دربي عقلكِ الباطن على التخلص من الخرافات التي تدمر تطوير ذاتك باتباع الحلول المقدمة كأسلوب حياة

خرافات شائعة تقودكِ نحو المماطلة والتأجيل.. إنهي معاناتكِ معها بإتباع هذه الحلول المثالية

رحاب عباس

هنالك العديد من الخرافات والأكاذيب أو الأعذار التي نستخدمها لتجنّب القيام بالمهامّ التي يجب علينا حقًا إتمامها. وهو ما يُطلق عليه خرافات التأجيل. أو الـ Procrastination Myths. وهنا يعرّف الدكتور تيموثي بيتشيل  Timothy Pychyl، الخبير في التأجيل والمماطلة؛ هذه العادة السيئة بأنها: "التأخير الطوعي غير المنطقي، والذي لا داعي له في الكثير من الأحيان للمهامّ الواجب أداؤها".

بعبارة أخرى، فأنتِ تقرّرين القيام بمهمّة معيّنة، لكنكِ تجدين نفسكِ فجأة تقومين بأمر آخر تعلمين أنّه أقلّ أهمية وتدركين تمامًا أنّه ما من داعٍ للقيام به في الوقت الحالي.

من هذا المنطلق، سنُطلعكِ عبر موقع "هي" على أشهر الخرافات وأكثرها شيوعًا حول التأجيل والتسويف؛ وكيفية التخلص منها، بناءً على توصيات استشاري التنمية البشرية الدكتور مدحت عامر من القاهرة.

خرافات تدمر تقدمكِ وتطوير ذاتكِ

تعرفي على الخرافات التي لها تأثيرًا سلبيًا على حياتكِ لتتخلي عنها فورًا
تعرفي على الخرافات التي لها تأثيرًا سلبيًا على حياتكِ لتتخلي عنها فورًا

وبحسب  دكتور مدحت، إنّها تلك العبارات التي نقولها من أجل إقناع أنفسنا بأننا نملك سببًا مقنعًا وراء تأجيل أعمالنا المهمّة، في الوقت الذي الذي لا تكون فيه هذه الأسباب سوى أعذار واهية لتجنّب القيام بالأعمال التي تحتاج جهدًا وتركيزًا كبيرين. أما بالنسبة عن أبرز الخرافات التي تدمر تطوير ذاتك، وتقودكِ نحو التأجيل والتسويف؛ فهي كالتالي:

أنا أعمل بشكل أفضل تحت الضغط

أكد دكتور مدحت أن التأجيل والمماطلة يؤثّران سلبًا على الأداء. كما أنّ تجميع المهام وتأخيرها حتى اللحظة الأخيرة، ثم قضاء الليلة ما قبل التسليم أو ما قبل الامتحان في الدراسة والكتابة، ليس أفضل الطرق للعمل ولا أكثرها إمتاعًا أيضًا. على العكس من ذلك، فالتخطيط الجيّد والبدء بالعمل أو الدراسة قبل وقتٍ كافٍ من موعد التسليم سيأتي بنتائج أفضل. كما أنّه أقل إرهاقًا وتوتّرًا بلا شكّ.

على سبيل المثال:

لديكِ تقرير مهمّ يتعيّن عليكِ تسليمه بعد أسبوعين. لكن بدلًا من البدء في كتابته، تجدين نفسكِ غارقة في تنظيف ثلاجة منزلكِ أو ترتيب خزانتك. وحتى تقلّلِ من الشعور بالذنب الذي يراودكِ تجاه عدم القيام بما يتوجّب عليكِ حقًا القيام به، تبدأين في الحال في البحث عن تفسير مقنع لتصرّفكِ هذا.فتقولي لنفسكِ أنّكِ واحد من أولئك الأشخاص الذين يعملون بشكل أفضل تحت الضغط، لذا فإن أفضل حلّ هو تأجيل البدء في كتابة التقرير حتى يقترب موعد تسليمه.

ابدأي بصنع ضغوطات يومية  لعدم تأجيل مهامكِ أو تأخيرها للحظة الأخيرة
ابدأي بصنع ضغوطات يومية  لعدم تأجيل مهامكِ أو تأخيرها للحظة الأخيرة

وهنا ينصحك دكتور مدحت بالتخلص من هذه الخرافة بالطريقة التالية:

إن كنتِ مقتنعة بأنّكِ لا تستطيعي حمّل نفسكِ على البدء في تنفيذ مهمّة معينة إلا في حال كنتِ تحت الضغط، حاولي إذًا البدء بصنع ضغوطات وهمية لنفسكِ.

