
تألقي في حياتك: عادات يومية لحياة منتجة وسعيدة
هل تعلمين أن نصف القرارات التي نتخذها في حياتنا هي في الواقع عادات يومية؟ العادة هي شيء تفعله بانتظام وتلقائيًا دون التفكير فيه، لذلك فإن "عاداتك اليومية" هي الأساس لنجاحك أو لفشلك.
فعلى الرغم من أهمية الخطط، والإستراتيجيات، إلا أن العادات اليومية هي المحدد الرئيسي للثروة والنجاح، فالعادات الجيدة هي عامل مضاعف لقوة الإستراتيجيات والخطط لبناء المستقبل.
مدخل مهم إلى تعريف العادات

وفي حين تساعدك العادات الجيدة في الوصول إلى أهدافك، وتجعلك أكثر كفاءة وفعالية في الحياة، فإن العادات السيئة لها تأثير معاكس، وقادرة على إخراج أهدافك عن مسارها، وتعطيل حياتك، فأفعالنا تحدد حياتنا، والجزء الأكبر من أفعالنا يعتمد على عاداتنا.
حلقة العادة
تتكون عملية "حلقة العادة" من ثلاثة مكونات: الإشارة، الروتين، والمكافأة، وفهم هذه المكونات سيساعدك إمَّا على التخلص من العادات السيئة أو تكوين عادات أفضل.

-
الإشارة
الإشارة هي شيء يُحفِّز السلوك، قد يكون أيَّ شيء تربطه بأداء الفعل، وهذه العوامل الظرفية لها تأثير قوي في سلوكنا.
ومثال على ذلك، ما هو أول شيء تفعليه كلَّ صباح عندما تستيقظين؟ هل تنظفين أسنانك؟ تذهبين إلى الحمام؟ أو تعدين فنجاناً من القهوة؟
في كل من هذه الحالات؛ فإن إشارة الاستيقاظ تضع عقلك في وضع المعالجة التلقائية، لتتمكن من ممارسة أي سلوك كنت معتادا على القيام به.
وفي كلِّ مرة تسبق الإشارة السلوك سيتعزز الارتباط بينهما، ومع زيادة هذا الارتباط، يُصبح السلوك متأصلاً في عقلك لدرجة أنَّك في النهاية تمارسه دون حتى التفكير فيه مرةً أخرى.
-
الروتين

إنَّ الروتين هو السلوك المتكرر الذي تريد تغييره أو تعزيزه، مثل الإقلاع عن التدخين، أو تناول طعامي صحي، فما هي العادة التي تريد التخلص منها أو اكتسابها؟
-
المكافأة
وهي التعزيز الإيجابي الذي تحصل عليه نتيجة ممارسة سلوك معين، وهي السبب الذي يجعلك تكررين الفعل كل مرة حتى يصبح عادة، قد تكون المكافأة أيَّ شيء يرضي رغباتك، كالشعور بالمتعة كلما تناولت الشوكولاتة.

أغلب الناس عندما تحاول تغيير عادة ما، تُركِّز على الروتين فقط، في حين يؤكد المختصون على أنه يجب التركيز على الإشارة والمكافأة.
فلتغيير الروتين عليك أولا أن تغيري الإشارة والمكافأة، وذلك عن طريق تحديد إجراء ستتخذينه مسبقا، وستطبقينه عندما تظهر هذه الإشارة، وبعدها ستحصلين على مكافأتك عندما تلتزمين بهذا القرار.
فإذا كنت معتادة على تناول فنجان من القهوة عندما تستيقظين من النوم، فعليك أن تقرري مسبقا أن يكون أول ما تقوم به بعد استيقاظك مباشرة هو تنظيف أسنانك، وأن تجعلي من استيقاظك إشارة على وجوب تنظيف الأسنان، وليست إشارة لتناول القهوة.
ثم عليك بعد ذلك أن تجدي مكافأة ترضيك لهذا السلوك الجديد، مثل الحفاظ على سلامة الأسنان، ورائحة الفم العطرة، وبياض الأسنان وبريقها.
إن التركيز على تغيير الإشارة والمكافأة سيساعدك بشكل كبير على تغيير الروتين الذي تريدين التخلص منه بشكل عملي ووقت أقصر من التركيز على الروتين نفسه.
خمس مؤثرات لبناء العادات
-
الزمن
بالعودة إلى روتينك الصباحي، فإن الاستيقاظ مُحفِّز شائع يؤدِّي غالبا إلى سلسلة من العادات، وهنالك أيضاً بعض إشارات الوقت تستمر معك طيلة اليوم.
فكِّري في سلوكك اليومي، على الأرجح ستتعرفين إلى بعض هذه العادات التي تفعلينها في نفس الوقت من كل يوم حتى دون التفكير فيها، هل تأكلين بعض الحلوى في العمل بعد ظهر كل يوم، هل تشعلين سيجارة كلما ركبت في سيارتك؟ هل تشاهدين التلفاز كل ليلة قبل النوم؟
إذا كنت تريدين بناء عادات إيجابية، فابدئي بها فورا، فإذا كنت ترغبين في تكوين عادة يومية لممارسة التأمل، فقومي بذلك في نفس الوقت من كلَّ يوم، وفي نهاية المطاف، ستكونين روتينا يوميا ما يدفعك إلى ممارسة التأمل من دون الحاجة إلى تذكير نفسك به.
-
بيئتك

