اكتشفي ما لا يراه الآخرون وكوني شديدة الملاحظة.. باتباع هذه الأساليب والاعتماد على أدواتها
تعتبر مهارة شدّة الملاحظة أحد المهارات التي يُمكن اكتسابها بالتدريب والتعليم؛ فهي مهارة عقلية، والمهارات العقلية غالبًا ما يُمكن اكتسابها كما المهارات الجسدية؛ ولا تكون بالولادة أو بالوراثة كما تعتقد الكثيرات. وهي مهارة يمكن أن تُطور بالتدريب أو أن تنعدم بقلة أو عدم الممارسة والتدريب.
علاوة على ذلك، شدّة الملاحظة هي القدرة على ملاحظة التغيرات البسيطة والتفاصيل الموجودة في محيطكِ، كما تعني القدرة على جمع أكبر قدر ممكن من المعلومات عن، ومن البيئة المحيطة بكِ؛ إذ أن قوة الملاحظة تكّمن في ملاحظة التغيرات البسيطة في الألوان، وأماكن الأشياء، كما تشمل حتى تغيرات بسيطة في مزاجات الأشخاص، ممّا يُساعدك على كشف الكذب. وترتبط هذه القدرة بعدة مهارات ذهنية أخرى، مثل: "القدرة على الفهم، وقوة الذاكرة، وغيرها".
ولمزيد من لمعلومات لتكوني شديدة الملاحظة وتكتشفي ما لا يراه الآخرون؛ تتبعّي السطور القادمة عبر موقع "هي" للاستفادة من توصيات استشاري التنمية البشرية مصطفى الباشا من القاهرة.
قوة الملاحظة مهارة تأتي بالحكمة والتأنِ
وبحسب دكتور مصطفى، قوة الملاحظة هي تلك القدرة على ملاحظة التفاصيل الدقيقة والخفية التي تتيح لصاحبها إدارة المواقف بحذر أكبر وبالتالي بحكمة وتأنٍ. يتمّ أحيانًا الخلط بين قوة الملاحظة critical observation وبين التفكير النقدي critical thinking نظرًا لتشابه التسميتين في اللغة الإنجليزية، غير أن المصطلحين مختلفين عن بعضهما البعض، فالتفكير النقدي ينطوي على المهارات التي تتيح للفرد تحليل المواقف والمعلومات من حوله من أجل الوصول إلى نتيجة معينة. في حين تتضمن قوة الملاحظة، عملية قراءة أشخاص أو مواقف أو عمليات معيّنة لاستخلاص معلومة محددة منها. حيث يتمكّن أصحاب الملاحظة القوية في الغالب من رؤية تفاصيل يغفل عنها الآخرون.
شدّة الملاحظة مهارة مهمة في حياتكِ لهذه الأسباب
وتابع دكتور مصطفى، تعتبر قوة الملاحظة من أهم المهارات المرنة التي يجب أن تمتلكها المرأة تحديدًا؛ نظرًا لما لها من أثر إيجابي على الإنتاجية والأداء سواءًفي حياتها المهنية أو الشخصية من دون استثناء. وفيما يلي بعض من إيجابيات امتلاك هذه المهارة:
القدرة على تحديد ما يجب فعله أو تجنبه
يُساعد امتلاكك مهارات قوة الملاحظة في جعلكِ أكثر انتباهًا على ما يحيط بك، بدلًا من التركيز على المهمّة التي بين يديكِ وحسب، الأمر الذي يجعلكِ أكثر قدرة على اتخاذ القرارات السليمة، وتحديد ما يجدر به فعله وما يجب عليكِ تجنبه بناءً على الظروف المحيطة.
الخروج من الروتين اللاواعي
أغلب النساء يقمنّ بأعمالهن اليومية بلا وعي، نظرًا لأنها باتت شيئًا روتينيًا بحتًا. وعلى الرغم من كون هذا الأمر جيدًا على مستوى العادات الإيجابية، إلا أنه قاتل في عملية التعلّم والعمل، فهو يحول بينهن وبين التطور والارتقاء بمهاراتهن؛ لذا تعتبر قوة الملاحظة والانتباه إلى التفاصيل من أهم المهارات التي تساعد المرأة على الخروج من الروتين اللاواعي، والبدء بالقيام بالأمور المختلفة عن وعي وانتباه؛ وبالتالي تحقيق التطور المستمر.