كيف ذلك؟

حسنًا، هناك العديد من الطريق لتحقيق هذا الأمر. على سبيل المثال: "يُمكنكِ أن تضبطي المؤقت وتقولي لنفسكِ أنّك تملكين 30 دقيقة فقط لإتمام كتابة الفقرة الأولى من البحث الذي تعمل عليه. ويُمكنكِ أن تتظاهري أيضًا بأنكِ تقدّمي امتحانًا مهمًا وسيتمسحب ورقتكِ بعد 30 دقيقة بالضبط. كما تستطيعي أيضًا الاستعانة برفيق للدراسة تقومي بتسليمه أجزاء من عملكِ يوميًا وبشكل منتظم.

عمومًا، من خلال خلق هذا الضغط الوهمي لنفسكِ، ستُجبري نفسكِ على التركيز على المهمّة التي بين يديكِ، وتتجنّبي أن تمدّدي المهام لتتناسب مع الوقت المتاح لها على خطى"قانون باركنسون". كما أنّكِ ستملُكين الوقت الكافي لإجراء البحث اللازم والتحقق من المعلومات، وتدقيق عملكِ جيدًا قبل التسليم.

يجب أن يأتيني الإلهام أو أكون في مزاج مناسب لإتمام هذا العمل

لا تنتظري الأفكار الإبداعية أن تأتي إليكِ قبل البدء في العمل على مهمّة معينة
لا تنتظري الأفكار الإبداعية أن تأتي إليكِ قبل البدء في العمل على مهمّة معينة

ووفقًا للدكتور مدحت، هل تؤجّلين أعمالكِ المهمّة حتى يأتيكِ الإلهام، أو حتى تجدين نفسكِ في حالة نفسية ومزاج مناسب للقيام بها؟؛ إن كنتِ تقولين لنفسكِ أنّك بحاجة إلى الإلهام حتى تعملي، فهذا ليس سوى شكلًا من أشكال التأجيل المقنّع. وستضطرينّ في النهاية إلى إتمام المهام المترتبة عليكِ سواءً كنتِ في مزاج مناسب أم لا "على الأرجح ستكوني في مزاج سيء، لأنكِ ستستمرّين في التأجيل حتى اللحظة الأخيرة".

وللتخلص من هذه الخرافة المدمرة لتقدمكِ بصفة عامة، ينصحكِ دكتور مدحت بإتباع الطريقة التالية:

بدلًا من انتظار الأفكار الإبداعية أن تأتي إليكِ قبل البدء في العمل على مهمّة معيّنة، اجلسي وابدأي العمل عليها حقًا، سواءً مع إلهام أو من دونه. ستجدين أن الإلهام سيأتي بمجرّد أن تباشري العمل حقًا. لذا توقّفي عن إضاعة الوقت، وخذّي بنصيحة بيكاسو الذي قال يومًا: "الإلهام موجود، لكنه يحتاج لأن يجدك تعمل عندما يأتي".

أحتاج على الأقل لثلاث أو أربع ساعات حتى أتمكّن من العمل على هذه المهمة

تخلي عن خرافة احتياجكِ ثلاث أو أربع ساعات للعمل على مهمّة معينة واتبعي نهج الجبنة السويسرية
تخلي عن خرافة احتياجكِ ثلاث أو أربع ساعات للعمل على مهمّة معينة واتبعي نهج الجبنة السويسرية

وتابع دكتور مدحت، في كتاب "ابدأ بالأهمّ ولو كان صعبًا: التهم الضفدع"، يحثّ برايان تريسي على البحث الدائم عن طرق ووسائل لتوفير وتخصيص أجزاء كبيرة من الوقت. ثمّ استخدام هذه المساحات الزمنية للعمل على إنجاز المهام الأصعب ذات الأولوية.

لكن في حال لم تملكِ فترات زمنية طويلة بما فيه الكفاية للعمل على إنجاز مهمّات صعبة، مثل: "كتابة تقرير وتسليمه بعد أسبوعين"؛ فمن الخطأ في هذه الحالة أن تستمرّي في التأجيل والتأخير حتى تتمكّنِ من العثور على بضّع ساعات من التفرّغ التام.

ولإنهاء معاناتكِ مع هذه الخرافة، ينصحكِ دكتور مدحت بالقيام بهذه الطريقة:

بدلًا من محاولة تخصيص فترات طويلة من الوقت، يمكنكِ تطبيق نهج "الجبنة السويسرية". إنها طريقة قدّمها آلان لاكاين Alan Lakeinفي كتابه: "كيف تتحكّم في وقتك وحياتك". وكما تعلمين من السهل التعرّف على الجبنة السويسرية نظرًا لما فيها من ثقوب كثيرة. وبحسب آلان لاكاين فإنّ طريقة الجبنة السويسرية تنطوي على أنّه من الممكن حقًا البدء في إنجاز مهمّة ما خلال خمس دقائق أو أقلّ، وبمجرّد أن تبدأي، فقد منحتِ نفسكِ الفرصة للاستمرار. وبعبارة أخرى تتضمّن هذه الطريقة الآتي:

  • إعملّي خلال فترات زمنية قصيرة تتراوح بين عدّة دقائق ونصف ساعة.
  • أنجزّي أجزاء صغيرة من مهمّتك الكبيرة "تماما كالثقوب في قطعة الجبن"؛ واحرصي على الاستمرارية في ذلك.
  • في كلّ مرّة تجدين فيها أنّكِ تملكّين بعض الوقت "15 دقيقة أو 30 دقيقة" للعمل على مشروع معيّن، بدلًا من أن تقولي لنفسكِ أنّه من الأفضل الانتظار حتى تجدي وقتًا أطول، اطرحي على نفسكِ الأسئلة التالية: "ما الذي يُمكّنني إنجازه خلال هذه الدقائق الخمسة عشر؟، وهل هنالك جزء من مشروعي أستطيع البدء به خلال هذا الوقت القصير؟، وكيف أستطيع استغلال هذا الوقت لخلق ثقب صغير "لإنجاز جزء بسيط"من هذه المهمّة الكبيرة؟.
  • استمرّي في إحداث ثقوب صغيرة في مشاريعكِ العملاقة الصعبة في كلّ مرّة تجدين فيها بعض وقت الفراغ. ستتفاجأين بعد بعض الوقت بأنّكِ فعليًا قد أنجزتِ جزءًا كبيرًا من المهمّة ولم يبقَ أمامكِ سوى القليل.

سأتمكّن من القيام بعمل أفضل في الغد

تخلصي من خرافة تأجيل العمل غلى الغد وابداي على الفور باتخاذ خطوات حقيقة لتصبح أكثر إنتاجية
تخلصي من خرافة تأجيل العمل غلى الغد وابداي على الفور باتخاذ خطوات حقيقة لتصبح أكثر إنتاجية

أشار دكتور مدحت، إلى أن جميعنا نملك هذا الشعور الخفي المزيّف بأنّ الأمور ستكون مختلفة في المستقبل، حتى لو كان هذا المستقبل قريبًا جدًا "كيوم الغد مثلًا".. نستمر في قول عبارات لأنفسنا مثل: "سنملك وقتًا أكثر في المستقبل، سنكون أكثر تنظيمًا مستقبلًا، سنملك سيطرة أفضل على الأمور في المستقبل، سنكون قد أخذنا قسطًا كافيًا من الراحة وسنؤدي عملًا أفضل". وعبارات أخرى كثيرة على نفس الوزن، لنستمرّ بعدها في التأجيل وإلقاء مهام اليوم على شخصيتنا المستقبلية التي تبدو لنا كبطل خارق قادر على إنجاز كلّ المهام في وقت قصير.

ولمنع سيطرة هذه الخرافة على أفكاركِ ومعتقداتكِ؛ يوضح لكِ دكتور مدحت حقيقة الأمر:

ما لم تبدأي على الفور باتخاذ خطوات حقيقية لتصبحِأكثر إنتاجية اليوم، فستجدين نفسكِ في الغد متعبة ومتعطّشة للمزيد من الوقت تمامًا كما أنتِ اليوم.إن لم تسعى لتصبحِ أكثر التزامًا اليوم، فستكوني عديمة الالتزام في الغد، تمامًا كما أنتِ اليوم. عمومًا، إذا لم تبذلي جهدًا حقيقيًا لتصبحِ أكثر تنظيمًا اليوم؛ فستجدين نفسكِ في الغد فوضوية تمامًا كما أنتِ اليوم.

إنهّي معاناتك مع الخرافات السالفة الذكر وابدأي ولا تنتظري الوقت المناسب ودربي عقلك الباطن على التخلص منها
إنهّي معاناتك مع الخرافات السالفة الذكر وابدأي ولا تنتظري الوقت المناسب ودربي عقلك الباطن على التخلص منها

وأخيرًا،المُماطلة أوالتأجيل هما المتهم الوحيد لظهور الخرافات السالفة الذكر؛ لذا ابدأي الآن، ولا تؤجّلي عمل اليوم إلى الغد، ولا تنتظري الوقت المناسب لتقومي بعمل ما، بل اخلقّي أنتِ اللحظة المناسبة لإتمام ما تريدين إتمامه في أقرب وقت ممكن، وتأكدي أنكِ بالتدريب المستمر لعقلكِ الباطن على التخلص من هذه الخرافات؛ ستنهي معاناتكِ معها وسيكون لديكِ الوقت الكافي لتطوير ذاتكِ وتحقيق نجاحات ملموسة نحو التميز والإبداع المعبر عن شخصيكِ المستقبلية.