تشجعك بيئتك على العادات الإيجابية أو تدفعك إلى العادات السيئة، فعلى سبيل المثال، إذا كنت مُدخنة ربما تشعرين بالحاجة إلى إشعال سيجارة في كلِّ مرة تدخلين فيها سيارتك.
في هذه الحالة، إنَّ وجودك في سيارتك، والاستعداد للقيادة إلى مكان ما ينشئ بيئةً تُحفِّزك على التدخين.
وللتخلص من هذه العادة، يمكنك أن تقرري عدم أخذ علبة السجائر معك خلال قيادة السيارة، وابحثي في داخلك عن مكافأة لهذا الفعل، كالحصول على تركيز أكبر خلال القيادة، أو الاستمتاع بالهواء النقي، ومع الوقت سيصبح هذا روتينك اليومي، وتحظي بعادة حسنة.
-
حدث سابق
في الغالب تكون عاداتنا اليومية استجابةً لظروف متزامنة في حياتك، فعندما يَرِّن جرس الباب، نجيب عليه تلقائياً، أو عندما نتلقى إشعارا من البريد الإلكتروني نضغط عليه دون أن نفكر.
وأفضل طريقة لاستخدام الأحداث السابقة في تكوين عادات إيجابية هي التدرب على "تكديس العادات"، ويتضمن ذلك ربط سلوك جديد بشيء معتاد بالفعل.
فعلى سبيل المثال، خصِّصي خمس دقائق للتأمل ريثما تجهز قهوتك الصباحية التي اعتدت عليها، فإنّ تحويل شيء تفعله كلَّ يوم إلى مُحفِّز لعادة صحية جديدة هو طريقة فعالة لجعل هذه العادة الجديدة ثابتة.

-
حالتك العاطفية
تؤثر حالتنا العاطفية على عاداتنا اليومية، مثل تناول الطعام عند الشعور بالملل، أو الحزن، أو الذهاب للتسوق عند الشعور بالتورتر أو الضغط.
وعلى الرَّغم من أنَّ الأمر قد يكون صعبا في البداية، إلا أنَّه يمكنك استخدام الحالة العاطفية لتحفيز عادة إيجابية، ولكن يجب عليك أن تكوني مُدرِكة للعاطفة التي تواجهينها، ممَّا يعني أنَّه يجب أن تكوني عاطفية وواعية في نفس الوقت.
فإذا شعرتي بالتوتر أو الضغط، يمكنك ابتكار استراتيجيةً جديدة، مثل التنفس العميق أو ممارسة المشي لتصفية ذهنك، بدل اللجوء إلى العادات الضارة مثل الإفراط في تناول الطعام، أو التدخين.
-
الأشخاص الآخرون
قد لا تُدركي مدى تأثير الآخرين في سلوكك، لكن هل تتصرفين أمام رب العمل بنفس طريقة تصرفك أمام أصدقائك، وجود الأشخاص حولك يُؤثِّر كثيراً في تصرفاتك.
وتقول بعض الدراسات الحديثة إن إصابة أحد الأشقاء بالسمنة، سيزيد من فرصة إصابة باقي اخوته بالسمنة بنسبة 40%، وإنَّ الزواج من شخص يعاني من السمنة يزيد من احتمالية إصابتك بالسمنة بنسبة 37%.
وبإدراكك لهذا النمط من التأثير، يمكنك أن تستخدمي أصدقائك وعائلتك بوصفهم مُحفِّزاً للأفعال الإيجابية، فمثلا إذا خرجت لتناول الطعام مع الأصدقاء، وقد قررت أن تتبني حمية غذائية لانقاص الوزن، خططي لسلوكك في وقت مبكر، واطَّلعي على قائمة المطعم المختار قبل الخروج، واختاري ما ستطلبينه.
عادات يومية حسنة لبناء روتين إيجابي
-
ترتيب السرير