التركيز على الآخرين بدلًا من التفكير في الذات
عندما تكون المرأة شديدة الملاحظة، فهى على الأرجح تركّز على الآخرين بدلًا من التركيز على نفسها؛ الأمر الذي يطوّر مهاراتها في الاستماع والتواصل، فتصبح أكثر قدرة على معرفة ما يحتاجه الآخرون، وبالتالي تقديم ما يناسبهم من خدمات. سواءً كان ذلك مساعدة تطوّعية أو جزءًا من المهام الوظيفية في مكان العمل.
تعزيز عملية التعلم
تُساهم مهارات شدّة الملاحظة في الوصول إلى مرحلة التعليم المعزّز؛ بمعنى آخر تصبح عملية التعلم أكثر كفاءة، نظرًا لأن المرأة الذي تمتلك مهارات قوية في الملاحظة والتي تنتبه لأدق التفاصيل ستكون أكثر قدرة على فهم المهارات، والمعلومات التي تصل إليها، وبالتالي تحصد نتائج أفضل في عملية التعلم.
كيف تكوني شديدة الملاحظة؟
ووفقًا للدكتور مصطفى، إن لقوة الملاحظة أهمية كبيرة في حياة المرأة؛ ومن طرق تنميتها الاطلاع على الكتب المتعلّقة بالحواس، مثل: "البصر، والسمع، والشمّ، والتذوّق، واللمس، ولغة الجسد". كما أن وجود معلومات في عقلها عما حولها يساعدها على الانتباه إليه في لحظة ظهوره في مرمى حواسها، مما سيزيد من حدّة وقوة الملاحظة للبيئة المحيطة. ولا يمكن الوصول إلى نتائج مثاليّة، إلا عن طريق التدريب المستمر للدماغ، حيث إن الحصول على شدّة الملاحظة بدرجة عالية ليس مستحيلًا لمن لم تولد به. عمومًا لتكوني شديدة الملاحظة عليكِ اتباع الأساليب التالية:
مارسّي تمارين التأمل
احرصي على ممارسة تمارين التأمل بشكل منتظم. اجلسي كل صباح بوضعية مريحة، أغلقي عينيكِ، وركّزي على عملية تنفّسكِ. ابقَي على هذه الحال لخمس دقائق فقط.حينما تقومين بهذا التمرين لأول مرة، ستلاحظين كمًّا هائلًا من الأفكار تتدافع في رأسك، لا تقلقي بشأنها، ودعيها تتهادى أمامك، لكن، ومع تكرار هذا التمرين بشكل يومي، ستلاحظ ين أن عدد الأفكار في تراجع، وبعد بعض الوقت ستصلين إلى مرحلة الفراغ الذهني دون أي أفكار مزعجة. علمًا أن الوصول إلى هذا المرحلة سيمنحكِ قدرة أكبر على التركيز، ويجعل العمليات الذهنية التي تجري في عقلكِ أسرع؛ الأمر الذي يؤدي بدوره إلى تطوير قدرتكِ في الملاحظة والانتباه إلى التفاصيل.
اجلسي في مكان عام ودوّني ملاحظاتكِ
خصّصي بضّعة دقائق خلال اليوم للجلوس في حديقة عامّة، أو مكتبة، أو مركز تجاري؛ وتأملي الناس من حولكِ. انتبهي لما يرتدون من ثياب، كيف يسيرون وكيف يتفاعلون مع غيرهم؟. دوّني هذه التفاصيل وغيرها ممّا يحيط بكِ من مشاهد، على سبيل المثال: "عمليات البناء في الشارع المقابل، السيارات المتزاحمة، المحلات التجارية، وغيرها". اكتبي جميع هذه الأمور بالإضافة إلى وصف ما ينتابك من مشاعر اتجاهها، ستجدين قدرتك على الملاحظة قد تطوّرت مع مرور الوقت.
