمدّن الاستماع للموسيقى إلى جانب علاجهن الصحي المعتاد، انخفض لديهن القلق والخوف، مقارنةً بالمريضات الآخريات اللاتي تلقين الرعاية الصحية فقط.
وأخيرًا، لم يبقى لدينا سوى تشجيعك على غزل نسيج شخصيتك بفوائد الموسيقى السالفة الذكر، من أجل تعزيز قدراتك ومهاراتك لتحقيق أحلامك وتحدي الصعوبات على خطى أنغام الموسيقى.