ترتيب السرير في الصباح يمنح شعورا بالإنجاز مع بداية اليوم، مع الإشارة هنا إلى أن السعادة قد تكمن في مجرد النجاح في تحقيق سلسلة من الإنجازات الصغيرة.
-
تدريب بدني خفيف
إن ممارسة الرياضة الخفيفة ولو لخمس دقائق يُحدث فارقًا كبيرًا عندما يريد الشخص البقاء على المسار الصحيح لتحقيق أهدافه وبدء يومه بنشاط وحيوية.

-
إعداد قائمة المهام
قبل أن تبدئي يومك، قومي بإعداد قائمة المهام لهذا اليوم، وخططي لما ستفعلينه خلاله، إن ممارسة هذه العادة بفعالية سيساعد على بقاءك منظمًة ويؤدي إلى زيادة الإنتاجية وتقليل التوتر.
-
التواصل الاجتماعي
إن عملية التواصل الاجتماعي مع أفراد أسرتك وأصدقائك، ولو لمدة قصيرة من وقت لآخر، من العناصر الهامة لليقظة الذهنية، لأنها تبقيك على اطلاع دائم على المستجدات مع دائرتك القريبة.

-
تدوين اليوميات
تشير الدراسات إلى أن تدوين اليوميات وكتابة المشاعر يوميًا، يساعد على زيادة التركيز والتفكير في كل تفاصيل اليوم، كما أن هذه العادة تساعد على تنمية المهارات اليومية لدى الشخص، ما يسهم في تطوير ذاته على الصعيد الشخصي والمهني.

-
التغلب على التسويف
إذا كان لديك هدف تريدين تحقيقه وتؤجلينه باستمرار، أو تقومين بتسويف البدء فيه، فعليك التغلب على هذه العادة السيئة، والبدء مباشرة بتحقيق هدفك.
-
القراءة
حتى إذا لم يكن الشخص من محبي القراءة، فعليه الاستعداد لتغيير تلك العادة السيئة، ويمكنه البدء بالقراءة لمدة خمس دقائق يوميا، ومع الوقت ستتكون لدية عادة القراءة الجيدة، والتي ستثري حياته بالأفكار الإيجابية التي ستغير واقعه.

-
تحسين الذات
إن قضاء خمس دقائق فقط في اليوم في التفكير في أهدافك وخططك، يمكن أن يساعدك كثيرا في تحسين ذاتك، والمضي قدما في تحقيق أهدافك وبناء حياة منتجة مليئة بالإنجازات.

كلمة أخيرة
إذا كنت ترغبين في تكوين عادة جديدة، فإنك بحاجة فقط إلى تحديد إشارة من شأنها أن تُحفِّز روتينك الجديد.
وتذكَّري دائما أنَّ تجربة مجموعة متنوعة من المكافآت يمكن أن يساعدك على اكتشاف الفراغ الذي تحاول ملأه في كلِّ عادة.
إذا فهمت ذلك بشكل جيد، يمكنك دائما استبدال عاداتك القديمة بعادات جديدة مع الاحتفاظ بالمكافأة التي تتوقين إليها.
وغالبا ما سيعترض طريقك كثير من العقبات، وستواجهين لحظات إغراء يصعب عليك مقاومتها، لكن في كل مرة تنجحين فيها في إكمال حلقة العادات التي تريدها، ستسمح لعقلك بترسيخ تلك الروابط أكثر فأكثر، ممَّا سيقودك في النهاية إلى ممارسة السلوكات الإيجابية التي حددتها من دون وعي.