استغلي وقت الترفيه بذكاء
من الجميل أن تسرحّي بوعيكِ بعيدًا أثناء الاستماع إلى أغنيتكِ المفضلة أو خلال مشاهدة فيلم معيّن. لكن من الممتع أحيانًا أن تستغلي فترة الترفيه هذه في اختبار مهاراتك في الملاحظة. فكّري في السبب وراء كلمات الأغنية، أو الدافع وراء تصوير مشهد ما بهذه الطريقة بالذات. لاحظي أثر هذا التمرين على قدراتكِ في الانتباه إلى التفاصيل، وتمييز مشاعر الآخرين وردود فعلهم التي قد لاينتبه إليها الأغلبية.
ركزي على الأنماط المختلفة من حولكِ
الملاحظة أمر رائع، وكلما مارستيها أكثر ازدادت قوة. لكنها تغدو أفضل كلما ركّزتي أكثر على الأنماط من حولكِ. فالملاحظات العشوائية جيدة لكنها لن تفيدك كثيرًا على الصعيد الفكري والإبداعي، بعكس ملاحظة الأنماط التي تتيح لكِ معرفة آلية عمل الأشياء من حولكِ، وبالتالي التنبؤ بما سيأتي، أو بالأمور الخفية التي قد لا يعلمها الآخرون. على سبيل المثال: " يمكّنكِ مثلًا ملاحظة تصرفات شخص معين على المدى الطويل، ومن ثم اكتشاف نمط معين في لغة جسده، كأن يحكّ أحدهم أنفه كدليل على التوتر، أو يقوم بحركة ما بيده عندما يغضب". وهكذا ستجدين نفسكِ قادرة على التنبؤ بما سيفعله أو يقوله هذا الشخص في المواقف المختلفة. كذلك حاولي دومًا العثور على هذه الأنماط من حولكِ وتعريفها، وراقبي مدى تقدّمكِ في هذا المجال وأثره في التعرف على حاجات الآخرين وفهمها.
تناولي طعامكِ بوعّي
بدلًا من تناول غدائكِ على مكتبك أثناء العمل، احرصي على أن تحصلي على وجبة واحدة يوميًا على الأقل بعيدًا عن أي ملهيات حتى الحديث. تناولي طعامكِ بمفردك، ببطء وتأنٍ، ولاحظ رائحته، طعمه وما تشعرين به حينما تمضغيه. يساعدكِ هذا التمرين في زيادة تركيزكِ على الأمور المسلّمة التي لا يوليها الآخرون أهمية في العادة، ويرفع من قدراتكِ في ملاحظة التفاصيل الخفية.
تحدّي نفسكِ لملاحظة الأشياء الجديدة من حولكِ
قد يكون من السهل اتخاذ القرار بملاحظة الأشياء الجديدة من حولنا، لكن من الصعب بمكان تطبيق هذا الأمر على أرض الواقع. لا يمكنك القول فجأة: "سأرى العالم بعيون جديدة" وتتوقعي بعدها أن يحصل ذلك حقًا. لابد لكِ من أن تتحدّى نفسكِ للقيام بهذا الأمر. إليك بعض الأفكار البسيطة التي تساعدكِ في تحقيق هذا الهدف:
اختاري شيئًا وركزي على البحث عنه، ثم حاولي أن تفكري في السبب وراء وجوده في هذا المكان بالذات.
تابعي الأخبار المحلية، فهي وسيلة رائعة للتعرف على مدينتكِ، وستجعلكِ أكثر انتباهًا للتفاصيل من حولكِ، والتعرف على ما يحدث من حولكِ يوميًا.
كوني صديقة لشخص يمتلك هوايات أو يعمل في وظيفة مختلفة عنكِ؛ ولا تترددي في الذهاب إلى جولة معه، ورؤية العالم من منظوره، لتكتسبي بلا شكِ نظرة جديدة، ومختلفة للمحيط من حولكِ.
قومي بجولة صوتية؛ فقد يبدو هذا المصطلح غريبًا وسخيفًا للغاية، لكنه سيحفز بلا شك مهاراتك في الملاحظة. كلّ ما عليكِ فعله هو التركيز على الأصوات من حولك أثناء سيرك في المدينة أو في طريقكِ إلى العمل. حاولي التعرف على الأصوات المختلفة وتمييز أنواعها ومصدرها.
أدواتك لتكوني شديدة الملاحظة
وأخيرًا ينصحكِ دكتور مصطفى، بالاستفادة من هذه الأدوات لتكوني شديدة الملاحظة في جميع أمور حياتكِ، وذلك على النحو التالي:
اختبار شدّة الملاحظة
يجب اختبار شدة الملاحظة كل فترة للتأكد من تطورها لديكِ؛ ويمكن عمل ذلك بمحاولتكِ تذكّر التفاصيل لشيء ما. فمثلًا يمكنكِ الجلوس في غرفة المعيشة في منزلكِ مع ورقة وقلم، وحاولي كتابة ماذا يوجد في غرفة النوم؟، حاولي كتابة كل شيء موجود في الغرفة. في البداية لن تتذكّري الكثير من الأشياء لأنكِ لم تلاحظ وجودها سابقًا؛ فالكثير من الأشياء حولنا في المنزل لا نراها ولا نلاحظها، ولكن مع مرور الوقت وتكرار ذلك، ستجدين أنكِ تستطيعي تذكر أشياء أكثر ستلاحظيها في الغرفة. ويمكن كذلك عمل التمرين بفتح باب خزانة في منزلك أو درج مكتب والنظر فيه لمدّة ثلاث ثوانٍ فقط لا غير، ولكن يجب أن يكون النظر بتركيز وانتباه بحيث تستدعي كل ما تستطيع من شدة الملاحظة لديكِ، ثم تغلقي الدرج وتحاويل تذكّر ما رأيتِ.
تدريب الذاكرة
الذاكرة شديدة الأهمية لتقوية وتحسين مهارة شدّة الملاحظة، لأن جوهر ملاحظة الأمور والانتباه لها في البيئة المحيطة بنا يكمن في تذكّرها واسترجاعها فيما بعد، ويمكن تقوية الذاكرة بعمل تمرينات يومية للذاكرة؛ فمثلًا بالنظر إلى عدد مكوّن من أربع خانات لمدّة ثلاث ثوانٍ، ثم إشاحة النظر ومحاولة تذكر العدد، ثم النظر إلى عدد مكون من خمس خانات لمدّة ثلاث ثوانٍ وإشاحة النظر ومحاولة تذكره، ثم زيادة العدد إلى ست خانات ثمّ سبع خانات وهكذا. يجب تكرار التمرين عدّة مرات بالتدرج من الأربع خانات حتى الوصول إلى أكبر عدد ممكن من الخانات التي تستطيعي تذكرها، ويجب عمله أيضًا بشكل يومي. كذلك يمكنكِ استخدام الألعاب العقلية المتاحة للذاكرة على الهواتف الذكية أو على مواقع شبكة الإنترنت المختلفة.
التدريب على المنطق
يُمكن تدريب عقلكِ على الأمور المنطقية وتحسين سرعة البديهة؛ وكذلك سرعة وشدة الملاحظة، وذلك بعمل تدريبات يومية للجزء المنطقي من الدماغ، ويمكن أن تكون التدريبات على شكل ألعاب المنطق وحل الألغاز، والتي يمكن تحميلها على الهواتف الذكية أو لعبها على الحواسيب الشخصية، وهي تشمل ألعاب مثل: "الشطرنج أو السودوكو أو أيًا من ألعاب الألغاز للعقل، وقد لا يلزمك أكثر من 10 دقائق يوميًا لحل لعبة لغز أو لعب لعبة شطرنج وذلك لتحسين قدراتك العقلية بشكل ملحوظ، لتكوني شديدة الملاحظة بجدارة في جميع أمور حياتكِ وعلى المدى الطويل.